التطورات الرئيسية
في الفترة بين تشرين الأول/أكتوبر 1996 ونهاية آذار/مارس 1997 (وهي الفترة التي يغطيها التقرير)، تباطأ النشاط الاقتصادي الحقيقي، فاستقر عند مستوى دون المستوى الذي خُطط له في الميزانية. بيد أن أسواق المال والنقد شهدت نشاطاً متميزاً. وقد انعكس المستوى المتدني للنشاط الاقتصادي الحقيقي في استمرار الاتجاهات الإيجابية للأسعار والتجارة الخارجية، الواضحة منذ الربع الثالث من سنة 1996، من جهة، وفي ازدياد البطالة، من جهة أُخرى. إذ ارتفع مؤشر الأسعار للمستهلكين بمعدل سنوي يبلغ 9,75% ويقترب كثيراً من الحد الأعلى الذي وضعته الحكومة للتضخم؛ وتقلص العجز التجاري، على الرغم من الزيادة الحقيقية في قيمة العملة المحلية ومن العجز الكبير نسبياً في الميزانية؛ وارتفعت نسبة البطالة إلى 7% في الربع الأخير من سنة 1996، حيث وصلت أعلى مستوى لها في غضون 18 شهراً. وتجسد نشاط سوق النقد في رؤوس الأموال الكبيرة التي استوردها القطاع الخاص، وفي تحويل مبالغ كبيرة من العملة الأجنبية [إلى التشكيل] في الربع الأول من سنة 1997.
وما يشير إلى التباطؤ في الطلب هو الانخفاض الحاد البالغ 9% في الاستعمال المحلي للموارد في الربع الأخير من سنة 1996، والانخفاض في استيراد السلع الاستهلاكية في الربع الأول من سنة 1997، ومؤشرات التشييد والبناء المتعددة، وتراجع الهجرة. من جهة أُخرى، يشير بعض المؤشرات المتعلقة مثلاً بتجارة المفرّق الواسعة النطاق وبالائتمان المصرفي، حقيقةً، إلى حدوث توسّع. وما يشهد على التباطؤ من ناحية الطلب هو الزيادة القليلة في الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأخير من سنة 1996، والانخفاض الحاد في الإنتاج الصناعي الذي ازدادت أحواله سوءاً في بداية سنة 1997، وانخفاض عدد مستخدمي قطاع الأعمال، والانخفاض في استيراد البضائع الوسيطة. وفي الفترة محور البحث، توقف الارتفاع في مؤشر حالة الاقتصاد، الذي يشتمل على بعض هذه المؤشرات، بعد فترة طويلة من النمو المطرد.
يستفاد من مؤشرات التضخم أنه استقر، في الفترة محور البحث، عند المستوى الذي انخفض إليه في الربع الثالث من سنة 1996، وفي إطار الحدود المرسوم للتضخم لكن قريباً من سقفه، على الرغم من الارتفاع السريع لأسعار السكن والفواكه والخضروات في مؤشر الأسعار للمستهلكين، ولسعر الصرف إزاء الدولار.
تقلص العجز التجاري (بأسعار صرف الدولار الحالية) في إثر استمرار انخفاض استيراد جميع الأصناف الرئيسية وازدياد الصادرات. وفي نهاية الفترة محور البحث، انعكس الاتجاه وبدأ العجز يرتفع بعد أن كان آخذاً في الانخفاض بصورة متواصلة إلى أن وصل إلى أدنى حد له في كانون الثاني/يناير، ووصل في آذار/مارس 1997 إلى مستوى لا يقلّ إلا بصورة هامشية عن المتوسط السنوي لسنة 1996. وانخفض معدل سعر الصرف إزاء سلة العملات، بعد أن كان ارتفع في الربع الأخير من سنة 1996 فوق المستوى الأدنى لنطاق تحركه [بين الحدين الأقصى والأدنى اللذين يضعهما مصرف إسرائيل]، ووصل إلى هذا المستوى مرة أُخرى في الربع الأول من سنة 1997 واستقر على الوضع نفسه حتى نهاية الفترة محور البحث.
كما أن الطلب في سوق العمل أصبح معتدلاً؛ ففي حين بقي عرض قوة العمل الإسرائيلية مستقرّاً، انخفض الطلب عليها، وارتفعت نسبة البطالة بصورة طفيفة. ومع ذلك، واصلت الأجور ارتفاعها، وإنْ بصورة معتدلة، الأمر الذي يمكن أن يكون مؤشراً إلى أن عرض فئات معينة من المستخدَمين - ربما هم العاملون في مجال المعرفة - قد استُنفد.
أمّا فيما يخص النشاط الحكومي، فيمكن تقسيم الفترة محور البحث إلى جزأين: في الربع الأخير من سنة 1996، ارتفع العجز المحلي في الميزانية إلى 6 مليارات شيكل جديد، أي 7,7% من الناتج المحلي الإجمالي (قياساً بـ 3,3% في الفترة المقابلة من سنة 1995)، نتيجة مستوى من النفقات مرتفع نسبياً ومستوى منخفض من العائدات. وفي الربع الأول من سنة 1997، وبعد سريان مفعول قانون الميزانية الجديدة، تقلص العجز إلى أقل من 1% من الناتج المحلي الإجمالي، في إثر ارتفاع العائدات بصورة حادة وهبوط النفقات قياساً بالربع الأول من سنة 1996. ومع ذلك، وأخذاً في الاعتبار حقيقة أن العجز كان عادة قليلاً في الأرباع الأولى من السنوات السابقة، حتى إن فائضاً قد تحقق في بعض الحالات، فإن الرقم المسجّل لسنة 1997 لا يعني التأكيد وجود ضمان بتحقيق الهدف المتعلق بالعجز للسنة بكاملها.
وفيما يتعلق بالسياسة النقدية، فإن مصرف إسرائيل كان يقلص بالتدريج، بينما التضخم يتقلص، التكلفة الاسمية للموارد التي يجعلها متيسرة للجهاز المصرفي، لكن الفائدة الحقيقية لم تنخفض، وذلك بسبب انخفاض التوقعات بشأن التضخم. وفي الوقت نفسه، تكونت سيولة فائضة ممكنة نتيجة قيام الجمهور بعمليات تحويل كثيفة للعملة الأجنبية (5 مليارات دولار). وتم امتصاص السيولة الفائضة من أجل تحقيق الأهداف النقدية، وذلك أساساً من خلال مزادات على الودائع المصرفية بفوائد في مصر إسرائيل، وكذلك من خلال تقليص القروض النقدية التي يقدمها هذا المصرف تقليصاً سريعاً. وهكذا، تميزت الفترة محور البحث بفائدة حقيقية مرتفعة (في إثر انخفاض التوقعات بشأن التضخم)، وبدفق من تحويلات العملة الأجنبية، وبتوسع سريع للودائع المصرفية في مصر إسرائيل.
الصناعات الرئيسية
خلال الفترة محور البحث، تقلص النشاط الاقتصادي. إذ تظهر البيانات الخاصة بالحسابات القومية إن إنتاج قطاع الأعمال (بيانات يتم تعديلها فصلياً) زاد في الربع الأخير من سنة 1996 بنسبة 0,9% فقط، وهي أدنى زيادة خلال السنة كلها. وقد حدث هذا التباطؤ في سياق انخفاض حاد في استعمالات الموارد المحلية، وتقليص موجودات المخازن، وزيادة أسرع في إنتاج القطاع العام. وثمة دليل آخر على التباطؤ الاقتصادي يتمثل في مؤشر الإنتاج الصناعي، الذي انفض في الربع الأخير من سنة 1996 أول مرة منذ فترة طويلة جداً. كما أن التقارير المباشرة التي تقدمها الشركات المشاركة في المسح الفصلي الذي يعدّه مصرف إسرائيل تشير إلى الاتجاه نفسه. وتكشف هذه التقارير التي يتم تعديلها فصلياً انخفاض النشاط الاقتصادي في جزء كبير من قطاع الأعمال (الصناعة والتشييد والبناء والفنادق)؛ ومن دون هذا التعديل سيكون الانخفاض أكثر حتى من ذلك.
يظهر تحليل الصناعات من فئة الفروع الثانوية أن الإنتاج انخفض في معظم الصناعات بين الربع الثالث من سنة 1996 والربع الأخير من السنة نفسها، ولا سيما في المنسوجات والملابس والجلود (10%). إلا إن الإنتاج ازداد حقيقة في التعدين والمقالع، وهذا ما برز خلال سنة 1996 بسبب ازدياد صادرات الفوسفات بصورة رئيسية، وبسبب تطورات معينة في البناء وتعبيد الطرق.
وبحسب المؤشرات، فإن نشاط البناء، في الفترة محور البحث، كان متفاوتاً. فقد انخفضت بدايات البناء في كل من القطاعين العام والخاص في الربع الأخير من سنة 1996، في حين ازدادت الانتهاءات في كليهما. وفي الربع الأول من سنة 1997، تأكدت الاتجاهات التي تشير إلى حدوث تباطؤ في نشاط البناء، وإلى جانب استمرار الانخفاض الحاد في أعمال البناء التي تتم بمبادرة من الحكومة، برز انخفاض في مبيعات الأسمنت، وكذلك في مبيعات الشقق التي أقامتها شركات البناء الرئيسية العشر؛ كما انخفضت قروض استملاك المنازل، وكذلك مبيعات الشقق الجديدة والقديمة. إلا إن عدد الشقق التي باعتها وزارة البناء والإسكان، والبيانات الأولية بشأن مبيعات الشركات العشر الرئيسية خلال آذار/مارس، تشير إلى اتجاه صاعد.
استمرت السياحة في التراجع في سياق الحوادث الأمنية، وكان عدد السياح الوافدين خلال الفترة محور البحث أقل بـ 14% من عددهم في الفترة نفسها قبل عام.
سوق العمل
في الربع الأخير من سنة 1996، خفّ الضغط في سوق العمل، وإلى جانب الاستقرار في عرض قوة العمل الإسرائيلية، انخفض الطلب عليها وارتفعت نسبة البطالة. وعلى الرغم من ازدياد عدد السكان ممن هم في سن العمل 30,000 نسمة، فإن قوة العمل لم تَنْمُ نموّاً ملموساً (بعد أن ازدادت 16,000 نسمة في الربع الثالث من سنة 1996). وبعد أن كانت العمالة الإسرائيلية تتوسع بصورة متواصلة حتى ذلك الوقت، فإنها تقلصت بمقدار 9000 نسمة، بحيث ارتفعت نسبة البطالة إلى 7%، أي إلى أعلى مما كانت عليه في أي ربع من سنة 1996. وثمة أدلة أُخرى على تراجع ضغط الطلب في سوق العمل، تتمثل في انخفاض نسبة العمالة إلى أدنى مستوى لها منذ فترة طويلة جداً، وفي ازدياد عدد المطالبات بالمنافع التي يحصل العاطلون عن العمل عليها (بدلات البطالة)، وفي الزيادة الملموسة في عدد الباحثين عن عمل. كما يظهر المؤشران الأخيران أن تراجع الضغوط في سوق العمل استمر في الربع الأول من سنة 1997، وثمة دليل آخر على ذلك يتمثل في نتائج مسح الصناعات لشهر كانون الثاني/يناير، الذي أظهر أن مُدْخَل العمل انخفض بنسبة 2% (يتم تعديلها فصلياً) عن المعدل الذي تم تسجيله في الربع الأخير من سنة 1996، نتيجة الانخفاض في كل من ساعات العمل وعدد المستخدمين.
كان عدد المستخدمين الإسرائيليين في الربع الأخير من سنة 1996 أكثر بـ 2% مما كان عليه في الربع الأخير من سنة 1995، وكان عدد ساعات العمل للمستخدم الواحد أكثر بـ 6%. وجاءت هذه المستويات المرتفعة نتيجة الزيادة السريعة نسبياً للعمالة في النصف الأول من سنة 1996، والتي تبعها استقرار، بل تراجع فيما بعد، خلافاً للاتجاهات الموسمية التي شهدتها سنة 1995. ويظهر "مسح القوة العاملة" للربع الأخير من سنة 1996 أن عدد ساعات العمل ازداد في جميع أنحاء القطاع الخاص، في حين انخفض عدد المستخدمين في أجزاء من القطاع الخاص، ولا سيما في الفنادق والمطاعم، بسبب تراجع السياحة. ويشير التلازم بين ازدياد ساعات العمل وانخفاض عدد المستخدمين إلى أن بعض أرباب العمل اعتبر تراجع الطلب اتجاهاً طويل المدى (على غرار الحال التي تشهد زيادة استخدام رؤوس الأموال لدى توقع حدوث انخفاض في النشاط الاقتصادي).
أمّا بالنسبة إلى عدد أذونات العمل الممنوحة إلى العمال الأجانب، والتي كانت تزداد باطراد خلال السنوات الثلاث الأخيرة، فإنه استقر عند 106,000 إذن عمل في الفترة محور البحث.
وتشهد خصائص البطالة في الربع الأخير من سنة 1996 على حدوث ازدياد في البطالة الطويلة المدى: النسبة الأكبر من الأشخاص المتزوجين والبالغين، وارتفاع عدد الأشخاص الذين لم يعملوا خلال عام. ومنذ عامين، كان اتجاه التغير في عدد الأشخاص العاطلين عن العمل بحسب جنسهم يتم بالتبادل في كل ربع من السنة: إذ عندما يرتفع عدد النساء العاطلات عن العمل، ينخفض عدد الرجال العاطلين عن العمل (بحسب بيانات يتم تعديلها فصلياً)، والعكس بالعكس. أمّا في الربع الأخير فقط من سنة 1996، فإن البطالة ازدادت في صفوف كل من الرجال والنساء، ولا سيما في صفوف النساء.
على الرغم من تراجع حدة الضغط في سوق العمل، فإن الأجور الحقيقية للعامل الأجير كان في الربع الأخير من سنة 1996 أعلى بنسبة 2,2% مما كانت عليه في الربع الأخير من سنة 1995 (2,4% في قطاع الأعمال). ويؤكد هذا التطور وجهة النظر القائلة إن ضغط الطلب يتركز على العاملين في مجال المعرفة، الذي غالباً ما يكون العرض فيه مستخدماً بالكامل. واستمرت الأجور في الازدياد في بداية سنة 1997، لأسباب عدة بينها رفع سقف مساهمات "الضمان الوطني"، وإلغاء المساهمات التي يقدمها المستخدمون إلى الضمان الصحي، وتعديل فئات الضرائب، ودفع زيادة غلاء معيشة بنسبة 0,6% في شباط/فبراير. وكان أُقر حد أدنى للأجور في نيسان/أبريل 1996.
ميزان المدفوعات
خلال الفترة محور البحث، تقلص العجز التجاري (باستثناء السفن والطائرات والوقود والألماس، التي يتم تعديل بياناتها فصلياً) إلى معدل شهري مقداره 538 مليون دولار، قياساً بمعدل شهري قدره 670 مليون دولار لسنة 1996 بكاملها. وجاء هذا الانخفاض عقب تقليص سريع نسبياً لاستيراد البضائع وزيادة في صادراتها - وهذا كله على الرغم من استمرار رفع القيمة الحقيقية للعملة المحلية خلال الفترة محور البحث. وفي الربع الأخير من سنة 1996، تحسنت شروط التجارة الإسرائيلية، وهو ما يعود أساساً إلى تعزيز وضع الدولار إزاء العملات العالمية الأُخرى (وربما يعود أيضاً إلى الانخفاض في أسعار المواد الخام)، الأمر الذي ساهم في المزيد من تقليص العجز التجاري مقاساً بالدولارات بقيمتها الحالية. وفي الربع الأول من سنة 1997، زاد العجز التجاري، وبرزت الزيادة بصورة خاصة في آذار/مارس، حين كانت أعلى مما كانت عليه في أي وقت آخر من الفترة محور البحث. وشمل الانخفاض في استيراد البضائع جميع مكوناتها الرئيسية: البضائع الوسيطة (التي تشير إلى مستوى النشاط الاقتصادي الحالي)، والاستهلاكية التي انخفضت - نسبياً - بسرعة في الربع الأخير من سنة 1996، لكنها بدأت من ثم الارتفاع بالتدريج. أمّا البضائع الرأسمالية (التي تشير إلى النشاط الاقتصادي المستقبلي) فإنها انخفضت باطراد طوال الفترة محور البحث بما مجموعه 8%.
زادت الصادرات الصناعية، باستثناء الألماس، بنسبة 5,5% في فترة الشهور الستة الأخيرة محور البحث، إلى جانب زيادة ملموسة في صادرات الكيماويات وتكرير النفط ومعدات الاتصالات والمعدات الطبية والعلمية (12% تقريباً)، في حين أن صادرات المكونات الإلكترونية وأجهزة المكاتب والكمبيوترات ظلت ثابتة.
خلال الفترة محور البحث، خُفف عدد من القيود المفروضة على العملات الأجنبية أول مرة منذ فترة طويلة، ولا سيما القيود المتعلقة بالموارد التي يمكن إيداعها في وديعة مقيمة وبشراء العملة الأجنبية للسفر إلى الخارج.
ارتفع احتياطي مصرف إسرائيل من العملات الأجنبية بما قيمته 5 مليارات دولار خلال الفترة محور البحث، واستقر عند 15,7 مليار دولار في نهاية آذار/مارس. وجاء معظم هذه الزيادة من تحويل القطاع الخاص للعملات الأجنبية [إلى الشيكل]، في الربع الأول من سنة 1996 بصورة أساسية.
الأسعار
بعد أن انخفض التضخم في الربع الثالث من سنة 1996، فإنه استقر عند مستواه المنخفض في الربع الأخير من السنة، وارتفع قليلاً من جديد في الربع الأول من سنة 1997. وقد ارتفع مؤشر الأسعار للمستهلكين بنسبة 4,8% في الفترة محور البحث، ممثلاً بذلك معدلاً سنوياً يدره 9,75%. ومع أن هذا المعدل أقل من الحد الأعلى للتضخم السنوي المستهدف، فإنه يوجد عاملان يثيران الشكوك في شأن تحقيقه: الأول هو التوقعات بشأن التضخم، التي انخفضت في الأشهر الأربعة الأولى من الفترة محور البحث، لكنها ارتفعت في آخر شهرين إلى أن وصلت حد الهدف الأعلى. والعامل الثاني هو التضخم الفعلي، الذي ارتفع أول مرة إلى المستوى الذي كان عنده في الأشهر المقابلة من سنة 1996. ومن بنود مؤشر الأسعار للمستهلكين، يبرز بوضوح ارتفاع أسعار بند الفواكه والخضروات وكذلك بند الإسكان (25% و14% على التوالي، كمعدل سنوي). ومع التعديل الذي أدخله هذان البندان، أصبحت الزيادة الإجمالية في مؤشر الأسعار للمستهلكين 7% كمعدل سنوي، فاقتربت من الحد الأدنى لهدف التضخم، وكانت أقل من النسبة التي تحققت في الفترة نفسها من سنة 1996 (نحو 10%).
ارتفعت أسعار الجملة بنسبة 6,3% كمعدل سنوي في الفترة محور البحث، أي أقل قليلاً من الزيادة في أسعار السلع التي يمكن استيرادها (7%)، وأقل من الزيادة في سعر صرف الدولار (12%)، وأكثر من الزيادة في سعر الصرف إزاء سلة العملات (5,7%)، وأقل من نسبة ازدياد أسعار الجملة في الفترة نفسها من السنة الماضية (8%).
أمّا التوقعات بشأن التضخم للأشهر الاثني عشر اللاحقة، كما قُدّرت بناء على الأرقام المأخوذة من سوق النقد، فإنها انخفضت بالتدريج في الربع الأخير من سنة 1996 وارتفعت قليلاً في الربع الأول من سنة 1997، واستقرت عند 10% (تقدير أولي) في آذار/مارس. وفي الوقت نفسه، انخفضت نسبة التضخم في الأشهر الاثني عشر المنصرمة على نحو أقل حدة مما فعلت التوقعات للأشهر الاثني عشر المقبلة، وكانت هذه النسبة منذ تشرين الثاني/نوفمبر أعلى قليلاً من التوقعات. ويمكن الاستدلال من تطور هذين المؤشرين أن التضخم قد يكون هذه السنة أقل مما كان عليه في السنة الماضية، مع أنه لا يزال قريباً من سقف الهدف كما أُعلن.
الحكومة
بالنسبة إلى النشاط الحكومي، يمكن تقسيم الفترة محور البحث إلى فترتين فرعيتين: في الربع الأخير من سنة 1996، عند نهاية السنة المالية، بلغ العجز المحلي للحكومة من دون الائتمان الممنوح (على أساس نقدي) نحو 6 مليارات شيكل جديد، أي 7,7% من الناتج المحلي الإجمالي، قياساً بـ 3,3 في الفترة المقابلة من سنة 1995. وقد نجمت الزيادة الحادة في العجز عن كل من النفقات المرتفعة نسبياً والعائدات المنخفضة. وفي الربع الأول من سنة 1997، حين أصبح قانون الميزانية لسنة 1997 ساري المفعول، تقلص العجز إلى أقل من 1% من الناتج المحلي الإجمالي، نتيجة الارتفاع الشديد في العائدات وتقليص النفقات قياساً بالربع الأول من سنة 1996. ومع ذلك، وقياساً بالفترات نفسها من السنوات الماضية، حين كان يوجد عادة عجز صغير أو حتى فائض، فإن معطيات الميزانية للربع الأول من سنة 1997 كانت بعيدة عن أن تضمن تحقيق العجز المستهدف للسنة بكاملها.
وبعد أن حدث ابتعاد ملحوظ عن خطة تقليص العجز في الميزانية لسنة 1996، حدّد قانون الميزانية الجديدة تقليصاً يعيد توجيه الميزانية إلى مسارها الأصلي، بقيمة 7,1 مليارات شيكل جديد بأسعار سنة 1997. وتحقق التقليص الرئيسي للعجز عبر زيادة العبء الضريبي الذي يتحمله الجمهور، مع تقليص قليل جداً لنفقات القطاع العام. ومع أن الميزانية الجديدة تعيد فرض انضباط مالي طويل المدى إلى حد ما، فإنها تمثل ازدياد التدخل الحكومي في الاقتصاد، وقسطاً أكبر من عدم اليقين بالنسبة إلى نشاط القطاع الخاص، وهذا ما يمكن أن يحلق الضرر بالنمو المستقبلي الذي يُراد لهذا القطاع أن يقوده.
تم تمويل معظم العجز في القطاع العام (الذي يشمل الوكالة اليهوديةومصرف إسرائيل) من ودائع الجمهور في مصرف إسرائيل، ومن مبيع السندات، وجرى تمويله في آذار/مارس أيضاً من العائدات الناجمة عن الخصخصة ("إسرائيل للكيماويات"). ووصل الدفع في الميزانية مستوى عالياً بصورة خاصة في كانون الأول/ديسمبر. ولدى سريان مفعول قانون الميزانية الجديدة، هذا النشاط المتعلق بالميزانية، وتعزز هذا الاتجاه في الربع الأول من سنة 1997.
كانت العائدات الضريبية الحقيقية، في الربع الأخير من سنة 1996، أقل بـ 1% مما كانت عليه في الربع الأخير من سنة 1995. كما كانت في الربع الأول من سنة 1997 أكثر بـ 5% قياساً بالربع الأول من سنة 1996؛ وبالتالي فإن نسبة ارتفاعها في كامل الفترة محور البحث بلغت 2,2%. وجاء المنعطف في العائدات الضريبية نتيجة الزيادة السريعة نسبياً في الضرائب غير المباشرة على الإنتاج المحلي في سنة 1997 (من زيادة قدرها 2% في الربع الأخير من سنة 1996 إلى 13% في الربع الأول من سنة 1997)، ومن زيادة الضرائب المباشرة (الانتقال من وضع الاستقرار إلى زيادة 10%). ومن جهة أُخرى، انخفضت مقبوضات الضرائب على الواردات بسرعة أكبر (هبوط قيمته 8% في الربع الأخير من سنة 1996 قياساً بالفترة نفسها من السنة السابقة، وأصبحت قيمته 18% في الربع الأول من سنة 1997 قياساً بالربع الأول من سنة 1996). وعائدات الضريبة على الأملاك - التي تكون عادة الأعلى في الربع الأول - انخفضت بحدة في بداية سنة 1997، بسبب قلة الصفقات العقارية. وخلال الفترة محور البحث، بدأ سريان مفعول التغييرات القانونية الرامية إلى توسيع قاعدة العائدات الضريبية - بما في ذلك عدم تحديث شرائح الضريبة المباشرة، وزيادة ضريبة الوقود.
في الفترة الممتدة من تشرين الأول/أكتوبر 1996 حتى كانون الثاني/يناير 1997، زادت المنافع الحقيقية الناجمة عن التأمين الوطني بنسبة 9% قياساً بالفترة نفسها قبل عام. وكانت منح البطالة على وجه التحديد أعلى في كل شهر من سنة 1996 مما كانت عليه في الأشهر المقابلة من سنة 1995، وزادت في الفترة محور البحث بنسبة 26% عن الفترة المماثلة قبل عام.
أسواق النقد والمال
إن العوامل الرئيسية التي تؤثر في قرارات صانعي السياسة النقدية هي البيئة التضخمية (التي يقوم تقديرها على أساس أمور بينها مزيج من النسب الفعلية والمتوقعة للتضخم السنوي)، وحجم النقد لدى الجمهور، وموقع سعر الصرف في نطاق التحرك، ومستوى النشاط الاقتصادي، وحال الميزانية. وقد تحركت هذه العوامل خلال الفترة محور البحث في اتجاهات متباينة [....].
في الإجمال، أظهرت مؤشرات التضخم تحسناً خلال النصف الثاني من سنة 1996، ولا سيما في الربع الأخير منها. وانخفضت توقعات التضخم إلى ما دون مستوى التضخم الفعلي - وهو ما أوحى بأن التضخم سينخفض - وإلى ما دون الحد الأعلى لهدف التضخم. وكان تحسن البيئة التضخمية، بالإضافة إلى تباطؤ النشاط الاقتصادي، السبب الرئيسي للتقليص البطيء لتكلفة القروض النقدية التي قدمها مصرف إسرائيل[إلى شبكة المصارف] في الربع الأخير من سنة 1996 وفي الربع الأول من سنة 1997.
وقد ارتفعت بصورة معتدلة في الربع الأخير من سنة 1996 وسائلُ الدفع، التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالنشاط الاقتصادي من ناحية اسمية (علاقة طردية مع فترة فاصلة)، كما ارتفعت معدلات الفائدة (علاقة عكسية). وتسارعت الزيادة في حجم النقد لدى الجمهور في كانون الثاني/يناير وشباط/فبراير، حتى إنها تجاوزت الزيادة في الموجودات النقدية للجمهور التي تحصل على فوائد.
إن حركة سعر الصرف في إطار نطاق التحرك تتحدد بقوى السوق [حركة العرض والطلب في سوق العملات الأجنبية] وباستعداد مصرف إسرائيل للتدخل في السوق. ولدى إعلان التخطيط لفرض قيود مالية سنة 1997، وهذا ما أدى إلى إنعاش التوقعات بشأن تخفيض سعر الفائدة، ارتفع سعر الصرف فوق الحد الأدنى لنطاق تحركه خلال الربع الأخير من سنة 1996 (تشرين الثاني/نوفمبر). إلا إن الربع الأول من سنة 1997، شهد تعزيزاً للتوقعات بشأن الاستمرار في انتهاج سياسة نقدية متشددة - وذلك على ما يبدو نتيجة نشر بيانات الميزانية، والفشل في تنفيذ الخطوات التي أُعلنت في تموز/يوليو 1996، وارتفاع الفائدة الاسمية؛ فتكوّن عرض إضافي كبير في سوق القطع الأجنبي، ووصل ذلك في كانون الثاني/يناير - شباط/فبراير إلى مستويات لا سابق لها. ومن أجل منع سعر الصرف من الانزلاق إلى ما دون الحد الأدنى لنطاق تحركه، اشترى المصرف المركزي كميات كبيرة من العملة الأجنبية من القطاع الخاص، ومنذ ذلك الحين ظل سعر الصرف قريباً من الحد الأدنى.
أمّا الدفوق الخارجية (من الحكومة والوكالة اليهودية، وهي مستقلة عن السياسة النقدية وعن تحويلات العملة الأجنبية) فقد وصلت مستويات عالية بصورة استثنائية، لكن مصرف إسرائيل امتص معظمها حفاظاً على الهدف النقدي، فلم تتوسع القاعدة النقدية إلا بمقدار 0,5 مليار شيكل جديد. وكانت أداة المصرف الرئيسية في الامتصاص اللجوء إلى المزاد على الودائع بالعملة المحلية، التي اتسع رصيدها بنحو 10 مليارات شيكل جديد في الفترة محور البحث، ووصلت إلى 19,5 مليار شيكل جديد بحلول نهاية آذار/مارس 1997. وبدأ المزاد على ودائع لثلاثة أشهر، لكن هذه المدة قُصرت إلى شهر واحد في شباط/فبراير، وأصبحت في آذار/مارس أسبوعاً واحداً فقط. وتستتبع الزيادة المهمة لهذه الودائع مدفوعات فوائد كبيرة، الأمر الذي يتضمن تكلفة على الميزانية.
إن القروض النقدية التي يقدمها مصرف إسرائيل إلى المصارف تقلصت بسرعة وانخفضت تكلفتها، في حين أصبحت المزادات على الودائع أرخص. وازداد الائتمان الذي يقدمه المصرف للجمهور (بمعدل شهري يبلغ 1,5% تقريباً)، لكن تكوينه تغيّر [....].
أمّا في السوق المالية، فقد ارتفع جميع مؤشرات الأسهم في الفترة محور البحث، مع انخفاض طفيف في بداية الفترة ونهايتها. وسجل المؤشر العام لأسعار الأسهم ارتفاعاً عالياً بلغ أكثر من 30% في الفترة محور البحث. وفي الوقت نفسه، ارتفع المؤشر العام لريع السندات بصورة مطردة أيضاً، وكان في نهاية الفترة أعلى بـ 8% مما كان في بدايتها، في حين أن حجم التبادل تضاف مرتين تقريباً.