"معاريف"، 12/10/2021
المحادثات مع لبنان بحاجة إلى صمت إعلامي كي تنتهي بنجاح
يتسحاق لفانون - سفير سابق ومحلل سياسي
- هذا الأسبوع ستبدأ المحادثات بين إسرائيل ولبنان بوساطة من الولايات المتحدة لترسيم الحدود البحرية بينهما. ديفيد شينكر، مساعد وزير الخارجية الأميركي، قال إن الأمر استغرق ثلاث سنوات للتوصل إلى الاختراق واتفاق الإطار. الحاجة إلى ثلاث سنوات لم تكن لأن الطرفين لم يريدا التوصل إلى تسوية، بل بسبب التفصيلات الصغيرة التي عرقلته. الآن أيضاً يرسل الطرفان رسائل كثيرة متناقضة بسبب هذه التفصيلات.
- نموذج بارز من ذلك كان كلام نبيه بري رئيس المجلس النيابي الذي قاد المحادثات مع الأميركيين، ومفاده أن ترسيم الحدود البحرية والبرية سيجريان في آن معاً. أي أنه يطالب أيضاً بمحادثات بشأن الحدود البرية، وفق مطالبة حزب الله.
- إسرائيل، من جهتها، تركز فقط على ترسيم حدود المنطقة الاقتصادية البحرية. بالنسبة إليها جرى ترسيم الحدود البرية من جانب الأمم المتحدة، لذلك هي تسكت على الموضوع. تصريحات علنية من جانبنا فقط ستحرج الجانب اللبناني، وتحشره وتدفعه إلى وضع عراقيل ستؤثر سلباً في المحادثات. إسرائيل ولبنان والولايات المتحدة يعلمون جيداً ما هي طبيعة المحادثات. المطلوب أن ندخل في مرحلة صمت إعلامي وتصريحي، لإعطاء فرصة حقيقية للنجاح وإنهاء القضية.
- هذا الأسبوع ستجتمع الأطراف في منشأة تابعة للأمم المتحدة في البلدة اللبنانية الناقورة، بحضور ممثل للأمم المتحدة. هذه المنشأة أعرفها وقضيت فيها ساعات طويلة في أعقاب عملية عناقيد الغضب. إذا أراد المجتمعون عدم الإفصاح عمّا يدور بين جدرانها، في استطاعة الأطراف أن يفعلوا ذلك بسهولة. عليهم أن يعملوا بصمت من دون تسريبات وتسريبات مضادة. وسيكون من الحكمة من جانبنا إذ بادرنا إلى اقتراح التزام قاعدة الصمت.
- بالاستناد إلى التقارير، المحادثات بشأن الحدود البرية، إذا حدثت، ستجري بين ثلاثة أطراف: إسرائيل، ولبنان، واليونيفيل، بينما النقاشات بشأن الحدود البحرية ستجري برعاية الأمم المتحدة، وبوساطة أميركية فعالة. في الجانب اللبناني، انتقلت القيادة إلى يدي الرئيس اللبناني ميشال عون، المسؤول عن توقيع الاتفاقات مع الدول الأجنبية.
- الاتفاق لا علاقة له بتطبيع العلاقات بين إسرائيل ولبنان. هو أيضاً لن يوقف العقوبات الأميركية ضد حزب الله. هكذا نحن أمام كل الشروط الملائمة لإنجاح المحادثات وترسيم حدود المنطقة الاقتصادية البحرية الخالصة، الذي سيصب في مصلحة لبنان وإسرائيل معاً. دعونا لا نعرقل ذلك من خلال تصريحات وحماسة غير ضروريين. هذا هو وقت الدبلوماسية الصامتة، وهي سر النجاح.
نظرة سياسية- أمنية"، 16/10/2020
"مياه هائجة": بدء المفاوضات بين لبنان وإسرائيل على خط الحدود البحرية
أودي أفينتال - باحث في معهد الدراسات الاستراتيجية التابع لمركز هرتسليا المتعدد المجالات
- في 14 تشرين الأول/أكتوبر بدأت حكومتا لبنان وإسرائيل مفاوضات لترسيم خط الحدود البحرية المختلف عليه بينهما. المفاوضات التمهيدية التي جرت في مقر قيادة اليونيفيل في بلدة الناقورة اللبنانية أصبحت ممكنة في أعقاب اتفاق إطار بين الطرفين جرى التوصل إليه في بداية هذا الشهر، بعد نحو عشر سنوات من جهود وساطة أميركية. هذه الجهود جرى تسريعها في السنوات الثلاث الأخيرة بقيادة المسؤول في وزارة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط ديفيد ساترفيلد، وديفيد شينكر الذي حل محله. وقد حُدّد موعد المحادثات المقبلة في 26 تشرين الأول/أكتوبر.
- الاتصالات بالولايات المتحدة بشأن اتفاق الإطار قادها من الجانب الإسرائيلي وزير الطاقة يوفال شتاينتس، ومن الجانب اللبناني رئيس البرلمان نبيه بري، الذي يحتفط بملف "الحدود" البحرية، ويشرف على المحادثات مكلفاً من الرئيس عون.
ماذا تضمّن اتفاق الإطار؟
- من البيانات العامة التي نشرها كلٌّ من إسرائيل ولبنان والولايات المتحدة، والملخص الخاص الذي أعدّه ديفيد شينكر تظهر التفصيلات التالية بشأن مضمون اتفاق الإطار (الذي يرفض الطرفان نشره). وافق لبنان وإسرائيل على أن تكون الولايات المتحدة وسيطاً بينهما في المحادثات التي ستجري في الناقورة، برعاية الأمم المتحدة وموفدها في لبنان يان كوفيتش. سيشارك كوفيتش في الجلسة الافتتاحية والختامية للمحادثات، وهو ما يمنح الأمم المتحدة دوراً في المفاوضات. ليس هناك أي علاقة بين هذه المحادثات وبين إقامة علاقات دبلوماسية أو تطبيع بين البلدين.
- اثنتان من العقبات المهمة على الطريق الطويلة حتى موافقة الطرفين على الدخول في مفاوضات مباشرة، كانتا مسألة الوساطة وموضوع الحدود البرية. إسرائيل طالبت بأن تكون الولايات المتحدة هي الوسيط، بينما أصر لبنان على الأمم المتحدة. يبدو أن الخلاف جرى تجسيره من خلال الصيغة التي تقول إن المفاوضات ستكون بوساطة أميركية وبرعاية الأمم المتحدة، من خلال إعطاء دور جوهري للمنظمة الأممية.
- في مسألة الحدود البرية برزت فوارق في تصريحات الطرفين لدى إعلان الاتفاق في بداية تشرين الأول/أكتوبر. فقد أوضحت الولايات المتحدة وإسرائيل أن المحادثات ستتركز على الحدود البحرية فقط. في المقابل، أعلن نبيه بري أن الاتفاق الذي جرى التوصل إليه "سيسمح بمفاوضات على الحدود البرية والبحرية"؛ وأنه تم الاتفاق على "دمج الخطوة البرية بالخطوة البحرية". أيضاً الأمين العام للأمم المتحدة هنّأ بتجدد المفاوضات "على الحدود البحرية والبرية".
- من المعقول أنه في الاتفاق الذي جرى التوصل إليه، تم صوغ المسألة "بغموض بنّاء"، يسمح للطرفين بالإعلان أن موقفهما جرت الموافقة عليه. فعلياً، يبدو أن الاتفاق اشتمل على بند يعرب عن الأمل بالدفع قدماً مستقبلاً بين الطرفين بمسـألة التفاوض على الحدود البرية. وصرّح ديفيد شينكر بأن الولايات المتحدة تشجع الطرفين على استئناف الاتصالات على مستوى الخبراء لحل النقاط الخلافية على الحدود ("الخط الأزرق")، كمسار منفصل، ضمن إطار محادثات بين الجيش اللبناني والجيش الإسرائيلي واليونيفيل.
- يوجد خلاف بين لبنان وإسرائيل على 13 نقطة على طول الحدود بينهما- "الخط الأزرق" الذي رسّمته الأمم المتحدة، وانسحبت إليه إسرائيل في سنة 2000 عندما غادرت قواتها لبنان. مصدر الخلاف مشكلات في مدى دقة مقاييس الخريطة العائدة إلى اتفاق الهدنة الموقَّع في سنة 1949، والتي اعتمد عليها ترسيم "الخط الأزرق". على هذا الأساس يدّعي لبنان أن التحصينات والعوائق التي تبنيها إسرائيل على طول الحدود تخرق السيادة اللبنانية في النقاط الخلافية.
- يمتد "الخط الأزرق" شرقاً إلى الجولان، ومنذ حرب لبنان الثانية يدّعي حزب الله أن منطقة مزارع شبعا هي أراض لبنانية محتلة. وذلك بخلاف موقف الأمم المتحدة وإسرائيل الذي يعتبرها أراضي كانت تابعة لسورية.
أساس الخلافات بين إسرائيل ولبنان على الحدود البحرية
- بين لبنان وإسرائيل خلاف على نقطة الانطلاق براً إلى خط الحدود البحرية في الناقورة، وعلى نقطة الوصول الغربية في قلب البحر (200 ميل بحري من الشاطىء). هاتان النقطتان تقسمان المياه الاقتصادية الخالصة للبلدين.
- في مقال واسع يوضح د. بني شفاينر من مركز أبحاث السياسة والاستراتيجيا البحرية في جامعة حيفا، أن جذر النزاع ناجم عن الطريقة التي ترسم بها كل دولة خط حدودها. إسرائيل رسمت خطاً يتوجه شمالاً، ولبنان رسم خطاً يتوجه جنوباً. إسرائيل تعتمد في نقطة الترسيم في عرض البحر على الاتفاق الحدودي بين لبنان وقبرص، في المقابل يحددها لبنان على أساس وثيقة قانون البحار للأمم المتحدة (خط وسط على مسافة متساوية بين البلدين)، والذي تتقيد به إسرائيل أيضاً على الرغم من عدم توقيعها إياه.
- النتيجة منطقة مختلَف عليها بحجم نحو 860 كيلومتراً مربعاً، وبحسب التقديرات، هذه المنطقة غنية بحقول الغاز الطبيعي ومخزون من النفط.
- يشير د. شفاينر إلى أن الخط الذي ترسمه إسرائيل يعتمد على اتفاق لم يُقَر (لبنان – قبرص)، ولم يودَع لدى الأمم المتحدة وغيرمعترَف به دولياً، وهذا ما يُضعفه قانونياً. يبدو أن هذه هي الخلفية لاستعداد إسرائيل لتسوية في اتصالات غير مباشرة جرت في الماضي (2011-2012)، أعطت لبنان في إطارها جزءاً كبيراً من المنطقة المختلَف عليها (2-5%).
"عاصفة" في لبنان
- بخلاف إسرائيل، حظي اتفاق الإطار وتحريك المفاوضات في لبنان بصدى كبير جداً في وسائل الإعلام، وفي تصريحات كبار المسؤولين. وجرى نقاش تفصيلي للتداعيات الاستراتيجية للاتفاق، وللتفصيلات التقنية للخلاف بين الطرفين، والدلالات الرمزية للمفاوضات، وطريقة التدخل الخارجي فيها.
- من جهة سُمعت أصوات تثني على الاتفاق وتعتبره تعبيراً عملياً عن الاعتراف بإسرائيل، وتعبّر عن الأمل بأن يخدم المصلحة اللبنانية. بالإضافة إلى ذلك، ثمة من برر تأجيل المفاوضات على الحدود البرية، مع التشديد على مسألة مزارع شبعا، بحجة أنه لا يمكن التطرق إليها قبل تحديد الحدود بين سورية ولبنان، والتي يوجد خلافات جوهرية بشأنها، أكثر بكثير من الخلافات بشأن الحدود البرية بين لبنان وإسرائيل.
- في المقابل برزت كثيراً طريقة تعامل وسائل الإعلام المتماهية مع حزب الله والعاملين فيها، أو مع معسكره السياسي، بينما قللت قيادة الحزب من تصريحاتها بشأن المسألة، وفيما يلي الرسائل المركزية في هذه القنوات.
- لا لأي تعبير عن التطبيع- وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال شربل وهبة، أعلن أن المفاوضات ليست تطبيعاً مع إسرائيل أو اعترافاً بها، بل مفاوضات لترسيم الحدود البحرية بينها وبين لبنان. وفي وسائل الإعلام جرى التشديد على أن اتفاق الإطار وإجراء المفاوضات هو "انتصار" بالنسبة إلى إسرائيل ("العدو")، و"خطأ" ارتكبه لبنان الذي لا يزال في حالة حرب مع إسرائيل.
- تصلُّب في مواقف لبنان الأساسية- من خلال التطرق التفصيلي إلى النواحي التقنية للمفاوضات، طُلب من المفاوضين عدم الموافقة على أي تسوية، والتشدد في مواقف تقليدية. وجرى التشديد على عدم خضوع لبنان لمطلب إسرائيل، دفْع نقطة الحدود في رأس الناقورة شمالاً، وأن على بيروت المطالبة بـ"خط وسط" يحدد ساحل "فلسطين" بما يتلاءم مع القانون الدولي، بصورة تضاعف مساحة المنطقة المتنازَع عليها مع إسرائيل.
- تخوّف من ضغوط تؤدي إلى تنازلات- الاتفاق على إجراء مفاوضات مع إسرائيل يعكس نقطة ضعف لبنانية غير مسبوقة، يمكن أن تستدعي ضغوطاً من جانب الولايات المتحدة، في مرحلة أولى، في محاولة للفصل نهائياً بين ترسيم الحدود البحرية والبرية.
- مزارع شبعا- يتعين على أي مفاوضات في موضوع الحدود البرية أن تتضمن مزارع شبعا وقرية شبعا التي هي جزء من لبنان. وزير الخارجية وهبة قال إن المطلوب ترسيم الحدود بين لبنان وسورية، لكن يجب على إسرائيل أولاً الانسحاب من هذه المناطق.
خلاصة ودلالات
- تحريك المفاوضات بين إسرائيل ولبنان، وتركيزها في مرحلة أولى على الحدود البحرية يكشفان تراجُع حزب الله عن معارضته مفاوضات من هذا النوع، الأمر الذي أفشل حدوث اختراق بين الطرفين في العقد الأخير، وفي المرة الأخيرة في حزيران /يونيو 2019.
- في نظر حزب الله، مفاوضات تفصل بين الحدود البحرية والبرية، بما فيها قضية مزارع شبعا، تضعف مكانته كـ "درع لبنان"؛ وتمس بشرعيته للاحتفاظ بـ "سلاح المقاومة"، ناهيك بالسيطرة على الدولة. يُضاف إلى ذلك حقيقة أن الولايات المتحدة "العدو المعروف" لحزب الله وإيران- هي الوسيط الأساسي في المحادثات.
- اضطر حزب الله إلى ابتلاع أمور صعبة بسبب الظروف الخاصة التي يواجهها في لبنان، المنهار من الناحية الاقتصادية، وعلى صعيد البنى التحتية. معارضة حزب الله لاتفاق – ينطوي على مداخيل محتملة تقدَّر بمليارات الدولارات للبنان- سيعزز الحجج والاتهامات ضد الحزب بوصفه يضر بقدرة لبنان على الخروج من الأزمة.
- حقيقة أن حزب الله أعطى "ضوءاً أخضر" للمفاوضات، من دون أي يكون له خيار، وبخلاف مبادئه، تكشف مساً بمكانة الحزب الداخلية في لبنان، وتآكلاً في قدرته على الردع الشامل في مواجهة إسرائيل. في هذه الظروف تحديداً من المهم للحزب أن يثبت داخلياً في لبنان ولإسرائيل أنه لا يزال يحافظ على قدرته على الردع. من هنا يأتي إصراره العلني على تنفيذ هجوم انتقامي ضد إسرائيل على الحدود، بالاستناد إلى التقدير أنه قادر على السيطرة على التصعيد في مواجهتها.
- في الظروف الحالية يبدو أن أغلبية الأطراف الداخلة في المفاوضات لديها مصلحة عميقة في نجاحها. لبنان أكثر من إسرائيل، بحاجة إلى استخراج مخزون الغاز في المنطقة المختلَف عليها، والتي تخاف الشركات الأجنبية من القيام بحقوق التنقيب والحفر فيها. استغلال الموارد الطبيعية في المنطقة سيساعد لبنان على مواجهة أزمة غير مسبوقة يغرق فيها: على تقليص الإنفاق على الطاقة على خلفية انهيار البنية التحتية للكهرباء، ومعالجة مشكلات التلوث والبيئة، وتخفيض الدين الخارجي (170% من الناتج المحلي، من أكبر الديون في العالم) وإيجاد فرص عمل وغيرها.
- إسرائيل من جهتها يمكن أن تربح أكثر على المستوى الاستراتيجي. ومن المتوقع أن المفاوضات والاتفاق سيجعلان من الصعب على حزب الله تصعيد الوضع على الحدود، وأن يعززا الاستقرار الأمني في مواجهة لبنان عموماً.
- بدء المفاوضات يشكل إنجازاً مهماً أيضاً للولايات المتحدة، بعد التوصل إلى اتفاقات التطبيع الأخيرة. أيضاً على الرغم من أن المقصود ليس تطبيعاً للعلاقات بين لبنان فقد أثبتت الولايات المتحدة أنها لا تزال لاعباً مهماً، ليس فقط في الخليج، بل أيضاً في منطقة البحر المتوسط، بعد تآكل تأثيرها في سورية وليبيا والساحة الفلسطينية.
- في هذه الظروف ثمة فرصة لا بأس بها في أن المفاوضات التي بدأت بين إسرائيل ولبنان يمكن أن تتقدم، مع أنها ستكون طويلة وصعبة، وفي ظروف معينة قد تتحول إلى "رهينة" عدم الاستقرار الداخلي والسياسي في لبنان.
- في ضوء حساسية لبنان القصوى إزاء هذه المسألة، ننصح إسرائيل بإجراء المفاوضات بتواضع، وأن يمتنع كبار المسؤولين من التصريحات بشأن إمكان التوصل إلى اتفاقات سريعة، والتقدم نحو تطبيع العلاقات السياسية مع لبنان. كما أنه من السابق لأوانه الاهتمام بإمكان تعاون إسرائيلي- لبناني مستقبلي. حتى لو كان مربحاً للطرفين، مثلاً على صعيد نقل الغاز إلى أوروبا. علاوة على ذلك، لإسرائيل مصلحة في المحافظة في موازاة المفاوضات على القناة البرية (الجيش اللبناني، والجيش الإسرائيلي، واليونيفيل) ومحاولة التقدم في إطار حل للنقاط الخلافية على "الخط الأزرق".
"يسرائيل هيوم"، 6/11/2020
الفجوات بين إسرائيل ولبنان في المحادثات الجارية بشأن ترسيم خط الحدود البحرية بينهما ما زالت كبيرة
أريئيل كهانا - مراسل سياسي
- نشأت صعوبات جوهرية في المحادثات الجارية بين إسرائيل ولبنان بشأن ترسيم خط الحدود البحرية بين الدولتين، بعد أن طرح الجانبان اقتراحات استفزازية ومتطرفة مقارنة بالمواقف الاستهلالية.
- ووفقاً لما نُشر في "يسرائيل هيوم"، طرح لبنان في جولة المحادثات الأخيرة خطاً حدودياً جنوبياً أطول من الخط الذي أودعه لدى الأمم المتحدة سنة 2010 (الخط الأخضر في الخريطة)، وذلك بهدف زيادة منطقته الاقتصادية والاقتراب أكثر من مستودعات الغاز التي تم اكتشافها في "كريش" و"لفياتان". واستعد الجانب الإسرائيلي مسبقاً للاستفزاز اللبناني الرامي إلى الحصول على مساحة تنشط فيها إسرائيل منذ عقد من السنوات. وردّ رؤساء الوفد الإسرائيلي على اللبنانيين قائلين "إن الوزير شتاينيتس [وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينيتس] خوّلنا صلاحية التفاوض فقط حول المنطقة الواقعة شمالي الخط الأخضر وليس ما وراءه." بالإضافة إلى ذلك، وبعد أن طرح اللبنانيون موقفهم بشأن الحصول على منطقة لم يطالبوا بها بتاتاً، طرح الجانب الإسرائيلي خطاً من جانبه يُكشف النقاب عنه هنا لأول مرة. وهذا الخط الحدودي (الخط الأسود في الخريطة) يقع إلى شمال الخط الذي أودعته إسرائيل في الأمم المتحدة سنة 2010 (الخط الأزرق في الخريطة).
- عرض الإسرائيليون تسويغات قانونية تبرر مطلب إسرائيل حيال المنطقة الموسعة. وشددوا على أنهم غير معنيين حقاً بالخط الأسود بل يريدون إجراء مفاوضات فقط حول المثلث المعروف مسبقاً بأنه موضع خلاف. مع ذلك أوضح الإسرائيليون أنه في حال قيام اللبنانيين بعرض مواقف متطرفة بإمكان إسرائيل أن تفعل ذلك أيضاً.
- وعلمت "يسرائيل هيوم" بأنه خلال المداولات المسبقة التي جرت في إسرائيل استعداداً لجولة المحادثات الثانية، عُرض أمام وزير الطاقة شتاينيتس خطان حدوديان محتملان يشكلان استفزازاً مضاداً للاستفزاز اللبناني. الاحتمال الأول هو الخط الأسود الذي اختاره شتاينيتس لعرض موقف أكثر اعتدالاً. والاحتمال الثاني المُسمى أزيموت 310 (الخط الأحمر) يقضم مساحات أكبر من المياه الاقتصادية اللبنانية.
- وقال مصدر رفيع المستوى مطلع على التفصيلات في الطاقم الإسرائيلي: "يمكن إيجاد مسوغات جديرة أيضاً لخط 310، لكن وزير الطاقة أوعز إلى الوفد بطرح الخط الأكثر اعتدالاً." وشدّد هذا المصدر نفسه على أنه فقط في حال تبنّي الجانبين توجهاً براغماتياً يمكن التقدم إلى الأمام وحل نقاط الخلاف. كما شدد على أن إسرائيل لن تناقش أي خط حدودي جنوبي الخط الأخضر الذي عرضه لبنان في الأمم المتحدة سنة 2010.
- "معاريف"،11/11/2020
مَن يعرّض المحادثات مع لبنان للخطر هي إسرائيل
يتسحاق لفانون - سفير سابق
- تسريبات جهات إسرائيلية لوسائل الإعلام عن جوهر المفاوضات مع لبنان على ترسيم الحدود البحرية تعرقل المفاوضات، ويمكن أيضاً أن تضر بفرص التوصل إلى تسوية سريعة. لقد تابعتُ وسائل الإعلام اللبنانية منذ بدء المحادثات، ووجدت تقارير مقتضبة عن الأجواء، وعن الموعد المقبل للاجتماع، من دون أي ذكر لجوهر المحادثات داخل خيمة الناقورة.
- لبنان جاء إلى المفاوضات مع توتر داخلي غير قليل. حزب الله طالب بأن يضم الوفد اللبناني شخصيات عسكرية فقط وليس مدنية، لإعطاء الاجتماع طابعاً عسكرياً بين طرفين معاديين. بضغط أميركي، رفض رئيس الجمهورية ميشال عون، حليف نصر الله، الطلب، الأمر الذي ولّد توتراً بينهما. ينتظر حزب الله فرصة للمس بالمحادثات. وقد طالب نبيه بري رئيس مجلس النواب، وهو شيعي أيضاً، بربط المحادثات على الحدود البحرية بالمحادثات على الحدود البرية. وهو أيضاً ينتظر. علينا ألّا نساعدهم.
- ما نُشر عن خرائط "استفزازية" قدمتها إسرائيل، على ما يبدو رداً على خرائط لبنان، سيُدخل الطرفين في دفاع [عن مواقفهما] من الصعب الخروج منه. في محادثات الناقورة كما في كل مفاوضات، يطرح الطرفان مطالب قصوى، ويتراجعان عنها شيئاً فشيئاً، بما يتلاءم مع تطور النقاشات، إلى أن يصلا إلى تسوية. التسريبات لوسائل الإعلام في مرحلة مبكرة من المحادثات مربكة وتسبّب تشدداً في المواقف لا لزوم له.
- في المحادثات بين إسرائيل ولبنان هناك جانبان آخران يجب أخذهما في الحسبان: الأميركيون والأمم المتحدة. تسريبات المحادثات تجعل مهمتهما صعبة، وتطيل الوقت للتوصل إلى تسوية. الدبلوماسية الصامتة البعيدة عن التسريبات هي أكثر فعالية.
- على أي حال هناك مصلحة إسرائيلية ولبنانية في التوصل إلى نتيجة مقبولة من الطرفين. هناك تفاهم على أن أي طرف لا يريد أن يسلب شيئاً من الطرف الثاني، ولا يريد الاستيلاء على ثروات خارج المثلث المتنازَع عليه، 860 كيلومتراً مربعاً. علاوة على ذلك، أودع لبنان وإسرائيل خرائط لدى الأمم المتحدة بشأن الحدود التي تعتبر كل دولة أنها حدودها النهائية. بكلمات أُخرى، هناك أساس للنقاشات. التسريبات التي تتحدث عن وجود خطين لإسرائيل، أحدهما استفزازي والثاني معتدل، يشكل مسّاً بالمحادثات.
- الاجتماع المقبل سيُعقد في وقت قريب. يجب أن نوضح للجانب اللبناني أن ما تنشره وسائل الإعلام الإسرائيلية لا يعكس موقف إسرائيل. ويجب أن نوضح للبنانيين ألّا يقعوا في خطأ التسريبات. يجب إبقاء النقاشات داخل جدران الغرفة والامتناع من استخدامها لأغراض سياسية.
- ترسيم الحدود، عندما سيحصل، لا يكفي لطمأنة الطرفين. هناك صعوبة لدى كل طرف في استخراج الغاز والنفط في المنطقة المتنازَع عليها لأن هذه الثروات في قاع البحر، ومن المحتمل انزلاقها من طرف إلى آخر. للتغلب على ذلك طُرحت فكرة لا تزال غير ناضجة، مفادها بأن تقوم شركة توتال، التي تعاقد معها لبنان، باستخراج الغاز في المثلث المختلَف عليه، وأن توزعه بين الطرفين بحسب توزيع متفَّق عليه. هذا يُسمى تعاوناً لبنانياً - إسرائيلياً بمساعدة طرف ثالث. وهذا أيضاً مدخل لاتصالات مستقبلية يمكن أن تتطور في ظروف معينة إلى واقع آخر بيننا وبين لبنان، جارنا في الشمال.
"يسرائيل هَيوم"، 23/11/2020
المفاوضات مع لبنان على ترسيم الحدود يمكن أن تصل إلى حائط مسدود
في نهاية الجولة الثالثة من المفاوضات غير المباشرة بين لبنان وإسرائيل على ترسيم الحدود البحرية، ظهر التوتر بين رئيس الجمهورية اللبنانية ووزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتس. فقد كتب رئيس الجمهورية اللبناني ميشال عون على حسابه على تويتر أنه أعطى تعليماته إلى الوفد التقني المكلف إجراء المحادثات غير المباشرة بضرورة اعتماد الخط الذي ينطلق براً من رأس الناقورة كما حُدِّد في اتفاق Paulet-Newcombe، العائد إلى سنة 1923 [وهو الخط الذي اتفقت عليه الحكومتان البريطانية والفرنسية لتحديد حدود الدول الخاضعة للانتداب]. لكن وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتس سارع إلى رفض هذا الكلام، ورأى أن لبنان يقدم مواقف تتناقض مع خرائط وضعها هو نفسه في الماضي. وكتب شتاينتس: "المواقف الحالية تتعارض مع المواقف السابقة، ومع موقف لبنان من موضوع الحدود البحرية مع سورية." وهدد شتاينتس بأن استمرار تمسّك لبنان بالخط الحالي سيؤدي إلى فشل المحادثات، ورأى أن مَن يريد الاستفادة من موارده الطبيعية يتعين عليه الالتزام بمبدأ حل الخلافات بحسب الخطوط التي أودعها كلٌّ من إسرائيل ولبنان لدى الأمم المتحدة.
بعد مرور يوم على كلام شتاينتس ردّت رئاسة الجمهورية عليه على تويتر بأن لا أساس من الصحة لكلام وزير الطاقة الإسرائيلي بأن لبنان غيّر مواقفه من موضوع الحدود الجنوبية 7 مرات، وأن موقفه ثابت، ولا سيما في موضوع ممارسة لبنان حقه السيادي.
وردّ وزير الطاقة على كلام الرئاسة اللبنانية قائلاً: "منذ حزيران/يونيو 2007، ومع توقيع اتفاق الحدود البحرية بين لبنان وبين قبرص، وحتى هذه الأيام، قدم لبنان 7 خطوط مختلفة للحدود البحرية. وعلى عكس الحكومة اللبنانية التي طلبت من الوفد الإسرائيلي التصرف بمسؤولية وفحص الخط الذي أودعته إسرائيل لدى الأمم المتحدة قبل عشر سنوات، ومواصلة المحادثات بطريقة براغماتية من أجل تقليص الخلافات وحلّها.
من المفترض أن تجري الجولة الجديدة من المحادثات بعد أسبوعين. وفي تقدير جهات مطلعة على المحادثات أن اللبنانيين لن يبدوا مرونة في مواقفهم، وأن المحادثات يمكن أن تصل إلى حائط مسدود.
"يسرائيل هَيوم"، 30/11/2020
تعثّر المفاوضات مع لبنان على ترسيم الحدود البحرية
بعد المواجهة العلنية بين وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتس ورئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون، طلب الموفد الأميركي، الذي يقوم بدور الوساطة في المفاوضات غير المباشرة على ترسيم الحدود البحرية، من الطرفين الإسرائيلي واللبناني تأجيل جولة المفاوضات التي كان من المفترض أن تجري غداً الأربعاء.
وقال مصدر رسمي مطّلع على المفاوضات إن الطاقم الأميركي الذي يقوم بالوساطة قرر حالياً التركيز على التحاور مع الطرفين من أجل إعداد الأرضية للجولة المقبلة من المفاوضات. مع ذلك، وفي ضوء العقبات التي تواجهها هذه المفاوضات، رأت مصادر إسرائيلية أن فرص التوصل إلى اتفاق في المفاوضات مع لبنان على ترسيم الحدود في الوقت الحاضر ضئيلة.
"معاريف"، 25/4/2021
على إسرائيل عدم قبول مطالبة لبنان بالتخلي عن حقل "كاريش"
يتسحاق لفانون - سفير سابق في مصر
- في الخريف الماضي بدأت المحادثات بين لبنان وإسرائيل من أجل التوصل إلى تحديد الحدود البحرية بينهما وتقاسُم المنطقة بما يرضي الطرفين. كان هذا تفاؤلاً مبالغاً فيه. المحادثات بدأت على أساس الوثائق التي نقلها كل طرف إلى الأمم المتحدة. والأميركيون انتدبوا أنفسهم لهذه المهمة. ودارت النقاشات حول منطقة الـ 860 كيلومتراً مربعاً.
- الأميركيون، بمساعدة السفير فريدريك هوف، اقترحوا أن يأخذ لبنان 55% من المنطقة والجزء الباقي 45% يذهب إلى إسرائيل. وقال موظفون أميركيون إنهم تعاملوا مع الدولتين كأن إسرائيل هي الولايات المتحدة ولبنان هو مكسيكو، لذلك حصل لبنان على جزء أكبر. وكانت إسرائيل تميل إلى قبول هذا التقسيم وإنهاء النزاع.
- لكن ثرثرات غير ضرورية من داخل النقاشات لدينا أدت إلى ثرثرات لا ضرورة لها من طرف لبنان، وهو ما دفع الولايات المتحدة إلى تعليق المحادثات. لم يضيع لبنان الوقت، ومؤخراً طالب بإضافة 1430 كيلومتراً مربعاً إلى مطلبه الأصلي بحجة أن هذه الزيادة يفرضها القانون الدولي والوثائق الدولية.
- الاستفزاز اللبناني ليس في مكانه ويمكن أن يطيح بأي إمكان للتوصل إلى تسوية بين الدولتين. إذا تم التوصل إلى اتفاق على أساس محادثات الخريف، فسيستفيد لبنان من عائدات ملائمة من استغلال الغاز البحري في أراضيه، الأمر الذي سيساعده على التغلب على الأزمة الاقتصادية التي تجعله على شفير الهاوية. في المقابل، في استطاعة إسرائيل استخدام حقل "كاريش" بكامل طاقته. إذا لم يوقَّع الاتفاق، لن يحصل لبنان على عائدات مالية، وستشغل إسرائيل الحقل من دون أخذ موقفه في الاعتبار.
- يدرك لبنان تفوق إسرائيل ويريد التوجه إلى الأمم المتحدة منذ الآن لتغيير مخطط النقاشات وإضافة 1430 كيلومتراً مربعاً إلى الخلاف. في هذه الحالة يعتقد لبنان أن شركات التنقيب، التي وقّعت إسرائيل اتفاقات معها، ستفكر في عدم البدء باستخراج الغاز في منطقة نزاع حتى يجري حل الخلاف مع لبنان. هذا ما يأمل به لبنان، وهذا ما تتخوف منه إسرائيل.
- لقد أعدّ اللبنانيون صيغة للتغيير المطلوب وقّعها كبار المسؤولين في الدولة وهي تحظى بتأييد الجيش والقوى المسيحية وحزب الله وسائر القوى السياسية. فقط الرئيس ميشال عون يرفض توقيع التعديل بحجة أن نقل التعديل إلى الأمم المتحدة سينهي المحادثات مع إسرائيل، وهي ستواصل توجهها وتستخرج الغاز من حقل "كاريش" من دون انتظار الحل.
- مؤخراً أرسل الأميركيون على عجل نائب وزير الخارجية ديفيد هيل لإعادة لبنان إلى طاولة المفاوضات، بحسب الصيغة المقررة، أي من دون الزيادة التي يطالب بها لبنان. يبدو أن مهمة هيل لم تنجح. ويبدو أن الرئيس عون مستمر في رفضه. هذه المهمة ستعرّضه لانتقادات داخلية عامة. وتقول الشائعات إن الرئيس عون يأخذ على عاتقه المخاطرة بإلغاء الولايات المتحدة عقوبات فرضتها على شخصيات لبنانية، بينها صهره جبران باسيل. وقد بحث هيل ذلك في واشنطن.
- من مصلحة إسرائيل إنهاء القضية. لكنها لا تستطيع قبول الطلب اللبناني الإضافي لأنها ستضطر إلى التخلي عن حقل "كاريش". قد يكون العمل المشترك مفيداً. من جهة، التعبير أمام الأميركيين عن استعدادنا لمعالجة الموضوع مع لبنان، ومن جهة ثانية الإعراب عن استعدادنا لتأجيل البدء باستخراج الغاز من "كاريش" أشهراً معدودة فقط، بذلك نعطي الرئيس اللبناني مهلة لإعادة النظام إلى بلده. لا تستطيع إسرائيل تغيير أطر النقاشات التي وافقت عليها بسبب تعنّت لبنان.
"يديعوت أحرونوت"، 6/6/2022
الجيش الإسرائيلي يقوم باتخاذ الاستعدادات اللازمة لمواجهة احتمال قيام حزب الله بضرب منصة التنقيب عن الغاز "كاريش" في عرض البحر المتوسط
ذكرت قناة التلفزة الإسرائيلية "كان 11" [تابعة لهيئة البث الرسمية الجديدة] مساء أمس (الأحد) أن الجيش الإسرائيلي قام باتخاذ الاستعدادات اللازمة لمواجهة احتمال قيام حزب الله بضرب منصة التنقيب عن الغاز "كاريش" التي وصلت أمس إلى مكانها في المياه الاقتصادية الإسرائيلية في البحر الأبيض المتوسط على بُعد 80 كيلومتراً غربي شواطئ إسرائيل، وهاجم لبنان وصولها بشدة.
وأضافت قناة التلفزة أنه خلال الأيام التي سبقت وصول المنصة التابعة لشركة "إنرجي" من سنغافورة إلى موقعها في حقل "كاريش"، والذي لا يُعتبر موضع خلاف مع لبنان، أجرت الأجهزة الأمنية في إسرائيل تقييمات للوضع، وأشارت إلى أن تأمين الأمن للمنصة هو من مهمات الشركة، لكن المسؤولية عن الأمن في المياه هي لدولة إسرائيل.
ووفقاً للقناة، سيعمل سلاح البحر الإسرائيلي على تأمين حماية للمنصة في قلب البحر من خلال مركبات بحرية فوق المياه وتحتها، وكذلك بمساعدة غواصات. وأكدت أن سلاح البحر على أهبة الاستعداد أيضاً للرد في حال استهداف مركبات بحرية في قلب البحر، كما سيتم نصب منظومة "قبة حديدية" في المكان. ونوهت القناة بأن الجيش الإسرائيلي أنهى الأسبوع الماضي مناورات في البحر الأحمر بمشاركة غواصة من طراز "دولفين" وسفينتي صواريخ.
وكان الرئيس اللبناني ميشال عون تطرّق في وقت سابق أمس إلى وصول المنصة، وحذّر إسرائيل من مغبة القيام بأي نشاط استفزازي عدواني في المنطقة البحرية المتنازع عليها. وأضاف أنه تحدّث عن الأمر مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وطلب من الجيش اللبناني أن يرسل له معطيات دقيقة ورسمية حتى يتم الرد على دخول المنصة.
وقال عون إن المفاوضات بشأن ترسيم الحدود البحرية الجنوبية لا تزال مستمرة، وأي عمل أو نشاط في المنطقة المتنازع عليها يشكل استفزازاً وعملاً عدائياً.
من جانبه، أكد رئيس الحكومة ميقاتي أن محاولات إسرائيل افتعال أزمة جديدة من خلال التعدي على ثروة لبنان المائية أمر في منتهى الخطورة، ومن شأنه إحداث توترات لا أحد يمكنه التكهّن بتداعياتها.
كما حذر وزير الدفاع اللبناني موريس سليم، في بيان صادر عنه مساء أمس، من احتمال وقوع تدهور أمني في جنوب البلد جرّاء التحركات الإسرائيلية في المنطقة البحرية المتنازع عليها بين الجانبين.
وقال سليم: "إن التحركات التي تقوم بها إسرائيل في المنطقة المتنازع عليها في الجنوب اللبناني، تشكل تحدياً واستفزازاً للبنان وخرقاً فاضحاً للاستقرار الذي تنعم به المنطقة الجنوبية من لبنان". وأضاف أن إسرائيل تحاول إيجاد أمر واقع على الحدود اللبنانية، وبذلك تطيح الجهود التي تُبذل لاستئناف مفاوضات ترسيم الحدود البحرية التي تلعب فيها الولايات المتحدة دور الوسيط، وتجري تحت رعاية الأمم المتحدة. ودعا المجتمع الدولي والأمم المتحدة إلى التحرك سريعاً لوضع حدّ للممارسات الإسرائيلية المتجددة وتطبيق القرارات الدولية، بغية استباق حدوث أي تدهور أمني في الجنوب اللبناني، ستكون له انعكاسات على الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط كلها.
"يديعوت أحرونوت"، 6/6/2022
الجيش الإسرائيلي يقوم باتخاذ الاستعدادات اللازمة لمواجهة احتمال قيام حزب الله بضرب منصة التنقيب عن الغاز "كاريش" في عرض البحر المتوسط
ذكرت قناة التلفزة الإسرائيلية "كان 11" [تابعة لهيئة البث الرسمية الجديدة] مساء أمس (الأحد) أن الجيش الإسرائيلي قام باتخاذ الاستعدادات اللازمة لمواجهة احتمال قيام حزب الله بضرب منصة التنقيب عن الغاز "كاريش" التي وصلت أمس إلى مكانها في المياه الاقتصادية الإسرائيلية في البحر الأبيض المتوسط على بُعد 80 كيلومتراً غربي شواطئ إسرائيل، وهاجم لبنان وصولها بشدة.
وأضافت قناة التلفزة أنه خلال الأيام التي سبقت وصول المنصة التابعة لشركة "إنرجي" من سنغافورة إلى موقعها في حقل "كاريش"، والذي لا يُعتبر موضع خلاف مع لبنان، أجرت الأجهزة الأمنية في إسرائيل تقييمات للوضع، وأشارت إلى أن تأمين الأمن للمنصة هو من مهمات الشركة، لكن المسؤولية عن الأمن في المياه هي لدولة إسرائيل.
ووفقاً للقناة، سيعمل سلاح البحر الإسرائيلي على تأمين حماية للمنصة في قلب البحر من خلال مركبات بحرية فوق المياه وتحتها، وكذلك بمساعدة غواصات. وأكدت أن سلاح البحر على أهبة الاستعداد أيضاً للرد في حال استهداف مركبات بحرية في قلب البحر، كما سيتم نصب منظومة "قبة حديدية" في المكان. ونوهت القناة بأن الجيش الإسرائيلي أنهى الأسبوع الماضي مناورات في البحر الأحمر بمشاركة غواصة من طراز "دولفين" وسفينتي صواريخ.
وكان الرئيس اللبناني ميشال عون تطرّق في وقت سابق أمس إلى وصول المنصة، وحذّر إسرائيل من مغبة القيام بأي نشاط استفزازي عدواني في المنطقة البحرية المتنازع عليها. وأضاف أنه تحدّث عن الأمر مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وطلب من الجيش اللبناني أن يرسل له معطيات دقيقة ورسمية حتى يتم الرد على دخول المنصة.
وقال عون إن المفاوضات بشأن ترسيم الحدود البحرية الجنوبية لا تزال مستمرة، وأي عمل أو نشاط في المنطقة المتنازع عليها يشكل استفزازاً وعملاً عدائياً.
من جانبه، أكد رئيس الحكومة ميقاتي أن محاولات إسرائيل افتعال أزمة جديدة من خلال التعدي على ثروة لبنان المائية أمر في منتهى الخطورة، ومن شأنه إحداث توترات لا أحد يمكنه التكهّن بتداعياتها.
كما حذر وزير الدفاع اللبناني موريس سليم، في بيان صادر عنه مساء أمس، من احتمال وقوع تدهور أمني في جنوب البلد جرّاء التحركات الإسرائيلية في المنطقة البحرية المتنازع عليها بين الجانبين.
وقال سليم: "إن التحركات التي تقوم بها إسرائيل في المنطقة المتنازع عليها في الجنوب اللبناني، تشكل تحدياً واستفزازاً للبنان وخرقاً فاضحاً للاستقرار الذي تنعم به المنطقة الجنوبية من لبنان". وأضاف أن إسرائيل تحاول إيجاد أمر واقع على الحدود اللبنانية، وبذلك تطيح الجهود التي تُبذل لاستئناف مفاوضات ترسيم الحدود البحرية التي تلعب فيها الولايات المتحدة دور الوسيط، وتجري تحت رعاية الأمم المتحدة. ودعا المجتمع الدولي والأمم المتحدة إلى التحرك سريعاً لوضع حدّ للممارسات الإسرائيلية المتجددة وتطبيق القرارات الدولية، بغية استباق حدوث أي تدهور أمني في الجنوب اللبناني، ستكون له انعكاسات على الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط كلها.
موقع "N12"، 6/6/2022
وصول منصة الغاز "كاريش" إلى إسرائيل ونصر الله يهدد
نوعام أمير - صحافي
- من المدهش رؤية كيف يتعلم زعيم "حماس" في الجنوب وزعيم حزب الله حسن نصر الله في الشمال من بعضهما البعض. فبينما "ركب" السنوار في غزة على موجة "الإرهاب" الأخيرة، "ركب" نصر الله على سمكة قرش أُخرى هي "كاريش". وصول منصة الغاز الطبيعي "كاريش" إلى إسرائيل دفع نصر الله إلى إطلاق تهديدات جديدة ضد إسرائيل، ربما سينجح من خلال ذلك في تعزيز مكانته وسط الشعب اللبناني.
- ثمة قاسم مشترك بين السنوار ونصر الله بسيط جداً، الاثنان مشغولان بتعزيز مكانتيهما في الشارع. وبينما يعمل السنوار بقوة من أجل تعزيز مكانته في القدس الشرقية والضفة الغربية، وبين العرب في إسرائيل، يواجه نصر الله تحديات كبيرة جداً في داخل لبنان، ومكانته في الشارع ضعيفة جداً.
- قرأ نصر الله التقارير المتعلقة بوصول منصة الغاز الطبيعي FPSO "كاريش" أمس إلى المكان المقصود في داخل المياه الاقتصادية الخالصة لإسرائيل، أي نحو 80 كيلومتراً غربي شواطئ الدولة. وذلك بعد أن شقت طريقها خلال 5 أسابيع من حوض بناء السفن في سنغافورة، حيث جرى العمل على بنائها في الأعوام الأخيرة. وأبحرت المنصة من الشرق الأدنى، مروراً بقناة السويس، إلى البحر الأبيض المتوسط. المكان الذي رست فيه يقع داخل أراضي دولة إسرائيل من دون شك، لكن هذا لا يمنع لبنان من توجيه تهديداته.
- ومن المفترض أن يجري ربط المنصة بحقل "كاريش" وحقول أُخرى في المنطقة، وأن تزود السوق المحلية بنحو نصف حاجتها من الغاز الطبيعي. وتنضم هذه المنصة إلى منصتيْ "تمار" ولفيتان" اللتين تعملان اليوم وتزودان السوق بالغاز الطبيعي. وتعتقد وزيرة الطاقة كارين الهرار أن تشغيل المنصة الجديدة سيزيد في فائض التزود بصورة كبيرة، وسيعزز أمن الطاقة في إسرائيل ويساعد على المنافسة، وهو ما سيؤدي إلى انخفاض الأسعار في السوق. وعلى الرغم من العديد من الانتقادات الموجهة إلى الموضوع، فإن الهرار قررت تسريع الخطوة. ومن المتوقع أن يبدأ الإنتاج التجاري للمنصة في أيلول/سبتمبر.
- مَن سيعطي الضوء الأخضر النهائي للبدء بالعمل هو سلاح البحر الذي سينهي تنفيذ الترتيبات الأخيرة لضمان أمن المشروع. من هذه الناحية، التهديدات من جانب لبنان لا تؤثر كثيراً في المؤسسة الأمنية، لكن يجب أخذ التهديدات اللبنانية بجدية، ومن ناحية ثانية، من أجل ضمان منشأة اقتصادية في الطاقة واستراتيجية، فهذا جزء مهم من السياسة العسكرية الإسرائيلية. لكن قبل كل شيء، من المعروف أن لبنان غير قادر فعلاً على تهديد إسرائيل عسكرياً، لأن آخر ما يرغب فيه نصر الله الآن هو فتح حرب في مواجهتنا. لكن على الرغم من ذلك، فإنه يجب إيلاء هذه التهديدات أهمية.
- بالعودة إلى الغاز، فوفقاً لوزارة الطاقة، سيُستخرج الغاز من الآبار الموجودة على عمق 1700 متر تحت الماء وعلى مساحة 3-4 كيلومترات مربعة تحت الماء، عبر أنبوب يمر تحت الماء ويتوجه نحو المنصة، حيث ستجري معالجة الغاز الطبيعي، ثم يجري ضخّه إلى السوق المحلية بواسطة أنبوب يصل إلى منطقة الفريديس، حيث سيوصل بشبكة النقل.
- وبحسب المخطط الأولي، سيكون لإسرائيل 3 حقول للغاز الطبيعي منفصلة، موصولة بالسوق المحلية بواسطة 3 أنظمة إنتاج منفصلة ومستقلة، الأمر الذي يضمن للسوق الإسرائيلية استقلالها في مجال الطاقة. وتشكل هذه الخطوة شرطاً آخر على طريق وقف العمل في الوحدات التي تعمل على الكربون لإنتاج الطاقة.
- هآرتس"، 9/6/2022
- بيان رسمي للحكومة: منصة "كاريش" أحد أرصدتنا الاستراتيجية وسيتم نصبها في الأراضي الإسرائيلية
- قالت الحكومة الإسرائيلية إن منصة "كاريش" للغاز الطبيعي تمثل أحد الأرصدة الاستراتيجية لدولة إسرائيل، وشددت على أنه سيتم نصبها في الأراضي الإسرائيلية، ودعت السلطات في لبنان إلى الإسراع في إنهاء المفاوضات بشأن الحدود البحرية.
- وجاء ذلك في بيان رسمي إسرائيلي صدر أمس (الأربعاء) في ضوء التوتر الذي حدث عقب قيام إسرائيل بإرسال منصة عائمة ستعمل على استخراج الغاز الطبيعي من حقل "كاريش" في البحر الأبيض المتوسط والذي يعتبر لبنان أنه يقع في منطقة متنازع عليها، وكذلك غداة الدعوة التي وجهها لبنان إلى الوسيط الأميركي آموس هوشستين لزيارة بيروت والبحث في استكمال مفاوضات ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل.
- وصدر هذا البيان عن كل من وزراء الخارجية يائير لبيد، والدفاع بني غانتس، وشؤون الطاقة كارين إلهرار، وشدد على أن "إسرائيل ترى أهمية قصوى في حماية أرصدتها الاستراتيجية، وهي على استعداد لحمايتها والدفاع عن بنيتها التحتية وكل ما يتوافق مع حقوقها". كما أكد أن المنصة المذكورة سيتم نصبها في الأراضي الإسرائيلية على بعد كيلومترات إلى الجنوب من منطقة يتم التفاوض بشأنها بين إسرائيل ولبنان بوساطة الولايات المتحدة.
- ووفقاً للبيان فإن منصة "كاريش" مصممة لدعم موارد الطاقة والغاز الطبيعي في المنطقة الاقتصادية لدولة إسرائيل ولتعزيز الاقتصاد الأخضر في إسرائيل.
- وأكد البيان أن تحديد مصادر الطاقة القائمة على الغاز يمكن أن يساعد بشكل كبير الاقتصاد اللبناني ومواطنيه ومن مصلحة لبنان الدفع قدماً بالحوار في هذا الشأن.
- وكانت شركة "هاليبرتون" الأميركية أعلنت الأسبوع الماضي أنها حصلت على ترخيص من إسرائيل لبدء التنقيب عن الغاز والنفط في حقل "كاريش" البحري والذي يُعدّ منطقة متنازعاً عليها مع لبنان. وقوبلت هذه الخطوة الإسرائيلية برفض لبناني حيث طلب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من وزارة الخارجية إجراء الاتصالات اللازمة مع الجهات الدولية المعنية لمنع إسرائيل من بدء التنقيب.
- وأعلن ميقاتي أنه بعد التشاور مع رئيس الجمهورية ميشال عون تقرّر دعوة الوسيط الأميركي للحضور إلى بيروت للبحث في مسألة استكمال المفاوضات لترسيم الحدود البحرية الجنوبية والعمل على إنهائها في أسرع وقت ممكن، وذلك لمنع حصول أي تصعيد.
- وأجرى الجانبان الإسرائيلي واللبناني 5 جولات محادثات بخصوص المنطقة المتنازع عليها منذ تشرين الأول/أكتوبر 2020، حتى أيار/مايو 2021، برعاية الأمم المتحدة ووساطة أميركية، وذلك قبل أن تُعلَق المحادثات بسبب عدم إحراز أي تقدم فيها.
"معاريف"، 9/6/2022
كي نفرض على لبنان العودة إلى المفاوضات يجب مواصلة استخراج الغاز في المنطقة المتنازع عليها
يتسحاق ليفانون - سفير سابق
- تطالب الأصوات المتصاعدة من لبنان بشأن الحدود البحرية مع إسرائيل بالتشدد في الموقف اللبناني في مواجهة إسرائيل. وكان قد بدا، بعد الانتخابات البرلمانية العامة التي جرت في الشهر الماضي، أن بيروت تفضل تسوية من أجل استخراج الغاز من البحر وضمان إيرادات كافية إلى صندوق الدولة.
- منذ أكثر من عقد أرسل لبنان وإسرائيل موقفيهما من هذا الموضوع إلى الأمم المتحدة، يتبين منها أن الدولتين توافقان على أن الخلاف بينهما هو على منطقة 860 كيلومتراً مربعاً فقط. وطلبت الدولتان مساعدة واشنطن لحل الخلاف. وكان الدبلوماسي الأميركي فردريك هوف هو الذي كُلف بمعالجة الموضوع فوضع خطاً مباشراً من المطلة وقسم المنطقة المتنازع عليها بين الدولتين، فأعطى لبنان 55% منها والباقي لإسرائيل. وافقت إسرائيل، لكن لبنان لم يوافق لأنه بحسب هذا الخط سيبقى جزء من حقل الغاز اللبناني "قانا" من حصة إسرائيل. كما عارض حزب الله استخراج الغاز من جانب إسرائيل ولبنان معاً من حقل "قانا" بحجة أن هذا يفرض تعاوناً بينهما يعتبره الحزب تطبيعاً.
- في نهاية سنة 2020 استؤنفت الاتصالات بين إسرائيل ولبنان، بوساطة أميركية، في الناقورة على أساس الخلاف المذكور أعلاه. لكن بعد ضغط من الجيش اللبناني وخبراء من شركة بريطانية ولجنة خبراء دولية، غيّر لبنان موقفه وبدأ بالمطالبة بمنطقة مساحتها 1460 كيلومتراً مربعاً بدلاً من 860، وطبعاً، عارضت إسرائيل لأن المطالبة اللبنانية تجعل حقل الغاز كاريش الذي تملكه إسرائيل اليوم ينتقل كله إلى لبنان.
- عيّن الرئيس الأميركي وسيطاً جديداً هو عاموس هوكشتاين الأميركي-الإسرائيلي، الذي قدم اقتراحاً يعتمد على نقطتين أساسيتين: الأولى أن تدور النقاشات بين الطرفين على المنطقة الأولى المتنازع عليها أي 860 كيلومتراً مربعاً. أمّا النقطة الثانية فهي تحريك الخط الذي وضعه فردريك هوف بحيث يصبح كل حقل "قانا" من حصة لبنان، وبهذه الطريقة لا يكون هناك تطبيع. رفض لبنان هذه الخطة، والأجواء السائدة اليوم تطالب بتشدد الموقف اللبناني والمطالبة رسمياً بمنطقة إضافية بحيث تدور النقاشات بشأن المنطقة الأساسية المختلف عليها بالإضافة إلى 1460 كيلومتراً مربعاً. ووفق هذا المخطط فإن حقل كاريش ينتقل من إسرائيل إلى لبنان.
- في مطلع هذا العام حذّر لبنان وإسرائيل بعضهما البعض كتابياً من مغبة استخراج الغاز من المنطقة المختلف عليها. وكان من المنتظر أن يصل هوكشتاين إلى المنطقة من أجل الدفع قدماً بالموضوع، لكن على ما يبدو فإن نتائج الانتخابات في لبنان تعيقه. إذا قدم لبنان وثيقة رسمية إلى الأمم المتحدة تلغي الوثيقة السابقة التي قدمها في سنة 2011 وأضاف المنطقة الكبيرة التي يطالب فيها فإن هذا سيعيدنا إلى المربع الأول وسيرفع من درجة التوتر بين الدولتين. ومن المحتمل أن تكون الولايات المتحدة التي دعت المدير العام للأمن العام اللبناني عباس إبراهيم المقرب من حزب الله إلى زيارة البيت الأبيض قد بحثت معه هذه القضية.
- إن تدخل الولايات المتحدة الآن أساسي؛ فرئيس الجمهورية ميشال عون الذي تراجع وضع حزبه في الانتخابات النيابية الأخيرة يمكن أن يستعمل ورقة الحدود البحرية من أجل الدفع قدماً بأجندته لانتخاب صهره جبران باسيل حليف حزب الله رئيساً مقبلاً للجمهورية. في استطاعة إسرائيل أن تعيد خلط الأوراق من خلال استخراج الغاز في المنطقة المختلف عليها من دون انتظار الحل، وبهذه الطريقة تجبر لبنان على العودة إلى طاولة المفاوضات مع نية التوصل إلى تسوية لا التشدد.
"يديعوت أحرونوت"، 13/6/2022
في النزاع على الغاز ثمة فرصة يمكن استغلالها
. بني سبانير - أستاذ مشارك في مركز أبحاث السياسة والاستراتيجيا البحرية في جامعة حيفا - والبروفسور شاوول حوريف، رئيس المركز
- خلال الأسبوع الماضي وضعت شركة إنيرجيان منصة لاستخراج الغاز فوق حقل كاريش، الذي يقع على بعد 80 كيلومتراً شمال غربي حيفا، وأعلنت البدء باستخراج الغاز خلال الربع الثالث من هذا العام. ورداً على ذلك، أعلن الرئيس اللبناني ورئيس الحكومة اللبنانية أن إسرائيل تخرق السيادة اللبنانية في منطقة المياه الاقتصادية الخالصة، الأمر الذي يشكل استفزازاً وعدواناً. وعبّر الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله عن غضبه، مشدداً على أن من حق لبنان منع استخراج الغاز من الحقل، وأن حزبه سيفعل ذلك إذا ما طلب منه ذلك رئيس الجمهورية.
- من جهتها، أوضحت إسرائيل أن المقصود رصيد استراتيجي الهدف منه الاستفادة من الموارد الطبيعية في مياهها الاقتصادية الخالصة، ولا تعترف إسرائيل بالحجج اللبنانية بشأن حق لبنان في المنطقة وفي الحقل. وهذا الموقف ذكرته في تشرين الأول/أكتوبر 2020 في نهاية المحادثات الفاشلة بين الدولتين بشأن ترسيم الحدود البحرية بينهما، وبسبب مطالب لبنان الجديدة والمبالغ فيها.
- هذه المواقف العالية اللهجة الصادرة عن لبنان وإسرائيل لا تبشر بالخير، ويبدو أنها ستقود إلى حائط مسدود. نحن في مركز أبحاث السياسة والاستراتيجيا البحرية في حيفا نريد أن نقترح خطة محتملة لحل مشكلة حقل كاريش الذي تشغّله إسرائيل، إذ يقدم اقتراحنا حلاً للخلاف الطويل منذ سنوات بشأن ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل. وتشمل الخطة البعيدة الأمد أربع مراحل، ويمكن أن يتم العمل بها فوراً بوساطة أميركية مقبولة من الطرفين.
- في المرحلة الأولى: تعلن إسرائيل استعدادها لنقل كمية من غاز حقل كاريش إلى لبنان، بصورة أحادية الجانب ومن دون مقابل فوري. ولا يشكل هذا النقل اعترافاً بالسيادة اللبنانية على الأرض، أو بحقوق لبنان في الحقل. ففي بداية السنة، وافقت إسرائيل على اتفاق لبيع الغاز إلى لبنان يساهم في تقليص أزمة الطاقة في البلد، وبحسب ما نُشر تصدّر إسرائيل كميات من الغاز إلى الأردن (ومصر)، ومنه يتدفق الغاز من خلال أنبوب إلى لبنان عبر سورية، أي أن آلية نقل الغاز من إسرائيل إلى الدول العربية، ولا سيما لبنان، موجودة.
- علاوة على ذلك، جرى هذا الترتيب بموافقة الولايات المتحدة وروسيا، وتم التوصل إليه بوساطة من الموفد الأميركي الخاص لشؤون الطاقة عاموس هوكشتاين. أمّا الأمر الجديد الوحيد الذي نقترحه فهو أن جزءاً من الغاز الذي سيُنقل سيكون من حقل كاريش، وسيمر عبر الطريق عينه الذي يجري فيه نقل الغاز اليوم من حقل لفيتان.
- المرحلة الثانية: يتعهد لبنان بالعودة فوراً إلى المفاوضات مع إسرائيل لترسيم الحدود البحرية. ويعود الطرفان إلى المخطط الذي كان متفقاً عليه في الناقورة في سنة 2020، أي تقسيم المنطقة المختلف عليها 860 كيلومتراً مربعاً بنسبة 52٪ للبنان والباقي لإسرائيل. ويوافق الطرفان على ترسيم الحدود البحرية بينهما من خط الشاطىء حتى الحدود مع قبرص. وسيكون خط الحدود البحرية بين الطرفين نهائياً، ويودع لدى الأمم المتحدة كما هو متعارف عليه.
- المرحلة الثالثة: وفي إطار المفاوضات يتوصل الطرفان إلى حل فيما يتعلق بحقل الغاز الموجود بالقرب منطقة الخلاف وشماله والمعروف بالبلوك 9. وتدل الفحوصات التي جرت على أن ثمة فرصاً جيدة للعثور على غاز ووقود في الحقل. وبحسب تقارير متعددة، فإن الوسيط هوكشتاين الذي وصل هذا الأسبوع إلى لبنان لإجراء جولة إضافية من المحادثات في المنطقة رسم مع الطرفين مخططاً عاماً متفقاً عليه يتضمن الكيفية التي سيجري من خلالها تطوير الحقل، ومَنْ هي الجهة التي ستطوره، وحجم استثمارات الطرفين، وتوزيع الأرباح. وهناك العديد من التجارب العالمية في مجال التعاون في الحقول العابرة للحدود، والتي تدل على إمكان قيام مثل هذا التعاون بسهولة.
- المرحلة الرابعة: بعد أن يبدأ الحقل بالعمل وبإدخال الأرباح للطرفين، يعيد لبنان إلى إسرائيل كمية من الغاز تساوي الكمية التي أعطتها له من كاريش في بداية هذه العملية. ويقرر الطرفان بينهما إعادة الكمية كاملة أو جزء منها.
- نعلم بأن ما يجري الحديث عنه هو اقتراح مبتكر يمكن أن يشكل تحدياً للطرفين: فلن يحصل اللبنانيون على طلبهم بشأن كل ما له علاقة بالسيادة والسيطرة على حقل كاريش، ويمكن أن تظهر إسرائيل كأنها خضعت للضغط اللبناني واضطرت إلى نقل غاز من احتياطات الدولة إلى بلد هو في حالة حرب مع إسرائيل ويسيطر عليه حزب الله.
- لكن كل الأطراف تدرك أن الوضع يتفاقم سوءاً في الأيام الأخيرة، وأي حلول أُخرى "حصيلتها صفر". فليس المقصود نزاعاً عادياً على الحدود، بل هو تهديد استراتيجي لرصيد إسرائيلي ولتوازن الرعب الموجود هنا، إذ تحمل منصة كاريش معها تحدياً وفرصة تسمح بحل أفضل للمنطقة كلها. ومع الاستمرار في إصدار حقوق الامتياز وتحصين منصات الحقل بواسطة سلاح البحر، نؤمن بأن الخطة التي اقترحناها تتيح حلاً للنزاع بوسائل سلمية.
معهد دراسات الأمن القومي"، 15/6/2022
بين أوروبا ولبنان: الضائقة قد تؤدي إلى تنازلات
عوديد عيران - باحث في معهد دراسات الأمن القومي
- في السنوات العشر الأخيرة امتنع زعماء الاتحاد الأوروبي من زيارة إسرائيل، ولم يُعقد اللقاء السنوي للمجلس المشترك للطرفين، كإشارة إلى انتقاد الجانب الأوروبي للسياسة الإسرائيلية بشأن كل ما له علاقة بالنزاع مع الفلسطينيين. فزيارة رئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي أورسولا فون دير لاين (التي تدير العمليات اليومية للاتحاد في كل المجالات) لا تعكس تغييراً في الموقف من إسرائيل. والسبب المباشر لزيارتها هو منحها شهادة دكتوراه فخرية من جامعة النقب، بينما السبب الحقيقي هو أزمة الطاقة التي تواجهها أوروبا، التي، من جهة، توجه الانتقادات إلى روسيا وتفرض عقوبات عليها بسبب غزوها لأوكرانيا، ومن جهة أُخرى تجد صعوبة في التخلص من الاعتماد على النفط والغاز من روسيا.
- ويبرز هذا الاعتماد من خلال الاستيراد السنوي الذي يقدر بنحو 150 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي الذي يحرك الاقتصاد الأوروبي. وكان الرئيس الأميركي وعد الأوروبيين بعشر هذه الكميات، ومن المفترض أن تزيد في السنوات المقبلة. وعلى الرغم من أن مخزون إسرائيل يقدَّر بـ1000 مليار متر مكعب، فإنها قادرة على تزويد أوروبا بـ10 مليارات متر مكعب التزاماً بقرار الحكومة تأمين كميات تكفي الاستهلاك المحلي في العقود المقبلة.
- إن الضائقة الأوروبية هي ضائقة راهنة، ولا يشكل مد أنبوب من الحقول البحرية لإسرائيل إلى أوروبا حلاً عملياً، وبالتالي فإن استخدام منشأة عائمة لتسييل الغاز تقوم بضخه إلى الناقلات هو حل فوري وممكن، وشركات الغاز في إسرائيل وأوروبا قادرة على مواجهة هذا التحدي. وإلى حين وصول مثل هذه المنشأة يجب زيادة الكميات التي يجري ضخها (4.5 مليار متر مكعب سنوياً) إلى مصر، التي لديها منشآت لتسييل الغاز ثابتة تتلاءم مع القدرة المحدودة للأنبوب الموجود حالياً بينها وبين إسرائيل.
- كان يجب سماع كلام فون دير لاين خلال حفل منحها الدكتوراه الفخرية كي ندرك التاريخ المشترك والمعقد والصعب، لكن الغني، بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي. ومن الجيد وجود مصالح مشتركة الأساس فيها هو الدفع قدماً بالانتقال إلى الطاقة الخضراء، التي لإسرائيل مساهمة كبيرة فيها.
- في هذه الأثناء، وخلال عقد من العلاقات السياسية المجمدة مع الاتحاد الأوروبي، استمر النزاع بين إسرائيل ولبنان بشأن ترسيم حدود المياه الاقتصادية الخالصة. فلبنان لم يرد حتى الآن على اقتراح الحل الأميركي المقدم سنة 2012 بشأن توزيع المنطقة المختلف عليها، والتي تقدر مساحتها بـ860 كيلومتراً مربعاً. علاوة على ذلك، ومن دون أن يكون لذلك صلة بالنزاع مع إسرائيل، تسببت الحكومات اللبنانية بأزمة طاقة حادة تتجلى في ساعات الكهرباء المعدودة التي يحظى بها اللبنانيون يومياً، وحتى الآن لم يستخرج لبنان متراً مكعباً واحداً من الغاز الطبيعي.
- وفي خضم ضائقته توجه لبنان إلى مصر والأردن وسورية للموافقة على تدفق الغاز في الأنبوب العربي الذي يمر في أراضيهم. وإذا جرى ذلك من المفيد أن يفحص لبنان ما إذا كان هذا من الغاز الذي تصدّره إسرائيل إلى الأردن ومصر. كما توجه لبنان في أزمته إلى الولايات المتحدة كي تستأنف وساطتها مع إسرائيل بشأن الحدود البحرية، وهناك مسؤول رفيع من الإدارة الأميركية موجود الآن في المنطقة لهذه الغاية. ونأمل أن تؤدي هذه الضائقة الاقتصادية في لبنان إلى الاستعداد لتقديم تنازلات منصفة ومنطقية.