One Woman and Twelve Men Elected to the Gaza Chamber of Commerce and Industry
Date: 
February 24 2023

شكّل فوز سيدة الأعمال إيمان عواد في انتخابات مجلس غرفة التجارة والصناعة في غزة في 21/1/2023، كأول امرأة تفوز بعضوية مجلس الغرفة التجارية في غزة منذ تأسيها وحتى الآن، علامة فارقة مرّت بالكثير من المعوقات والتحديات التي تواجه النساء عامة، والنساء في قطاع المال والأعمال خاصة؛ باعتبار أن هذا المجال الاقتصادي المهم خاص بالرجال فقط. بحسب الثقافة التقليدية السائدة.

والحق، ومن خلال معايشتي القريبة لهذه التجربة، يمكن القول إن هذه السيدة واجهت عراقيل متعددة ومتشابكة في الوقت نفسه، منذ أن رشحت نفسها لعضوية مجلس إدارة الغرفة، وحتى بعد فوزها القريب، وتمثلت هذه العراقيل، أولاً في الثقافة الذكورية السائدة التي لا تحبّذ عمل النساء في قطاعات تجارية وصناعية معينة، وخصوصاً أن رجال الأعمال يسيطرون على هذا القطاع تاريخياً، ثانياً كونها امرأة فُرضت عليها شروط اجتماعية وثقافية لخوض هذا المجال وهذه التجربة ضمن صورة ذهنية مسبقة عن النساء اللواتي يخُضن غمار العمل العام، فما بالنا إذا كان هذا العمل يصبّ في صلب صناعة القرار والنفوذ المالي. لا شك في أن الأمر ليس سهلاً بالمطلق، بل ربما العكس تماماً هو الصحيح والشائع–في الوقت نفسه-في مجتمع محافظ وتقليدي يحتفي بالعادات والتقاليد أكثر مما يحتفي بالقوانين والمهنية، ويولي الاعتبارات العشائرية والاجتماعية والثقافية/ النمطية، أهمية تفوق أهمية تحقيق العدالة والمساواة في الفرص والخيارات بين الجنسين. ومن ناحية أُخرى، لعبت التوازنات العائلية والمواطنية بين اللاجئ والمواطن/ــــــة دوراً مؤسفاً في الاصطفاف إلى هذا الجانب أو ذاك، حتى وإن لم يتم إعلانها صراحة، لكنها كانت تسير بشكل خفي وعميق وفاعل تماماً، مثلما لعب الاستقطاب السياسي دوراً في نتائج الانتخابات. لكن الملفت في كل هذا؛ أن الانتخابات جرت في أجواء ديمقراطية، شهد الجميع على نزاهتها في ظل القيود التي ذكرتُها سابقاً، والتي تشكل جزءاً مهماً وفاعلاً في منظومة الثقافة السائدة؛ شئنا أم أبينا. كما أن الخبرات الاقتصادية المؤلمة الناتجة من الانقسام، والتي تعلّمها رجال الأعمال–تحديداً-وذاقوا ويلاتها مراراً وتكراراً، جعلتهم ينظرون إلى الانتخابات نظرة مغايرة؛ هي مزيج من الخوف والأمل معاً، وربما هذا من وجهة نظري، ما جعلهم يتهاونون في التمسك بالاعتبارات السياسية لمصلحة الاعتبارات الاقتصادية وواقع الحال الذي أصبح لا يسرّ أحداً، لا رجالاً ولا نساءً ولا هذا الفصيل أو ذاك. وهذا بدوره عزّز فرص ضخ دماء جديدة في مجلس الغرفة التجارية، بعد تسعة أعوام من الجمود الانتخابي والمعاناة وتعطّل إمكانات التغيير. وقد جرت انتخابات الغرف التجارية الصناعية لأول مرة بشكل موحد في جميع محافظات الوطن ضمن برنامج زمني متسلسل. وجرت العملية الانتخابية في غزة تحت إشراف وزير الاقتصاد الوطني خالد العسيلي، بحضور مراقبين عن المرشحين، في جو ديمقراطي ونزيه، ولم يسجَّل أي اعتراض أو طعن في أثناء تلك العملية، أو في أثناء عملية فرز الأصوات. في حين تمت بالتزكية في غرف محافظات دير البلح، ورفح، وخان يونس، وشمال غزة، والتي تتألف من تسعة أعضاء في هذه الغرف؛ إذ تساوى عدد المرشحين مع عدد أعضاء مجالس الغرف المذكورة.

إحصاءات وبيانات الانتخابات:

توجد 18 غرفة تجارية موزعة على جميع محافظات الوطن، بما فيها القدس، وبموجب المادة 17 من قانون الغرف التجارية الصناعية، ينتخب المجلس، وبحضور ممثل لوزير الاقتصاد الوطني واتحاد الغرف، في أول اجتماع له وبكامل أعضائه، وبطريقة الاقتراع السري، رئيساً ونائباً للرئيس وأميناً للسر وأميناً للصندوق ونائباً لكلٍّ منهما، ويعلم الوزير بنتيجة الاقتراع.

وبحسب لجنة الانتخابات المركزية لإدارة انتخابات الغرف التجارية الصناعية برئاسة القاضي أحمد ولد علي، فإن 1163 ناخباً وناخبة من أصل 1591 ممن يحق لهم/نّ الاقتراع شاركوا/ن في التصويت بنسبة 73%، لاختيار 13 عضواً/ة لمجلس إدارة الغرفة الذي يتنافس على مقاعده 25 مرشحاً/ة.  وقد جرت الانتخابات في أجواء من الحماسة، رافقها اهتمام إعلامي وشعبي تجسّد من خلال وسائل الإعلام المختلفة، بما فيها وسائل التواصل الاجتماعي، بصورة نشطة وفاعلة وخاصة، في ترشُّح وفوز أول امرأة بعضوية مجلس الغرفة التجارية من أصل 13 عضواً.

إيمان عواد، سيدة أعمال فلسطينية من سكان قطاع غزة، تتمتع بحضور متميز في القطاع الاقتصادي والوسط الاجتماعي، ومن ضمن ما تسعى له العمل على إيجاد تشريعات وأنظمة اقتصادية وتجارية ثابتة وواضحة ووضع حلول فعالة لمعالجة آثار ارتفاع التكاليف على المعابر، ووضع حد للإغراق السلعي والتلاعب بالأسعار.

شغلت إيمان مجموعة من المناصب الإدارية العليا، منها نائب رئيس مجلس إدارة الهيئة الفلسطينية للمطاعم، والمدير الإقليمي للشركة العالمية للتأمين؛ ورئيس مجلس إدارة شركة بيك آند كول للتجارة والتوريدات والمقاولات، ورئيس مجلس إدارة شركة إي آند إم للسياحة العلاجية في رام الله، ونائب رئيس مجلس إدارة مدينة كيدزلاند الترفيهية ومنتجع الجونة بيتش، وهي عضو في الهيئة العامة لاتحاد المقاولين الفلسطينيين، ونالت جائزة المرأة المبدعة في مجال الاقتصاد لسنة 2016.

لا شك في أن فوز إيمان عواد سيشكل حافزاً لغيرها من سيدات الأعمال على خوض تجربة الانتخابات، وسيزيد في ثقتهن بأنفسهن وبقدراتهن، وهو فوز سيعمل في الوقت نفسه على زيادة الوعي بأهمية وجود النساء في مجالس الغرف التجارية وقربهن من صناعة القرار في قطاع المال والأعمال، وهذا بدوره، سينعكس إيجاباً على المشاريع الاقتصادية النسوية ورائدات الأعمال اللواتي يبحثن عمّن يدافع عن حقوقهن وحاجاتهن وتطلعاتهن، وهذه أمور وقضايا ستعزز لديهن القدرة على الصمود والمغامرة وتطوير مهاراتهن في التفاوض وعقد الصفقات وبناء رؤى اقتصادية من منظور نسوي. وأعتقد أن المعركة لم تكن فقط لكسب عضوية المجلس، ولكن المعركة الأكبر كانت على توزيع المناصب داخل المجلس، ولديّ يقين كامل من أن رجال الأعمال في المجالس، إن لم يستطيعوا منع إيمان عواد من الفوز بعضوية المجلس، فإنهم قاتلوا من أجل منعها من تبوؤ منصب مهم فيه. هذا ما تقوله دائماً الثقافة الأبوية المهيمنة عبر التاريخ. لكن عدداً مهماً من التغييرات حالَ، وبصعوبة شديدة، دون تحوّل هذا التوجه الأبوي الراسخ إلى واقع؛ أولها سطوة وسائل التواصل الاجتماعي على الرأي العام والتوجهات السائدة وقدرتها على الوصول إلى الناس بيسر وسهولة، ومن دون تكلفة مالية، وثانيها شيوع سياسات النوع الاجتماعي ودمجها في المفاصل الحياتية المهمة، كالسياسة والاقتصاد، ضمن توجهات رسمية واضحة، وثالثها وجود سيدة أعمال واحدة فقط تتمتع بالكفاءة والمهنية والسمعة الحسنة والعلاقات الجيدة، ولديها طموح مشفوع بالإرادة الممؤسسة، ساهم بقوة مع العاملين السابقين في صعود فرص نجاحها بقوة.

لا شك في أن سيدات الأعمال والمشاريع النسوية بصورة عامة، يواجهن صعوبات وتحديات اجتماعية وثقافية كثيرة، إضافة إلى الظروف المؤسسية والقانونية وغياب المعلومات والمعرفة من منظور النوع الاجتماعي، وهذه التحديات تعيق بشكل واضح تعزيز المساواة بين الجنسين في قطاع المال والأعمال والقطاع الاقتصادي بصورة عامة.

على الرغم من أن القوانين الفلسطينية الحالية (قانون الشركات وقانون الغرف التجارية وقانون تشجيع الاستثمار وقانون الضرائب) لا تميز بين المرأة والرجل عموماً، لكن تطبيق هذه القوانين لا يأخذ بعين الاعتبار القضايا التي تعيق مشاركة المرأة وحصولها على الأنشطة الاقتصادية، بسبب الثقافة الأبوية السائدة، بما فيها اعتبار عالم الأعمال والاقتصاد مجالاً للرجال فقط. فضلاً عن عدم أخذ معيار علاقات القوة بين النساء والرجال بعين الاهتمام.

أخيراً؛ إن فوز سيدة الأعمال إيمان عواد كأول امرأة عضو في مجلس إدارة الغرفة التجارية في غزة، ثم انتخابها داخلياً لتشغل منصب نائب الرئيس، وللمرة الأولى أيضاً في تاريخ الغرفة التجارية تشغل امرأة هذا المنصب، يُعد انتصاراً كبيراً بكل المقاييس، ليس لشخصها فقط، وإنما للحركة النسوية وللتوجهات السياسية العامة، ولنظرية التغيير الاجتماعي برمتها، ويمكن القول هنا أنه ربما إيمان نفسها لا تدرك حجم التحول والتغير الذي سيُحدثه وجودها في هذا المنصب في هذا الجسم الذكوري الخالص منذ أن تأسس في سنة 1954 وحتى الآن.

لذا، ربما من المفيد التنبه إلى أهمية استثمار هذا الانتصار المهم والنوعي، بما يعود بالنفع على النساء في قطاع الاقتصاد والمال والأعمال، وبصورة خاصة الرائدات وصاحبات المشاريع الصغيرة، منها: تعزيز وزيادة تمثيل ومشاركة المرأة في الأعمال التجارية، وفي عمليات صنع القرار في مجالات الاقتصاد والاستثمار وريادة الأعمال، وإشراك النساء وصاحبات الأعمال في عمليات التخطيط واستراتيجيات التمكين الاقتصادي، ومراعاة حاجات النوع الاجتماعي في الخطط  الاقتصادية  وتوفير الأدوات والشروط التي تضمن وصول صاحبات الأعمال إلى هذه المشاريع والاستفادة منها، وفرض كوتا نسائية في مجالس الغرف التجارية والمؤسسات الاقتصادية بصورة عامة، وتطوير وتعديل قانون الغرف التجارية بما يتلاءم مع مستجدات الواقع وقضايا النوع الاجتماعي على مبدأ العدالة والمساواة في الفرص والخيارات.

انظر

Read more