The Lost Image
Full text: 

 محمد الزعتر كيف يراه الله؟ كيف يرى الله هذا الفيلم من عُزلته منذ مئة عام منها... منذ مؤتمر بازل ١٨٩٧ حتى إشهار آخر. هو السميع البصير. هو الذي يستطيع أن يراه مُسرَّعاً.. ويبطِّئهُ ساعة شاءْ وحده القادر على إيقاف الصورة.. ستوب كادر! هو باسوورد كل صوت وصورة. ربّ السرد المتشظي. كيف يرتب الملفات... عناوين أسماء تواريخ ألواناً نوطات موسيقية!   ليس سهلاً عليه في كل ما يرى فصلُ "العائد إلى حيفا" عن "العائد إلى حمص"، باسل شحادة عن باسل الصفدي؛ أولاد الغيتو عن "أولاد الغيتو"؛ جدار برلين عن جدار فلسطين عن جدار الزمن العازل؛ ثقب الزمن بالزمن؛ زمن المحرقة يستوطن زمن الفلسطينيين، يحرقه من الزمن، يعزله، يؤلف جدار زمن عازلاً؛ الخدعة السينمائية الرقمية "ريبلايس؛ كيب بوث؛ ديليت" (replace; keep booth; delete).   إنغريد بيرغمان تلعب غولدا مئير بدلاً من مهيبة خورشيد؛ ضحايا تقتل الضحايا؛ مياومون يقتلون توائمهم ويرمونهم في قبر الصورة، يُرقّمون جبينهم من الصفر إلى اللانهاية، كي لا تتوه... يا... الله. أنت الذي يرى أوديسة الـ "د. ن. أ.".. لأحمد الزعتر ومحمد الزعتر محمد... صديق طفولتي الذي "مضت الغيوم وشرّدته. ورَمتْ معاطِفَها الجبالُ وخبّأتهُ" في قرية الرامة، مسقط رأسه وربما رأسي.. يومَ لا ماء ولا كهرباءْ.. لا مدارس ولا ألف باءْ. يصعد قمّة الجبل.. نهاية العالم. قدماه في الوحل ورأسه في السماء.   محمد الذي سيكبر وأكبر ويتَعتَّر فيتعسكر ويحاصر تل الزعتر "نازلاً من نحلةِ الجرح القديم" إلى "جيش الدفاع" ـ "سرايا الدفاع"، يحاصر تل الزعتر. كان محمد... صار محمد الزعتر. في الصورة المفقودة كنت وكان. أجيء من اللاذقية إلى الرامة. نصعد قمّة الجبل.. أروي اللاذقية. ويغني العتابا. كان لا يُشقّ له غبار في ركوب الحمير. ثم ركب الـ "ت ٦٢" التي لا يُشقّ لها غبار.. وحاصر المخيم. هذا ليس سخرية عنصرية من فقراء يأتون من خلف البقر ويضحكون لصورتهم في زجاج العواصم... هذا حزن وسينما. السينما عين الله الثلاثية الأبعاد.. فيها كنت وكان. كان أشقر أخضر العينين. صار عسكرياً وصرت سينمائياً. صار يفخر بي وأحبّهُ. هو الذي يجلس أمام كاميرتي في فيلم "خطوة خطوة"، أسأله: "هل ستَقتُل؟" ويجيب: "مْمْمْ". طلبت منه ألاّ ينظر في العدسة.. كم كنت ساذجاً.. ليته نظر في العدسة.. لرأيتم عينيه.. جمالٌ قاتل.   الصورة المفقودة في البدء كانت فلسطين. ولدتُ فرأيتها.. تسكن بيتنا.. الغرفَ والمنامات. لم يكن لها صورة.. فتصوَّرتُها. صورة بلا صورة. حُبّ من المخيلة الأولى.. قبل الأخوين لوميير والأخوين تافياني والأخوين كوهين.. والأخوين أسدْ. لم نكن نملك راديواً ولا تلفزيوناً. كنّا نتفرج على الصورة في الشعر. كان امرؤ القيس والجاهليون والمتنبي وابن زيدون والبدوي والمجنون يضيئون الفقر بالشعر. تنقر الصورُ الزجاج.. وحَبُّ البَرَد. لم أحلم بأن أكون سينمائياً كنت أحب أن أكون بطلاً في فيلم الله. بطل عادل يُفتّت الظلم في فيلم من شخصيتين هما العدل والظلم في انتخابات الحواس حلَّتْ فلسطين محل الله. تنحّى فكانتْ.. فعبدتها. عبدت "إلهاً لا أراه. لا صورة له." وحين لم أكن قد رأيت الفلسطيني بعد.. رأيته بعدسة المخيلة. كان هو أنا. أنا الفلسطيني بطل الفيلم.. فيلم الله.. فلسطين.. الصورة المفقودة.   .... رأيتها في الصوت إلى عرب النكبة عزّة الثورة. إلى الزاحفين غداً على بطاح الجليل وكثبان النقب إلى رافعي العلم العربي في سماء يافا وقمّة الكرمل.. إليكم صوت فلسطين من دمشق سحرني الصدى.. الـ "بِطاحْ".. "آآآحْ" والـ "كُثبانْ".."باآآآن" "بانَتْ سعاد".. رأيت فلسطين.. بَلغتُها.. بلغتُ في الصدى.. بلوغاً بلا أنثى.. بلا صورة. في الليل أتسلل إلى الأرض المحتلة سلاحي في يميني "لتحمل بعدنا الأجيال منجل".. لا أقتُل ولا أُقتَل. وكنت أرى صورتي على الملصقات. الشهيد الفلسطيني البطل أسامة محمد. بدأتْ علاقتي بالسينما من عملياتي الفدائية. من حيرتي في تكوين ملصق الشهادة. من زاوية النظر.. والنظرة.. الابتسامة ؟ أم العبسه؟ من الإضاءة على العين.. من لون الخلفية. من موقع الملصق في شوارع اللاذقية.. من نوافذ الفتيات يستيقظن فيرونني فيبكين:   "له الهتافُ.. له الزفافُ.. وكل شيء كل شيء كل شيءْ" فأنام في المنامْ. ارتطم المنام بمدرج المطار.. استيقظت في موسكو.. الطريق إلى فلسطين تمر بموسكو..   وكان لا يفصلني عنها إلاّ امتحان القبول في معهد السينما وإشارات المرور.. الأحمر نصرٌ على الفاشية ـ الأخضر فلسطين. كنت قد قرأت "ما العمل؟" لينين.. واختزلته في ابتسامة إلى "الحقيقة كل الحقيقة للجماهير" و"حرب التحرير.." وصورة غسان كنفاني. والشعر. اجتزت جهنم الامتحان بابتسامة.. وقفت أمام المعلم "طالانكين".. وقلت: "أريد أن أغيّر العالم".. وابتسمت. فدخلت باب السينما. يكرر الله في "فيلم الله" مشهد الذروة (قابيل وهابيل) فيواجه الشخصية بمرآتها. هذه المرة وضعني في لقطة واحدة خمسة أعوام مع "أبراموف". كان "أبراموف" أقصر مني بنصف سنتمتر وهذا ما لا يحدث دوماً.. لا بد من أن الله اختارنا هكذا كي لا يغير من ارتفاع الكاميرا. كان الـ "يهودي الأول" في حياتي. فمنحتُه جلّ أحاسيسي. كانت المنازلة بيني وأبراموف صراعاً على الحضارة لإغواء العالم الأشقر.. حوار مشفّر ينتحل الفلسفة والأدب والسينما... ومكارم الأخلاق. كان النقاش يبدأ من بدء الخليقة. يعيد تحميض وتظهير الصورة ويُبطئها ليطيل من وجود "الملك شاؤول" في فلسطين.. ويترك لـ "فأرة" المخيلة أن ترى في الهجرة الاستيطانية حقّ العودة.. فأسرِّع الفيلم. أكُرُّهُ. إلى ما قبل بدايته.. قبل العناوين ليُنشدَ الكنعانيون.. والسموأل العربي اليهودي "أنا يا أخي.." أبني جدار الفصل بين الدولة والدين. يعود إلى الوراء فأعود به فنلتقي في الما وراء. كان علينا أن ننهي منازلة العام الأول بالفيلم الأول. طرت والكاميرا إلى "فلسطين من دمشق" لأغيّر العالم. في دمشق عانقني "محمد" وخلع سترته المبرقَعة وأشهَرَ عضلاته وضحك فدخلت في بيروت.. عبرت الحرب الأهلية والمدن الفينيقية... إلى مخيم البرج الشمالي.. وصورت. أغارت الفانتوم على شعب لاجئ بلا ملاجئ.. فلجأ إلى شجرة الزيتون.. لم أصورها. أردت أن أصور القاتل. رفعت عدستي إلى السماء.. فاهتزت الغيوم وجدار الصوت العنصري والله... والصدى. كان الفيلم ذريعة.. لأتحدى بمخيلتي المراهقة وأحمل الكلاشينكوف بيد.. والكاميرا بيد.. لأحرس المخيم. ليل وخطر و"أَخمَص طَيّ" ووشيش الزيتون و"كلمة السرّ" نشوةٌ حتى مطلع الفجر. لم أُصوِّر هذا.. صوّرت التشكي: "طفلة فلسطينية جميلة حافية في إطار من تَنَك ووحول تنظر في العدسة في عين أبراموف". يُمسك أبراموف بيد "آسيا" طفلته.. في البهو الكبير لمعهد السينما. يقرفص ويتلو اسمي في أذنها... ويشير بإصبعه نحوي... هادا "عمّو أسامة" أُقرفص، تصبح بيننا ونحبُّها... كانت تغسل روحي. تجلس آسيا على البيانو الكبير... عازفة بيانو مدهشة. .... رافقَتْ نوطات آسيا اليوم التالي والتالي والتالي.. ومن صداها ظهر أبراموف في الصورة. توقف أمامي وبكى؛ قال: آسيا ذهبت إلى إسرائيل (إلى حيفا !!!) وانتظر أن أقول شيئاً.. فَصَمَتُّ. في اليوم التالي مدّ يده فلم أصافحه. في الثالث: أرسل وسيطاً روسياً.. قال أنه يحبّك، فلم أُجِبْ. في الرابع: قالت غاليا.. امرأتُهُ طَلَّقَتْه والأم هي الأب عند اليهود. في الخامس: قالت التشيكية البيانو لا يقتل. في السادس: قال المبعوث البولوني.. رفضُ الحوار سلوك لا حضاري.. في السابع... كان عليّ أن أُقَدّم سيناريو الفيلم الجديد: "عائد إلى حيفا". اخترت رواية كنفاني... وجدت الكنز. ما تبقّى لي منها هو ما سحرني (مغناطيس النجاة الجماعية.. النابذ) الطريق إلى البحر ونسيان الطفل؛ والرضيع الفلسطيني في ملابس الضابط الإسرائيلي. والمحاكمة المتعددة الطبقات... محاكمة الذات. وافق أستاذي. وأمّن لي التصوير في أذربيجان (مسقط رأس أبراموف) بدأت أتخيل "العائد إلى حيفا" في فلسطين التي لم أرها بعد... فارتطمَتْ مخيلتي بالواقع.. دخل الجيش السوري لبنان. في اليوم التالي قلت لأستاذي لن أذهب إلى حيفا.. سأذهب إلى بيروت حيث يُقتل المؤلف. قال لي: أخاف عليك.. قلت: أنا لا أخاف.. أريد أن أصوّر الحقيقة. في اليوم التالي وصلتني قصاصة من سورية أرسلها أخي علي محمد الذي سيُعتقل أربعة أعوام لأنه صرخ في "مكبّر الصوت" في مؤتمر المهندسين: "أطالب بتحريم التعذيب الجسدي". أخي الذي أدخل "عصافير الجليل" إلى بيتنا. أخي الذي ينام الآن في مقبرة في مدينة ليون. "محمد... دخل إلى لبنان مع سرايا الدفاع ويحاصر تل الزعتر." القصاصة قَصَّت ظهر الفتى أنا.. رأيت في شهوتي وإيماني بالاستشهاد مع الكاميرا في لبنان فيلماً تجارياً. وقررت أن أذهب إلى الرامة مسقط رأس محمد، لأرى صلة الفراشة بالضبع في عينين خضراوين. في اليوم التالي قلت لأستاذي.. أنا ذاهب إلى مسقط رأسي. الطريق إلى فلسطين تمر من الرامة؛ "خطوة خطوة" الضحية تقتل الضحية كنت أريد أن أصوّر الحقيقة... الحقيقة التي تسكن الزمن هنا أعلى قمّة الجبل. زمنٌ أمام الكاميرا وزمنٌ خلفها. خَلفَها أضرحة ومقامات أجدادي وأجداده.. والغيوم. وأمامها يجلس محمد ويروي لي ولها دقائق حصاره لتلّ الزعتر...   "هل قَتلت"؟ رامي الدبابة لا يرى ضحاياه. هل رَميت؟ "نعم"   شعرت بأننا نتفرج على فيلمٍ مُشاهَد.. فسألته عن اليوم التالي فقال: سيقتل أمّه وأباه لو عارضا النظام.. وقال أنه لا يستطيع ألاّ يقتلهما. لم ينظر في عينيّ.. ولا في العدسة. قتل محمد أحمد فقتلني. قتلني أنا.. الفلسطيني. ونلت شهادة "السينما" بدلاً من النصر. سمّيت "خطوة خطوة" على اسم والده وولدِه "خطوة خطوة" كيسنجر. في الوداع الأخير لموسكو عرضت "خطوة خطوة". رأيت دمعة طالانكين.. ضمّني وحرّرني؛ وأطلق جناحيّ من باب معهد السينما. بقي وخرجت. ارتطم صدري بصدري. عانقني أبراموف.. خبّأ عينيه في عنقي. وضع مغلّفاً أبيض في جيبي.. وقال لا تفتحه الآن.. أنا أرجوك.. وقال أحبك. في الباخرة من أوديسا إلى اللاذقية فتحت المغلف.. كانت آسيا تنظر في عينيّ وتضحك. خاف أبراموف أن أعيد آسيا إليه. أن أتنكر لصلة الدم. .... قُتل محمد.. بعد أشهر من التصوير.. في كريشيندو البيانو، صعدتُ قمّة الجبل حيث ضريحه. "وأذْرَيْتُ دمع العين لمّا رأيته، ونادى بأعلى صوته ودعاني" بكيت قاتلي.. هو القائل: "صباح الخير صَبَّحْتَكْ يا جاري... إنت بخَيْمْتَكْ وأنا بداري". "علوّاهْ صِيرْ نَحْلِة بالبراري... وأُقطفْ وَردْ خدّكْ عالندى" عالندآآآآه وهو القاتل... آآآه. فقررت أن أنقذه. كل ما صوّرت بعدها كان لإنقاذه. إنقاذ "العسكري". حتى لا يكون عسكرياً. حتى لا يقتل. كل عسكري يقتُلْ . العسكري قاتل "ستاند باي". المخيلة ربّة السينما تُحيي وتميت. لأحيي أحمد الزعتر كان عليّ أن أحيي محمد. أحيي القاتل وأُنقذه من قاتله. من مخيلة قاتلة احتلت مخيلته. هل كان القاتل ينام في خلاياه؟.. بحثت عن حلقة "داروين" الضائعة بين الأزمنة... زمن البراءة، وزمن الرغبة في النجاة، وزمن القتل.. فتسللتُ إلى المخيلة المحتلة. (في فيلم المخيلة) احتلال استيطاني للمخيلة السورية.. عَلَمُه لون غامض اسمه حافظ الأسد؛ وكودُهُ السريّ حافظ الأسد.. احتلال للمخيلة يعيد تدويرها إلى اللون والكود. جلس الأسد على كرسي الله.. صار الله مساعداً للإخراج. في فيلم "الأسد" الهوليودي الباهظ التكلفة... تبدو صورة الزمن من الأعلى استعادة لمشهد كنفاني "عائد إلى حيفا".. حيث يهرس الزمن كل وحداته في "جزيئة" منه اسمها "النجاة". في هذا الممر الإجباري لمخيلة النجاة.. تُلقي المخيلة بنفسها في مخيلة الأسد.. في محرقة "الاستخبارات والفساد".. منام لا يتوقف ولا ينتهي.. تدوس الضحايا الضحايا.. لتنجو. وعلى غرار "كنفاني" تتخلى سورية التاريخية عن سورية.. تصبح سورية الأسد.. ويُمسي تاريخها. يتخلى الأب البيولوجي عن أبنائه للأب المحتل.. الأب القائد. ويقول محمد نعم... سأقتل أبي من أجل أبي. في فيلم خيال علمي يتلقى "مينلاوس ـ الأسد" رسائل حبّ من "هيلين ـ فلسطين" تسأله أن يدمر "طروادة ـ تل الزعتر".. ويحررها من الحب. تدخل جيوش محمد إلى لبنان لتنقذ فلسطين من الفلسطينيين.. من "زُمرة" الأخ القاصر.. يقول الحاخام السوري إبراهيم حمرا للفضائية السورية: "[....] ونتمنى من قلوبنا أن يوم الاثنين [عيد الأنوار] نروح كطائفة، شباب ونساء ورجال، كلُّن بدن يأيدوا.. نعم نعم نعم للسيد الرئيس حافظ الأسد." احتلال اللغة.. تُفرَغ كلمة الوطن من أزمنتها وتُحقن بالأسد.. فيفوح فسادها. استيطان للمفردة "فلسطين" يُفرغها من الأزمنة فتصبح هو... فتضيع صورتها. تضيع صورة فلسطين المحتلة في طبقات الصورة المحتلة... صورة مفقودة في مخيلة مفقودة. لأراها.. قررت أن أحرر مخيلتي. الفلسطيني القتيل أنا.. هزّ مخيلتي سقوط السكون من السينما.. والتشكي من الشعر. سقط الكلاشن من الملصق والملصق، من الكادر، فتكوّن بالأزمنة. أزحتُ المقدس عن الكاميرا وقذفت به في اللقطة.. فاستعدتُ السخرية. نظرت من عين الكاميرا فرأيت "نجوم النهار". رأيت الأسد في فيلم الأسد في فيلم الله.. في شخصيات تعبده وتتشبه به. دُونيّة محقونة بالتفوّقية. مضحكة مؤلمة ومخيفة.. وقاتلة. يصرخ الطفلان التوأم في مكبّر الصوت: بابا اشترالي هدية دبابة وبندقية.. أنا وخيّي طفل صغير.. مندخل بجيش التحرير.. تسقطْ تسقطْ إسرائيل... تعيشْ تعيشْ الأمّة العربية يعلو تصفيق الكومبارس في الفيلم.. وضَحِكُ الضحايا في الصالة. (الطفلان التوأم اليوم، ضابط استخبارات برأسين.. في فرع فلسطين!!!)   "صندوق الدنيا".. العزلة والتعصب والعنف تخترع المقدس الديكتاتور الله.. في جسد صبي مراهق.. يسجن الحيوانات والطيور في قطرميز ويقطع لسان الديك. تخترق الطائرة جدار الصوت فتأكل الدجاجة السجينة بيضتها.   المقدّسْ خدعة سينمائية كبرى القومي منه والديني.. كل قومي وكل ديني.... التراب والكلاشينكوف والممانعة والوطنية ملاذ الأنْذالْ المقدس يَلِدُ الديكتاتور.. يَلِدُ أشباهه. يَلدُ السجونْ. زهرانْ عَلّوشْ يضع أسراه في قطرميز القفصْ. والأسد يرقِّم صور "سيزارْ" تحت الأرضْ. كل الذين قُتلوا تحت التعذيب فوق الأرض وتحتها قُتلتْ في خلاياهم.. صورةُ فلسطينْ. ....   الصورة الضائعة لأرى فلسطين، تسللت إلى بيتي. أطفأت الأنوار وتفرجت عليها في فيلم آفي مُغربي. في فيلمه عسكري إسرائيلي قاتل يتخفى وراء قناع. ستقول زوجة آفي: لماذا تُدخل القاتل إلى بيتنا؟! لا أريده أن يجلس على كنبتي. في فيلم آخر.. يقول آفي.. إن البيت كان يسكنه الآخر... الفلسطيني. .... في صورة الزمن من الأعلى؛ كوكب يمزقه ويحكمه ضبع المال والسلاح؛ ضبع العنصرية الأبدي يعيد تشريعها وقوننتها. يقضم القدس ويضم الجولان. تحترق السينما بنارها. إذ تتمغنط بالسلطة وموازين القوى.. وتُفلتِرُ حكاية الضحية. وتنجو بجمالها حين يسكب نورُها حكايةَ الضحية.. في أواني الزمن المستطرقة. ويعلو منسوب العدل والجمال.. وفلسطين جديدة.. عدل وجمال. أو تفترس روايةُ المنتصر المخيّلة، في سينما الضبع.