تشير الإحصاءات في قطاع غزة إلى وجود نحو 2,3 مليون فلسطيني، نحو مليون منهم من الأطفال (تحت 18 عاماً)، قتلت إسرائيل منهم حتى الآن أكثر من 10,569 مواطناً بقصف متعمد على الأبنية التي كانوا يسكنونها، أو في الطرقات، أو في المستشفيات، أو على بواباتها، بينما كانوا يعبرون من شمال القطاع إلى جنوبه (المكان الذي يفترض أنه آمن حسب ادعاءات جيش الاحتلال).
وبين المواطنين في قطاع غزة، نحو 1,10 مليون أنثى تسكن في قطاع غزة قبل العدوان الحالي، يشكلن ما نسبته 49.3% من إجمالي السكان في القطاع، منهن 590 ألف أنثى يسكنّ في المحافظات الشمالية لقطاع غزة (محافظة شمال غزة ومحافظة غزة) بنسبة بلغت 53,5% من الإناث في القطاع. وهناك نحو 1,05 مليون طفل دون سن الثامنة عشر يسكنون في قطاع غزة قبل العدوان يشكلون ما نسبته 47,1% من سكان القطاع، منهم نحو 32% دون سن الخامسة (340 ألف طفل).[1]
من بينهم، بلغ عدد الشهداء الأطفال 4324 والنساء 2823 (حتى منتصف نهار 9/11). هؤلاء حين يستشهدون يتم إحصاؤهم كأرقام ضمن الخسائر المدنية. وبدقة متناهية، هم خسائر الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، وهؤلاء يقعون تماماً ضمن المعركة الديموغرافية للشعب الفلسطيني التي تخاض طبيعياً منذ النكبة عام 1948. فهذه المعركة لم يخطط لها أحد، كما ادعت مجلة "إيكونومست" البريطانية التي اعتبرت أن وجود نسبة عالية من الأطفال بين "القتلى" نتيجة تصعيد النزاع في قطاع غزة يرجع إلى سياسة "حماس" في تشجيع الولادات.
يفوت هذه المجلة المعروفة وغيرها ممن يتحدثون عن "الانفجار السكاني" في قطاع غزة، أن المشكلة أولاً في "السجن" الذي خلقته إسرائيل في قطاع غزة منذ بدء حصاره عام 2006، وحشر الناس هناك بلا أي اعتبار، وعادة بعض الجهات تتكلم بنصف الحقيقة، ولا تكملها بذكر السبب. وهذا ليس جديداً، إذ قلما تم تناول ظروف قطاع غزة أو الضفة الغربية، وربط ذلك بوجود الاحتلال وأفعاله المستمرة منذ احتلالهما عام 1967. فمثلاً الحديث الإعلامي والصحافي الغربي عن الضفة الغربية المحتلة لايتذكر المستوطنات والمستوطنين كأحد أشكال الاحتلال الكثيرة في المكان، وبصفتهم يشكلون عائقاً أمام ممارسة الإنسان الفلسطيني حياة عادية وطبيعية كبقية البشر.
الأطفال والنساء
في تقرير أصدره الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، يفيد بأن "هناك حوالي 546 ألف أنثى في سن الإنجاب في قطاع غزة، منهن حوالي 58% متزوجات."[2] ويوضح "صندوق الأمم المتحدة للسكان" أن بين النساء المتزوجات في قطاع غزة حالياً "50,000 امرأة حامل عالقات في النزاع، ومن المقرر أن تلد حوالي 5500 امرأة في غضون الثلاثين يوماً المقبلة – أي أكثر من 160 ولادة يوماً."[3]
ويشير صندوق الأمم المتحدة للسكان إلى أنه "من المتوقَّع أن تعاني أكثر من 840 امرأة من مضاعفات الحمل أو المضاعفات المرتبطة بالولادة"،[4] ويوضح أن "الكثير من هؤلاء النساء قد قُطعت عنهن خدمات الولادة الآمنة، حيث إن المستشفيات، المكتظة بالجرحى، قد نفد منها الوقود اللازم لتشغيل المولدات والأدوية والإمدادات الأساسية – بما يشمل الإمدادات اللازمة لإدارة حالات الولادة الطارئة."[5]
وتؤكد أكثر من جهة رسمية فلسطينية وعربية وأممية أنه لم يعد في قطاع غزة أي مكان آمن، وأن الجميع معرض لخطر الموت أو الإصابة تحت ضربات الاحتلال الإسرائيلي التي لم تتوقف منذ أكثر من شهر. وقال ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان في فلسطين دومينيك ألين إن النساء الحوامل "ليس لديهن مكان يذهبن إليه حقاً. إنهن يواجهن تحديات لا يمكن تصورها. في خضم الفوضى، تضطر بعضهن إلى الولادة في الملاجئ، وفي منازلهن، وكذلك في مرافق الرعاية الصحية التي تعاني بالفعل." ويضيف "تمكنت إحدى النساء من الوصول إلى المستشفى واضطرت إلى الخروج [بعد ثلاث ساعات من الولادة] لإفساح المجال لنساء حوامل أُخريات وجرحى آخرين."[6] ويؤكد الجهاز المركز للإحصاء الفلسطيني ما قاله ألين، ويضيف أن "معدلات الولادة اليومية في مستشفى الشفاء الرئيسي في غزة انخفضت "إلى 21 حالة ولادة يومياً من أصل 30 - 40 حالة في الظروف العادية."[7]
ويضع بعض النساء أطفالهن قبل موعد ولادتهن لعدة أسباب، منها ما هو عضوي مرتبط بسوء التغذية ونقص الأدوية أو انعدامها، ومنها ما هو نفسي جراء الخوف والرعب مع استمرار القصف وأخبار الموت اليومي. وحين تضع النساء أجنتها قبل الموعد، يتم وضع المواليد في حاضنات، إلاّ إنهم يبقون مهددين في أي لحظة بالموت، وذلك بسبب نقص الوقود، واحتمال توقف مزيد من المستشفيات عن العمل وخروجها عن الخدمة، كما تفيد وزارة الصحة الفلسطينية، ومدراء تلك المستشفيات في القطاع.
المياه والغذاء
وفي هذا العدوان المستمر على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ليست معلومة جديدة تلك التي تقول إن نحو مليوني فلسطيني هناك لا يصلون إلى المياه العذبة الصالحة للشرب، ولا إلى وجبات الطعام. فالأطفال والنساء الحوامل، بصورة خاصة، يحتاجون إلى مياه عذبة وطعام جيد غني بالفيتامينات والسعرات الحرارية، لكن هذا غير متوفر بسبب الحصار الذي زاد خناقه، وعدم دخول مساعدات كافية من معبر رفح. ويقول ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان في فلسطين: "إننا نسمع قصصاً مروعة حقاً عن التحديات التي تواجهها النساء الحوامل؛ تحصل بعضهن على زجاجة مياه صغيرة أو اثنتين فقط يومياً وهي مياه مالحة جداً."[8] يحدث هذا بينما توقفت ثلاث محطات لتحلية المياه بشكل تام في قطاع غزة، وبالتالي لم يعد ممكناً تأمين حاجة السكان، لذا يتم اللجوء إلى مياه البحر المالحة، سواء للاغتسال أو للشرب في بعض الأحيان.
وقد أشار بيان مشترك (4/11) صادر عن اليونيسف ومنظمة الصحة العالمية وصندوق الأمم المتحدة للسكان والأونروا بشأن النساء والمواليد الجدد الذين يتحملون الوطأة الأشد للنزاع في غزة، إلى أن "القصف، وتضرر المرافق الصحية أو عدم قدرتها على أداء وظائفها، والمستويات الهائلة من التهجير، وانهيار إمدادات المياه والتيار الكهربائي، إضافة إلى تقييد إمكانية الحصول على الغذاء والأدوية، تؤدي جميعاً إلى تعطيلات شديدة في الخدمات الصحية للأمهات والمواليد الجدد والأطفال."[9] وحذر هذا البيان المشترك من إمكان وفاة العديد من الأمهات والمواليد الجدد جرّاء نقص الرعاية الصحية اللازمة، ونقص المياه والغذاء.
[1] الأرقام والنسب الواردة مأخوذة عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.
[2] انظر الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني في الموقع الإلكتروني.
[3] انظر صندوق الأمم المتحدة للسكان في الموقع الإلكتروني.
[4] المصدر نفسه.
[5] المصدر نفسه.
[6] انظر صندوق الأمم المتحدة للسكان في الموقع الإلكتروني.
[7] الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، مصدر سبق ذكره
[8] المصدر نفسه.
[9] انظر بيان مشترك صادر عن منظمات أممية في الموقع الإلكتروني.