يقوم الإعلام الإسرائيلي في معظمه، أي الصحافة المكتوبة والمسموعة والمرئية، على مؤسسات قوية اقتصادياً يملكها أثرياء، أحياناً بالوراثة مثل مالكي صحيفة "يديعوت أحرونوت" (عائلة موزس)، و"هآرتس" (عائلة شوكن)، وهي مربحة ومجدية مالياً، وتوفر لصاحبها نفوذاً عاماً في الدولة. أي أن الإعلام الإسرائيلي يعمل ضمن حيز مستقل إلى حد كبير، وذلك بسبب موارده الاقتصادية الكبيرة، سواء لدى المالكين، أو من الإعلانات (يصل ثمن الإعلان بحجم نصف صفحة داخلية في "هآرتس" أيام الجمعة إلى 5000 دولار مثلاً)، وهذه القوة الاقتصادية تجعله غير متعلق بالمستوى السياسي أو الحكم أو حزب معين. وينطبق ذلك على الصحف والقنوات التجارية (مثل القناة 12 والقناة 13)، وكذلك على الإذاعات المحلية المناطقية أو مواقع الإنترنت الإخبارية مثل "واينت" (يديعوت أحرونوت)، أو "إن 12" (القناة 12 التجارية)، أو "واللا" (مؤخراً أصبح بملكية رجل أعمال استحوذ قبل أعوام على "جيروزاليم بوست" و"معاريف" وغيرها من المشاريع الإعلامية).
وحتى الإعلام الرسمي، مثل هيئة البث العامة ("كان"، و"ريشت بيت"، وغيرهما)، فهو مموّل من الدولة، لكنه لا ينطق باسمها أو باسم الحكومة. فهو مستقل إلى حد كبير عن المستوى السياسي، بل ينتقد الحكومة ومؤسسات الدولة إذا لزم الأمر مثل أي قناة غير رسمية أُخرى. وبسبب عدم ارتباطه بالسوق بسبب تمويله الرسمي، يُنتج وثائقيات ومسلسلات بمستوى عالٍ مقارنة بالقنوات التجارية الربحية، لأنه لا يدخل في دوامة "الريتينغ" (مؤشر نسب المشاهدة اليومية) والبرامج الترفيهية والمسابقات و"الريالتي تي في" (ما يسمى "تلفزيون الواقع").
الصدمة
أفاقت إسرائيل في ساعة مبكرة يوم السبت الموافق فيه 7 تشرين الأول / أكتوبر 2023، على مشهد سيارة "تندر تويوتا" بيضاء تحمل مسلحين من كتائب القسّام، تجول في شوارع بلدة أوفاكيم في الجنوب. وقد انتشر هذا الفيديو بسرعة وبكثافة عبر تطبيقات التواصل والسوشيال ميديا.
في الساعات الأولى من ذلك السبت، سبق الإعلامُ الأجهزةَ الأمنية وتحديداً الجيش، فقد أطلقت القنوات التلفزيونية والإذاعية البثّ المباشر، وكان مراسلوها في الميدان، وخصوصاً أولئك الذين يسكنون في البلدات الجنوبية والقريبة من قطاع غزة. وقال أحد المراسلين من الجنوب في حديث مباشر لإحدى القنوات ذاك الصباح أنه يريد حمل السلاح، وإن "الجميع يريد حمل السلاح"، بينما قام المراسلون والمحللون العسكريون في الإستوديوهات بنقل رسائل وصلتهم عبر "واتس آب" من سكان محاصرين في بلدات الجنوب، استنجدوا فيها بالجيش وقوات الأمن. كما تحدث إلى القنوات محاصرون مباشرة عبر الهاتف، وتساءلت فتاة وهي تبكي "أين الجيش؟"
تحولت القنوات إلى خط طوارىء يستقبل الاتصالات من المحاصرين في بلدات الجنوب، بينما بدا كأن المراسلين العسكريين يقومون بتوجيه قوات الجيش والأمن (غير الموجودين) إلى أماكن المحاصرين، مثل تلك الأسرة المحاصرة في بيتها في ذاك الشارع، وغيرها وغيرها.
كانت هذه المرحلة الأولى في الإعلام الإسرائيلي منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر، وهي مرحلة الصدمة، إذ كانت القنوات والإذاعات تتلقى الاتصالات والرسائل من المحاصرين كما لو أنها محطة الشرطة في سديروت. وإلى جانب الصدمة، قامت تلك القنوات والإذاعات بدور كان من المفترض أن تقوم به أجهزة الدولة في الجنوب، لكنها انهارت في ذاك السبت على وقع العملية المفاجئة لكتائب القسّام، وسيطرتها على قواعد عسكرية، وتدمير شبكات وأجهزة مراقبة واتصالات. لقد أخرجت العملية جزءاً كبيراً من قوات الجيش من الخدمة منذ بدء الهجوم وأصابته بالشلل، فغابت الدولة عن الجنوب لعدة ساعات.
التجنّد والتجييش
يمكن اعتبار المرحلة الثانية في سلوك الإعلام الإسرائيلي مرحلة التجنّد الطوعي في خدمة الرسالة العسكرية والخطة الحربية، وشيطنة كل ما هو فلسطيني، إذ باتوا كلهم "حيوانات آدمية"، مثلما قال وزير الأمن الإسرائيلي، يوآف غالانت، وأصبحت حركة "حماس" تُنعت بـ "داعش"، بينما ذهب صحافي في "القناة 12" خطوة أبعد في التجييش والشيطنة، بوصف "حماس" ومن معها في غزة بالنازيين. هذا الصحافي بالمناسبة، هو ابن لصحافي دِينَ قبل عقود بالإرهاب ضد الفلسطينيين وانتسابه إلى عضوية ما يُعرف بـ "همحتريت هيوديت" (التنظيم اليهودي السرّي)، والتي استهدفت حافلة طلاب فلسطينيين.
بل إن مسؤولاً سابقاً رفيعاً في النيابة العامة قال للقناة "كان 11" الرسمية إنه لا فرق بين مقاتلين ومدنيين في غزة، فكل مدني في غزة قد يقدم الطعام أو المساعدة إلى المقاتلين، أو يأويهم في منزله، الأمر الذي يعني شرعنة تدمير البنايات وقصف المنازل. ويورد هذا المسؤول مبرراً "قانونياً دولياً" بأن القانون الدولي لا يأتي على ذكر حالة مثل تلك التي واجهتها إسرائيل في السابع من أكتوبر / تشرين الأول، وأنها الدولة الوحيدة – الأولى – التي واجهت هجوماً كهذا.
ويصطف في إستوديوهات القنوات الرئيسية ضباط متقاعدون من جميع الأنواع، من الاستخبارات العسكرية والقوات البرية والجوية والبحرية، والـشاباك والـموساد، وصولاً إلى قادة متقاعدين لفرق المدرعات وغيرهم. وتستمر هذه الأجواء في الإستوديوهات طوال أيام الحرب، بحيث بدا المراسل أو المحلل السياسي أو العسكري كأنهم أقل شأناً من "الضابط المتقاعد"، فها هم يكررون ما يسمعونه في أروقة الجيش، أو ما يصلهم عبر "واتس آب" من "مصادر أمنية رفيعة"، أو "مصدر سياسي رفيع"، يلقِّناهم ما يتعين عليهم قوله. وفي أول أسابيع الحرب، كان الضباط المتقاعدون يجلسون في المقاعد الأقرب إلى المقدم أو المحاور، كأن ترتيب "بانل" الضيوف هو بحسب الرتب العسكرية، ويبدو أن القنوات التفتت إلى ذلك مؤخراً وعدلته.
لقد تبنّى الصحافيون في الإستوديوهات رواية الجيش، وروّجوا لها طواعية، وصارت العسكرة والتجييش والدعوات إلى القتل الجماعي للفلسطينيين في غزة هي الطاغية والمهيمنة على أي تغطية أو حوارات، من دون أي تساؤل أو تشكيك في رواية الجيش، أو مناقشة (حتى لا أقول الاعتراض) عدم التمييز بين المدنيين والمقاتلين في غزة. وصار الناطق باسم الجيش الإسرائيلي ضيفاً ثابتاً في القنوات، يظهر مرة في الصباح ومرة في المساء، في ساعات ذروة المشاهدة التلفزيونية، ويقدم إفادته اليومية، ويجيب عن أسئلة الصحافيين. وطوال أيام الحرب، لم يسأل أي صحافي سؤالاً واحداً يشكك فيما يقوله.
جرى التركيز في الفقرات السابقة على قنوات التلفزة، وتحديداً التجارية، لأنها الأكثر رواجاً ومتابعة، حتى في الأيام العادية، وهي في العادة تُعتبر إعلاماً ترفيهياً عدا ساعات معدودة في الصباح والمساء تخصص للبرامج الإخبارية والحوارية التي تتناول أحداث الساعة؛ لكن البرامج في الساعات المتبقية، وهي ترفيهية سطحية، فهدفها المنافسة على المتابعين والمعلنين، لأن هذا هو المعيار الأهم لمالكي القنوات: أموال المعلنين. وما ذُكر عن التلفزيون ينطبق إلى حد كبير على سائر وسائل الإعلام، سواء الصحف ومواقع الإنترنت والإذاعات، إلّا باستثناءات قليلة جداً.
الجيش يقبل تبادل الأسرى
إذاً، بدا الإعلام الإسرائيلي كأنه قطيع يصطف خلف المؤسسة العسكرية، يردد ولا يتساءل، يلفّق المعلومات، ويشيطن الفلسطينيين ويصفهم بالنازيين، ولا تسلم السلطة الفلسطينية من ذلك. ومثلما أن المستوى السياسي لا يطرح سؤال "اليوم التالي" بعد الحرب، فإن هذا السؤال غاب أيضاً عن الإعلام إلّا في مرات قليلة عشية بدء عملية التوغل البري، وطبعاً هذا ليس من باب "المواقف اليسارية"، وإنما من خطر ذلك على الجيش والجنود و"التورط في وَحْل غزة" في ظل انعدام الرؤية أو التصور لما بعد الحرب.
ويمكن تحديد المرحلة الثالثة في سلوك الإعلام الإسرائيلي على أنها مرحلة طرح الأسئلة إلى حد أو سقف معين، أي ليست أسئلة عن جدوى الحرب ولا القتل العشوائي والجماعي للفلسطينيين في غزة، بل عن الإسرائيليين المحتجزين في غزة، وعن تبادل الأسرى، في ظل حملة جدية ومخططة جيداً لما يسمى "منتدى عائلات المختطفين" الذي ينظم نشاطات يومية يشارك فيها عشرات الآلاف من الإسرائيليين الذين يطالبون بتحرير أبنائهم في أقرب فرصة.
لا تنفصل المراحل الثلاث بعضها عن بعض، وإنما هي متداخلة، إذ ليس ثمة فك ارتباط بالمرحلة السابقة أو اللاحقة، بل تحكمها أولاً وأخيراً الخطة العسكرية للحرب على غزة، ومدى تقدّمها، ومدى تحقيق أهدافها. أي أن الإعلام لم يتجند طواعية، ولم يقم بالتجييش للحرب والقتل فحسب، بل أخضع أجنداته وخطابه أيضاً لأهداف الخطة العسكرية التي وضعها المستوى العسكري، وأقرّها المستوى السياسي. فإذا ما رأى الجيش و"كابينت الحرب" أن الوقت حان للحديث عن تبادل أسرى مع "حماس"، فإن الإعلام ينصاع لذلك.
إعلام في خدمة الخطة العسكرية للحرب
في جميع الحروب على قطاع غزة ولبنان، كان الإعلام الإسرائيلي يتجند لخدمة الرواية العسكرية والترويج لها، لكن كان هناك دوماً مَن يطرح التساؤلات، إلى جانب كتّاب يدعون إلى تدمير قرى وقتل المدنيين، سواء في غزة أو لبنان.
هذه المرة، يشعر الإسرائيليون أن الحرب تجري في "عقر دارهم"، فضلاً عن حجم القتلى والأضرار، كما أن تصريحات غالانت عن "الحيوانات الآدمية" لا تعكس فقط تشوهاً أخلاقياً وعنصرية دموية، بل نرجسية إسرائيلية أيضاً فحواها: كيف استطاع هذا "العربي" مفاجأتنا وإيلامنا؟ أي كيف تمكنت هذه "الحيوانات" من أن تتفوق علينا، وتجتاح منازلنا - فيلاتنا؟ ألم يقل إيهود براك مرة إن إسرائيل هي "فيلا في غابة"؟
كان الإعلام الإسرائيلي يتجنّد إلى حد كبير وشبه مطلق في حروب إسرائيل، وتجنُّده كان للحفاظ على تماسك الرأي العام الداخلي؛ لكن هذه المرة يرى الإسرائيليون أنها "حرب غير اختيارية"، خلافاً لحربَي لبنان في سنتَي 1982 و2006 مثلاً التي اعتبروها "حرباً اختيارية" ولم تحظَ بإجماع شامل كما في الحرب الحالية.
ما يقوم به الإعلام الإسرائيلي في هذه الحرب خطر جداً، ويتجاوز التجنيد والتجييش والشيطنة وعسكرة الخطاب؛ فهو هذه المرة يخضع نفسه طواعية، للخطة العسكرية مثلما مرّ معنا، وذلك ليس مجرد خدمة لأهداف الحرب العامة مثل سائر الحروب، بل خضوع للخطة العسكرية. لذا، تواطأ الإعلام الإسرائيلي عن وعي ومع سبق الإصرار، مع الجيش فيما يتعلق بقضية تبادل الأسرى، فقد غيّبها عن أجندته، وعوّض ذلك، بأن استضاف عائلات المحتجزين المدنيين في غزة، وتعاطف معهم ونقل مؤتمراتهم الصحافية، لكنه لم يردد رسالتهم وهي "جميع الأسرى في مقابل جميع الأسرى."
بعد مرور نحو ثلاثة أسابيع على التوغل البري، وحسم النقاش داخل "كابينت الحرب" لمصلحة التوجه إلى صفقة تبادل مع "حماس"، أبرز الإعلام هذه القضية ودفع إليها. لكن قبل ذلك، فإن قلة قليلة من الصحافيين كتبوا عن الصفقة وضرورة استعجالها، وقلة آخرين، مثل رونين برغمان في "يديعوت أحرونوت"، كتبوا عن التناقض بين هدفَي الحرب المركزيين: القضاء على "حماس"، وتحرير الأسرى والرهائن، وأن تحرير الرهائن هو هدف ثانوي للحرب مثلما قال المحلل عاموس هرئيل في "هآرتس" والمحلل طال ليف رام في "معاريف"، ذلك بأن الكتّاب والمراسلين رددوا، في معظمهم، ما قالته المؤسسة العسكرية، من أن زيادة الضغط العسكري على كتائب القسام، سيزيد في فرص تبادل الأسرى.
لقد طرحت "كتائب القسام" إطلاق المحتجزين المدنيين منذ اليوم الأول، لكن إسرائيل رفضت ذلك، وتوجهت إلى التوغل البري، وسار الإعلام في هذا التوجه طواعية. وفي هذا السلوك، تنازل الإعلام عن دوره في التشكيك والتساؤل والتحقق، مخاطراً في ذلك بالمدنيين المحتجزين في غزة. غير أن عدداً قليلاً من الكتّاب، وإن كانوا من المهمين، مثل ناحوم برنياع في صحيفة "يديعوت أحرونوت" ورافيف دروكر في "هآرتس"، كتبوا عن ضرورة تبادل الأسرى، والخلل في سياسة الحكومة والجيش في هذا الشأن، والخلافات بين المستويَين السياسي والعسكري في بداية الحرب.
مثال آخر لإخضاع الإعلام نفسه للخطة العسكرية: قوات الجيش الإسرائيلي تواجه في غزة خطر "النيران الصديقة" وحوادث دهس من الآليات العسكرية، إذ تبيّن أنه في أكثر من حادثة قصفت القوات بعضها بعضاً، إلى درجة أنها باتت من أكبر المخاطر على القوات في غزة. لكن الإعلام تواطأ مع الجيش في هذه المسألة، وأخفاها عن أهالي الجنود والرأي العام، ذلك بأن التشكيك في أداء الجيش من شأنه أن يحدث خلخلة في الإجماع الإسرائيلي، ويثير غضب أهالي الجنود، وهذا طبعاً، في نظر الإعلام والجيش، ليس في مصلحة الخطة العسكرية للحرب، علاوة على الادعاء أن التستر على هذه الحوادث هو جزء من "التعمية" التي يفرضها الجيش أمام "العدو"، وأن هذا جزء من الخطة العسكرية.
خاتمة: "صحافيون وطنيون"... "هسبراه داخلية"... جبن
"الناطق باسم الجيش الإسرائيلي يقوم بوظيفته: الترويج لموقف الجيش، لكن المشكلة تبدأ عندما يرتبك الصحافيون الإسرائيليون، ويعتقدون أن هذه وظيفتهم أيضاً. والحقيقة أن دور الإعلام هو عكس ذلك. الصحافيون ليسوا ناطقين، إنهم صحافيون. فبالنسبة إلى الناطق، المصلحة العليا والوحيدة هي مصلحة المشغِّل، أمّا بالنسبة إلى الصحافي، فإن المصلحة العليا والوحيدة هي مصلحة الجمهور." هذه الكلمات كتبها عيدان رينغ، وهو باحث ومحاضر في الإعلام، في مقالة مشتركة نُشرت في 21 تشرين الثاني / نوفمبر 2023 في منصة "العين السابعة" ("هعاين هشفعيت" بالعبرية، وتُعنى بنقد الإعلام) مع محرر المنصة، شوكي تاوسيغ، وهما يشددان في مقدمة المقالة على أنه "عندما يقدّم لنا الإعلام الإسرائيلي صورة جزئية عن الحرب، فهو لا يُظهر وطنية، بل جبناً."
هذا الوصف (الجبن) يمكن اعتباره تلطيفاً لوصف آخر هو خيانة الحقيقة والجمهور، فهذا ما يقوم به الإعلام الإسرائيلي في مختلف توجهاته بغضّ النظر عن الجهة المالكة، إذ لا يمكن تصنيف وسائل الإعلام في إسرائيل بين يمين ويسار، بل هناك إعلام يميني ويميني متطرف (صحيفتا "يسرائيل هيوم" و"ماكور ريشون" اللتان تملكهما عائلة الملياردير اليهودي الأميركي شيلدون إدلسون)، وإعلام صهيوني ليبرالي على قلّته (صحيفة "هآرتس" مثلاً).
يذهب الكاتبان المذكوران في مقالتهما إلى حد القول إن "الفجوة الهائلة بين الطريقة التي تنعكس بها الحرب ونتائجها في الخطاب العالمي والرأي العام، وبين الطريقة التي ينظر بها الرأي العام الإسرائيلي إليها، ليست مجرد نتاج لمعاداة السامية أو معاداة إسرائيل أو التطرف التقدمي. إنها نتاج اختلاف شاسع بين المعلومات والصور عن الدمار والثمن الإنساني الباهظ الذي يدفعه مواطنو غزة، والتي تقدمها وسائل الإعلام في العالم إلى مشاهديها، وبين تجنّب وسائل الإعلام الإسرائيلية بشكل شبه كامل التعامل مع ذلك."
هذه الفجوة يمكن تلخيصها بأن ما يقوم الإعلام الإسرائيلي به تجاه جمهوره هو ليس سوى "هسبراه داخلية"، أو بالعربية عملية غسيل دماغ في إطار الحرب النفسية الداخلية للجيش على شعبه.