اختُتمت، مساء الاثنين ١٢ شباط/فبراير، أعمال الدورة الثانية لمنتدى فلسطين السنوي، والذي ينظمه كل من مؤسسة الدراسات الفلسطينية والمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، واستمر لمدة 3 أيام (١٠ – ١٢ شباط/فبراير ٢٠٢٤) في العاصمة القطرية الدوحة. وقُدمت خلال هذه الأيام ٧٠ ورقة علمية محكمة عُرضت في جلسات متخصصة، ووُزعت في مسارات متوازية، كما تخلل البرنامج ٥ ندوات عامة تناولت العدوان على غزة. وكان قد افتتح كل من طارق متري، رئيس مجلس أمناء مؤسسة الدراسات الفلسطينية، وعزمي بشارة، مدير المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، المنتدى يوم السبت ١٠ شباط/فبراير ٢٠٢٤، وقد تناولت كلماتهما العدوان على غزة وحرب الإبادة الجماعية.
وتناولت أعمال اليوم الأول - السبت ١٠ شباط/فبراير - جلسة بعنوان "فلسطين وحركات التضامن العربية"، وتحدثت عن حركات التضامن مع فلسطين في المغرب والجزائر، فضلاً عن جلسة تحدثت عن "فلسطين في السياق الدولي"، عارضة علاقة السلطة والمال والأخلاق واللوبي المؤيد للصهيونية وسياسة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني في المملكة المتحدة، وكذلك الدبلوماسية الفلسطينية وصناعة النظام الدولي.
أمّا الجلسة الثالثة، فقد خُصصت، تحت عنوان "في حق العودة الفلسطيني"، للحديث عن محالات إنكار حق العودة، ونماذج لتحقيق العودة في ظل الاستعمار الاستيطاني. ووصولاً إلى الجلسة الرابعة، وهي الأخيرة، فقد تناولت موضوع "استعادة الأرشيف المسروق"، وتحدثت عن استكشاف الصور والأفلام الناجية من النهب الاستعماري، وأرشيف دائرة الآثار الفلسطينية. وبالنسبة إلى الجزء الثاني من الجلسات، فقد تناول موضوعات تتعلق بـ "النكبة: رؤى من خلال سجلات الأرشيف"، و"الاستيطان في الضفة"، و"القدس: سياسات المحو والمقاومة"، و"نظام الأبارتهايد والهيمنة الاستعمارية".
أمّا اليوم الثاني - الاثنين ١١ شباط/فبراير - فقد استُهِل بجلسة بعنوان "تصورات لمستقبل فلسطيني"، قدّمتها شبكة السياسات الفلسطينية، وتحدثت فيها عن إعادة تصوُر الاستدامة الاقتصادية والقومية الفلسطينية، وإعادة إعمار القرى التابعة لهيئة أرض فلسطين. أمّا الجلسة الثانية، التي تحدثت عن "الشباب الفلسطيني والديموغرافيا"، فقد تناولت تجربة الطلبة الفلسطينيين في الجامعات البريطانية، والشباب الفلسطيني بين الاحتلال والأوضاع الاقتصادية. وقد خُصصت الجلسة الثالثة لتناول موضوع "الاقتصاد الفلسطيني: بين الصمود والكفاف"، وقد قدّمها معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطينية "ماس"، وتناولت إشكاليات هوية الاقتصاد الوطني الفلسطيني والعمالة الفلسطينية وإحكام السيطرة الاستعمارية. وانتقالاً إلى الجلسة الرابعة، فقد تناولت موضوع "القيادات والمؤسسات الفلسطينية في بداية القرن العشرين"، وتطرّقت إلى القيادات الفلسطينية؛ منذ فترة الحاج أمين الحسيني، وتطوُّر الأدوار الاجتماعية عند الأعيان المقدسيين، وتحولات المؤسسات الدينية في فلسطين. وتناول الجزء الثاني من الجلسات عناوين كـ "منظومة السجن الإسرائيلية"، وهي جلسة تحدثت عن العنف الإسرائيلي تجاه السجناء الفلسطينيين، وسياسات المراقبة والهروب واحتجاز جثامين الشهداء الفلسطينيين، كما كانت هناك جلسة بعنوان "الفلسطينيون ومنظومات القوانين"، تناولت التشريعات الفلسطينية والمواطنة وحق تقرير المصير والقضاء الدستوري الفلسطيني، فضلاً عن "الشتات الفلسطيني: الانتماء والمواطنة"، وهي الجلسة التي تحدثت عن أثنوجرافيا الأمومة لدى الشباب الفلسطيني في كندا واللاجئين الفلسطينيين في تشيلي وغيرهم في أوروبا. أمّا العنوان الأخير، "في المقاومة الفلسطينية"، فقد تطرّق إلى الإبداعات العسكرية في غزة وتداعياتها الاستراتيجية، والمواجهة في الضفة الغربية، والشرعية الدولية للمقاومة الفلسطينية المسلحة.
وفي اليوم الثالث والأخير - ١٢ شباط/فبراير - تناولت الجلسة الأولى "فلسطين في أصدائها العالمية، فكراً وتضامناً"، وتحدثت عن مسألة العرق والعدالة والماركسية وما بعد الاستعمار وصعود التضامن الأذربيجاني مع فلسطين وتراجعه. بينما تحدثت الجلسة الثانية عن "اللاجئون والمهجرون: الذاكرة والمكان"، وتناولت التأريخات الشفوية، وإعادة تخيُل نهر البارد، والاستعمار الاستيطاني، ومهجري المدن الفلسطينية. أمّا الجلسة الثالثة، فقد تناولت موضوع "المجتمع الفلسطيني: الانتماء والفاعلية"، وتحدثت عن ممارسات الانتماء في الداخل الفلسطيني، عبر العمل التطوعي والمجتمع المدني الفلسطيني، والفاعل الاجتماعي الفلسطيني.
وبالنسبة إلى الجلسة الرابعة، فقد تناولت "أنظمة السيطرة الاستعمارية في غزة والضفة الغربية"، عبر الحديث عن الوضع القانوني لقطاع غزة بصفته أرضاً محتلة في القانون الدولي، والهيمنة الاستعمارية والحكم غير المباشر في الضفة الغربية، والبرجوازية التجارية في السياق الفلسطيني. كما تناولت الجلسة الخامسة "الصحة والبيئة في سياق الاستعمار الاستيطاني" متطرقة إلى الفصل العنصري، والمرضى الفلسطينيين في غزة، وتدفُق النفايات إلى الضفة الغربية. وبعدها، تناولت الجلسة السادسة "فلسطين وصراع الذاكرة: نماذج نصّية"، عبر مناقشة مجموعة عرين الأسود، وإعادة تصوُر التحرر وتحرير الذاكرة، وتغييب التاريخ الفلسطيني في إسرائيل. أمّا الجلسة السابعة والأخيرة، فقد تحدثت عن "تحديات بناء الاقتصاد في ظل الاحتلال"، عبر استشراف بدائل للاقتصادات والالتفاف على السيطرة الإسرائيلية والحق في التنمية.
أمّا الندوات العامة، فقد خُصصت جميعها للحديث عن حرب الإبادة الجماعية على غزة، عبر التطرّق إلى المواقف العربية والدولية من العدوان على غزة، والعدوان على غزة في وسائل الإعلام العربية والغربية، وتحديات إعادة الإعمار في غزة بعد العدوان، وحركة "حماس" بعد العدوان على غزة، والمشروع الوطني الفلسطيني بعد العدوان على غزة.
يُعدّ المنتدى السنوي لفلسطين الحدث الأكاديمي السنوي الأبرز عالمياً المخصص للقضية الفلسطينية؛ وذلك من ناحية الجودة الأكاديمية للأوراق البحثية المقدّمة فيه، وتنوُّع المقاربات البحثية والباحثين المساهمين من مختلف أنحاء العالم. وأصبح هذا المنتدى يمثّل رافداً مهماً للبحث العلمي بشأن فلسطين، واكتسب سمعة عربية ودولية، وجذب هذا العام حضوراً واسعاً من المهتمين بقضيتها وسياقاتها الإقليمية والعالمية، ويُعدّ مكاناً للالتقاء وتبادُل وجهات النظر بشأن فلسطين والقضايا العديدة المرتبطة بها.