مقدمة
سيلقي هذا المقال الضوء على مشاركة اللاجئ الفلسطيني في انتخابات المجلس التشريعي ومجالس الهيئات المحلية تحت حكم السلطة الفلسطينية، وعلى مدى تأثير تلك المشاركة في:
1 - حقه في العودة والتعويض بحسب القرار رقم 194 (الدورة 3) لسنة 1948.
2 - أوضاعه الاقتصادية وعلاقاته ومكانته الاجتماعية.
تنبع أهمية هذا المقال من كبر حجم مشكلة اللاجئ في المجتمع الفلسطيني ومن تأثيرها، بالتالي، المتوقع في هذا المجتمع سياسياً واقتصادياً واجتماعياً؛ إذ يبلغ عدد اللاجئين الإجمالي في الضفة الغربية وقطاع غزة 1.200.970 نسمة من مجموع عدد السكان البالغ 2.050.000 نسمة، أي 58.5%. ويبلغ عدد اللاجئين في مخيمات المنطقتين 494.311 نسمة، أي 41% من مجموع عدد اللاجئين و24% من إجمالي عدد السكان.
وإذا نظرنا إلى الضفة الغربية نجد أن عدد سكانها يبلغ 1.200.000 نسمة، وأن 40% من مجموع سكانها لاجئون، وأن 11% من المجموع الإجمالي يسكنون المخيمات. أمّا في قطاع غزة البالغ عدد سكانه 850.000 نسمة، فإن نسبة اللاجئين الإجمالية هي 80% ونسبة الذين يسكنون المخيمات هي 42% من مجموع سكان القطاع (منشورات الأونروا، 1996). ومما يزيد الصورة وضوحاً الأوضاع الاقتصادية المتردية في الضفة والقطاع، إذ يبلغ معدل الدخل القومي في الضفة الغربية 1200 دولار، وفي القطاع 800 دولار. إضافة إلى ذلك، فإن مساحة الضفة والقطاع تبلغ نحو 3300 ميل مربع، منها 2165 ميلاً مربعاً مساحة الضفة والباقي هو مساحة غزة (1135 ميلاً مربعاً) (Van Arkadie, 1977)، والأرض في الغالب قاحلة. وتقدر المساحة المروية في الضفة بـ 5% وفي القطاع بـ 48% من مجموع مساحة الأرض المزروعة المقدر بنحو 43% من مساحة الضفة والقطاع. إن الكثافة السكانية في القطاع عالية جداً، إذ تبلغ 1400 نسمة في الكيلومتر المربع بينما تبلغ في الضفة 135 نسمة في الكيلومتر المربع. كما يشبه القطاع الصناعي في كليهما مثيله في الدول النامية؛ فهو صغير جداً ولا يلبي الحاجات المحلية، ويعتمد في الغالب على الخامات المحلية التي هي في الغالب زراعية، والتي تتأثر بالأحوال الجوية غير المستقرة، وبالتالي لها تأثير سلبي في قطاع الصناعة.
وهذا يدل بصورة واضحة على عمق تأثير ظاهرة اللاجئين في الضفة والقطاع في النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
لذا، كي يتم معرفة تأثير مشاركة اللاجئ الفلسطيني في الانتخابات لا بد من أن يتم البحث في موقعه بحسب القانون الدولي من حيث الرعاية والحماية اللتان يتمتع بهما كونه لاجئاً فلسطينياً، ومن ثم معرفة علاقته بالحماية والرعاية الدوليتين المقدمتين إلى لاجئي العالم، بالإضافة إلى كونه مواطناً في جزء من فلسطين تحت حكم السلطة الفلسطينية.
لقد عامل المجتمع الدولي اللاجئ الفلسطيني معاملة تختلف عن معاملة القانون الدولي للاجئي العالم. ففي سنة 1948، صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة قرار يحمل الرقم 194 (الدورة 3)، طالبت فيه بالسماح بالعودة، في أقرب وقت ممكن، للاجئين [الفلسطينيين] الراغبين في العودة إلى ديارهم، أو دفع تعويضات إلى الذين يقررون عدم العودة. ولم يحصل أي من اللاجئين الآخرين في العالم على مثل هذا القرار. إضافة إلى ذلك، تم بموجب قرار آخر صدر سنة 1949 عن الجمعية العامة، ويحمل الرقم 302 (الدورة 4)، إنشاء مؤسسة خاصة لرعاية القرار 194 وتطبيقه، وهي الأونروا، علماً بأن لاجئي العالم ترعاهم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، بموجب اتفاقية سنة 1951، التي سيتم توضيحها لاحقاً.
من هنا ظهرت الحاجة إلى دراسة مشاركة اللاجئ في انتخابات المجلس التشريعي ومشاركته المتوقعة في انتخابات المجالس والهيئات المحلية، وذلك بالإجابة عن عدة أسئلة منها:
1) إلى أي حد ستتأثر مكانته الدولية عقب مشاركته في تلك الانتخابات؟
2) ما مدى تأثير المشاركة في الانتخابات في تلك المعاملة الدولية المميزة للاجئ الفلسطيني؟
3) ما هو بالتالي أثر تلك المشاركة في مكانته الاجتماعية والاقتصادية؟
وحتى يتم البحث في هذا الموضوع سيتم إدراجه تحت العناوين الفرعية التالية:
أولاً: القانون الدولي ومكانة اللاجئ عامة، واللاجئ الفلسطيني خاصة.
ثانياً: السلطة الفلسطينية وصلاحيتها في منح الجنسية.
ثالثاً: مشاركة اللاجئ الفلسطيني في الانتخابات وآثارها المحتملة.
أولاً: القانون الدولي ومكانة اللاجئ عامة واللاجئ الفلسطيني خاصة
حددت اتفاقية سنة 1951 وبروتوكول سنة 1967 المعايير التي يتم بموجبها وضع اللاجئ. وتعرّف الوثيقتان اللاجئ بأنه
كل شخص يوجد، بنتيجة أحداث وقعت قبل 1 كانون الثاني/يناير 1951، وبسبب خوف له ما يبرره من التعرض للاضطهاد بسبب عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه إلى فئة اجتماعية معينة أو آرائه السياسية، خارج بلد جنسيته، ولا يستطيع، أو لا يريد بسبب ذلك الخوف، أن يستظل بحماية ذلك البلد، أو كل شخص لا يملك جنسية ويوجد خارج بلد إقامته المعتادة السابق بنتيجة مثل تلك الأحداث ولا يستطيع أو لا يريد بسبب ذلك الخوف، أن يعود إلى ذلك البلد. (المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، 1979).
يوضح ما سبق أن اللاجئ هو الذي أصبح من دون حماية وطنية نتيجة تركه بلده بسبب خوفه وإقامته خارجه، الأمر الذي يستوجب أن تتم حمايته دولياً. لكن هذه الحماية، وبالتالي صفته كلاجئ، تسقطان بموجب المادة (1) الفقرة (ج) من الاتفاقية نفسها التي تنص على أنه "ينقضي انطباق هذه الاتفاقية على أي شخص... إذا اكتسب جنسية جديدة وأصبح يتمتع بحماية هذه الجنسية الجديدة." (المصدر نفسه، ص 75). وتنص الفقرة (هـ) من المادة نفسها على أنه "لا تنطبق أحكام هذه الاتفاقية على أي شخص اعتبرته السلطات المختصة في البلد الذي اتخذ فيه مقاماً له مالكاً للحقوق وعليه الالتزامات المرتبطة بجنسية هذا البلد." ويتم تفسير الفقرة (ج) من المادة (1) المذكورة بـ "أن الشخص الذي يتمتع بالحماية الوطنية ليس بحاجة إلى الحماية الدولية"؛ أي يُفهم من ذلك أنه يصبح غير لاجئ (المصدر نفسه، ص 41).
كما أن اللاجئ يفقد وضعه كلاجئ إذا استعاد، باختياره، جنسيته بعد فقدانه لها (المصدر نفسه، فقرة ج، بند 2، ص 40). ويؤكد المشرّع أن ذلك يتم عند قبول الجنسية بصورة إرادية من اللاجئ. لكن إذا تم ذلك قصراً، ولو استفاد من حماية الدولة المضيفة، فإن صفة اللاجئ لا تسقط عنه (المصدر نفسه، ص 120).
يتضح مما سبق أن اللاجئ يفقد صفة اللاجئ إذا حصل، أولاً، على حماية وذلك نتيجة حصوله بصورة إرادية وطوعية على جنسية، سواء باستعادة جنسيته السابقة أو بحصوله على جنسية أُخرى.
بالإضافة إلى ذلك، فقد تم استثناء فئة اللاجئين الذين يتلقون مساعدة من مؤسسات أُخرى غير المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إذ تنص الفقرة (د) من المادة (1) على أنه "لا تنطبق هذه الاتفاقية على الأشخاص الذين يتمتعون حالياً بحماية أو مساعدة من هيئات أو وكالات تابعة للأمم المتحدة غير مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين." وتستطرد الفقرة: "فإذا توقفت هذه الحماية أو المساعدة لأي سب دون أن يكون مصير هؤلاء الأشخاص قد سُوِّي نهائياً طبقاً لما يتصل بالأمر من القرارات التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة يصبح هؤلاء الأشخاص، بجراء ذلك، مؤهلين للتمتع بمزايا هذه الاتفاقية." أي يستطيع اللاجئ أن يطالب بحماية المفوضية السامية (المصدر نفسه، ص 7). من هذا يتضح أن اتفاقية سنة 1951 لا تنطبق على اللاجئ الفلسطيني لأنه يتلقى مساعدة من مؤسسة أُخرى هي الأونروا. لكن إذا لم تتوصل هذه المؤسسة إلى حل لمشكلة اللاجئ الفلسطيني فيحق له طلب حماية المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وذلك بموجب اتفاقية سنة 1951 وبروتوكول سنة 1967.
اللاجئ الفلسطيني وموقعه القانوني
إذا جاز لنا معرفة مكانة اللاجئ من خلال المادة 1 (الفقرتان ج، د) المبينة أعلاه يتضح لنا أن اللاجئ الفلسطيني لا يزال في الواقع من دون جنسية. كما أن القانون الدولي الذي يطبَّق على اللاجئ عامة لا يطبَّق على اللاجئ الفلسطيني، لأن هذا الأخير يتلقى مساعدة من الأونروا؛ وهي مؤسسة غير المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
والسؤال هو: متى يستطيع اللاجئ الفلسطيني الحصول على الرعاية الدولية من خلال المفوضية السامية؟ وإلى متى ستستمر الأونروا في رعاية اللاجئ الفلسطيني؟
كي تتضح الصورة ويتم التوصل إلى أجوبة عن الأسئلة السابقة، علينا أن نتناول القرار رقم 194 (الدورة 3) لسنة 1948، ومن ثم القرار رقم 302 (الدورة 4) لسنة 1949 الذي تم بموجبه إنشاء الأونروا.
ينص القرار رقم 194 (الدورة 3) على
وجوب السماح بالعودة، في أقرب وقت ممكن، للاجئين الراغبين في العودة إلى ديارهم والعيش بسلام مع جيرانهم، ووجوب دفع تعويضات عن ممتلكات الذين يقررون عدم العودة إلى ديارهم وعن كل مفقود أو مصاب بضرر، عندما يكون من الواجب، وفقاً لمبادئ القانون الدولي والإنصاف، أن يعوض عن ذلك الفقدان أو الضرر من قِبل الحكومات أو السلطات المسؤولة. (قرارات الأمم المتحدة، 1947 - 1974)
على الرغم من وضوح مضمون هذا القرار فإنه لم ينفذ، ولم يسمح للاجئين بالعودة، ولم يتم حتى الآن عرض تعويضات عليهم. ويعود السبب الرئيسي في ذلك، من الناحية القانونية، إلى أن قرار الجمعية العامة هذا ينقصه الإطاران السياسي والعسكري اللذان يضمنان تنفيذه أسوة بقرار مجلس الأمن رقم 825 لسنة 1990، الذي طالب بإخراج العراق من الكويت. وهذا يدل بوضوح على عدم جدية المجتمع الدولي في تنفيذ القرار رقم 194، هذا على الرغم من أن الجمعية العامة تؤكد هذا القرار منذ اتخاذه حتى سنة 1992، عندما بدأت المفاوضات السلمية في الشرق الأوسط، ونتيجة عدم اهتمام الولايات المتحدة بالتعرض لهذا القرار بحجة أن المفاوضات السلمية ستجد الحل لمشكلة اللاجئ الفلسطيني.
يشير هذا إلى أن عدم إمكان تنفيذ هذا القرار بحسب المعطيات السابقة والحالية هو إمكان محتمل، لذا سيبقى اللاجئ الفلسطيني تحت حماية الأونروا ورعايتها، إلا إذا تم منحه جنسية قادرة على حمايته وبإرادته. عندئذ لن يحتاج إلى الحماية السياسية، وستسقط عنه صفة اللاجئ.
لكن قبل أن نصل إلى هذا الاستنتاج علينا أن نفحص دور الأونروا، التي تم إنشاؤها بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 302 (الدورة 4) لسنة 1949، ومدى قدرتها على إيجاد حل لمشكلة اللاجئ.
تم إنشاء هذه المؤسسة (الأونروا) بناء على توصية بعثة المسح الاقتصادية التابعة للأمم المتحدة (يطلق عليها بعثة كلاب/Clapp) التي كُلفت سنة 1949 دراسة الأوضاع الاقتصادية للدول التي تأثرت بالصراع العربي - الإسرائيلي. وقد طُلب من البعثة وضع توصيات اقتصادية تؤدي إلى وضع برنامج يهدف إلى الاندماج وتحسين الأوضاع الاقتصادية اللذين تكون نتيجتهما في النهاية تسهيل عملية السلام والاستقرار في المنطقة. ويستدل من ذلك: أولاً، إن هذه البعثة لم تعمل من أجل تحقيق هدف سياسي أو إيجاد حلول سياسية مباشرة؛ ثانياً، كان واضحاً أن هدفها هو العمل على دمج اللاجئين الفلسطينيين في الدول المضيفة. وكانت نتيجة دراسة هذه البعثة أن قدمت توصية بإنشاء مؤسسة تقوم بهذه المهمة، وهي الأونروا. وتم إصدار قرار بإنشاء الأونروا على أن تقوم،
(أ) بالتعاون مع الحكومات المحلية بالإغاثة المباشرة وبرامج التشغيل، بحسب توصيات بعثة المسح الاقتصادية.
(ب) بالتشاور مع الحكومات المهتمة في الشرق الأدنى، في التدابير التي تتخذها هذه الحكومات تمهيداً للوقت الذي تصبح فيه المساعدة الدولية للإغاثة ولمشاريع الأعمال غير متوفرة (قرارات الأمم المتحدة، 1947 - 1974).
من هذا يتضح أن الأونروا: أولاً، ليس لها أي هدف سياسي للعمل على إعادة اللاجئين الفلسطينيين أو بعضهم؛ ثانياً، إن مهمتها اقتصادية وتتراوح بين تقديم الإغاثة وإيجاد فرص عمل للاجئين بالتعاون مع الدول المضيفة؛ ثالثاً، وهو الأهم، إنه في حالة عدم توفر الإمكانات المادية لهذه المؤسسة، تقوم بالتشاور مع الدول المضيفة لإيجاد الحل وليس مع أعضاء مجلس الأمن، أو إعادة الموضوع إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة. وذلك يجعلني أستنتج أن الدول المضيفة ستتحمل المسؤولية الاقتصادية في حالة عدم تلقي الأونروا التبرعات التي تتلقاها من الدول المتبرعة.
لكن الأونروا، على الرغم من كل ما بذلته في المجال الاقتصادي، لم تستطع إيجاد حل لمشكلة اللاجئين الاقتصادية، كما أنها لم تستطع بالتالي دمجهم في الدول المضيفة. هذا علماً بأنه ومنذ سنة 1991، أي بعد المبادرة إلى عملية السلام، تم دعم الأونروا برأس مال بلغت قيمته مليوني دولار في منتصف سنة 1996، من أجل القروض الفردية التي تهدف إلى إيجاد عمل لهؤلاء اللاجئين يسهل دمجهم في المجتمعات المضيفة، بالإضافة إلى الدعم الذي تلقته الأونروا من الدول المانحة حتى سنة 1996، لتحسين البنية التحتية في المخيمات والذي بلغت قيمته 6ر192 مليون دولار (تقرير المفوض العام للأونروا، 1996). وتظهر المؤشرات كلها أن من الصعوبة بمكان تحسين البنية التحتية في المخيمات، وفي أحسن الأحوال ستتحول المخيمات إلى أحياء تابعة للمدن، لكنها ستبقى بؤر فقر اجتماعي.
يوصلنا ذلك كله إلى احتمالين: الأول، بقاء مشكلة اللاجئ واستمرار خدمات الأونروا؛ الثاني، بسبب التقليص المتدرج لخدمات الأونروا فسيؤدي ذلك منطقياً إلى إنهاء خدماتها، وذلك على الرغم من عدم إمكان دمج اللاجئين اقتصادياً في المجتمعات المضيفة!!
لذا فإن اللاجئ، بموجب القانون الدولي ونتيجة عدم تسوية قضيته، يصبح في وضع يؤهله للمطالبة بحماية المفوضية السامية إلاّ إذا كان تم دمجه سياسياً عن طريق حصوله على جنسية البلد المضيف.
وكي يتم معرفة أثر الانتخابات في حقوق اللاجئ لا بد من أن نعرف أولاً ما إذا كان في إمكان السلطة الفلسطينية منحه الجنسية.
ثانياً: السلطة الفلسطينية وصلاحيتها في منح الجنسية
سبق أن أوضحنا أن الشخص يصبح لاجئاً عندما يكون من دون حماية نتيجة فقدانه حماية دولته - أي أنه يفقد جنسيته لأن الجنسية تمنحها الدولة - ونتيجة عدم حصوله على جنسية أُخرى. كما تبين أن صفة اللجوء تزول عن الشخص عندما يُمنح برضاه جنسية، سواء أكانت هذه الجنسية جديدة أم استعادة لجنسيته الأصلية.
والسؤال الآن هو: هل السلطة الفلسطينية مخولة، أو هي في وضع يسمح لها بمنح الجنسية؟
الجنسية علاقة ورابطة قانونية بين الدولة ومواطنيها (إبراهيم شعبان، 1995، ص 59). والسلطة الفلسطينية لم تصبح بعد دولة، كما أنها لا تملك سلطة التشريع بمفردها، فالتشريع والإجراءات أمران لا يزالان مشتركين بينها وبين سلطة الاحتلال، ولا تكاد السلطة تملك إلى الآن حق سن الأنظمة والتعليمات بمفردها، كما ورد في المادة 4 الفقرة (2) من اتفاقية القاهرة. بالإضافة إلى ذلك، فإن السلطة القضائية ما زالت في يد سلطة الاحتلال على الرغم من استلام السلطة الفلسطينية بعض الصلاحيات في الضفة الغربية والقطاع (المصدر نفسه، ص 54).
إن عدم قدرة السلطة على منح الجنسية ظهر بصورة عملية عبر تطبيق المادة 10 من قانون انتخابات رئيس السلطة التنفيذية وأعضاء المجلس التشريعي سنة 1995، وأيضاً عبر تطبيق المادة 9 من مشروع قانون انتخاب مجالس الهيئات المحلية الفلسطينية سنة 1996. وهاتان المادتان تشيران إلى أن مَنْ يحق له الانتخاب هو المقيم، إذ ينص البند (أ) من المادة 10 على أن الشخص يُعتبر فلسطينياً إذا كان مولوداً في فلسطين هو أو أحد أسلافه، على ألاّ يكون قد اكتسب الجنسية الإسرائيلية. كما أن البند (ب) من الفقرة (2) من المادة نفسها ينص على أن الشخص يعتبر فلسطينياً إذا كان مولوداً في قطاع غزة أو في الضفة، بما فيها القدس الشريف. وظهر المفهوم نفسه، بل بصورة أكثر وضوحاً، في المادة 9 من مشروع قانون انتخاب مجالس الهيئات المحلية الفلسطينية سنة 1996، إذ نصت على أن الشخص الذي له حق الانتخاب هو المقيم ضمن منطقة الهيئة المحلية التي أُدرج اسمه في سجل الناخبين فيها (علي الجرباوي، 1996، ص 269).
وهذا بالتالي سيشمل اللاجئين الذين يقيمون، في الغالب، بالمدن. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن هذا يتماشى مع السياسة الإسرائيلية العملية التي حاولت، منذ منتصف السبعينات، أن تعمل على إدخال المخيمات ضمن الحدود البلدية للمدن كي تصبح من أحيائها، إذ عمدت إلى توسيع خدمات البلديات لتشمل المخيمات، كما حولت معظم نشاطات الجمعيات الدولية إلى المخيمات للهدف نفسه.
وهذه السياسة، كما سنرى لاحقاً، قد يكون لها تأثير في حقوق اللاجئ الفلسطيني، بل إنها تُعتبر الخطوة الأولى في عملية دمجه في المجتمعات المضيفة، وبالتالي فرض سياسة الأمر الواقع بإلغاء حق العودة.
يتضح مما سبق أن لا قدرة تشريعية لدى السلطة الفلسطينية لأنها لم تتحول بعد إلى دولة. وقد ظهر ذلك عملياً في معاملة السلطة للمواطنين على أنهم مقيمون لأن الاحتلال لا يزال موجوداً على الرغم من إعلان تطبيق اتفاقية القاهرة (إبراهيم شعبان، 1995، ص 55). وبالتالي، فإن مشاركة اللاجئ في الانتخابات التشريعية والانتخابات المحلية لا تسقط عنه صفة اللاجئ؛ ذلك بأن السلطة لم تمنحه الجنسية لأن لا وجود لدولة فلسطينية تمنحها. ولمزيد من التوضيح فإن المحليين واللاجئين مارسوا حق الانتخاب كمقيمين لا كأصحاب جنسية.
لكن في حال أصبحت السلطة دولة وتمتلك السلطة التشريعية التي تمكنها من منح مواطنيها الجنسية، عندها يمكنها منح اللاجئ أيضاً الجنسية. ويصبح اللاجئ، الذي مارس حق الانتخاب للمجلس التشريعي واستمر في ممارسة هذا الحق طوعاً، حاملاً الجنسية الفلسطينية التي تمنحه الحماية؛ فيتم بذلك إسقاط صفة اللاجئ عنه.
أمّا ممارسة اللاجئ حقه في الانتخابات المحلية، في حد ذاتها، فلا تُسقط عنه صفة اللاجئ لأن الهيئة المحلية هي مؤسسة أهلية ذات استقلال مالي وتعتبر من المؤسسات العامة بحسب المادة 3 البند (1) من مشروع قانون انتخاب مجالس الهيئات المحلية الفلسطينية. لكن على الرغم من أن اللاجئ أُعطي بموجب اتفاقية الأمم المتحدة سنة 1951، التي تعتبر الوثيقة الدولية المعتمدة، حق التمتع بالحقوق التي يتمتع بها الأجانب بصورة عامة، وذلك فيما يتعلق بملكية الأموال المنقولة وغير المنقولة (المادة 13)، وعضوية الجمعيات غير السياسية والتي لا تقصد إلى تحقيق الربح والنقابات العمالية (المادة 15)، والإسكان (المادة 21)، والتعليم غير الابتدائي (المادة 22، الفقرة 2)، وحرية التنقل واختيار مكان الإقامة داخل الإقليم (المادة 26) إلخ، فإن هذه الاتفاقية لم تشر إلى حقه في الانتخاب بالنسبة إلى المجالس المحلية (برهان أمر الله، 1983، ص 246 - 248).
لكن بالمقارنة (إن جاز لي ذلك كشخص غير قانوني)، فإنه إذا تم إعطاء اللاجئ الحق في المشاركة في الجمعيات والنقابات كمؤسسات أهلية لا تقصد إلى الربح - وما المجالس المحلية إلا مؤسسات أهلية عامة - يمكن الاستنتاج أنه يحق للاجئ المشاركة في الانتخابات للمجالس المحلية أسوة بغيرها من المؤسسات الأهلية، من دون أن تزول عنه صفة اللاجئ، وقبل حصوله على جنسية تخوله حق المشاركة في هذه الانتخابات.
ثالثاً: مشاركة اللاجئ الفلسطيني في الانتخابات وآثارها المحتملة
سنبحث فيما يلي في ثلاثة خيارات أو "سيناريوهات" يجد اللاجئ نفسه أمامها، كما سنبحث في الآثار التي يتركها كل من هذه الخيارات:
أ) عدم المشاركة في الانتخابات.
ب) المشاركة مع بقاء السلطة الفلسطينية من دون سلطة دولة.
ج) المشاركة مع وصول السلطة الفلسطينية إلى دولة ذات سيادة (وهذا متوقع).
أ) عدم مشاركة اللاجئ وبقاؤه في الوضع الراهن مطالِباً بتنفيذ القرار 194
يعني هذا الخيار بقاء اللاجئ مشمولاً برعاية الأونروا التي أخذت على عاتقها مهمة إيجاد حل اقتصادي من خلال تطوير المنطقة اقتصادياً، وبالتالي استيعاب اللاجئ. وسواء أنجحت الوكالة في مهمتها هذه أم فشلت فسينتهي عملها، وسيبقى اللاجئ متمتعاً بحق المطالبة، بموجب المادة 1 من اتفاقية سنة 1951، بحماية المفوضية السامية في حال عدم حصوله على جنسية.
من جهة أُخرى، وفي حال نجحت الأونروا في دمج اللاجئ اقتصادياً فسيبقى محتفظاً بحق المطالبة بتطبيق القرار 194 لسنة 1948، أي العودة أو التعويض. أمّا في حال فشلت في ذلك، فإنه إلى جانب احتفاظ اللاجئ بحق المطالبة بتطبيق القرار المذكور يحق له المطالبة أيضاً بالرعاية الاجتماعية.
وكي تكتمل الصورة لا بد من توضيح دور الأونروا، وأثر عملية السلام في اللاجئ في هذه المرحلة. من جهة، يلاحَظ أن الأونروا ما زالت تبذل جهداً كبيراً في سبيل دمج اللاجئ اقتصادياً. لكن، على الرغم من دعم الدول المانحة، عن طريق ما أُطلق عليه تحسين أوضاع اللاجئين، وحصولها حتى منتصف سنة 1996 على ميزانية للقروض الفردية بلغت قيمتها مليوني دولار، بالإضافة إلى 192.6 مليون دولار من تلك الدول لتحسين البنية التحتية في المخيمات عامة، فإنها لم تحقق نجاحاً يذكر حتى الآن؛ وذلك بسبب ضعف البنية الاجتماعية، وخصوصاً الاقتصادية، وبسبب الزيادة السكانية الطبيعية في المخيمات التي بلغت 5.3% سنوياً في الضفة و7% في القطاع (منشورات الأونروا، 1994). وقد فاقت هذه الزيادة أي نمو اقتصادي متوقع في مثل هذه الأوضاع السياسية العامة غير المستقرة والدعم الاقتصادي المحدود لمشاريع التنمية، سواء في المخيمات أو في المنطقة. وهذا بالتالي سينعكس على الوضع الاجتماعي للاجئ، فيبقى على ما هو عليه إن لم يزدد الأمر سوءاً.
فضلاً عن ذلك، كان من نتائج عملية السلام أن أخذت الولايات المتحدة الأميركية تتجاهل القرار 194، وبالتالي تتجاهل حقوق اللاجئ الفلسطيني السياسية في وطنه الذي اضطر إلى تركه، أي حقه في العودة أو التعويض، بحجة أن المفاوضات السلمية بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل هي السبيل الوحيد لإيجاد حل للمشكلة الفلسطينية برمتها.
وما يجعل الصورة أكثر وضوحاً بشأن التوجهات الدولية لإنهاء قضية اللاجئ أن الأونروا بدأت تقلص خدماتها، إضافة إلى أن هناك تقارير دولية تفيد أن وضع اللاجئ الفلسطيني الاقتصادي والسكني أفضل كثيراً من أوضاع اللاجئين الآخرين.
نخلص مما تقدم إلى أن اللاجئ الفلسطيني عومل معاملة مختلفة عن غيره، سواء بالقرار 194 لسنة 1948، أو بالقرار 302 لسنة 1949، أو بإنشاء الأونروا الآخذة في الاضمحلال عن طريق تقليص خدماتها، أو بتجاهل القرار 194، بمقابلة وضع اللاجئ الفلسطيني بوضع غيره من دون الأخذ بعين الاعتبار أن مشكلة اللاجئ الفلسطيني أوجدتها قرارات دولية عليها أن تتحمل إيجاد حل يرضي اللاجئ الفلسطيني وطموحاته.
يتضح مما سبق أن اللاجئ الفلسطيني حتى لو لم يشارك في الانتخابات، وحتى لو لم يحصل على جنسية، فإن هناك توجهات دولية لإنهاء قضيته السياسية، من دون العودة إلى القرار 194 الذي أعطاه حق العودة أو التعويض.
ب) مشاركة اللاجئ مع بقاء السلطة الفلسطينية من دون سلطة دولة
لا شك في أنه، في هذه الحالة، لن يكون هناك تغيير من حيث المضمون قياساً بالوضع السابق. فالسلطة ليست في وضع يمكنها من منح الجنسية، وبالتالي الحماية. وهكذا يبقى اللاجئ في وضع قانوني لا يمكنه من الحصول على الحماية. كما أنه يُعتبر، مثله في ذلك مثل غيره من السكان المحليين الذين هم أيضاً في الوضع نفسه، أي لم يحصلوا بعد على جنسية، "مقيماً" سواءً بالنسبة إلى الأوامر العسكرية الإسرائيلية (رقم 65 سنة 1979)، أو بالنسبة إلى التشريعات الفلسطينية (قانون انتخاب رئيس السلطة التنفيذية وأعضاء المجلس لسنة 1995 - المادة 10، ومشروع قانون انتخاب مجالس الهيئات المحلية لسنة 1996 - المادة 9).
وعلى الرغم من عدم ظهور حساسية سلبية بين المواطنين واللاجئين عقب مشاركتهم في انتخابات المجالس التشريعية، فإن هناك تخوفاً من ظهور تلك الحساسية إذا شارك اللاجئون في انتخابات المجالس المحلية من دون أن يكون هناك أي مردود إيجابي بالنسبة إلى قضية اللاجئ السياسية أو بالنسبة إلى تحسين أوضاعه الاقتصادية، فضلاً عن المتطلبات المالية التي سيضطر إلى دفعها نتيجة مشاركته في تلك الانتخابات (Plascov, 1981).
ج) مشاركة اللاجئ مع وصول السلطة إلى دولة ذات سيادة
إن مشاركة اللاجئ في الانتخابات التشريعية تعني حصوله على الجنسية الفلسطينية، وبالتالي توفر الحماية الدولية له من دولة فلسطين، وهو ما يؤدي إلى إسقاط صفة لاجئ عنه.
وهنا يمكن أن يقال إن حصول اللاجئ الفلسطيني على الجنسية الفلسطينية حق طبيعي، ويجب ألا يؤثر في حقوقه السياسية في العودة.
لكن علينا أن نعي أنه سيكون هناك، ضمن حدود فلسطين قبل سنة 1948، دولتان: دولة إسرائيل، ودولة فلسطين عندما تصبح السلطة الفلسطينية دولة (هذا الأمر، بحسب توقعات المراقبين السياسيين، سيحدث في الغالب).
إن اللاجئ ترك الجزء الذي تم إقامة إسرائيل فيه، لذا فهو يُعتبر الآن فاقداً الجنسية الإسرائيلية بعد أن اعترف المجتمع الدولي والسلطة الفلسطينية بإسرائيل دولة. لذا، فإن حصوله على الجنسية الفلسطينية يعني استغناءه عن الجنسية الإسرائيلية، وبالتالي عن حق العودة المنصوص عليه في القرار 194. وإذا بقي له أية حقوق فهي التعويض، الذي قد يترجَم في الممارسة إلى عدم دفع كامل الحقوق المادية، وإنما "عَوِضَ" أي جزء من قيمة الأملاك المادية. وإذا ما نظرنا إلى أثر ذلك في أوضاع اللاجئين الاقتصادية والاجتماعية يتبين لنا أن تحسينات اقتصادية جذرية لن تتم على أوضاعهم إلاّ:
أولاً: إذا حدث تحسن في الأوضاع الاقتصادية العامة. وعندها ستكون حصة اللاجئين بالمقياس النسبي ضئيلة، أي أن الفوارق الاقتصادية بينهم وبين المحليين ستستمر في الاتساع لعدم توفر البنية التحتية الاقتصادية في المخيمات، ولعدم توفر الممتلكات الثابتة لدى اللاجئين.
ثانياً: إذا حصل اللاجئ على تعويض، فإن الاستفادة ستعتمد على قيمة تلك التعويضات وكيفية استثمارها. وبما أنه لا يوجد إلى الآن بنية تحتية اقتصادية تمكّن اللاجئ من الاستثمار بصورة مجزية، فسيتم في الغالب صرف تلك التعويضات على المواد الاستهلاكية أو الكماليات التي يعاني اللاجئ جرّاء حرمانه منها قياساً بغيره من المجاورين المحليين.
حتى لو افترضنا أن ممثلي المخيمات في المجلس التشريعي والمجالس المحلية كانوا من النشيطين واستطاعوا الحصول على الدعم اللازم لمشاريع اقتصادية، فإن هناك شكاً في مدى الفائدة الاقتصادية التي سيحصل عليها اللاجئ في غياب البنية التحتية الملائمة في المخيمات.
أمّا بالنسبة إلى أثر المشاركة في الانتخاب على صعيد الأوضاع الاجتماعية للاجئ، فستكسبه هذه المشاركة مكانة اجتماعية شكلية، إذ لا أعتقد أنها ستعود عليه بالنفع الكبير لأن أوضاع اللاجئ الاجتماعية المتدنية تعود إلى أوضاعه الاقتصادية السيئة لا إلى أسباب عرقية أو جنسية. ويظهر تدني تلك الأوضاع في المساكن المزدحمة، وأيضاً في المخيم كمكان غير مرغوب فيه للسكن، بالإضافة إلى وضعه المالي المتدني قياساً بغيره من المحليين. كل ذلك سيؤدي إلى المكانة الاجتماعية غير المرغوب فيها.
زد على ذلك أن الشعور الوطني الذي كان يدعم موقف سكان المخيمات، اجتماعياً وسياسياً، من أنها مواقع الصمود ومرابط العائدين، وهي التي أبقت القضية الفلسطينية حية، سينتهي عندما يتم دمج اللاجئ سياسياً مع المواطنين المحليين. وسيبقى فقط الوضع المادي التعس، والمكانة الاجتماعية المتدنية، إن لم يكن بالمفهوم المطلق فبالمفهوم النسبي.
وهذا ما يثير الخوف من أن آثاراً مَرَضية نفسية ستظهر في المخيمات إذا ما فقد سكانها ذلك الشعور الوطني، وبقي حالهم على ما هو عليه من دون تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية ذات شأن، حتى لو تم إشراكهم في الانتخابات.
المراجع
بالعربية
- أمر الله، برهان. "حق اللجوء السياسي". القاهرة: دار النهضة العربية، 1983.
- الجرباوي، علي. "أي نوع من السلطة المحلية نريد؟ دراسة الحالة الفلسطينية". نابلس، فلسطين: مركز البحوث والدراسات الفلسطينية، 1996.
- شعبان، إبراهيم. "النظام السياسي الفلسطيني والانتخابات" في: "الانتخابات والنظام السياسي الفلسطيني". نابلس، فلسطين: مركز البحوث والدراسات الفلسطينية، 1995.
- المفوضية السامية للأمم المتحدة. "دليل الإجراءات والمعايير الواجب تطبيقها لتحديد وضع اللاجئ". جنيف، 1979.
- منشورات الأونروا. 1994؛ 1996.
- مؤسسة الدراسات الفلسطينية. "قرارات الأمم المتحدة بشأن فلسطين والصراع العربي - الإسرائيلي، المجلد الأول، 1947 - 1974". بيروت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 1993.
بالإنكليزية
-Plascov, Avi. The Palestinian Refugees in Jordan, 1948-1957. London: Frank Cass, 1981.
-Reydbeck, Olof. UNRWA A Brief History 1950-1982. UNRWA Headquarters. Vienna, 1986.
-Van Arkadie, Brian. Benefits and Burdens: A Report on the West Bank and Gaza Strip Economics Since 1967. New York; Washington: Carnegie Endowment for International Peace, 1977.