غُيب التاريخ السابق لبلدة المطلة في المواجهات الإسرائيلية – اللبنانية، على غرار ما حدث مع عشرات القرى اللبنانية والفلسطينية، وممّا غُيب انتفاضة قام بها أهلوها ولم تحظَ بالاهتمام الكافي في الدراسات الفلسطينية واللبنانية[1] على الرغم من حضورها التاريخي أولاً، وموقعها الملتبس، طائفياً و"وطنياً"[2] ثانياً، وموقف الأهالي من الاستغلال ثالثاً، وتراكب القضية الاجتماعية مع القضية الوطنية رابعاً، ومحاولة بناء نموذج لدراسة قرى أُخرى ربما تكون شبيهة بالمطلة، وقد تكون كثيرة ولم يُمَط اللثام عنها خامساً.
وانتفاضة المطلة في سنة 1878 هي اعتراض قرية صغيرة رفض سكانها الخدمة الإجبارية وتصدوا بالقوة لمحاولة إلحاقهم بالعسكر، الأمر الذي خلّف كوكبة من القتلى كبيرة، قياساً بعدد سكانها. وكان لهذه المواجهة ذيول استمرت بأشكال متنوعة إلى أن آلت إلى قتل قائدها وإقامة مستعمرة على أرض القرية وتشريد سكانها.
تقع قرية المطلة في أسفل وادي التيم على تلة قائمة على حدود مرج ابن عامر الذي يشقه جدول الدردارة، وتشرف على حوض الحولة الكبير، ويبلغ ارتفاعها عن سطح البحر 520م، وتبلغ مساحتها 9413 دونماً، وتحيط بها قرية كفركلا وسهل مرجعيون، وتتبع، إدارياً، لقضاء مرجعيون، وقد أُلحقت بفلسطين حين وُضعت خرائط بلاد الشام (سايكس - بيكو)، فأصبحت أقصى القرى في شمال فلسطين، وتبعد عن حدود لبنان 6 كلم.
ويقدّر رؤوفين أرليخ[3] عدد سكانها قبيل الانتفاضة بـ 50 أسرة (300 شخص)، بينما نقدِّر نحن العدد بأكثر من ذلك، وهذا وفقاً لعدد العائلات، وهي: آل أبو صالح؛ وآل الحجار؛ آل ذياب؛ آل حمزة؛ آل مرعي (أبو عسلي).[4] ولم يتسنَّ لي الحصول على سالنامه ولاية بيروت لسنة 1288ه / 1871 - 1872م، والذي أقدّر ورود إحصاء للسكان فيها.[5]
في سنة 1896، أقام مهاجرون صهيونيون أتوا من روسيا مستعمرة ميتولا على أراضي المطلة، وتُعرف هذه المستعمرة بأنها مدينة ثرية، وتُشتهر كوجهة سياحية خاصة بالنسبة إلى تلاميذ المدارس خلال العطلة الصيفية. وقد عُرفت جيداً، إعلامياً، في عمليات المقاومة الفلسطينية من الجنوب اللبناني (1969 - 1982)، وخلال حرب لبنان 2006، إذ كانت هدفاً في مرمى المقاومين وصواريخ حزب الله.
وعلى الرغم من تشريد الحركة الصهيونية سكان القرية في مطلع القرن العشرين، فإن أياً من متابعي حركة الاستيطان الصهيوني والداعين إلى مواجهته لم يسلط الضوء على ما قبل التشريد، وهذا على غرار مَن كتب عن تاريخ لبنان وسورية، وخصوصاً الدروز والشيعة منهم، إذ لم يولوا هذا الجانب أي اهتمام.
وما عُرف عن هذه الانتفاضة ورد، عَرَضاً، في ثلاثة مصادر: كتاب تاريخ الدروز (A history of the Druzes) لقيس فرّو،[6] نقلاً عن الأرشيف الإنجليزي؛ كتاب "بنو معروف في ساحات المجد" لسعيد فرنسيس؛[7] جريدة "لسان الحال".[8]
أورد فرّو، استناداً إلى تقريرَي قنصلَي بريطانيا في بيروت ودمشق، حدوث انتفاضة دروز وشيعة مرجعيون بقيادة علي الحجار ضد محاولة السلطة العثمانية سوق الشباب إلى التجنيد الإجباري في 6 شباط / فبراير 1878. فقد اقتحمت القوات العثمانية قرية الحجار(المطلة)، وقتلت 30 نفراً وجرحت 22، فالتجأ الحجار إلى مجدل شمس معلناً الثورة، ودعمه دروز حوران وجبل لبنان وجبل حرمون، إلّا إن قائممقام الشوف وزعماء دروز آخرين حالوا دون توسع الصدام، فهرب الحجار إلى حوران، ثم عاد لاحقاً.
وما أورده فرنسيس، استناداً إلى موقعه وأهله كزعماء في المنطقة،[9] جاء تحت عنوان "ضرب المطلة"، وقد استهله بالتعجب من دوافع المطلة، القليلة العدد، إلى التمرد على مالكها الجديد جبور بك رزق الله، وإلى شقّ عصا الطاعة على السلطان عبد الحميد، "وهذا لعمري من أدهش المدهشات ومعجزة من المعجزات."[10] ثم وصف المعركة التي شارك فيها جيش المتصرفية بقيادة شيبان آغا ثابت الديراني وعساكر الدراكون (الدراغون)[11] العثماني بقيادة طوسون بك، وقد زحفت الفرقتان برفقة العضوين في إدارة قائممقامية مرجعيون: محمود قاسم البزي من بنت جبيل، وملحم راشد من الجديدة، اللذين كلفهما طوسون بك بمقابلة علي الحجار والطلب منه تسليم نفسه. قَبِل الحجار ذلك، وتوجه مع أتباعه لمقابلة القائد، إلّا إنه هاجم الجند حين اقترب منهم، وجرت معركة حامية سقط فيها نحو ثلاثين من الدروز، بين قتيل وجريح، وتمكّن الحجار من اختراق الحصار.
أمّا جريدة "لسان الحال" المعاصرة للحدث والمحكومة روايتها بضوابط المراقبة الشديدة، فتتلخص روايتها بما يلي: أرسل رستم باشا، متصرف جبل لبنان، قسماً من العسكر اللبناني إلى جهات المطلة "لمساعدة الدراغون، كما هو معلوم، ولأجل بتّ الأمر بوجه مريح إلى الحكومة والأهالي"، كما أرسل قائممقام الشوف، مصطفى أرسلان، قوة بمعية مديري ووجهاء القائممقامية الدرزية إلى تلك القرية لحمل الأهالي على الهدوء والانقياد إلى أوامر الحكومة، ولاقاه قائممقام مرجعيون ومأمورو القائممقامية وشيخ خلوات البياضة مع جمهور، وقد "أجرى ما ينبغي من الإرشادات والتحذيرات والنصائح فظهر لنصائحه تأثير عظيم"، ثم أرسل إلى مجدل شمس كل من: نجيب جنبلاط، قاسم العماد، حمد حماده، شيخ البياضة، "فأجروا النصائح والتنبيهات وأجابهم الأهلون بالطاعة وسكن الحال."[12] وأكملت الجريدة في العدد اللاحق الرواية بالقول بقيام فارس أفندي جبريل، من وجهاء حاصبيا ومتموليها، بالتعزية بمَن قُتل، وسكن "ما جاس بفؤادهم حزناً عليهم حذراً من امتداد الفتنة التي بحوله تعالى لم تُضرم نارها ولم يحدث ما يخلّ براحة العموم."[13] وأضافت في خبر بعد أربعة أشهر ذكراً لسليم شمس الذي أدى دوراً في "حمل الجميع على السكون والإذعان لأومر الدولة"،[14] وقد فوضته الولاية في الشام المحافظة على القضاء، وأعطته ثلاثين من الخيالة.[15]
وأورد سلام الراسي (1911 - 2003) بعض ما حملته الذاكرة عن تلك الانتفاضة، فذكر قيام الحجار بعصيان مسلح، وعدم نجاح الوجيه المرجعيوني ملحم راشد في التوسط بين الحجار والحكومة، ونجاح نسيب جنبلاط.[16]
ولم ترد هذه الانتفاضة عند كتّاب آخرين يُفترض قرب معاصرتهم لها كمحمد جابر آل صفا (1870-1945م)، ابن قرية أنصار القريبة، والمولود قبلها بسبعة أعوام،[17] وحنا حردان الخوري، ابن جديدة مرجعيون القريبة، والقريب العهد بها،[18] لكنهما ذكرا أحداثاً لها صلة بها ولاحقة عليها (مقتل قائد الانتفاضة في سنة 1894، وحركة الجرود في سنة 1895).
وسيحاول البحث التدقيق في هذه المعلومات عبر عرض ظروف الانتفاضة أولاً، ومجرياتها ثانياً، وتداعياتها ثالثاً.
I - ظروف الانتفاضة:
حدثت الانتفاضة في ظروف عامة ودرزية ومحلية وضيعوية هي:
1) الظروف العامة
أ - محاولة السلطة العثمانية تحديث الدولة على مقياس الدول الأوروبية، وهي محاولة سابقة لهذا التاريخ، إلّا إن جديدها في هذه المرحلة كان تنصيب السلطان عبد الحميد في سنة 1876، واستعانته بنخبة متنورة وجادة في مشروع التحديث، وأبرزهم مدحت باشا، في مقابل استمرار الطاقم القديم من الولاة والإداريين الذين درجوا على نمط الإدارة السابقة مدعومين ببُنية اقتصادية واجتماعية تقليدية. والمثل الأبرز لذلك في هذه المرحلة محاولة السلطان والمتنورين في الإدارة تكريس الحكم الدستوري بإقرار الدستور (المشروطية) في سنة 1876، ثم تجميده في السنة التالية، وكان الوالي في الشام، حين الانتفاضة، مدحت باشا.
وعبّرت هذه المحاولة عن الصراع بين مشروع تحديث الدولة و"مشروع" الإبقاء على طبيعتها التقليدية، سياسياً وإدارياً واقتصادياً واجتماعياً وعسكرياً، ولكل منهما قواه، فحملت نخب مدينية في إستانبول ومراكز الولايات همّ تقليد التجربة الرأسمالية في إنتاج السلطة، ذلك بأن البُنى الاقتصادية والاجتماعية لم تكن تحاكي التطور الرأسمالي في الدول الأوروبية، وجرت محاولة تحديث القوانين والإدارة مثلما تم تحديث الجيش.
ب - اشتداد صراع الدول الأوروبية على الدولة العثمانية، والذي بلغ ذروته في احتلال تونس، وفرض الحماية على مصر، والتنافس على الأسواق العربية.
ج - نشاط الحركة الصهيونية في شراء الأراضي في فلسطين وإقامة المستعمرات عليها التي شهدت في هذه المرحلة تجددها.[19]
د - إقدام السلطة على التشدد في تطبيق قانون التجنيد الإجباري، وهو قانون صدر في سنة 1260ه / 1844م، وعُدّل في سنة 1870 لجهة شموله وتخفيض أعوام الخدمة.[20]
ه - صدور قانون الأراضي (1858) وقانون الطابو (1859)[21] اللذين استُكملا بصدور قانون الجزاء (1284هـ / 1867م)، و"مجلة الأحكام العدلية" (1285 - 1283هـ / 1868 - 1882م). ولم يُعرف ما إذا حدثت عمليات تلاعب بالقوانين الصادرة في هذه المرحلة، وأهمها قانونا الأراضي (1858) والطابو (1859) اللذان استهدفا تشجيع الزراعة وحماية حقوق العاملين فيها، خلافاً لما كان سائداً،[22] وذلك على قاعدة الحفاظ على الوضع السابق وشرعنته، فضلاً عن خدمة مصالح المتنفذين الجدد،[23] وقد حدث مثل ذلك في البقاع.[24]
2) الظروف الدرزية
تزامنت انتفاضة المطلة ومثلها انتفاضة راشيا (1878) مع حالتَي اعتراض واسعتين وعميقتين بين الموحدين الدروز:
الأولى في الشوف ووادي التيم وما بينهما في البقاع، وتعود إلى الحيف الذي لحق بهم في تسوية سنة 1860،[25] وما كبدتهم من اضطهاد وتشريد لقادتهم ووجهائهم،[26] ومن خسائر اقتصادية ومالية باهظة استمرت مفاعليها لفترة طويلة.[27] وتنبىء وثيقة عثمانية[28] في سنة (1877) عن تخوف من حادثة بسيطة وقعت في 25 كانون الثاني / يناير 1876، وتمثلت في مشاجرة بين ماروني ودرزي في عبيه، جُرح فيها الثاني، فهاجم أقارب الجريح مع 200 رجل بقيادة شيخَين من آل نكد الحي المسيحي وهددوا سكانه بالقتل، إلّا إن المتصرف رستم باشا سارع إلى توقيف الشيخين مع 18 درزياً وتوقيف المعتدي.[29]
الثانية في حوران، إذ شهد جبله نزوحاً كثيفاً من دروز الشوف ووادي التيم وصفد، وبعضهم من المشاركين في أحداث سنة 1860. وكان تيار في السلطة العثمانية مدعوماً من السلطة الفرنسية يعمل على ملاحقة هؤلاء بذريعة رد المسروقات، وكان النازحون جرّاء أحداث الستين يجهدون لتأمين لقمة العيش بالتوسع في جوار موطن مَن سبقهم من أبناء طائفتهم، سكناً في القرى الخَرِبة، وزراعة ورعياً في الأراضي الخصبة، فكان الصدام المتكرر مع مَن في جوارهم. وتمثل هذا الصدام في ذكرى سنة الانتفاضة بقتال بين الدروز وأهالي بصرى الحرير في أيار / مايو – كانون الأول / ديسمبر 1879، وسعي السلطة لردع اعتداءات الدروز، مع تفضيلها الحل السلمي بتسليم مَن بقي حياً من القتلة.[30]
3) الظروف المحلية
انعكست الظروف العامة والدرزية على الظروف المحلية وظهرت في:
أ - اصطدام محاولات فرض تجربة التحديث للإنتاج "الديمقراطي" للسلطة بالإنتاج الزعاماتي التقليدي، وخصوصاً في الأرياف، إذ رافق محاولات تحديث الإدارة، ولا سيما بناء جيش حديث، رفض السكان ذلك، والإصرار على التهرب منه ومواجهته، كما قوبل إصدار قانون الأراضي وقانون الطابو وما استتبعهما، وهما قانونان أريد بهما تمليك الفلاحين وتعزيز الإنتاج، بحركة التفاف من النافذين والملتزمين السابقين للأراضي والتجار والإداريين من جهة، وبثقاقة تقليدية قائمة على الولاء للنافذ - الزعيم من جهة ثانية، وبجهل العامة لمندرجات القانون من جهة ثالثة. وجرت بفعل ذلك عمليات تملّك للأراضي من طرف النافذين والتجار، عبر تحايل على القانونَين أفقد الفلاحين مصادر رزقهم وحوّلهم إلى أجراء، من دون أن يعوا مبكراً مخاطر ما حدث.
ب - استهداف حركة الاستيطان الصهيونية المناطق السهلية في فلسطين، والحولة أكثرها سهلية وخصباً، وكانت أولى المستعمرات في طبرية وصفد.[31]
ج - حركة النزوح الكثيفة من الشوف ووادي التيم وإقليم البلان والجليل الأعلى نحو حوران؛ إمّا هرباً من الاضطهاد، كما في أحداث 1860، وحين فرضت السلطة العثمانية التجنيد الإجباري (1850 – 1852)، وحين قامت بعمليات اعتقال واسعة بعد أحداث 1860 في راشيا وحاصبيا وإقليم البلان (1860-1862)؛[32] وإمّا طلباً للاسترزاق مثلما حدث في أثناء التشدد لانتزاع ملكيات الإقطاعيين الدروز في البقاع وما يعنيه من تشريد الفلاحين (1860 - 1872)، وكما وقع في سنة 1867، في إبّان نقص محصول الحرير وقلة الأراضي الزراعية واضطهاد الموالين للغرضية الجنبلاطية؛ وإمّا نجدة لربعهم، كما في معارك جماعتهم مع السلطة أو الجوار تمثل في النجدة للمقاتلين الدروز في جبل جوران، مثلما جرى في أحداث الكرك (1881)،[33] وأحداث السمية وشعارة (1886)،[34] وأحداث مجدل شمس – حوران (1894 – 1896)،[35] وأحداث 1905،[36] وكانت التعليمات العثمانية بالتشدد في منعها وإرسال قوى عسكرية إلى منافذ طرقها.
د - الوضع الاقتصادي المتردي، وقد عبّرت لسان الحال عن ذلك في الأعداد المتزامنة مع الانتفاضة. وتمثل التردي في العوز والضنك وارتفاع الأسعار[37] وتفاقم العسر وانتشار الجراد وهلاك الماعز وكثرة الثلوج.[38]
ه - تردي الوضع الأمني، إذ ذكرت لسان الحال في سنة 1878 العديد من حوادث السلب والتشليح والقتل في كل من: إبل السقي (تموز / يوليو)؛ حاصبيا (حزيران / يونيو)؛ طريق صيدا – صور (تشرين الأول / أكتوبر)؛ راشيا (تشرين الثاني / نوفمبر)؛ جسر الغجر (تشرين الثاني / نوفمبر)؛ كفركلا (كانون الأول / ديسمبر).[39]
4) ظروف ضيعوية
الثابت عن المطلة موقعها المشرف على ما جاورها وأراضيها السهلية الخصبة والمروية، وهوية سكانها المذهبية (الدروز)، وشراء جبور بك رزق الله أراضيها، وتحولها إلى مستعمرة صهيونية؛ إلّا إن الغامض أو المُشكل في هذه الثوابت هو تاريخ الدروز فيها وأصولهم، وتاريخ شراء رزق الله الأراضي ونسبة ما اشترى، وتاريخ شراء المستوطنين الصهيونيين أراضيها.
ففي السكن الدرزي فيها، يذكر مَن كتب عنها قدوم الدروز من الشوف، بعد أحداث سنة 1860،[40] كما أن روايات أحفاد من عائلات المطلة لا تنفي قدومهم من الشوف.[41] والشوف في المصطلح التاريخي لتلك المرحلة هو اسم المنطقة التابعة للقائممقامية الدرزية، غير أن تاريخ هذا القدوم ومنبته مشكوك فيهما.
يميل هذا البحث إلى قِدَم وجود الدروز في المطلة، فهي في عقدة المواصلات والاتصالات بين ثلاثة مواطن للدروز منذ قيام دعوتهم (وادي التيم، الجليل الأعلى وصفد، إقليم البلان)، لكن ذلك لا ينفي حدوث نزوح إليها من مناطق أُخرى للاسترزاق أو لطلب الأمان أو لمشكلات في المنبت، وهذه ظاهرة في أكثر من قرية وعند الجماعات الطائفية كافة. ويؤكد ذلك أن إدوار روبنصون[42] ذكر سكانها الدروز في جولته في سنة 1838، ومثله ما ورد في وصل أعطاه سكانها لأحمد علي عبد الصمد وهو من وجهاء الشوف البارزين في عصره، بمال دُفع إليهم، نصفه للميرة، في سنة 1270ه/1856م.[43]
وفيما يتعلق بملكية الأراضي وشراء جبور رزق الله أراضيَ فيها، فإن الكتب تذكر شراء جبور أراضي المطلة، والاختلاف هو بشأن تاريخ ذلك؛ فشاكر الخوري، المعاصر لجبور وزوج عمته وعديل ابنه سليم، لم يحدد التاريخ، وإنما حدد أن جبور قدّم شكوى في الآستانة ضد الفلاحين، وأن المحاكمة استمرت في إستانبول عشرين عاماً حتى صدر الحكم له وباعها لروتشيلد.[44] ويحدد مصطفى بزي وغالب سليقا، وهما غير قريبَي العهد بزمن جبور، شراء روتشيلد الأراضي من جبور، من دون مصدر، بسنة 1875، بعد 20 عاماً من النزاع بين جبور وسكان القرية، أي أنه مَلَكَها قبل سنة 1855، بينما يحدد مثقال الحجار، حفيد أحد أبناء القرية، تاريخ الشراء بسنة 1880.
ويميل البحث إلى أن الشراء تمّ بعد صدور قانونَي الأراضي والطابو، في سنتَي 1858 و1859، وذلك لأربعة أسباب:
الأول: عدم وجود ملكيات قبل هذين القانونين، بل كانت الأراضي تلزَّم، سنوياً في الغالب، ومدى العمر في حالات نادرة، وقد برزت ظاهرة التملك بعد ذلك.
الثاني: رواية فرنسيس عن التمرد ضد المالك وضد السلطان، والتي تعني ثبوت ملكية جبور في سنة 1878، أي صدور الحكم بذلك بعد محاكمة استمرت 20 عاماً، أي أن الشراء حدث في سنة 1858.
الثالث: ذكر شاكر الخوري ذهاب جبور إلى الإسكندرية ومصر واشتغاله بالتجارة في دمياط "أيام محمد علي باشا ولم يزل له فيها مُلْك" حتى وفاة الباشا في سنة 1844.
الثالث: تقدير البحث، مثلما سنذكر بعد قليل، شراء روتشيلد للأراضي في ثمانينيات ذلك القرن.
ولا يقدّر البحث شراء جبور القرية كلها، فالمعروف، تاريخياً، وفي الأغلبية الساحقة من القرى، وجود ملكيات صغيرة للفلاحين، وقد يكون الشراء طال بعض الأراضي الخصبة أو أغلبيتها، ودليلنا على ذلك ما أورده رؤوفين أرليخ في المتاهة اللبنانية عن محاولة المطران الكاثوليكي أن يقتطع من المطلة 1000 دونم،[45] وذلك في مطلع القرن العشرين، ومصادرة الصهيونيين 1280 دونماً من بلدة المطلة في سنة 1896، وإنشائهم مستعمرة عليها في سنة 1900.[46]
وفي شراء الحركة الصهيونية للأراضي من جبور، حدد مصطفى بزي وغالب سليقا، ومن دون إسناد، أن ذلك حدث في سنة 1875، بينما تحدد مراجع أُخرى أن سنة 1896 هي تاريخ إنشاء مستعمرة صهيونية في المطلة. إلّا إن متابعة تاريخ الاستيطان في فلسطين ترجح أن يكون مطلع ثمانينيات القرن التاسع عشر هو بداية الاستيطان، ذلك بأن الموظف الرئيسي للبارون روتشيلد في أرض الجليل، يهوشواع أوسوفيتسكي، اشترى أراضي المطلة من جبور بك رزق الله، وحاول، في البداية، إقامة مستعمرة مختلطة، وجيء باليهود من حاصبيا وبرعام وغوش حالاق وبكيعين، واستمرت تلك المحاولات حتى سنة 1896، حين استُقدمت عائلة من العمال وأبناء المزارعين بمساعدة جنود الحكومة العثمانية وسط استغلال النزاع بين العثمانيين والدروز خلال الفترة 1895 - 1896، الأمر الذي اضطر الأجراء الدروز إلى توقيع صكوك بيع وترك المكان.[47] ويؤكد هذه الراوية أحد المعمرين من أحفاد أبناء المطلة.[48]
والجدير ذكره أن روتشيلد (1845 - 1934) بدأت مساهمته في بداية ثمانينيات القرن التاسع عشر، حين مرت المستعمرات الأولى التي أقامها "محبّو صهيون" بأزمة مالية، فطلب ممثلو المستعمرات منه مساعدة فورية للطلائعيين (القادمون المستوطنون الأوائل) الذين قدموا إلى البلد، فموّل البارون جميع مصاريف مستعمرات "ريشون لتسيون"، و"زخرون يعقوب"، و"روش بينا" (وهي أولى المستعمرات التي بُنيت في فلسطين قبل النكبة).
II - مجريات الانتفاضة
هذه المعطيات والظروف التي عرضناها تُظهر وقوع صراع بين الفلاحين ومالك الأراضي الأكثر خصباً في القرية بشأن استغلال الأراضي، فقد عُرف جبور بعجرفته وقساوته وبخله.[49] وفاقم من هذا الصراع تردي الوضع الاقتصادي والأمني في المنطقة من جهة؛ إقدام المالك على تقديم شكوى في الآستانة على الفلاحين استمرت المحاكمة بشأنها 20 عاماً من جهة ثانية؛ بدء توجه السلطة نحو تحديث الإدارة؛ تطبيق التجنيد الإجباري من جهة ثالثة.
واجه سكان المطلة الدروز المعروفين بشدة بأسهم،[50] على قول البعض، وسكان المطلة ومرجعيون، الدروز والشيعة، على قول البعض الآخر، وفي القولَين بقيادة علي الحجار، طلب السلطات العثمانية الشباب للخدمة الإجبارية بتمرد عليها (شباط/فبراير 1878) سرعان ما قُمع، وقَتَل العسكر العثماني نحو 50 نفراً منهم واقتحم القرية، فلجأ قائد التمرد إلى مجدل شمس حيث تدخّل قائممقام الشوف ووجهاؤه، فتوقفت الانتفاضة ورضيت السلطة برجوع قائدها بعد فترة بوساطة المتصرف على قول، وبوساطة نسيب جنبلاط على قول آخر، بينما قال البعض الآخر بانتشار الانتفاضة في وادي التيم وإقليم البلان، ودعم الدروز في مناطقهم لها إلى أن توقفت/أو قُمعت، ولجأ الحجار إلى حوران.[51]
وتقدم الروايتان السائدتان عن الانتفاضة طبيعتَين لها:
1) درزيتها واقتصارها على المطلة.[52]
2) وطنيتها (درزية شيعية) وشمولها مقلبَي حرمون (وادي التيم وإقليم البلان).[53]
ويشير تفكيك الروايتين عن الانتفاضة إلى الحضور الدرزي الفاعل فيها، جمهوراً وقيادة، من دون نفي مشاركة شيعة مرجعيون في ذلك، والذي يؤكدها تقارير القناصل، أولاً، ومحاولات السلطات، ثانياً، حصرها بالدروز، إمّا بتوسيط زعماء الشوف من خلال قوتهم العسكرية، وإمّا بالإيحاء بتوتر درزي – شيعي في وثيقتين عثمانيتين وفي أخبار "لسان الحال".[54]
ولا تتوفر معطيات عن مشاركة قرى وادي التيم، الأسفل والأعلى، في الانتفاضة، وقد تكون حدثت، وإن غير معلنة، هذا إذا صحّت رواية فرّو عن تمددها، علماً بأن ما نُشر عن الانتفاضة لم يورد خبراً عن أي قرية، باستثناء المطلة ومجدل شمس. وفي كلتا الحالين تُظهر "لسان الحال" في أخبار لاحقة توجساً وخوفاً من ذلك.
III - تداعيات الانتفاضة
لا تتوفر معطيات عن مآل الانتفاضة المباشر، وكل ما عُرف عن قائدها هو عودته بوساطة من نسيب جنبلاط، والتي أُقدّر حدوثها في سنة 1884م، وذلك لتعيين نسيب لأول مرة قائممقاماً للشوف في تلك السنة،[55] الأمر الذي يعني وقوع فراغ في القيادة لستة أعوام، وهو فراغ متزامن مع شراء روتشيلد لبعض أراضيها، وإقامة مندوب عنه فيها يسعى لاستكمال الشراء عبر إقراض الفلاحين وسداد القرض بشراء أراضٍ حين يكون الموسم رديئاً.[56]
غير أن المآل غير المباشر متعلق بالمشروع الصهيوني في فلسطين، وقاعدته الأساسية شراء الأراضي وإقامة المستعمرات. ففيما يتعلق بالمطلة، برزت محاولة الحركة الصهيونية القضاء على هذا الجيب المعاكس لسياستهم الاستيطانية؛ إذ المعروف – مثلما ورد في المصادر الإسرائيلية - أن سكان المطلة متميزون بالشجاعة والمشاكسة، وأن زعيمها الحجار معروف عنه الجرأة والشجاعة - كما يردد أبناء البلدة، ومثلما ورد في مجريات الانتفاضة. وقد اتخذت هذه السياسة الصهيونية أكثر من شكل، أكان ذلك بقتل الحجار، أم بمحاولة غير مباشرة لإثارة اقتتال طائفي يُضعف موقع المطلة وموقفها، أم بالتواطؤ مع الموظفين الأتراك، لكن سكان المطلة جابهوا ذلك بالرفض والمقاومة إلى أن أُسقط في يدهم باغتيال القائد وتواطؤ الموظفين، فشُرّدوا عن أرضهم. وأبرز المحاولات الصهيونية هي:
1) محاولة إثارة اقتتال طائفي تمثل بشكل صارخ في قتل قائد الانتفاضة الأولى، علي الحجار، في سنة 1894 بظروف غامضة، بعد استدعاء قائممقام مرجعيون له، إذ وُجدت جثته في أراضي الخيام، وثارت الشكوك الدرزية في شأن القاتل: هل أهالي مرجعيون التي زارها وسكانها من المسيحيين، أم أهالي الخيام حيث وُجدت جثته، وسكانها من الشيعة، أم القائممقام؟[57] وقد برز الوجه الدرزي - الشيعي منها في تحشيدات متقابلة حال دون نشوب القتال بينها تدخّل السلطة ووجهاء المنطقة.[58]
ويضع البحث احتمال تخطيط صهيوني لإزاحة الحجار عن طريق توسيع الاستيطان في المطلة، لأنه كان عقبة في طريق ذلك. والبحث يستند في وجود هذا الاحتمال إلى زيادة نشاط الاستيطان فيها بعد مقتله، وإلى ما ظهر جلياً في محاولة الحركة الصهيونية استغلال القمع السلطوي للتمرد الدرزي في حوران والمقلب الثاني لجبل الشيخ، من أجل إخراج الفلاحين الدروز منها. وهذا التقدير يتوافق مع ما ذكره فرنسيس.
2) تكثيف الاستيطان، ذلك بأن المتعارف عليه هو أن الاستيطان بدأ في ثمانينيات القرن التاسع عشر، والمتداول بين المتابعين هو إنشاء مستعمرة في المطلة في سنة 1896، أي بعد عشرين عاماً على بدئه، فلماذا هذا التأخير، ولا سيما أن ما تملّكه الصهيونيون من أراضٍ في المطلة كبير جداً؟
يقدّر البحث، أولاً، تمنّع الأهالي من بيع أراضيهم خلال هذه الفترة، فقد جهد ممثل روتشيلد، يهوشواع أوسوفيتسكي، لتحقيق ذلك من دون طائل، مثلما ورد في المرويات الصهيونية.
ثانياً، أن ثمة علاقة ما للحركة الصهيونية بمقتل الحجار وبحركة الجرود التي تلته، وذلك لموقعه المشاكس ولشخصيته القيادية، فضلاً عن أن لحظة اغتياله كانت مواتية للحركة الصهيونية وللسلطة العثمانية، إذ تحولت سياسة السلطنة وولاتها تجاه الدروز ومالت نحو التشدد، كما أنها اشتغلت على خطين: خط دعم الجماعات الأُخرى ضدهم، ونجاحها في كسب قيادات كردية وشركسية، الأمر الذي أدى في سنة 1895 إلى وقوع اقتتال في مجدل شمس المجاورة؛ خط القيام بعمل عسكري ضدهم في حوران في سنة 1896 أدى إلى إخضاعهم واعتقال قياداتهم.
ويتضح ذلك، جلياً، في الحشد الذي واجههم في حركة الجرود، إذ انضم إليه الشركس في الجولان وعرب الفضل، وكان قادة القوى النظامية أكراداً، فضلاً عن حضور مسيحي متضرر من أحداث 1860.
ثالثاً، يؤكد البحث، تبعاً للمرويات الصهيونية، استغلال الحركة الصهيونية هذا الوضع من أجل إكمال استيلائها على المطلة وذلك من خلال:
أ - استغلال أوسوفيتسكي التمرد الدرزي في حوران للتدخل مع الولاة لإخضاع أهالي المطلة.[59]
ب - التنسيق العملاني بين الحركة الصهيونية وأجهزة السلطنة في وضع أهالي المطلة بين الاعتقال والبيع.[60]
ج - مصادرة الصهيونيين 12,800 دونم من بلدة المطلة في سنة 1896، وإقامة مستعمرة كان عديدها 284 نسمة في سنة 1900.[61]
IV - دلالات
تقدم انتفاضة المطلة دلالات غنية عن المنطقة، وقد تتجاوزها إلى المجال العربي برمّته، في النصف الثاني من القرن التاسع عشر الذي هو تأسيس للمراحل اللاحقة من حيث البناء السياسي والاجتماعي والثقافي على قاعدة العلاقة مع الرأسمالية العالمية والمنتجة لهجانة في التشكيلات. وأهم هذه الدلالات:
1) التأسيس للتحول الرأسمالي في ملكية الأراضي؛ إذ استفاد الأثرياء من قانون الاراضي العثماني الذي أراده المشرّع لتمليك الفلاحين الأراضي، وحوّله النافذون إلى استملاك الأثرياء لها، هنا، والوجهاء في أماكن أُخرى، وتحوّل الفلاحون إلى أجراء.
2) تناغم الحركة الصهيونية مع هذا التحول واستفادتها منه بالاستيطان وبشراء الأراضي وبالعلاقة، المالية على الأقل، مع النافذين.
3) تناغم الحركة الصهيونية مع حالة التفلت في الإدارة العثمانية بالتواطؤ مع الموظفين فيها، إن بوأد الانتفاضات، أو بقتل القادة، أو بالإكراه على بيع الأراضي، أو باللعب على التناقضات المجتمعية.
4) رفض الأهالي لمجريات التحول، أكان ذلك بالتمسك بالأرض أم برفض الخضوع.
5) دور القادة في المواجهة الذي ظهر جلياً في نموذج علي الحجار الذي أعاق تملّك جبور للأراضي عشرين عاماً، وعرقل شراء الصهيونيين لها، الأمر الذي أدى إلى قتله، فسهُل بعد ذلك استكمال الاستيطان في المطلة.
المصادر:
[1] لم أحظَ بمعلومات عن هذه الانتفاضة ومفاعليها اللاحقة في المراجع اللبنانية والفلسطينية، على الرغم من الهوى الفلسطيني المقيم في ذهني وقلبي منذ مطلع الشباب، والمرفود، بحثياً، في العمل في "الموسوعة الفلسطينية" بقسمَيها العام والخاص، تحت إشراف الدكتور أنيس صايغ، وكذلك من خلال بحثي في التاريخ السياسي اللبناني، أحزاباً وسياسات.
[2] المطلة، طائفياً، قرية درزية، وهي في موقعها على الطريق تقع بين ثلاثة مواطن للدروز: وادي التيم، صفد والجليل الأعلى، إقليم البلان والجولان، وهي "وطنياً" بين لبنان وفلسطين، وكانت، مع قرى أُخرى، موضع تنازع بين واضعي خرائط تقسيم المنطقة.
[3] انظر: رؤوفين أرليخ، "المتاهة اللبنانية: سياسة الحركة الصهيونية ودولة إسرائيل تجاه لبنان من 1918 إلى 1959"، تعريب محمد بدير (بيروت: د. م.، 2017).
[4] جاء في وثيقة يعود تاريخها إلى 1270ه/1856م، أسماء الذين وقّعوا إيصالاً لأهل المطلة، ونُشرت في: سليمان أبو عز الدين، "مصادر التاريخ اللبناني" (بعقلين، لبنان: المركز الوطني للمعلومات والدراسات، ط 1، 1996)، ج 2، ص 881. وذُكر من الأسماء العائلات التالية: حجار؛ منصور؛ سليمان؛ قاسم؛ ذياب؛ محمد؛ حسين؛ صالح. وقد كُتب الإيصال باسم عموم أهالي المطلة، لكن إيصالات كهذه لا تؤكد أن العائلات كلها مذكورة فيه، بل في الغالب يوقّع الوجهاء، كما أن البعض يضع اسمه واسم والده أو اللقب الذي يُعرف به، والبعض الآخر يوقّع باسم العائلة. وذكر تركي ذياب (82 عاماً)، في حديث تليفوني معه في 3 / 5 / 2020، العائلات التالية: ذياب؛ حجار؛ فياض؛ العنسي؛ ماجد؛ جودية؛ يوسف؛ سارة؛ أبو داود. أمّا مسعد خلد فيذكر العائلات: حمزة؛ مرعي (أبو عسلي)؛ أبو صالح؛ الحجار. انظر: مسعد خلد، "المطلة – قرايا"، "الحوار المتمدن"، العدد 4094، 16 / 5 / 2013، في الرابط الإلكتروني.
[5] يعود هذا التقدير إلى أنه ثمة إحصاء للسكان في القرى في سالنامه ولاية سورية، ومنها قرى البقاع وراشيا وحاصبيا في تلك السنة (1872)، لكن لم أجد في مكتبة يافث في الجامعة الأميركية في بيروت (AUB Jafet Library) أعداداً من سالنامه ولاية بيروت لتلك السنة، وما توفر هو سالنامه ولاية بيروت لسنوات 1311ه، و1319ه، و1326ه. وفي سالنامه سنة 1311 و1312ه / 1894م، وردت المطلة كقرية بين 54 قرية في قضاء مرجعيون، غير أنه لم يرد بين أعضاء مجلس إدارة القضاء المنتخبين وأعضاء البلدية والمحكمة أي اسم يُظنّ بانتسابه إلى المطلة.
[6] Kais M. Firro, A history of the Druzes (Leiden, New York: E.J. Brill, 1992), p. 162.
[7] سعيد فرنسيس، "بنو معروف في ساحات المجد" (بيروت: د. ن.، 1954)، وقد ضمّ الكتاب نصوصاً متفرقة عن معارك ثورة 1925 وثورة الدروز على إبراهيم باشا، ومنها فيما يخص البحث: ضرب المطلة وحركة الجرود. ونصه عن المطلة نُشر في جريدة "القلم الصريح" في 4 تشرين الأول / أكتوبر 1938.
[8] "لسان الحال"، أعداد 7 و14 شباط / فبراير و20 حزيران / يونيو 1878.
[9] هو من القليعة وابن يوسف فرنسيس (1819 - 1892) الذي عُرف بالشجاعة، وقد أجمع وجهاء حاصبيا على تسميته شيخ مشايخ وادي التيم. انظر: جرجي إبراهيم نصر، "البطل اللبناني يوسف فرنسيس الحاج، 1819 – 1892"، مجلة "المشرق"، العدد 3 (أيار / مايو – حزيران / يونيو 1965)، ص 327 - 336.
[10] فرنسيس، "بنو معروف..."، مصدر سبق ذكره، ص 116.
[11] اسم الدرك آنذاك.
[12] "لسان الحال"، 7 شباط / فبراير 1878.
[13] "لسان الحال"، 14 شباط / فبراير، رسالة رافع عبد الصمد.
[14] "لسان الحال"، 20 حزيران / يونيو 1878.
[15] المصدر نفسه.
[16] أورد سلام الراسي هذا الحدث في سياق ذكره لمَثَل: "كرمال عين تكرم مرجعيون"، في كتابه: "في الزوايا خبايا" (بيروت: مؤسسة نوفل، ط 3، 1983)، ص 254 – 257. والمثل يتعلق بمقتل الحجار واتهام ذويه أهل مرجعيون بقتله، ونجاح عليا فرنسيس في إقناع رضا الصلح بالتحقيق في الحادثة، وعليا هي بنت يوسف وعمّة سعيد.
[17] محمد جابر آل صفا، "تاريخ جبل عامل" (بيروت: دار النهار، 1981).
[18] حنا حردان خوري، "الأخبار الشهية عن العيال المرجعيونية والتيمية" (بيروت: مطابع الزمان، 1954).
[19] عرف الاستيطان الصهيوني خلال العهد العثماني مرحلتين:
1) مرحلة الهواة التي يُرجعها معظم الدراسات إلى ممارسات الثري اليهودي مونتيفيوري الذي استطاع في سنة 1855 أن يشتري قطعة أرض في مدينة القدس أقام عليها في سنة 1857، أول حي سكني يهودي في فلسطين خارج أسوار مدينة القدس، هو حي "مشكانوت شعنا نيم" الذي عُرف فيما بعد بيمين موسى. وفي سنة 1860، اشترى اثنان من اليهود قطعتَي أرض في فلسطين، الأولى قرب أراضي قالونا، والثانية حول بحيرة طبرية، وفي السنة نفسها تم بناء أول 20 مسكناً لم تُشغَل إلّا في سنة 1862، وبذلك بدأت الخطوات العملية الأولى للاستيطان اليهودي في فلسطين.
2) مرحلة التنظيم الذي أقدم عليه طرفان:
- جمعية الهيكل الألماني برئاسة كريستوف هوفمان، والتي أقامت بعض المستعمرات في فلسطين، وخصوصاً في يافا وحيفا. ففي سنة 1878، تمكنت مجموعة من يهود القدس - بعد حصولهم على دعم من الخارج - من الاستيطان في السهل الساحلي، وتأسيس مستعمرة "بتاح تكفا" على جزء من أراضي ملبّس قرب يافا. وتُقدّر المصادر الإسرائيلية عدد اليهود في فلسطين في سنة 1881 بنحو 25,000 نسمة كانوا جميعاً يقيمون في القدس والخليل وصفد وطبرية.
- جهود روتشيلد (1845 - 1934) لإنقاذ المستعمرات الأولى المتعثرة، وتقديمه المساعدة المالية لها، وهو ما سيمر ذكره في سياق هذا البحث.
[20] قام القانون القديم على أساس القرعة، وكانت مدة الخدمة 20 عاماً (6 خدمة عسكرية فعلية، 8 رديف، 6 مستحفظ) فأصبحت في سنة 1870 (3 خدمة فعلية، 6 احتياط، 10 رديف، 5 مستحفظ). راجع نص القانون في: أوديل مورو، "الدولة العثمانية في عصر الإصلاحات: رجال 'النظام الجديد' العسكري وأفكاره، 1826 – 1914"، ترجمة كارن جابر (بيروت: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، ط1، 2019)؛ آل صفا، مصدر سبق ذكره، ص 176.
[21] صدر قبلهما خط شريف كلخانه في سنة 1839، والذي تضمن في هذا المجال: إلزامية المساحة، وتوحيد الضريبة على الأراضي، وحماية ملكيات التصرف من التعديات. وأكد خط همايوني لسنة 1856 هذه الإجراءات وضرورة الالتزام بها، كما صدر بعدهما مجلة "الأحكام العدلية" التي نظمت أحكام الأراضي وفصّلت في ذلك.
[22] كان السائد قبل ذلك تلزيم الأراضي إلى متنفذين، عسكرياً وإدارياً، وإلى زعماء محليين لقاء ضريبة مقطوعة تُدفع إلى بيت المال.
[23] يمكن الرجوع إلى كتاب: عبد الله سعيد، "أشكال الملكية وأنواع الأراضي في متصرفية جبل لبنان وسهل البقاع، 1861 – 1914: دراسة مقارنة في التاريخ الريفي استناداً إلى وثائق أصلية" (بيروت: دار الفارابي، ط 1، 1995)، فقد أجاد في عرض القوانين ومفاعيلها.
[24] تناول سعيد هذا الأمر في المصدر نفسه، ص 122، 138، 139، وأورد نماذج لذلك في الملحق رقم 7، وهي نماذج غير معروفة، ومنها: بنات محمد الغزي (أقرباء قائممقام البقاع محمود الغزي) 2846 دونماً في الجزيرة؛ أولاد أمين النابلسي 1049 دونماً في الجزيرة والمرج وكامد اللوز؛ عبد الله رزق 109 دونمات في المعلقة والمرج.
[25] لم تُنهِ تسوية سنة 1860 وقيام متصرفية جبل لبنان "المسألة الدرزية" - مثلما وُصفت آنذاك – فحكم ما بعدها، درزياً وعثمانياً وأوروبياً، أربعة معطيات:
معطى "لبناني" تمثل في إحباط درزي نتيجة نفي قيادات ميدانية منهم، وفرض تعويضات مالية عليهم واختلال التراتبية المجتمعية بينهم؛ معطى "حوراني" تمثل في نزوح نحو 3000 نفر من دروز جبل لبنان ووادي التيم وإقليم البلان إلى جبل حوران بعد أحداث 1860، الأمر الذي أدى إلى تنامي قوتهم؛ معطى "عثماني" تمثل في خوف السلطات العثمانية من استمرار قوتهم وإعاقتهم لمشروعها في مركزة الدولة وضبط قوى المجتمع على وقع القوانين والأنظمة الحديثة التي سنّتها؛ معطى "أوروبي" تمثل في خوف فرنسي من استمرار قوة الدروز وصعودها في حوران، بعد أن تمكنت مع غيرها من القوى من ضبطه في جبل لبنان وأطرافه، في مقابل عطف مستمر لبريطانيا عليهم.
وتفاعلت هذه المعطيات لتنتج تمرداً طويلاً كان متقطعاً، وامتد إلى ما تبقّى من القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، وحمل أكثر من بُعد:
بُعد الصراع بين مشروع السلطة العثمانية في تحديث الدولة ومركزتها وتعميم ذلك، و"مشروع" القيادات الدرزية الإبقاء على تراتبيتها السابقة و"استقلالها"؛ بُعد الصراع بين وضع درزي محبط في جبل لبنان ووادي التيم، ووضع درزي صاعد في جبل حوران ومحاولة القيادات الدرزية تجاوز الإحباط في اتجاه تعزيز موقعها الجغرافي (توسّع) والاقتصادي والسياسي في حوران؛ بُعد الصراع بين مشروع فرنسي يحاول إكمال ما نجح فيه في جبل لبنان، ومشروع إنجليزي يحاول الحدّ من خسائره في جبل لبنان وتعزيز وضع الدروز فيه وفي حوران.
[26] اعتُقل 14 من قادتهم وسُجنوا، ونُفي 70 إلى بلغراد، و450 إلى طرابلس الغرب. انظر: محمد خليل الباشا، "معجم أعلام الدروز" (المختارة، لبنان: الدار التقدمية، ط 1، 1990)، المجلد الأول، ص 370.
[27] لم تتوفر معلومات دقيقة عن ذلك، لكن الثابت أن خسائر المسيحيين في الأرزاق والأرواح كانت أكثر من خسائر الدروز، وبالتالي كان المطلوب من الدروز دفع تعويضات أكثر، الأمر الذي يتضح بوضوح في محاضر لجنة بيروت الدولية؛ ففي إحصاء الخسائر الذي لم تبّته اللجنة إحراق 300 قرية و300 كنيسة ودير، وقد خففه القنصل الإنجليزي إلى 150 قرية وتهجير 78,000 شخص، لكن لم يؤخذ بالرقم الذي أراده القنصل، بينما كانت خسائر الدروز طفيفة. وبلغت مساعدات اللجنة الدولية 25 مليون قرش كان للدروز منها مليون، وللمسيحيين 23,9 مليوناً، فضلاً عن 25 مليوناً لكل من زحلة ودير القمر. انظر: أنطوان ضو (تحقيق وترجمة)، "حوادث 1860 في لبنان ودمشق، لجنة بيروت الدولية، المحاضر الكاملة (1860 – 1862)"، (بيروت: دار مختارات، ط 1، 1996)، ص 23 و24.
[28] أورد عبد الرحيم أبو حسين، "بين المركز والأطراف: حوران في الوثائق العثمانية، 1842 - 1918" (لندن: مؤسسة التراث الدرزي، 2015)، ص 127 و128، وثيقة مؤرخة في 5 ربيع الأول 1294هـ / 20 آذار (مارس) 1877 وضع لها عنواناً هو: "التمرد في جبل لبنان واستعدادات الدروز في حوران (1877)". ولا يذكر النص وقوع تمرد، لكنه يذكر وجود تململ درزي وماروني، واستعداداً لدى كل منهما، وتخوف السلطات من ذلك، فضلاً عن معلومات لاستعدادات عند دروز جبل حوران لمساعدة إخوانهم في جبل لبنان.
[29] هذه أول مشاجرة بين الفريقين منذ أحداث 1860، وقد أعقب هذه الحادثة، وتزامن مع تاريخ الوثيقة أعلاه (1877 و1878)، الصراع بين المتصرف والمطران بطرس البستاني، بحيث اضطر البطريرك إلى إبعاد البستاني إلى القدس، ونشوء حالة اضطراب في جبل لبنان. انظر: أحمد طربين، "لبنان منذ عهد المتصرفية إلى بداية الانتداب، 1861 – 1920" (القاهرة، معهد البحوث والدراسات العربية، 1968)، ص 300 – 301، 312 – 313.
[30] أورد أبو حسين، مصدر سبق ذكره، ص 131 – 156، جملة وثائق تدور حول أحداث في:
بصرى الحرير، وتمثلت في قتال بين الدروز وأهالي البلدة، في أيار / مايو – كانون الأول / ديسمبر 1879، وسعي السلطة لردع اعتداءات الدروز مع تفضيلها الحل السلمي بتسليم مَن بقي حياً من القتلة؛ الكرك، وتمثلت في هجوم بعض الدروز على قرية الكرك ومحاولة الهجوم على موقع عسكري عثماني في بصرى الحرير، وتحشد القوات العسكرية لردع الاعتداءات (كانون الثاني / يناير – نيسان / أبريل 1881) إلّا إن القتال سُوّي سلمياً؛ السمية وشعارة (1886)، وتمثلت في قتال بين عربان اللجاه ودروز حوران، في إثر محاولة نافذَين منهما الاستيلاء على البلدتَين، لكن السلطة ردعتهما؛ داما، وتمثلت في النزاع بين عربان اللجاه والدروز على ملكية في القرية في سنة 1887، ومحاولة السلطات تسويتها سلمياً.
ويلاحظ في هذه الوثائق أنه: ثمة نزاع على الأراضي، أو بالأحرى محاولة القيادات الدرزية توسيع دائرة تملّكها، وذلك ناتج من زيادة الوافدين إلى حوران من جبل لبنان ووادي التيم وإقليم البلان، وقد زادت قراهم المعمورة 14 قرية؛ ثمة تخوف دائم من الإمداد البشري من دروز جبل لبنان ووادي التيم وإقليم البلان إلى دروز حوران؛ أن السلطة العثمانية تفضّل حل المنازعات سلمياً؛ أن القنصل الإنجليزي كان يتدخّل لمصلحة الدروز.
[31] أقام الثري اليهودي مونتيفيوري، في سنة 1855، أولى المستعمرات، إذ اشترى قطعة أرض في مدينة القدس أقام عليها في سنة 1857، أول حي سكني يهودي في فلسطين خارج أسوار مدينة القدس، وهو "حي مشكانوت شعنا نيم" الذي عُرف فيما بعد بيمين موسى. وفي سنة 1860، اشترى اثنان من اليهود قطعتَي أرض في فلسطين، الأولى قرب أراضي قالونا، والثانية حول بحيرة طبرية، وفي السنة نفسها تم بناء أول 20 مسكناً لم تُشْغل إلّا في سنة 1862، وبذلك بدأت الخطوات العملية الأولى للاستيطان اليهودي في فلسطين. وتقدّر المصادر الإسرائيلية عدد اليهود في فلسطين في سنة 1881 بنحو 25,000 نسمة كانوا جميعاً يقيمون في القدس والخليل وصفد وطبرية.
[32] على سبيل المثال ما جاء في منشور بعنوان "حوادث عربستان"، العدد 1، 26 ربيع الأول 1277هـ / 12 تشرين الأول (أكتوبر) 1860م، والمنشور ضمن محفوظات بكركي. وقد نص الخبر على أن مخبراً نصرانياً أخبر فؤاد باشا الوزير العثماني الموفد لتسوية الأزمة، بتجمع درزي في ينطا ما بين 1000 و2000 نفر، وأن الوزير أرسل فرقة للكشف والتحقق من صحة الخبر، وتبيّن لها عدم صحته. والأرجح، بحسب التقدير العقلاني، أن المخبر، وهو من إحدى القرى المجاورة، رأى الحشد، إلّا إن الحشد غادر في اتجاه حوران في الوقت ما بين إيصال المخبر الخبر وإرسال القوة من أجل الكشف. ولم نعثر على أعداد أُخرى من المنشور في محفوظات بكركي نفسها أو في المكتبات اللبنانية.
[33] تمثلت أحداث الكرك في تحشيد الدروز لقبيلة حليفة لها في النزاع بينها وبين أهالي الكرك، وفي الهجوم على الكرك وعلى قرية مجاورة وقتل 70 منها وسلب أموالها، فضلاً عن نزوح سكان 14 قرية مجاورة. وقد تحشدت قوات الحكومة لردع المهاجمين، كما رَشَت عربان البلقاء لإبعادهم عن الدروز، إلّا إن الوساطة الإنجليزية رست على تسليم القاتلين ودفع دية القتلى من دون مواصلة المعركة العسكرية.
انظر: "الوثائق العثمانية عن الأحداث" في: أبو حسين، مصدر سبق ذكره، ص 137 – 147.
[34] أحداث السمية وشعارة هي صراع بين قاسم الحلبي وحسين الأطرش من دروز حوران وقبائلها على أراضي القريتين البالغ مساحتها 70,000 دونم، وقد تحشدت القوات العسكرية النظامية لردع المهاجمين، وقضت التسوية بانتزاع القريتين منهما. وورد في برقيتين في 6 نيسان / أبريل 1886، تشدُّد في منع دروز جبل لبنان من الالتحاق بدروز حوران في إثر أحداث السمية وشعارة. انظر: المصدر نفسه، ص 150 – 153.
[35] جاء في المصدر نفسه وثيقة مؤرخة في 2 كانون الأول / ديسمبر 1895 تذكر الغليان في جبل لبنان، وأُخرى في 4 و6 كانون الأول / ديسمبر 1895 تتناول المساعدة الفعلية، كما تذكر محاولة السلطات العثمانية وضع طابور في مرجعيون وبانياس لإعاقة تحرك الدروز.
وتذكر صحيفة "لسان الحال" أيضاً، في 19 / 12 / 1895، أنه كان هناك تجمع درزي في بعض قرى الشوف للنجدة في نيحا، وأن نجيب بك جنبلاط ومصطفى أرسلان قائممقام الشوف قصدا هذا التجمع لمنع المتجمعين من مواصلة الذهاب، واعتقلوا 85 ممّن كانوا السبب في التهييج. ولمّحت إحدى الوثائق (7 / 12 / 95) إلى هذا الخبر، من دون أن تسمي الزعيمين، بينما ذكرت وثيقة أُخرى (30 حزيران / يونيو 1897) طلب الصدر الأعظم ترقية نسيب جنبلاط لما أبداه من إخلاص في أثناء حادثة دروز حوران (ص 93) على الرغم من طلب فريق من السلطان إقصاءه في سنة 1893 (ص 92). كما ذكرت "لسان الحال" في 26 تشرين الثاني / نوفمبر 1895، تحشد دروز حاصبيا وراشيا لمساعدة مجدل شمس، بينما ذكرت صحيفة "البشير" في التاريخ نفسه إرسال الحكومة إلى قضاءَي راشيا وحاصبيا عدداً كافياً من العساكر النظامية، "فأصبحت الراحة معززة". وورد في وثيقة بين أوراق أمين بك شقير وموجودة في حيازة ولدَيه، فؤاد ونجيب، قيام حملة تبرعات لدروز المجدل في المتن الأعلى بلغت قيمتها 16,287 قرشاً.
[36] ورد في "الوثائق العثمانية عن الأحداث" في: أبو حسين، مصدر سبق ذكره، برقية في 17 آب / أغسطس 1905، ذُكر فيها عبور مجموعات من دروز جبل لبنان إلى حوران على الرغم من الأوامر السابقة المشددة بمنعهم من ذلك.
[37] "لسان الحال"، 14 صفر 1295ه/14 شباط (فبراير) 1878، رسالة رافع عبد الصمد.
[38] "لسان الحال"، 6 ربيع الثاني 1295ه/6 تموز (يوليو) 1878. وقد كتبَتْ: "والمعلوم لدى العموم أن هذه السنة أشد السنين عسراً، ولم يرَ الأهالي أياماً مثلها."
[39] "لسان الحال" في 19 رجب و7 و17 ذي القعدة و1 ذي الحجة 1295 و1 محرم 1296ه/6 تموز (يوليو) و19 و26 تشرين الأول (أكتوبر) و13 تشرين الثاني (نوفمبر) و14 كانون الأول (ديسمبر) 1878م.
[40] أورد أرليخ، مصدر سبق ذكره، في سياق عرضه الاستيطان الصهيوني في المطلة، أن سكانها هم 50 عائلة درزية أجيرة أصلها من منطقة دير القمر في الشوف، والتي هربوا منها بعد أحداث 1860.
[41] يذكر مثقال الحجار في رسالة بعثها في 20/6/2020، أن آل الحجار، وكان اسمهم آل بدر، هم من سكان السمقانية، وأنهم اختلفوا مع آل هرموش الذين قتلوا منهم 15 رجلاً، فرحلوا في اتجاه المطلة. وتتوافق هذه الرواية مع أورده محمد خليل الباشا في: محمد خليل الباشا، مصدر سبق ذكره، المجلد الأول، ص 419، وما أورده مسعد خلد في "الحوار المتمدن"، العدد: 4094، 16/5/2013، مصدر سبق ذكره. ولم يُذكر في مصدرين معاصرين (حيدر الشهابي، "لبنان في عهد الأمراء الشهابيين"، بيروت: منشورات الجامعة اللبنانية، 1969؛ طنوس الشدياق، "كتاب أخبار الأعيان في جبل لبنان"، بيروت: منشورات الجامعة اللبنانية، 1970) نزاع آل هرموش مع إحدى العائلات، كما لم يرد ذكر لهزيمة دروز دير القمر في أحداث 1860. إلّا إن المعروف أن العائلات الدرزية نزحت بعدها، وأن السمقانية كانت ساحة قتال وتحشّد بين الحاكم في بيت الدين، الأمير بشير الثاني، وبين مناوئيه المحليين، وهم: بشير جنبلاط في سنة 1825، وآل نكد في سنة 1793، وفي معاركه مع الولاة، الأمر الذي يجعلها قرية مضطربة. وربما يكون بعض أهلها مع الشيخ بشير جنبلاط الذي استُبيح أنصاره وأملاكه.
ويذكر ذياب، مصدر سبق ذكره، أن أصل عائلته من عرمون، من دون أن يحدد تاريخ انتقالهم إلى المطلة.
[42] إدوار روبنصون، "يوميات في لبنان 1860"، ترجمة أسد شيخاني (بيروت: وزارة التربية والفنون الجميلة، ط 1، 1950)، وهي فصول من كتابه:
Edward Robinson and Eli Smith, Biblical Researches in Palestine, and in the Adjacent Regions: A Journal of Travels in the Year 1838 and 1852 (Cambridge: Cambridge University Press, 1867).
[43] انظر: أبو عز الدين، مصدر سبق ذكره، ج 3، ص 177 و254، فقد ورد في هذا المصدر شراكة عبد الصمد في مطحنة الجرذونية في القليعة، غير البعيدة (1275ه/1858م)، فضلاً عن اتهام سعيد جنبلاط له بإثارة القلاقل في قرى شوفية (1264ه/1848م)، وبأن سعد الدين شهاب التجأ إليه لحمايته في سنة 1268ه/1852، عندما هرب من ملاحقة السلطة له بسبب غضب ملكة بريطانيا عليه، وله أملاك كثيرة في منطقة جزين. وحجة شراكة المطحنة موجودة بين محفوظات الأستاذ نائل أبو شقرا.
[44] شاكر الخوري، "مجمع المسرات" (بيروت: دار لحد خاطر، ط 2، 1985)، ص 375 - 377.
[45] أرليخ، مصدر سبق ذكره، ص 75، 76.
[46] مصطفى بزي، "جبل عامل وتوابعه في شمال فلسطين (بحث في تطور الملكية العقارية)"، (بيروت: دار المواسم للطباعة والنشر والتوزيع، ط 1، 2002)، ص 315، ومرجعه "الموسوعة الفلسطينية".
[47] أرليخ، مصدر سبق ذكره، ص 75 و76.
[48] روى ذياب، مصدر سبق ذكره، ما يلي: "أقام روتشيلد مزرعة في المطلة، وكان يديّن الفلاحين على الموسم، وعندما لا يفون يحاول استيفاء ذلك أرضاً، وكان يوسّط حمد قيس، قاضي مذهب حاصبيا، لحل المشكلات."
[49] يصف الخوري في: مصدر سبق ذكره، ص 375 - 380، جبور بالقول: "كان عناده سبباً لخرابه، وقام عليه فلاحو البلد التي اشتراها وهي قرية المطلة وسكانها من الدروز [....] فأهاج عليه الأهالي وطردوه من قريتهم"، كما يصف بخله عبر علاقته بملحم فارس الذي كان مستأجراً عند جبور وعالج ابنه لمدة شهرين حتى شفي من دون مقابل، لكن جبور أصر على الإيجار.
وبحسب الخوري، مصدر سبق ذكره، فإن جبور هو أعظم الجميع في صيدا، وهو، وفقاً لما أورده فيليب دي طرازي، "تاريخ الصحافة العربية" (بيروت: المطبعة الأدبية، 1913)، الجزء الأول، ص 75 – 78، عضو العمدة الثانية لجمعية مجموعة العلوم (1869) التي أصدرت مجلة باسمها في سنة 1284ه/1868م، و"غرضها تنشيط المعارف وتعزيز شأن الآداب وزيادة انتشار المدارس لتنوير الأذهان وارتقاء الأمة على معارج الفلاح." وضمت عمدتها الوجهاء من بلاد الشام والعراق والآستانة، ورَأَس أول عمدة لها محمد أمين أرسلان، وكانت محدودة العدد، ورَأَس العمدة الثانية، حسين بيهم، وهو بحسب رؤوفين أرليخ (مصدر سبق ذكره)، المستند إلى الأرشيف الصهيوني، على علاقة بشكيب أرسلان الذي وسّطه بيهم لحل النزاع مع أهالي المطلة.
[50] أورد أرليخ، مصدر سبق ذكره، ص 75 و76، أن علاقات سكان المطلة، المعروفين ببأسهم وهيبتهم في المنطقة كلها، لم تكن جيدة مع الصهيونيين، إذ نشأ فيها قبل الحرب العالمية الأولى نزاع شديد بين سكان المستعمرة والدروز اللبنانيين، بدأ بعدما اشترى الموظف الرئيسي للبارون في أرض الجليل، يهوشواع أوسوفيتسكي، أراضي المطلة من جبور بك رزق الله الذي باعها لرفض سكان القرية دفع رسوم الحراثة، كما رفضوا إخلاء المكان، وظل موظفو البارون حتى سنة 1904 يخوضون معهم مفاوضات صعبة ومتقلبة.
[51] القول الأول بأن الانتفاضة اقتصرت على دروز المطلة وحدودها، وتدخّل قائممقام الشوف وانتهاء الانتفاضة، إنما يستند إلى ما جاء في "لسان الحال" (7 – 14 شباط / فبراير 1878)، وإلى رواية سعيد فرنسيس، ابن القليعة – مرجعيون والقريب العهد بها في كتابه المذكور سابقاً، ص 117، وهو حفيد يوسف فرنسيس المعاصر للانتفاضة، وذي الموقع الاجتماعي والسياسي والعسكري في أحداث منتصف القرن التاسع عشر.
أمّا القول الآخر بتمدد الانتفاضة إلى منطقة مرجعيون ثم وادي التيم، وانتقال قائدها إلى مجدل شمس والتفاف الدروز حوله، فيستند إلى كتاب قيس فرّو (Firro, op. cit., p. 165) المستند بدوره إلى وثائق الخارجية البريطانية (Fo 195/1201).
[52] يظهر ذلك جلياً في أخبار "لسان الحال"، إذ أرسل قائممقام الشوف، مصطفى أرسلان، مدراء القائممقامية ووجهاءها الدروز مع قوة لحمل الأهالي على الهدوء، كما أرسل رستم باشا، متصرف جبل لبنان، قوة لمساعدة عساكر الدراغون، لأن المنطقة ليست تابعة له، وأُرسل وفد من وجهاء الدروز إلى مجدل شمس (نجيب جنبلاط، قاسم العماد، حمد حمادة، مع شيخ البياضة) للتنبيه. انظر أيضاً: فرنسيس، مصدر سبق ذكره.
[53] يظهر ذلك من عرض فرّو المستند إلى تقارير قناصل فرنسا وبريطانيا.
[54] أورد أبو حسين، مصدر سبق ذكره، ص 130، وثيقتين وضع عنوناً لهما هو: "خلاف بين دروز حاصبيا والمتاولة"، إلّا إن مضمون الخبر فيهما يُظهر توجه متصرف حوران إلى راشيا للتحقيق، ثم كيف تحولت البرودة بين دروز حاصبيا والمتاولة إلى احترام ووفاق.
ووضعت "لسان الحال" أيضاً، 3 تشرين الأول / أكتوبر 1878، مقدمة لخبر مقتل خليل أبو عباس من حاصبيا بالتباعد بين الدروز والمتاولة من دون أي معلومات، فضلاً عن عدم تحديد هوية المقتول المذهبية.
[55] محمد خليل الباشا، مصدر سبق ذكره، ص 404، وقد تناوب نسيب جنبلاط على هذا المنصب مع مصطفى أرسلان، حتى سنة 1904.
[56] انظر: بزي، مصدر سبق ذكره، ص 310؛ ذياب، مصدر سبق ذكره.
[57] تُجمع المصادر على استدعاء القائممقام له في سنة 1894، ويحدد حردان، مصدر سبق ذكره، أن ذلك حدث في تشرين الأول / أكتوبر، وقد وُجدت جثته على نبع الحمام، وفقاً لما يقوله البعض، ونبع الدردارة، بحسب البعض الآخر، وكلاهما في الخيام. ويورد محمد جابر آل صفا، المعاصر للحدث، في مصدر سبق ذكره، ص 256 – 265، اتهام الدروز كلاً من الخياميين والمسيحيين بقتله، لكن رضا الصلح المكلف بالتحقيق كشف قتل القائممقام له. ولم يرد عند فرنسيس، مصدر سبق ذكره، الجهة المتهمة، لكنه قدّر قتله بإيعاز من الصهيونية (ص 112). أمّا حردان فقال إن أهل مرجعيون اتُّهموا بقتله، وإنهم طلبوا من الحكومة المساعدة، فبعثت فيلقاً نابلسياً ليمنع العدوان عنهم، وذلك بعد ورود أخبار عن تحشيد درزي في الماري والمطلة، وقد دفعت مرجعيون دية القتيل، نتيجة تدخّل ولايتَي سورية وبيروت. ولم يمضِ مدة طويلة حتى عُرف الغريم، "فاشتدت الأزمة بينهم وأهل الخيام، وأخذت الجرود تتجمع في الماري، فنَجَدَ أهالي الجديدة الخياميين إلى أن وصلت نجدة جبل عامل." انظر: حردان، مصدر سبق ذكره، ص 91، 92.
[58] تُجمع المصادر القريبة العهد بالحدث، حدوث تحشيد شيعي – درزي بعد مقتل الحجار، يصفه آل صفا، مصدر سبق ذكره، الذي كان حاضراً في تسوية النزاع سلمياً، بأنه في خريف السنة المذكورة (1894) وصل خبر إلى النبطية بأن دروز حاصبيا ووادي التيم يحشدون لمهاجمة الخيام، فعقد السيد حسن يوسف الحسيني، مؤسس المدرسة الحميدية في النبطية، مجلساً تقرر فيه إرسال منشور يدعو إلى الدفاع عن الخيام بقوة السلاح من دون تعدي الحدود، وقد كتبه محمد جابر آل صفا نفسه ورضا الصلح. فحشد الشيعة ما بين 15,000 و20,000 رجل، وكانت القيادة في الخيام لمحمد وإبراهيم آل عبد الله، واتفق الشيعة مع أمير عرب الفضل محمد الفاعور، ورئيس عشائر الجركس يكمز، لإمداد الشيعة بالخيل والرجال، واستنهضوا العشائر الحمادية، وحالفهم المسيحيون، وقابلهم تحشيد درزي في الماري. وقد توسط الأمير سعيد الشهابي، أمير الشهابيين، ومحمد قيس وأبو علي سباغة، كما أرسل والي الشام القومندان خسرو باشا على رأس 400 فارس للمرابطة في حاصبيا، ووصل من ولاية بيروت فرق من الدرك بقيادة مصطفى الكردي إلى الخيام، وجرى التوافق على تشكيل لجنة من الطرفين أمكنها الوصول إلى تسوية الوضع. وورد أن سبب الحادثة هو خلاف في بانياس بين 2 من الخيام و3 من عين قنيا، فجُرح 1 من الخيام وقُتل 1 من عين قنيا، وقابله تحشيد خيامي. انظر: آل صفا، مصدر سبق ذكره، ص 256 - 265.
أمّا فرنسيس، مصدر سبق ذكره، فيربط الحادثة، ويسميها حركة الجرود، بمقتل علي الحجار وانتقال سكان المطلة إلى الماري حيث توترت الأمور بين الخيام والماري، وقدّر أن السبب هو اعتداء 3 من أهل الماري لـ 2 من الخيام، فاحتشد العديد من جبل عامل ومن حاصبيا، وكادت تنفجر لولا تدارك العقلاء، إذ اجتمع في سوق الخان (الحدود) خسرو باشا عن الحكومة، وخليل الأسعد ونعيم بك الفضل عن الشيعة، وحمد قيس وأبو مزيد أبو صالح من المجدل، وكُتب صك الصلح، وكاتباه هما محمد جابر الأنصاري، وأسعد فرنسيس. انظر: فرنسيس، مصدر سبق ذكره، ص 115.
أمّا حردان فحدد زمنه بعد زمن قصير من مقتل الحجار وسببها معرفة الغريم. حردان، مصدر سبق ذكره، ص 91، 92.
ولم يُضف مَن كتب عنها لاحقاً ومَن قابلنا، جديداً.
[59] أورد ذلك سعيد نفاع في: "العرب الدروز والحركة الوطنية الفلسطينية" (عمّان: دار الجليل للنشر والدراسات والأبحاث الفلسطينية، 2009).
[60] المصدر نفسه يذكر: "يروي يتسحاك أفشتاين: جاء موظف المستعمرات إلى المطلة يحمل كيساً من الذهب في عربته، وتشاء الصدف أن يلتقي مع موظفي وجنود الدولة العثمانية الذين جاؤوا لاعتقال المتهربين من الخدمة، وكان الأهالي أمام خيارين: التوقيع أو الاعتقال، فوقّعوا ونزح 600 نفس من القرية، واستُقدم 60 فلاحاً يهودياً سكنوا في منازل الدروز."
[61] بزي، مصدر سبق ذكره، ص 316.