أوضاع الشعب الفلسطيني في لبنان
سهيل الناطور. بيروت: دار التقدم العربي، 1993.
ينطلق سهيل الناطور في دراسته "أوضاع الشعب الفلسطيني في لبنان" من زاوية مختلفة تستند على قراءة النصوص والقوانين في تحديد سياسة الدولة اللبنانية إزاء الفلسطينيين. والواضح ان الدوائر الرسمية اللبنانية لا ترى الفلسطينيين جزءاً من المجتمع اللبناني بل أجانب لا يتمتعون بحقوق المواطنة الأساسية – في الإقامة، والعمل، وحرية التنقل، والاستفادة من خدمات الدولة، والحق في الملكية – على الرغم من وجودهم على الأراضي اللبنانية لثلاثة أجيال أو أربعة أجيال. وتلقي الدولة بمسؤولية إعادة بناء البنى التحتية للمخيمات المدمرة على عاتق الأونروا (وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى). كما تسعى الدوائر الرسمية اللبنانية، بوسائل إدارية غير معلنة، لتقليص الوجود الفلسطيني في لبنان. ويعرض الكتاب، على سبيل المثال، الموقف الرسمي من المهجرين الفلسطينيين الذين لا يلقون المعاملة ذاتها التي يلقاها باقي المهجرين، وكذلك التردد الذي تبديه الدولة حيال قضية إعمار المخيمات وتشديدها القيود المفروضة على عمل الفلسطينيين، وشطب آلاف منهم من سجلات المديرية العامة لشؤون اللاجئين الفلسطينيين.
وكانت الحكومة اللبنانية قد ألّفت سنة 1991 ما سُمي "لجنة الوزيرين"، للنظر في رسم إطار جديد ينظم الوجود الفلسطيني في لبنان، بعد أن ألغت - من طرف واحد – "اتفاق القاهرة" الموقع مع منظمة التحرير الفلسطينية سنة 1969. إلا إنه مع بدء مفاوضات السلام الخاصة بالشرق الأوسط، اتجه رأي المسؤولين اللبنانيين، فيما يورده الكاتب، نحو تأجيل بت هذا الموضوع بانتظار ما ستسفر عنه هذه المفاوضات. ويرى الفلسطينيون أن مثل هذه المراهنة مراهنة غير واقعية، إذ تحولهم إلى ورقة في اللعبة السياسية الجارية، وتزيد في معاناتهم، وتستثنيهم، من دون فئات المجتمع اللبناني، من مسيرة البناء والإعمار في لبنان. إن الحجة المستعملة في استمرار هذه السياسة هي "رفض التوطين"، وهي حجة لا تبرر حرمان الفلسطينيين من حقوقهم الأساسية ومساواتهم في التعامل مع اللبنانيين كما الحال في سوريا، وهو ما ينسجم أيضاً مع مواثيق عربية ودولية يشير الكاتب إلى بعضها.
تكمن القيمة الأساسية لكتاب الناطور في أنه يتناول قضايا الوجود الفلسطيني في لبنان في مرحلة ما بعد الحرب الأهلية، ويثير الكثير من الأسئلة الراهنة المتعلقة بمصيرهم. ويضم الكتاب معلومات مفيدة لأي متابع، وإنْ بدا بعض التكرار، والافتقار إلى التماسك في أجزاء الكتاب، فذلك ناجم – على ما يبدو – عن كونه كتب على صورة مقالات خلال فترات متباعدة من الزمن. ويعود إلى الناطور فضل كبير في لفت نظر المعنيين بالشأن الفلسطيني في لبنان لتحسس العلاقة بين معاناة الفلسطينيين والتمييز في أوضاعهم القانونية.