ما من شك في أن هجرة اليهود السوفيات إلى إسرائيل تشكل مصدراً مشروعاً للقلق العربي والفلسطيني العميق. ولا تزال الذاكرة العربية حيّة حيال الآثار المدمرة الناجمة عن موجات الهجرة السابقة التي أدت إلى قيام إسرائيل، ومن ثم تثبيت قوام الدولة العبرية ودعم فرص بقائها. ولا يمطن الاستخفاف بمخاطر الهجرة الجديدة، كونها قد تعزز التيارات الإسرائيلية المتطرفة الداعية إلى "إسرائيل الكبرى"، أو "نقل" السكان العرب وإيجاد الوطن البديل لهم خارج أرض فلسطين التاريخية. ويبدو كذلك أن المأساة الفلسطينية في الثلاثينات والأربعينات تتكرر إذ يتوافد اليهود بأعداد كبيرة إلى فلسطين في وقت لم يُفتح مجالالهجرة إلى الدول الأخرى أمامهم، وبالتحديد الدول الغربية التي طالما حملت راية "حقوق الإنسان" وحق التنقل "الحر" بين الأمم من دون أن ينطبق ذلك، في نهاية المطاف، على اليهود الساعين لإيجاد "مأوى آمن" لهم، أو على الفلسطينيين الساعين للعودة إلى ديارهم الأصلية.
غير أنه على الرغم من المخاطر الكثيرة التي تلف مسألة هجرة اليهود السوفيات، وعلى الرغم من المواقف الغربية المنافِقَة حيالها، يبقى أنه لا بد من محاولة النظر إلى هذه الظاهرة بأكبر قدر من الدقة والتروي. ومن هذه الزاوية لعله يمكن طرح بعض التساؤلات الرئيسية في شأن طبيعة الهجرة وانعكاساتها المحتملة على إسرائيل والوضع في الأراضي المحتلة منذ سنة 1967، وذلك مع الأخذ بعين الاعتبار صعوبة التكن بمسار الأحداث خلال الفترة القريبة المقبلة، وعدم اليقين الواسع المحيط بمختلف جوانب العجرة والعوامل المؤثرة فيها.
حول أعداد المهاجرين ووتيرة الهجرة
لعل السؤال الأول يتعلق بعدد المهاجرين المحتملين ووتيرة الهجرة المتوقعة في السنوات القليلة المقبلة. وتنبع إحدى المشكلات في هذا المضمار من غياب مصادر المعلومات المستقلة والمتجردة بشأن المهاجرين؛ فعلى سبيل المثال، لم يُصدِر الجانب السوفياتي نفسه حتى الآن أية بيانات أو تقويمات واضحة عن وجهات الهجرة اليهودية الجارية أو المستقبلية. ويضاف إلى ذلك التضارب المستمر في التقديرات الإسرائيلية الرسمية وشبه الرسمية، كما أن هذه التقديرات باتت خاضعة للرقابة من جهة، وللاعتبارات الإسرائيلية السياسية الداخلية من جهة أخرى. ومع ذلك، فقد أشار آخر التقديرات الصادرة عن لجنة الهجرة والاستيعاب التابعة للحكومة الإسرائيلية في مطلع آذار/ مارس 1990 إلى أن العدد الكلي للمهاجرين السوفيات قد يصل إلى 230,000 شخص خلال هذه السنة وحدها، بعد أن كانت التقديرات الرسمية السابقة تفيد بأن عدد المهاجرين السوفيات سيصل، سنة 1990، إلى نحو 100,000 شخص. غير أن مصادر إسرائيلية أخرى معنية بمسألة الهجرة قد أقرّت بأن هذه التقديرات الجديدة تقوم على مجرد "التكهنات" القائمة على افتراض زيادة عدد أذونات الخروج التي ستمنحها السلطات السوفياتية للراغبين في الهجرة.(1) ويصل بعض التقديرات الإسرائيلية غير الرسمية لعدد المهاجرين المحتملين خلال السنوات الـ 3 – 5 المقبلة في حده الأقصى إلى ما لا يقل عن مليون نسمة، وذلك بناء على استمرار وتيرة الهجرة على النحو القائم منذ أواخر السنة المنصرمة.(2)
وطبعاً، لا يمكن تجاهل حقيقة تصاعد وتيرة الهجرة بصورة حادة ومثيرة خلال الأشهر الأخيرة. فبالمقارنة مع مجموع المهاجرين الوافدين من الاتحاد السوفياتي طوال سنة 1989 الذي بلغ نحو 13,000 شخص، وصل إلى إسرائيل خلال كانون الثاني/ يناير 1990 وحده، 4815 مهاجراً سوفياتياً. ولم تتوفر المعلومات المفصلة عن وتيرة الهجرة في الفترة اللاحقة من هذه السنة. غير أن يوسي بايلين، نائب وزير المال ورئيس لجنة الاستيعاب في الحكومة الإسرائيلية، ذهب مؤخراً إلى أنها ستستمر بمعدل 6 آلف شخص في الشهر حتى تموز/ يوليو المقبل، "ثم ستشهد ارتفاعاً درامياً" لما تبقى من هذه السنة.(3)
ويمكن التوقف عند هذه التقديرات لإبداء الملاحظات التالية:
أولاً – من الصعب بمكان تثبيت التقديرات الإسرائيلية أو نفيها. فالتقديرات .... تقوم، أساساً، على الإسقاطات المستندة إلى فترة زمنية قصيرة نسبياً (أي منذ تشرين الثاني/ نوفمبر 1989 عملياً)، والتي قد لا تكون دليلاً سليماً على وجهات الهجرة المستقبلية. وإذا كان من الواضح أن هنالك زيادة حادة في معدلات الهجرة الشهرية، فليس من الواضح – في المقابل – أنه يمكن استكمال هذه المعدلات مستقبلاً، وبالأخص على فترة الـ 3 – 5 سنوات المقبلة.
ثانياً – إن العنصر الرئيسي المتحكم في الوجهة العامة لهجرة اليهود السوفيات هو الوضع السائد في الاتحاد السوفياتي نفسه. ويستفاد من الدلائل المتوفرة كافة، أن الدافع الرئيسي الكامن وراء موجة الهجرة الجارية هو تدهور الأوضاع المعيشية داخل الاتحاد السوفياتي، بالتضافر مع صعود التيارات القومية واللاسامية المتعصبة التي تقوض الشعور بالاستقرار لدى المواطنين اليهود وتزيد في قلقهم حيال المستقبل. وإذا كان هذا صحيحاً، يمكن القول إن أي تحسن ملموس في الوضع السوفياتي الداخلي، أو في الأوضاع المعيشية والاجتماعية لليهود السوفيات بالذات، قد يكون من شأنه التقليل من دوافعهم إلى الهجرة والنزوح. وهنالك اتجاه يقول إن اليهود السوفيات الذين يتمتعون بكفاءات علمية ومهنية عالية، على العموم، سيجدون لنفسهم دوراً نشيطاً وإيجابياً في حال تجدد المجتمع السوفياتي وزيادة انفتاحه وتوجهاته الديمقراطية.
ثالثاً – تواجه إسرائيل مشكلات عملياتية – لوجستية ضخمة بالنسبة إلى عملية نقل المهاجرين بالأعداد الكبيرة المتوقعة. وفي حين تتم الجهود الإسرائيلية الدبلوماسية والسياسية والتنظيمية كافة – بما في ذلك الضغوطات الأميركية – من أجل تسهيل هذه العملية، فليس من المؤكد أن الأمور ستسير على النحو الذي تريده إسرائيل. ويدل قرار تعليق الرحلات الجوية لشركة "ماليف" الهنغاري خوفاً من الهجمات "الإرهابية"، على نوعية هذه العقبات (على الرغم من العودة عن هذا القرار في وقت لاحق). كما أن هنالك تردداً سوفياتياً واضحاً أمام فتح الخطوط الجوية المباشرة إلى إسرائيل. ويبقى من الصعب معرفة الانعكاسات التي قد تترتب على تنفيذ العمليات "الإرهابية" فعلاً ضد رحلات المهاجرين أو محطات تجمعهم في الخارج، بغض النظر عن المواقف العربية والفلسطينية الرسمية من مثل هذه العمليات. أما من ناحية أخرى، فإذا تعاظمت وتيرة الهجرة السوفياتية بالشكل الذي تتوقعه الدوائر الإسرائيلية في وقت لاحق من هذه السنة، فمن الأرجح أن ذلك سيخلق اكتظاظاً شديداً وتعطيلات وتأخيرات قد تنعكس سلباً على وجهات الهجرة، الأمر الذي قد يؤدي إلى الإحباط المتزايد لدى المهاجرين المنتظرين في الاتحاد السوفياتي أو في محطات الترانزيت في الخارج.
رابعاً – يأتي القرار السوفياتي الأخير بعدم سحب جوازات السفر من المهاجرين ليتيح افرصة – ولو نظرياً – أمام توجه المهاجرين إلى دول غير إسرائيل في النهاية. وهنالك بعض الأدلة على أن نسبة معينة من الذين يغادرون الاتحاد السوفياتي تنظر إلى مجيئها إلى غسرائيل أنه "خطوة موقتة" تسبق الانتقال إلى أماكن أخرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة. ويجدر التذكير بأن نسبة "التساقط" بين المهاجرين اليهود الذين غادروا الاتحاد السوفياتي وصلت إلى 98% في بعض الحالات في النصف الأول من السنو الفائتة. وإذا كانت فرص مثل هذه الهجرة الموقتة تعتمد، بطبيعة الحال، على إمكان الحصلو على تأشيرات الدخول إلى الدول الغربية الأخرى، فقد شهدت إسرائيل هجرة مضادة واسعة في السنوات الأخيرة، وهي تنطوي على احتمالات قائمة في المستقبل.
هنالك العديد من الحجج المضادة لهذه النقاط كافة؛ فالأعداد الضخمة المتوقعة من المهاجرين اليهود لا تستند إلى وتائر الهجرة الماضي فحسب، بل إلى عدد طلبات الهجرة التي تلقتها السلطات الإسرائيلية من اليهود السوفيات أنفسهم. ومن ناحية أخرى، إذا ما تدهور الوضع السوفياتي الداخلي – وهذا أمر ممكن – قد تزداد حوافز النزوح لدى اليهود كغيرهم من المواطنين السوفيات. وكذلك ليس من المستحيل أن تنجح إسرائيل في تجاوز الكثير من العقبات اللوجستية التي ترافق انتقال المهاجرين، إذا ما نجحت في الحصول على الدعم المالي الكافي لذلك، وعلى التعاون الكامل من قبل السلطات السوفياتية ودول أوروبا الشرقية على وجه التحديد. ويضاف إلى ذلك، أن ظاهرة الهجرة الموقتة قد تتقلص في حال مواجهة المهاجرين "العابرين" لصعوبات جمة في الحصول على حقوق الهجرة إلى الدول الأخرى.
غير أن هذا لا يعني بالضرورة أن السيناريوهات الإسرائيلية "المتفائلة" حيال هجرة اليهود السوفياتي ستتحقق بكاملها. وإذا كان بعض الأوساط الإسرائيلية يرى من مصلحته تضخيم مسألة الهجرة للغضط على الجانب العربي سياسياً ونفسانياً، فمن مصلحة الجانب العربي في المقابل عدم الانجرار وراء الفرضيات والتوقعات الإسرائيلية انجراراً عشوائياً. وليس المقصود هنا أبداً التقليل من حجم التحدي المقبل (أو المحتمل)، بل مجرد الدعوة إلى عدم الإقرار بـ حتمية التنبؤات الإسرائيلية في أوضاع متقلبة وسريعة التبدل.
حول قدرة إسرائيل على استيعاب المهاجرين
يدور نقاش واسع في إسرائيل بشأن مسألة استيعاب هذا الدفق من المهاجرين، وآثار ذلك في الاقتصاد الإسرائيلي الذي ما زال يعاني أعباء وضغوطات شديدة. ويمكن النظر إلى مسألة الاستيعاب من الزاوية التالية:
تواجه إسرائيل مشكلة بطالة عالية تصل إلى نحو 9%. وقد ارتفعت إلى رقم قياسي في كانون الثاني/ يناير من هذه السنة؛ إذ بلغ مجموع الذين سجلوا أنفسهم عاطلين عن العمل لدى دائرة التوظيف الرسمية 94,500 شخص، أي بزيادة قدرها 30% عن العدد المسجل لدى هذه الدائرة في هذا الوقت نفسه من السنة الماضية. وقد أشار المدير العام للدائرة إلى أن الأرقام الأخيرة لا تأخذ بعين الاعتبار الهجرة السوفياتية الواسعة الجارية، كما أنه توقع أن يزداد الأمر سوءاً في الأشهر المقابلة مع دخول المهاجرين السوفيات سوق العمالة. وفي الوقت نفسه، أعرب المدير العام لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية عن اعتقاده أن الأمور ستسير نحو الأفضل في الأمد البعيد، بناء على افتراض حفز موجة الهجرة لـ"عجلات الاقتصاد، بما سيخلق طلباً متزايداً على العمالة الجديدة." لكن الواقع أن الهجرة السوفياتية الراهنة تتميز بأنها تشتمل على نسبة عالية جداً من المهنيين والأكادميين، مما يعني أن طبيعة العمل الذي سيسعى هؤلاء له تقتصر على بعض المجالات أو القطاعات المتخصصة من الاقتصاد. ولن يكون من السهل نشرهم بشكل متوازن داخل الاقتصاد الإسرائيلي ككل من ناحية مبدئية على الأقل. وتفيد دراسة حديثة العهد عن التوزع المهني للمهاجرين الجدد، بأن 53,6% منهم من الأكاديميين، و 22% من الإداريين والتجار والعاملين في قطاع الخدماتـ و21,3% من العمال المهنيين، و3,1% من ذوي "المهن الأخرى" غير المحددة.(4) ويستفاد من التقديرات الإسرائيلية أن هذا التوزيع سينطبق، بصورة عامة، على أكثر المهاجرين السوفيات المتوقع وصولهم إلى إسرائيل خلال الفترة القريبة المقبلة. وتمكن المشكلة في أن إسرائيل تعاني منذ مدة من جراء فائض من الأكاديميين والعلماء والمدرّسين والأطباء بصورة خاصة، وهم الذين شكلوا رأس حربة موجات الهجرة المضادة في الثمانينات إلى الولايات المتحدة. وهذا بدوره يثير عدة إمكانات: إما توسيع القاعدة العلمية والتقنية والصناعية المحلية توسيعاً رئيسياً لاستيعاب هذه الطاقات الجديدة، وإما إعادة تأهيلها وتوجيهها نحو قطاعات أخرى، من الاقتصاد، وإما "خسارة" نسبة عالية منها عبر سوء الاستغلال من جهة، أو "نزيف الأدمغة" من جهة أخرى. وفي الأحوال كافة، تشير المصادر الإسرائيلية إلى أنه سيكون من الضروري القيام بجهود ضخمة من أجل تعليم المهاجرين (من الانتماءات الاجتماعية – المهنية كافة) اللغة العبرية، ثم إيجاد سبل التوفيق بين مستويات التعليم والتأهيل السائدة في إسرائيل "الغربية" الطابع في الأساس، ومستويات التعليم والتأهيل السوفياتية "الشرقية".
غير أن مشكلة الاستيعاب لا تتوقف عند مسألة التوظيف أو التأهيل. فهنالك مجموعة من العوامل الأخرى التي من شأنها أن تتفاقم في الفترة القريبة المقبلة. وعلى سبيل المثال، فقد بدأ بعض الدوائر الدينية، بما في ذلك الحاخام آرييه ديري من حزب "شاس" ووزير الداخلية في حكومة الائتلاف الوطني السابقة، بالدعوة إلى ضرورة التأكد من الهوية اليهودية للمهاجرين الجدد، والتشدد في تطبيق "قانون العودة" عليهم. وقد أثار مثل هذه المواقف استياء الأوساط الليبرالية، علاوة على استياء مجموعات المهاجرين أنفسهم. هكذا، فقد أعلن رئيس "رابطة المهاجرين السوفيات في إسرائيل" أن من شأن هذه القضية أن تؤدي إلى "التظاهرات الواسعة النطاق"، أكثر من أية قضية أخرى، بما في ذلك مسألة الإسكان وفرص العمالة. ويذهب أحد التقديرات الإسرائيلية إلى أن ما لا يقل عن 30% من اليهود السوفيات، لا يُعتبرون من اليهود الأصليين بحسب الطقوس اليهودية الأرثوذكسية. وليس من الصعب التكهن بأن هذه المشكلة قد تتفاقم مع مجيء أعداد كبيرة من المهاجرين السوفيات خلال فترة قصيرة نسبياً، كما أن التوترات بين التيارات الدينية والعلمانية قد تزداد في حال استمرار الأحزاب الدينية في التأثير الحيوي في وجهات الحكم في إسرائيل.
تشكل مسألة التمويل جانباً رئيسياً من مشكلة الاستيعاب بطبيعة الحال. وبحسب المعلومات المتوفرة فقد رصدت الحكومة الإسرائيلية مبلغ 400 مليون دولار كاقطاع مبدئي لاستيعاب 40,000 مهاجر جديد (في مجال الإسكان والتوظيف... إلخ) في ميزانية سنة 1990 التي أُقرت في وقت سابق من هذه السنة. غير أن من الواضح أن هذا المبلغ لن يكون كافياً لتغطية تكلفة استقبال واستيعاب الأعداد الأكبر كثيراً التي بات من المتوقع أن تصل إلى إسرائيل خلال السنة الجارية. هكذا، فمن المقرر أن تزيد الحكومة في مخصصاتها لهذا الغرض بنحو 3,5 ملايين دولار (7 مليارات شيكل)، إضافة إلى 1,5 مليار دولار (3 مليارات شيكل) كانت قد خصصت في السابق للمهاجرين. غير أن ذلك، بذاته، لن يكون كافياً. وتعمل الحكومة والدوائر الرسمية المعنية بالتنسيق الكامل والتعاون مع الوكالة اليهودية والمنظمات اليهودية والصهيونية الأخرى في الخارج. وكانت الوكالة اليهودية قد أقرت مؤخراً ميزانية خاصة تبلغ 1,2 مليار دولار لاستيعاب 165,000 مهاجر خلال السنتين المقبلتين. كما أن "اتحاد الجباية اليهودية" (أهم تنظيمات الجباية في الخارج) قد أعلن التزامه جمع مبلغ 600 مليون دولار (منه 420 مليون دولار من اليهود الأميركيين) لهذا الغرب وحده، وذلك علاوة على الجباية السنوية العادية.(5)
وتشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن التكلفة الكلية لنقل واستيعاب عائلة تتألف من 3 أشخاص من اليهود السوفيات (وذلك ضمن إطار ما يسمى "الاستيعاب المباشر" إذ يتم نقل المهاجرين الجدد مباشرة إلى مراكز الإسكان والعمل) تصل إلى نحو 15 ألف دولار، بما في ذلك تكلفة السفر من الاتحاد السوفياتي. ويبدو أن وزارة الهجرة والاستيعاب تتقاسم هذه بالمناصفة تقريباً مع الوكالة اليهودية.(6) لكن بالإضافة إلى مثل هذه التكاليف المباشرة، هنالك تكلفة تطوير البنية التحتية للاقتصاد الإسرائيلي، بما في ذلك بناء المساكن الجديدة للمهاجرين. ويفيد تقرير حديث العهد لبنك "هابوعاليم" الإسرائيلي، بأنه في حال وصول 100 ألف مهاجر جديد هذه السنة، فستضطر إسرائيل إلى استثمار نحو 7 مليارات شيكل جديد (3,5 مليارات دولار) في البنية الاقتصادية التحتية، يضاف إليها 5,5 مليارات شيكل (نحو 2,2 مليار دولار) لاستحصالات العتاد الرأسمالي. وكذلك ستضطر إسرائيل إلى زيادة عدد الشقق التي يتم بناؤها بنسبة تزيد على ضعفين ونصف وتيرة البناء الحالية. وحتى في حال زيادة النمو الاقتصادي الكلي نتيجة زيادة الطلب، فستصل نسبة الدين الخارجي إلى نحو 40% من مجمل الدخل القومي الإسرائيلي.(7) ومن البديهي أن حجم المشكلة سيتضاعف في حال وصول أكثر من 100 ألف مهاجر.
لقد نجحت إسرائيل في تطوير اقتصادها في العقود الماضية بالاستناد إلى المعونات الخارجية الضخمة، منها أكثر من 40 مليار دولار من المعونة الأميركية الرسمية منذ سنة 1948، و36 مليار دولار من التعويضات الألمانية (التي دفعت إلى الحكومة الإسرائيلية والأفراد اليهود المتضررين من الحكم النازي)، ومبالغ مماثلة من التبرعات التي جمعتها وكالات الجباية اليهودية في الخارج. وحتى على افتراض استمرار نجاح إسرائيل في الحصول على مستوى عال من المعونة الخارجية، فإن الدولة العبرية ستواجه على الأرجح ضغوطاً اقتصادية شديدة تنبع من تضارب الأولويات، ومشكلات التخصيص، وضرورة إيجاد سبل الاستغلال الاقتصادي الفعال لدفق المهاجرين المتوقع. وقد يثير مثل هذه الضغوط إشكالات اجتماعية – سياسية عديدة:
أولاً – لقد بدأت أوساط اليهود الشرقيين، وبالأخص عمدة "مدن التطوير"، بالتذمر حيال إعطار المهاجرين السوفيات الأولوية الاقتصادية والدعم الحكومي المباشر. وهذا قد ينذر بخلق توترات اجتماعية – سياسية جديدة بين السفارديم (اليهود الشرقيين) والإشكناز (اليهود الغربيين، بمن فيهم اليهود السوفيات).ونظراً إلى أن اليهود الشرقيين طالما اعتبروا أن المؤسسة الأشكنازية تنظر إليهم كمواطنين من الدرجة الثانية، فليس من الواضح أن عملية تخصيص الأموال الضخمة لاستيعاب المهاجرين الأشكناز الجدد ستتم من دون إثارة النزعات الإثنية الحادة داخل إسرائيل. ويقول لوفا إلياف، عضو الكنيسن عن حزب العمل وأحد كبار المعنيين بإدارة موجات الهجرة السابقة منذ الأربعينات، أنه "إذا قمنا، لا سمح الله، باستيعاب المهاجرين الروس ووضعناهم في مرتبة أعلى من طبقة المحتاجين، وأكثرهم من أصل شرقي... فسيكون هناك صدام مباشر بينهم. وسيثور السفارديم وسيكون ذلك من مقهم." ويدعو إلياف إلى وضع المهاجرين الجدد في أدنى درجات السلم الاجتماعي – الاقتصادي "كي يبدأوا من الأسفل، تماماً كما كان الحال بالنسبة إلى السفارديم في الخمسينات."(8) لكن مثل هذا العلاج ينطوي بدوره على مخاطر جمة، منها إحباط اليهود السوفيات، وزيادة خيبة أملهم بإسرائيل، وخصوصاً أن دافعهم الأكبر إلى الهجرة هو بالذات من أجل ضمان مستواهم المعيشي الرفيع نسبياً. وضمن التركيبة السياسية الإسرائيلية القائمة، من المستبعد أن يلجأ أي من الأحزاب الرئيسية إلى سياسة تهدف إلى "قهر" اليهود السوفيات عمداً، بل الأرجح أن يزداد التنافس الداخلي في شأن من يستطيع أن يقدم "الأفض" لهم، على صعيد الخدمات ومستلزمات المعيشة اليومية.
ثانياً – من الواضح أن المواطنين العرب من سكان إسرائيل سيواجهون كذلك صعوبات وتحديات جديدة. وسيزداد الوضع السيىء حالياً للمواطنين العرب، إن كان ذلك من حيث فرص العمل (بالأخص في المجال الأكاديمي والعلمي)، أو من حيث الخدمات الرسمية التي ترصدها الدولة للمدن والخدمات الاجتماعية في القطاع العربي عامة. وقد انعكس ذلك في الحملة العلنية التي قادتها حركة "أبناء البلد" ضد هجرة اليهود السوفيات، باعتبار أن هذه الهجرة "ستصعد من التمييز العنصري الذي يعانيه العرب"، كما أن الصعوبات الاقتصادية الآنية التي تواجه المواطنين العرب قد انعكست في الإضراب الأخير لمجالس البلديات العربية في إسرائيل نتيجة رفض وزارة المال تنفيذ التزامها في شأن تغطية ديون البلديات العربية. ومن الجدير بالذكر أن وزير شؤون الأقليات، إيهود أولمرت، كان قد اعترف بأن المجالس العربية "محرومة" قياساً بمثيلاتها اليهودية، غير أنه حذر من أن الحملة ضد هجرة اليهود السوفيات ستقلل من فرص تحسين الأوضاع العربية المعيشية. كما أعلن رئيس مكتب الإعلام في الحكومة الإسرائيلية يوسي أولمرت، من جهته، أن حملة "أبناء البلد" تشكل تطوراً خطراً "مما يهدد الأسس التي تقوم الدولة عليها – تجميع يهود الشتات." وأضاف أن المواطنين العرب الذين يحتجون على الهجرة السوفياتية "يشاركون في الحملة العالمية التي تقودها م. ت. ف. في هذا المضمار."(9)
وفي ظل حقيقة كون نسبة البطالة بين المواطنين العرب في إسرائيل تصل إلى 15% في مقابل 9% لليهود، ليس من الصعب تفهم المخاوف العربية حيال استمرار وتائر الهجرة السوفياتية العالية. غير أن الأهم من ذلك أن هنالك توجهاً لدى الكثيرين من المخططين الإسرائيليين – وبالتحديد أولئك المقربين من حزب العمل – لتحويل هجرة اليهود السوفيات إلى مناطق الكثافة السكانية العربية، أي في الأساس إلى منطقة الجليل حيث توجد أغلبية عربية في الوقت الحاضر. ويرى البعض أن الهجرة السوفياتية ستتيح المجال أمام قلب الموازين الديموغرافية في مثل هذه المناطق الحساسة، "بغية قطع الطريق أمام النزعات العربية الاستقلالية" في المستقبل. وبكلام آخر، وحتى في غياب حملة إسرائيلية رسمية منظمة لإسكان المهاجرين السوفيات عبر الخط الأخضر في الأراضي المحتلة منذ سنة 1967، فمن الأرجح أن تركز الجهود الإسرائيلية على استغلال هذه الهجرة لغايات سياسية – استراتيجية تتعلق بالميزان الديموغرافي الداخلي. وهذا سيكون من شأنه زيادة حدة التوتر العربية – اليهودية داخل إسرائيل نفسها، وخصوصاً أن عملية التوطين اليهودي في الجليل (أو في النقب حيث توجد أغلبية من البدو العرب) ستتطلب، بطبيعة الحال، مصادرة الأراضي العربية على نطاق واسع.
وعلى صعيد آخر، يجدر التساؤل عن أثر الهجرة السوفياتية في فرص العمل لسكان الضفة الغربية وقطاع غزة، الذين يعملون حالياً في إسرائيل. وعلى الرغم من أن أغلبية العمال من الأراضي المحتلة الذين يعبرون الخط الأخضر تعمل في المهن والوظائف التي لا تستقطب العمال اليهود، فإن "إعادة خلط" التركيبة الاجتماعية في إسرائيل قد تدفع نحو المزيد من التنافس ما بين عرب الأراضي المحتلة من جهة والمواطنين العرب من سكان إسرائيل و/أو العمال اليهود المدفوعين إلى أسفل السلم الاجتماعي من جهة أخرى. وهذا قد ينعكس على الوضع السياسي في الأراضي المحتلة، كما أنه قد يزيد في حدة التوترات الداخلية في إسرائيل.
تذهب الرؤية الإسرائيلية المتفائلة إلى أن الدولة العبرية نجحت في استيعاب موجات الهجرة السابقة، وبالتالي فإنها ستنجح في استيعاب هذه الموجة الأخيرة، على الرغم من الصعوبات التي قد تواجهها. غير أن أوضاع الهجرة الجديدة تختلف عما مضى، إنْ كان ذلك من حيث أثرها المتوقع في البنية الاجتماعية القائمة، أو من حيث الوضع الاقتصادي السائد، أو فيما يتعلق بإفرازات الهجرة في مجال العلاقات العربية – اليهودية داخل إسرائيل وفي الأراضي المحتلة. وإذا كان من الصحيح ان الهجرة السوفياتية تشكل تحدياً خطراً للجانب العربي، فليس من الصعب القول إنها تشكل تحدياً حيوياً لإسرائيل في المقابل.
الهجرة السوفياتية والاستيطان في الأراضي المحتلة منذ سنة 1967
تدل الإحصاءات الإسرائيلية على أن اليهود السوفيات قد توجهوا (حتى منتصف شباط/ فبراير ) إلى مراكز السكن في المناطق التالية: في الشمال 24,7، في الوسط 58,2%، في الجنوب 9,5%، في القدس 7,2% ، عبر الخط الأخضر (أي الضفة والقطاع) 0,4%،(10) وطبعاً، لا تشكل هذه الإحصاءات – إن صحّت- دليلاً قاطعاً على التوزيع المستقبلي للمهاجرين بين هذه المناطق المختلفة. وبالتالي، فإن الحجة القائلة ان عدد الذين استوطنوا الضفة والقطاع وحتى القدس الشرقية، ليس كبيراً حتى الآن ليس من شأنها أن تطمئن الجانب العربي. غير أن هنالك العديد من الاعتبارات المهمة في هذا المجال:
أولاً – تشير أكثر الدلائل إلى أن أغلبية المهاجرين السوفيات الجدد لا تحركها الدوافع الأيديولوجية الصهيونية المتطرفة. وعلى الرغم من أن هذه الصورة لا تستند إلى الإحصاءات أو الاستفتاءات الميدانية الدقيقة والموضوعية – وهي تنبع في الأساس من التقارير الإسرائيلية والغربية والصحافية – فإن هنالك شبه إجماع على أن اليهود السوفيات يفضلون، بالدرجة الأولى، العيش داخل إسرائيل نفسها وفي المدن الكبرى المعروفة على وجه التحديد. ويبدو كذلك أن المهاجرين الجدد يميلون – من ناحية مبدئية – إلى الاستقرار في المناطق التي توجد فيها تجمعات قائمة من اليهود السوفيات، حيث لهم أقرباء وأصدقاء ومعارف... إلخ. هكذا، يمكن القول إن غياب الاعتبارات الأيديولوجية القوية من جهة، والسعي الطبيعي نحو العيش في بيئة مدينية بين أناس من خلفية وأصل مماثلين من جهة أخرى، قد يقللان من حوافز التوجه إلى الأراضي المحتلة (غير القدس) في الأمدين القريب والمتوسط على الأقل.
ثانياً – ما من شك في أن الانتفاضة تشكل عامل ردع يساهم في الحد من إمكانات الاستيطان في الأراضي المحتلة، وخصوصاً في ظل اهتمام المهاجرين الأولي بالابتعاد عن "مصادر الشغب" وعدم الاستقرار. وإذا كانت الانتفاضة قد ساهمت في لجم النزعات الاستيطانية عند الإسرائيليين العاديين، كما يتبين ذلك في وتائر الاستيطان خلال السنتين الماضيتين، فليس هنالك ما يدعو إلى الاعتقاد أنها سـتأتي بمفعول معاكس بالنسبة إلى المهاجرين السوفيات.
ثالثاً – لقد ساهمت مسألة الهجرة السوفياتية في إعادة تسليط الأضواء على السياسات الإسرائيلية الاستيطانية بصورة عامة. وقد برز ذلك بوضوح في المواقف الدولية الرافضة للاستيطان، بما في ذلك مواقف الإدارة الأميركية نفسها من هذه المسألة. هكذا، فإن اندفاع اليهود السوفيات بأعداد كبيرة إلى الأراضي المحتلة قد يثير الصعوبات السياسية والدبلوماسية المتزايدة لإسرائيل، كما أنه قد يعرض المعونة الأميركية الحيوية لعملية "الاستيعاب" لأخطار جديدة.
لكن في مقابل مثل هذه الكوابح أمام إمكانات الاستيطان، هنالك العوامل التالية:
أولاً – لا يزال من الصعب التكهن بالوجهات السياسية المحتملة للمهاجرين الجدد. وإذا صحت التقديرات الإسرائيلية في شأن "عدم تسيّس المهاجرين إلى حد بعيد، يبقى المجال مفتوحاً أمام توجههم نحو اليمين في وقت لاحق. ومما قد يدعم هذا الاحتمال ردات الفعل الأولية السلبية حيال حزب العمل "الاشتراكي"، على اعتبار أن هذه "الاشتراكية" تشكل امتداداً لـ "الشيوعية" غير المرغوب فيها في الاتحاد السوفياتي نفسه. ومن المؤكد أن الأحزاب اليمينية كافة ستقوم بجهود مكثفة من أجل استقطاب المهاجرين الجدد، مما يعني أن قاعدة اليمين الشعبية قد تتوسع على حساب حزب العمل. ومن انعكاسات ذلك الممكنة، زيادة استعداد اليهود السوفيات للاستيطان في الأراضي المحنلة في مراحل لاحقة، أو دعم الحركة الاستيطانية ككل، حتى لو كانت المشاركة اليهودية السوفياتية المباشرة فيها محدودة. يضاف إلى هذا أن اليهود السوفيات الذين هاجروا إلى إسرائيل خلال السبعينات، والذين جاؤوا بدوافع أيديولوجية صهيونية قوية (بحكم كونهم من "المنشقين محبي صهيون") قد يؤثرون في توجهات المهاجرين الجدد السياسية، وفي استعدادهم للتجاوب مع الطروحات الإسرائيلية اليمينية.
غير أن ذلك يبقى قابلاً للنقاش. ويقول لوفا إلياف ان الفترة الأخيرة شهدت تراجعاً في الميول اليمينية لدى المهاجرين السوفيات الذين جاؤوا إلى إسرائيل في العقد الماضي. ويرى إلياف أنه في حال اتخاذ الليكود للمواقف "الوسطية" (كتلك التي يعبر شلومو لاهط وإيلي لنداو عنها مثلاً) فستكون هنالك فرصة لاستقطاب المهاجرين الجدد. أما في حال استيلاء أريئيل شارون وأمثاله على الليكود، فإن ذلك سينفر اليهود السوفيات. ويعترف إلياف بأن حزب العمل سيواجه مشكلة في التعامل مع الوجهات السياسية المحتملة للمهاجرين الجدد، غير أنه يرى أن فرص الحرب ستتحسن في هذا المجال إذا ما تبنى موقفاً واضحاً من عملية السلام. ومن هنا، يمكن القول ان مسألة توجهات اليهود السوفيات السياسية لن تحسم قبل مرور فترة من الزمن، كما أن ذلك سيتوقف إلى حد بعيد على بلورة المواقف داخل الأحزاب الإسرائيلية نفسها.
ثانياً – إذا كان من الصحيح أن الانتفاضة تشكل رادعاً أمام استيطان اليهود السوفيات، فليس من الوضاح أن المهاجرين الجدد يدركون أبعاد الحركة الشعبية في الأراضي المحتلة أو طبيعة الصراع الدائر فيها. وهنالك ما يشير إلى نوع من السذاجة السياسية لدى الكثيرين من المهاجرين، مما قد يقوض من عامل الردع هذا. أما من ناحية أخرى، فإن الحوافز المالية التي تقدمها السلطات الإسرائيلية للمستوطنين قد تؤثر في مواقفهم من السكن عبر الخط الأخضر، وخصوصاً إذا ما كانت إسرائيل مقبلة على أزمة سكن حادة. هكذا، فقد يتوجه اليهود السوفيات إلى الأراضي المحتلة لا للأسباب السياسية أو العقائدية، بل بدافع العوامل الاقتصادية الصرفة: السكن الرخيص نسبياً والوحدات السكنية الأكبر... إلخ، أي بالذات تلك العوامل المؤثرة في نسبة عالية من المستوطنين الحاليين.
ثالثاً – حتى على افتراض عدم اهتمام الأغلبية العظمى من اليهود السوفيات بالاستيطان في الأراضي المحتلة، يبقى أن الضغوط الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن دفق المهاجرين (وبالأخص في حال ارتفاع تكلفة السكن في المدن الكبرى) قد تزيد في حوافز قطاعات أخرى من الإسرائيليين على الاستيطان خلف الخط الأخضر. وبكلام آخر، إذا ما أُعطي المهاجرون الجدد أولوية في مجال الإسكان، فقد يخلق ذلك نوعاً من "الانزلاق" العفوي في اتجاه المساكن الرخيصة في الأراضي المحتلة.
بيد أنه يمكن التساؤل عن قدرة إسرائيل في النهاية، على تخصيص الموارد الكافية لاستيعاب المهاجرين الجدد وإسكانهم وتجديد البنية التحتية الاقتصادية، والاستمرار في دعم المستوطنين ومدهم بالحوافز المالية، وتحمل الأعباء المالية الناجمة عن الانتفاضة، والاستمرار في سد الحاجات الأمنية المرئية، والحيلولة دون بروز الثغرات الاقتصادية – الاجتماعية الحادة بين المهاجرين السوفيات واليهود الشرقيين، وتخصيص الأموال الكافية للحد من احتمالات الفتنة العربية – اليهودية... إلخ، وفوق ذلك إحياء وتطوير مشاريع الاستيطان الواسعة في الأراضي المحتلة منذ سنة 1967 من دون استثارة ردات الفعل السلبية الحادة، حتى من قِبَل الأطراف الدولية الصديقة مثل الولايات المتحدة. وإذا كان جدول الأعمال هذا ليس مستحيلاً، فإن إمكان تنفيذه بالكامل يبقى غير مؤكد في أفضل الأحوال. ويشير هذا إلى أن إسرائيل ستضطر إلى النظر إلى السلم أولوياتها ناتقائية متزايدة، من دون إن يستتبع ذلك أن عملية الاستيطان في الأراضي المحتلة ستكون ضحية لإعادة جدولة هذه الأولويات.
المصادر:
(1) Jerusalem Post (Weekly), March 10, 1990.
(2) Ibid., February 17, 1990.
(3) Ibid., March 10, 1990.
(4) Ibid., February 17, 1990.
(5) Ibid., February 17, 1990; February 24, 1990; March 10, 1990.
(6) Ibid., February 17, 1990.
(7) Ibid., February 24, 1990.
(8) Ibid.
(9) Ibid., March 10, 1990.
(10) Ibid., February 17, 1990.