مقدمة
تتنوع الأدوار الوظيفية للمقاهي بين العام والخاص، فهي تعبير عن تطور الحياة الاجتماعية والاقتصادية، وتؤدي دوراً مهماً في تشكيل وعي، وخصوصاً لكونها أساساً فضاء اجتماعياً.[1] فقد شكلت المقاهي حيزاً عاماً يساعد في قراءة العلاقة بين السلطة والمجتمع وذلك بحسب هبرماس الذي يرى في الحيز العام فضاء تتجمع فيه مجموعة من الأفراد للتعبير عن آراءهم بشأن المسائل والقضايا التي تهمهم، وعن حاجاتهم من الدولة من خلال ما يُعرف بتشكيل الرأي العام. وهذا المقالة تسعى لتسليط الضوء على أهمية المقاهي كحيز عام، وكمكون أساسي في حياة المقدسيين الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
فعلى سبيل المثال، شكلت المقاهي في مصر في إبان ثورة 1919، الأساس الذي انطلقت منه التظاهرات والخطابات والبرامج السياسية والانتخابية، كما استخدمت الحركة الثورية الإيرلندية والمقاومة الفرنسية الحانات والمقاهي كملتقى للاجتماعات، والأنشطة المقنعة، بينما أدت حانات ميونخ (Beer Halls) في ألمانيا، في عشرينيات القرن الماضي وثلاثينياته، دوراً مهماً في صعود هتلر والنازية، وخصوصاً "حانة ستيرنكيرباو" التي كانت بمثابة الحاضنة الأولى لكثير من الحركات السياسية، وفيها تعرّف هتلر إلى عرّابه الكاتب ديتريخ إيكارت، المعادي لليهود، والذي حضن هتلر، وقدمه إلى مجتمع ميونخ المخملي. علاوة على ذلك، كانت المقاهي هي المكان الذي يلتقي فيه الأدباء والمفكرون للاجتماع والتداول والتعارف.[2]
ويوجد في الدول العربية العديد من المقاهي التاريخية التي أدت دوراً مهماً في الحياة الاجتماعية والثقافية، مثل: مقهى الحرافيش ومقهى الفيشاوي في مصر حيث كتب نجيب محفوظ معظم رواياته؛ مقهى "القزاز" في الأشرفية و"الهورس شو" في بيروت، وقد قاما بدور حيوي في الحركة الثقافية البيروتية؛ مقهى الزهاوي في بغداد؛ مقهى البرازيل في دمشق، والذي كان من أهم رواده محمد الماغوط وبدر شاكر السياب.
مقهى "الحرافيش" في القاهرة
قهوة "الفيشاوي" في القاهرة
قهوة "القزاز" في بيروت
مقهى "الهورس شو" في بيروت
مقهى "الزهاوي" في بغداد
وفي المقابل، شكلت المقاهي العربية قبل سنة 1948 قبلة لرجال الاستخبارات والكشافة التابعة للهاغاناه. ففي دراسة بعنوان: "هكذا تجسست الهاجاناه على مقاهي العرب" تتحدث الباحثة أليشه باسكين[3] عن عملية المسح التي قام بها جوالة "البالماخ" ضمن مشروع ملفات القرى، والذي قامت به الهاغاناه لمسح فلسطين، إذ شمل المسح كلاً من: الأرض والطوبوغرافيا؛ مسح الحيز الحضري؛ المساجد؛ أماكن التجمهر العام، ومن ضمنها المقاهي؛ النباتات والزراعة وغير ذلك.
وبحسب الباحثة باسكين، فإن الطرق التي يتّبعها الجوّالة من أجل جمع المعلومات كانت تشمل التنكر على هيئة متفرجين فضوليين، أو التسلل المموّه إلى المناطق التي يسكنها الفلسطينيون، أكان ذلك في القرى أم المدن. وبين الوثائق التي تعرضها الباحثة وثائق بعنوان "المقاهي العربية في حيفا وأصحابها، 1941"، تعرض فيها معلومات لأكثر من 70 مقهى كانت موجودة في مدينة حيفا وحدها. "وقد تم تصنيف المقاهي من قبل عملاء وحدة المخابرات لثلاثة أنواع: 'النوع الأول' - المقاهي التي يتجمع فيها نشطاء من الماضي والحاضر، 'النوع الثاني' – المقاهي التي يتجمع فيها النشطاء، لكن بدرجة أقلّ من 'النوع الأول'، و'النوع الثالث' - المقاهي التي يتجمع فيها أشخاص كانوا نشطاء خلال الأحداث، وسوف يكونون نشطاء في حالة القلاقل والاضطرابات، لكنهم في الوقت الحالي غير نشيطين."[4]
ومن المهم الإشارة هنا، إلى الكيفية التي نسج فيها المستكشفون والمستشرقون[5] والمصورون الفوتوغرافيون[6] تخيّلهم لهذا المكان، وكيف أن هذه الخيالات أو المعرفة أسست لاحقاً لنصوص استشراقيه، بينها نصوص عن الحداثة الفلسطينية ربطت التطور في وسائل المواصلات والتجارة والتعليم بالحقبة الاستعمارية والحركة الصهيونية. فقد ركز هؤلاء الرحالة والمستشرقون في تصويرهم ومؤلفاتهم على المواقع التوراتية والإنجيلية، من دون أن يكون هناك أدنى اهتمام بحياة السكان اليومية وبأنماط حياتهم إلّا ما ندر، وبطريقة مشوهة، كي تبدو حداثة المدينة كأنها نتيجة انهيار الدولة العثمانية، والتغلغل الاقتصادي، والهجرة اليهودية، ومشاريع التحديث الإداري التي أحدثها الإنجليز.
أدت المقاهي أيضاً دوراً مهماً في الحراك الثقافي والحياة الاجتماعية المقدسية، فقد جمعت العديد من الأدباء والسياسيين والموسيقيين الفلسطينيين في تلك الفترة، وكانت بمثابة صالونات للمثقفين مثل: صالون كاثي أنطونيوس، ومقهى الصعاليك، ومقهى صنصور في القدس الغربية، وحانة جوهرية؛[7] وفي المقابل استغل رجال الدين والمؤسسات الدينية وخطباء الجوامع هذه الأماكن لتمرير برامجهم ومنهم المفتي أمين الحسيني.[8] وقام خليل السكاكيني منذ سنة 1918 بتأسيس مقهى للأدباء عُرف باسم مقهى الصعاليك لصاحبه عيسى أفندي الطبة، وكان منذ تأسيسه مقصداً للأدباء، ومنتدى للشعراء والصحافيين ورجال الحكومة وزعماء البلد. وكان من عادة السكاكيني إذا أتاه ضيف ألّا يأخذه إلى بيته، وإنما يجري به إلى مقهى الصعاليك فيجلس معه في المقهى حول البركة؛ وبين ضيوف الصعاليك أحمد زكي باشا وخليل مطران.[9] لقد شكلت هذه الأماكن حيزاً وفضاء للحركة الوطنية وللنخب، كما شكلت حيزاً عاماً يُبرز معالم الحداثة التي سرعان ما تبددت بُناها بفعل النكبة وما تلاها.
لا يوجد تاريخ دقيق لتأويل تاريخ المقاهي في المدن العربية، وهناك دراسة مهمة للدكتور محمد الأرناؤوط[10] يتحدث فيها عن بدايات دخول المقاهي العثمانية إلى المدن العربية، وخصوصاً إلى القدس.[11] ويمكن القول إن هذه الظاهرة تطورت بشكل رسمي مع بداية التنظيمات العثمانية التي عبّرت عن نفسها من خلال الفن المعماري،[12] وتنظيم طرق المواصلات والنظام الإداري والقضائي والإصلاحات في الاقتصاد والتعليم والجيش والبنى التحتية، وتنظيم المدن وبناء مرافق جديدة.[13] وبحسب ما يورد بعض الدراسات، فإن أول مقهى تأسس في مدينة القدس كان في حي القرمي في القدس القديمة في سنة 1578.[14]
ثمة عدة عوامل لتبرير صعود المقاهي في القدس، ليس لكونها مؤسسات اقتصادية فحسب، أو أماكن للبطالة وتدخين التمباك أو للعب النرد، بل لكونها أيضاً تعبيراً عن أحد مكونات الحداثة التي شهدتها المدينة، وخصوصاً في أواخر القرن التاسع عشر، إذ ضمّت جدرانها كثيراً من المهاترات السياسية والفكرية، والاتجاهات الفكرية المتعارضة. وكانت المقاهي كذلك، مكاناً للدعاية الحزبية، وللعروض الموسيقية، والمسرحيات والتمثيليات والخطب وعروض الكراكوز والحكواتي والفونوغراف والإذاعة وغير ذلك.
وارتبط صعود وأفول بعض مقاهي المدينة بتاريخ المدينة السياسي والعسكري، وهنا يجب التركيز على الدور الوظيفي للمقاهي وعلاقة المقاهي بالإذاعة،[15] فقد ظهرت الإذاعة مع الانتداب البريطاني في سنة 1936 وجعلت مقرها القدس،[16] فضلاً عن إذاعة الشرق الأدنى ودورها.[17]
وهناك عدة عوامل أدت إلى صعود كثير من المقاهي المقدسية، لعل من أهمها الحداثة العثمانية[18] التي برزت في أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، والتي أدت إلى إحداث نهضة عمرانية وفكرية في بعض المدن العربية، ومنها القدس، إذ شهدت تلك الفترة طفرة عمرانية شملت إدخال الكهرباء، والسيارات والسينما والفونوغراف، وبناء أحياء جديدة خارج الأسوار، وبناء مؤسسات حيوية مثل المستشفيات والمدارس والمنشآت الاقتصادية، وخصوصاً الدينية، وذلك بعد تنشيط السياحة الدينية بسبب الامتيازات الأوروبية.
وشهدت تلك الفترة أيضاً عملية تطوير وتنظيم في الأسواق والمواصلات، إذ جرى ربط العديد من المدن بشبكة مواصلات، ولا سيما السكك الحديدية منها،[19] وتم تطوير الموانىء من خلال تزايد عمليات التبادل التجاري بين الدولة العثمانية وأوروبا، وخصوصاً بعد افتتاح قناة السويس وازدهارها، وتأثير ذلك في أنماط التجارة والاستهلاك والعمل. ومن الضروري هنا الالتفات إلى أهمية دور الامتيازات الأوروبية، وتحديداً إنجلترا وروسيا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا، في تطور المدينة خارج الأسوار، وهو ما برز من خلال بناء كثير من الأديرة والكنائس والمستشفيات والمدارس التبشيرية التي ستؤدي دوراً مهماً في النهضة الفكرية وفي تاريخ المدينة. فعلى سبيل المثال، خرّجت المدارس الروسية العديد من النخب الفكرية،[20] بينما قام دير النوتردام، والسان سيمون، ودير اللطرون، والهوسبيس، والأوغستا فيكتوريا، بدور محوري في خريطة المعارك التي جرت في القدس في سنة 1948.
ومن المظاهر المهمة في تلك الفترة تعزيز الأمن، وخصوصاً بعد حملة إبراهيم باشا وثورة نقيب الأشراف، فقد كانت البلدة القديمة تغلق أبوابها عند الغروب، خوفاً من هجمات البدو وقطاع الطرق. ويشكل الأمن عاملاً مهماً جداً وحيوياً في تطور المدن والأسواق واستقرارها، فبيروت مثلاً، التي هاجمها بعض القراصنة اليونان في سنة 1822، أوقع فيها هؤلاء الأخيرين الخراب والدمار.
ويمكن اقتصار سمات هذه الحداثة على مستويين هما: أولاً، البنية الفوقية، وثانياً، البنية التحتية. ونعني بالمستوى الأول النهضة العمرانية في المباني والأحياء وأنماط الحياة ووسائل الاتصال والمواصلات والمؤسسات الجديدة، بينما تعني البنية التحتية، الهويات والتيارات الفكرية المتنوعة التي تولدت بفعل رحيل الأتراك والثورة العربية أو حتى فترة الانتداب، وكذلك الوعي الذي نهض ضد وعد بلفور، ونمو الحركة الوطنية الفلسطينية والنخب.[21]
انطلاقاً ممّا سبق، يمكن الحديث عن أبرز معالم البنية الفوقية التي تمثلت أولاً، في تطوير الأسواق، وخصوصاً في بيروت والقدس، إذ جرى تنظيم العديد من الأسواق من خلال وضع بعض القوانين، وتوفير بنية تحتية جديدة لها؛ ثانياً، في الأبراج[22] والساعات الحميدية على مداخل المدن الكبرى، وهذه الأبراج كانت موجودة في مدن يافا والقدس سابقاً وبيروت وطرابلس ونابلس؛ ثالثاً، في تطور طرق المواصلات والموانىء التي ازدهرت، وخصوصاً ميناءَي يافا وحيفا؛[23] رابعاً، في البنى التحتية المخصصة للمدن؛ خامساً، في بناء خط الحديد الحجازي الذي كان من المفترض أن يربط مدن الشام بالآستانة، وأهمية هذا المشروع تكمن في أنه يربط الولايات العثمانية بعضها ببعض.[24] "ففي سنة 1892 أُنشىء خط سكة حديد ربط بين القدس وميناء يافا الأقرب إليها، واستُخدم هذا الخط في الأعوام الأولى بصورة واسعة لنقل الحجاج والمسافرين، لكن سرعان ما استُغل لنقل البضائع. كما ربطت طرقات واسعة ملائمة للعربات بين القدس من جهة، ويافا ورام الله ونابلس والخليل (عبر بيت لحم) وأريحا من جهة أُخرى [....]. ومنذ سبعينات القرن التاسع عشر وصلت خطوط التلغراف مدينة القدس بمصر وبيروت وأوروبا، وتمتع السكان بخدمات بريدية متعددة، عثمانية وروسية وألمانية ونمسوية وفرنسية وإيطالية، لكنها لم تكن موحدة."[25]
ومن الضروري التطرق هنا إلى الخريطة الفكرية والحزبية التي سادت فلسطين قبل سنة 1948، وعلاقة ذلك بالمقاهي كحيز عام، وكمكان للدعاية الحزبية والإذاعة. ففي أواخر العهد العثماني، برز العديد من التأثيرات الفكرية ومنها: الاتجاهات التجديدية في الفكر الإسلامي من أمثال رفاعة الطهطاوي وجمال الدين الافغاني ومحمد عبده والشيخ محمد رشيد رضا؛[26] الاتجاهات الإصلاحية مثل خير الدين التونسي وعبد الرحمن الكواكبي؛ الاتجاهات السياسية مثل: تيار الجامعة الإسلامية والرابطة العثمانية، والتيارات الوطنية الإقليمية، علاوة على التيار القومي والعروبي ذي التوجهات العلمانية، ولعل من أبرز منظّريها في تلك الفترة ساطع الحصري وأنطوان سعادة وميشيل عفلق وشبلي الشميل.[27] وقد أدت هذه التيارات دوراً مهما في تأسيس حركات أكثر تنظيماً وتأثيراً فيما بعد مثل: الإخوان المسلمين على يد حسن البنا، والتي تمددت ليصبح لها فروع في فلسطين وسورية والأردن والسودان والجزائر واليمن، وحزب التحرير لاحقاً الذي تأسس في القدس على يد تقي الدين النبهاني في سنة 1952.
في فترة الانتداب البريطاني، ظهر دور الجمعيات والأحزاب بشكل واضح، وكان الهدف الأساسي لتأسيس هذه الأحزاب هو محاربة الانتداب البريطاني، ومقاومة وعد بلفور، والتصدي للهجرة اليهودية الاستيطانية. فعلى سبيل المثال أُسست أحزاب وجماعات ذات توجهات دينية مثل الإخوان المسلمين، وأُخرى ذات سمة إقطاعية لتعبّر عن الخلاف والتنافس بين آل الحسيني وآل النشاشيبي مثل حزب الدفاع الوطني والحزب العربي وحزب الاستقلال، وغيرها ذات توجهات وحدوية مثل الجمعية الإسلامية - المسيحية الفلسطينية والتي تأسست في يافا في سنة 1918 برئاسة الحاج راغب أبو السعود الدجاني. كما جرى تأسيس حزب الإصلاح العربي في سنة 1935 على يد عائلة الخالدي، لمنافسة عائلة النشاشيبي التي يمثلها حزب الدفاع الوطني"، وبرزت أيضاً أحزاب صغيرة مثل حزب الكتلة الوطنية في نابلس على يد عبد اللطيف صلاح، وظهرت في الوقت نفسه تيارات شيوعية مثل الحزب الشيوعي الفلسطيني، إذ تأسس الحزب الشيوعي الفلسطيني على يد مجموعة من العمال الثوريين في تشرين الأول / أكتوبر 1919 تحت اسم حزب العمال الاشتراكي في فلسطين، وفي سنة 1924 انضم هذا الحزب رسمياً إلى صفوف الأممية الشيوعية بعد أن وافق على تعريب صفوفه، والانخراط في نشاط في النضال الوطني التحرري المعادي للإمبريالية والصهيونية.[28] ويبقى السؤال الأهم وهو: ما الذي يجعل مكاناً مثل فلسطين يستقطب هذا القدر من التيارات؟
ومن الأحزاب الأُخرى التي برزت في تلك الفترة حزب الاستقلال العربي[29] الذي أسسه عوني عبد الهادي وعزة دروزة، كذلك الحزب الوطني العربي الذي تأسس في سنة 1923 على يد سليمان التاجي الفاروقي. ومن أبرز هذه الأحزاب التي لم تدم طويلاً في فلسطين، الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي أسسه أنطوان سعادة في بيروت في سنة 1932، والذي لاقى رواجاً محدوداً في فلسطين منذ سنة 1935. ودعا هذا الحزب إلى قومية محلية على بلاد الشام (سورية الطبيعية)، واعتبر الأمة السورية هيئة اجتماعية واحدة، ونادى بفصل الدين عن الدولة وإلغاء الإقطاع، وقد أنشأ مقراً له في حيفا، وعيّن يوسف الصايغ مفوضاً عاماً.[30] ومن الحركات المثيرة للانتباه في تلك الفترة حزب الزرّاع الذي تأسس في سنة 1924، وتعود أسباب نشأته إلى شعور أهالي الريف والبدو بأن أهل المدن لهم نصيب الأسد في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والتربوية، وبالتالي ضرورة وجود حزب ينادي بمطالب هؤلاء المزارعين والفلاحين والبدو، على أن يكون حزباً ذا تأثير قوي في الحكومة للمطالبة بالحقوق. وضم هذا الحزب في عضويته شخصيات مثل موسى هديب وعبد الله الغصين.
هذه الحداثة أو النهضة توقفت مع وقوع الحرب الكونية الأولى، لكنها، وبسبب الاستعمار الإنجليزي، شرعت تتطور باطّراد، وذلك بفعل تزايد الطلب على النفط، وتطور الموانىء والمدن الساحلية، وازدهار الطرق التجارية البحرية، غير أن هذه التطورات الاقتصادية أفرزت في الوقت نفسه، نخباً جديدة كومبرادورية، تجارية ومصرفية.
علاوة على ذلك، أدت الجوالي دوراً مهماً في التطور الاقتصادي الذي شهدته المدينة، والذي انعكس على انتشار هذه المقاهي، وخصوصاً في خارج البلدة القديمة، فقد جمعت المدينة الواحدة العديد من التيارات والأعراق والجوالي، ودلت على مرحلة مهمة في حياة المدينة، كما أن هذه المقاهي جمعت معظم الملل والأديان تحت سقف واحد، وهذه ميزة المدن المختلطة. فالتقسيم الإثني الطائفي يرافقه عادة تقسيم تجمعات المدينة داخل السور إلى أحياء للمسلمين والنصارى والأرمن واليهود. وضمن هذه الرؤية الضيقة نرى أربعة حارات منغلقة تعزز حدودها آليات التضامن الطائفي والتخصص المهني والمدارس والتكايا، فضلاً عن الطقوس والاحتفالات الدينية، وفوق ذلك كله تحريم الزواج والتصاهر خارج الملّة والطائفة. وفي ظل هذا المنظار فإن التعايش والحراك الاجتماعي المحدود بين هذه الطوائف بقيا محصورَين في آليات السوق (التجارة) والتزاور الاجتماعي الشكلي حتى انتهاء الحقبة العثمانية.[31]
قامت الجوالي بدور مهم في إحداث نهضة عمرانية وفكرية، من حيث إدخال واستعمال لغتهم وثقافتهم المحلية، والاحتكاك بالسكان المحليين والتفاعل معهم، وكذلك إدخال العديد من والقيم وأنماط الحياة إلى المجتمع الفلسطيني. ومن هذه الجوالي تحديداً، الجوالي الألمانية واليونانية والإيطالية والأميركية والأرمن واليهود وغيرهم، فضلاً عن الحجاج الذي كانوا يزورون المنطقة بقصد الحج والزيارات الدينية،[32] وكذلك زيارات المستشرقين، الأمر الذي يشكل في مجمله لوحة من التفاعل والانفتاح الذي عرفته القدس في تلك الفترة. فعلى سبيل المثال، كان في جمعية الهلال الأحمر في سنة 1915 خمس نساء يهوديات، "والجدير بالذكر بأن هذه الجمعية كانت تضم حساناً فاتنات من سيدات اليهود أمثال المس تتنباوم والمس سيما المغربية ومدموزيل كوب وغيرهن، وكان لهن بدلات رسمية من الجيش ولباسه، يمثلن الهلال الأحمر ويتجولن في الاحتفالات التي كانت تقام آنذاك بالقدس ويجمعون ويستلمون الإعانات التي كانت ترد باسم الهلال الأحمر ضمن صناديق مقفلة على جوانبهن."[33]
أضافت هذه التنوعات الإثنية واللغوية والدينية طابعاً خاصاً على المدينة، ومع أن هذه الجوالي نمت لأسباب متعددة، إلّا إن أبرزها كان لأسباب دينية مثلما فعل اليهود والأرمن وبعض الطوائف المسيحية الأُخرى، وتحديداً البروتستانتية،[34] ومنها ما جاء لأسباب متعلقة باللجوء مثلما فعل اليهود بسبب موجات معاداة السامية والمجازر في سنة 1882، والأرمن[35] بعد مجازر سنة 1915. وبعض هذه الجوالي جاء لأغراض استشراقية كولونيالية، ومنها الأميركية والألمانية والبولونية واليونانية،[36] فقد تركت كل جالية بصماتها الواضحة من حيث المباني والمقاهي والمؤسسات والمدارس التي بنوها، فضلاً عن العديد من أنماط الحياة والحرف الجديدة مثل النجارة والتصوير والعزف على بعض الآلات الموسيقية، والفن المعماري الذي انعكس على نمط البناء في بعض الأحياء، بحيث شكلت هذه بمجموعها حيزاً عاماً للمدينة المفتوحة، وأضافت نكهة إلى التنوع الديني والثقافي. وتشير مذكرات الجوهرية إلى كثير من وقائع المناسبات الاحتفالية التي حضرها الكاتب مع أبناء النخب الاجتماعية وصديقاتهم، وكان يشارك فيها مطربون مسلمون ومسيحيون ويهود.
على صعيد آخر، ساعدت الهجرة والتعليم في الخارج في صعود المقاهي وتطوير محتواها، وهناك نوعان من الهجرة المقصودة هنا: الأول، هو الهجرة الاقتصادية لكثير من أبناء القدس إلى المهجر وما تعنيه هذه الظاهرة من تبدل في الأدوار الاجتماعية، فقد تسارعت هذه الهجرة في أواخر القرن التاسع عشر وبعد رحيل العثمانيين بسبب حالة الفقر والمجاعة، تماماً مثلما كانت عليه الحال في لبنان. والتغيير الأهم الذي أحدثته الهجرة هو تأثيرها في وضع ملكية الأراضي والزعامة المحلية،[37] وفي تحريك عجلة الاقتصاد، إذ ستؤدي هذه الجماعات المهاجرة دوراً مميزاً في قلب الأدوار الاجتماعية، وخصوصاً لدى الفلاحين، في مقابل تراجع مكانة وملكية الشرائح الإقطاعية التقليدية التي اكتفت برأسمالها الاجتماعي. ومن أمثلة هذا التأثير الدور الذي قام به الأخوان إبراهيم وبدر لاما[38] في تأسيس السينما المصرية، وكذلك الدور الذي أدته وديعة جرار وحليم الرومي في تطوير ما يسمى الفولكلور والموسيقى اللبنانية. وساهمت البعثات التعليمية إلى الخارج أيضاً، في استحضار أفكار جديدة مثل الشيوعية، إذ تأثر كثيرون من الطلاب العرب الذين درسوا في الخارج بالثورات، ولا سيما الثورة البلشفية. أمّا العامل الأهم في الهجرة والتعليم في الخارج فيكمن في التأثر ببعض التيارات الفكرية الجديدة مثل الأفكار القومية والاشتراكية في تلك الفترة، والتأثر بأفكار الإخوان المسلمين في الأربعينيات. وتمتاز هذه الهجرات بأنها كانت لأسباب اقتصادية، ولم تكن هجرة قسرية.
النوع الثاني من الهجرة هو الهجرة اليهودية وما تحمله من معانٍ، إذ تركز اليهود قبل سنة 1882 في أربع مناطق رئيسية هي القدس وصفد والخليل وطبرية. واتخذت الهجرات اليهودية شكل خمسة موجات رئيسية، وكان بين العرب واليهود نوع من التبادل التجاري، وعلاقات وصلت إلى حد المصاهرة، غير أن هذه العلاقات سرعان ما توترت بسبب الخطر الذي شكلته الهجرة اليهودية المستمرة، والدور الذي قام به الانتداب الإنجليزي، وعمليات مصادرة أو شراء الأراضي، والمزاحمة والمنافسة الاقتصادية، ومبدأ العمل العبري، وتحديداً في المستعمرات الأولى، إذ "تكشف الإحصاءات الاقتصادية عن شكل العلاقات العربية - اليهودية في بعض القطاعات، ويذكر رومان أن 'في سنة 1935، وهي سنة قياسية فيما يتعلق بالبناء اليهودي في القدس، ارتفعت نسبة العرب المستخدَمين في القطاع اليهودي إلى 40% من مجموع العاملين فيه... وبحسب أرقام سنة 1937 في إحصاءات التجارة اليهودية كان لدى ثلث الحوانيت اليهودية تقريباً زبائن عرب، و10% منها تعتمد في نصف حركتها التجارية على زبائن عرب'."[39]
ويمكن الادعاء أن تنامي وجود المقاهي ارتبط كذلك بتطور الحياة الاقتصادية والأسواق الموجودة في المدن العربية، فعلى سبيل المثال، عرفت الأسواق التجارية في بيروت مراحل مدّ وجزر منذ أواخر القرن الثامن عشر، فتغيرت بنيتها الهندسية والاقتصادية والوظيفية نظراً إلى العامل السياسي، وإلى تطور طرق المواصلات والموانىء، وخصوصاً بعد تطور الملاحة البخارية، وبعد حملة إبراهيم باشا، وعقب فتح طريق الشام - بيروت، إذ تنامت أهمية هذه الأسواق، وجرى رصفها وتنظيمها في أواخر العهد العثماني، علاوة على إضافة قنوات للصرف الصحي والقناطر للحماية من المطر والشمس. وزاد في أهمية هذه الأسواق تنوّع انتشارها وقربها من المرفأ، ومن بوابات بيروت القديمة مثل باب إدريس ، غير أنها، وجرّاء التوترات الأمنية في سنة 1958، انتقلت بشكل موقت إلى غربي المدينة، وتحديداً إلى منطقة الحمراء ورأس بيروت، بينما تحولت في سنة 1975، وبما فيها من مقاهٍ، إلى ساحة حرب وإلى خط تماسٍ رئيسي بين ما عُرف حينها ببيروت الشرقية وبيروت الغربية. وقد دُمّرت هذه الأسواق وتشتّتت في مناطق متفرقة في شرقي بيروت وغربيّها، وبعد اتفاق الطائف هُدم معظمها وأُعيد إنتاجه ضمن مشروع "سوليدير".
أمّا في القدس، فكانت الأسواق والمقاهي موجودة تاريخياً في داخل البلدة القديمة، وارتبط تطورها بتطور تاريخ المدينة الذي يعود إلى آلاف الأعوام، كما تطورت الأسواق والأحياء في القدس الجديدة خارج الأسوار، وخصوصاً في أواخر القرن التاسع عشر، مع تطور طرق المواصلات والأمن، والنهضة الاقتصادية بعد الحرب العالمية الأولى: "في سنة 1863 صدر 'فرمان' خاص بتأليف مجلس بلدي [في القدس]، وكان من جملة أعماله إنشاء نظام صرف صحي في سبعينات القرن التاسع عشر. وفي التسعينات، جرى تنظيم جمع القمامة بصورة دورية، وعُلقت مصابيح الكاز لإضاءة المدينة [....]. وفي سنة 1892 افتُتحت حديقة عامة للجمهور في المدينة [القدس] الجديدة في شارع يافا قبالة المسكوبية، حيث كانت فرقة موسيقية عسكرية تعزف فيها يومَي الجمعة والأحد [....] ونوقشت خطط لإدخال الحافلات الكهربائية ونظام الهاتف إلى المدينة. وفي سنة 1914، مُنحت بلدية القدس امتيازاً من أجل تزويد المدينة بالكهرباء، وشملت التغييرات الأُخرى التي أحدثتها البلدية إنشاء قوة شرطة للمدينة في سنة 1886، ودائرة إطفائية في منتصف التسعينات، ومستشفى تابع للبلدية."[40]
وشهدت المدينة بناء أحياء جديدة لليهود والعرب مع اختلاف السياق الذي تطورت فيه ، كأحياء: المصرارة؛ المسعودية؛ وادي الجوز؛ مونتي فيوري؛ الشماعة؛ الطالبية؛ القطمون؛ راتسبون؛ روميما؛ رحافيا؛ سنهدريا؛ مئة شعاريم؛ نحالوت؛ البقعة الفوقا؛ البقعة التحتا؛ وغيرها. فعلى سبيل المثال: تم تعبيد شارع يافا في سنة 1861، وأصبح يربط بين يافا والقدس، وقد نشأ فيه العديد من المؤسسات التجارية، كما انتقلت بلدية القدس إليه في سنة 1908، وقام بنقلها حسين أفندي الحسيني. وأقيم أيضاً بعض الأحياء المجاورة له مثل المجمع الروسي، ومحانيه يهودا، وحي نحالوت الذي كان ثالث أحياء القدس التي تُبنى خارج الجدار، وقد أُنشىء في سنة 1860، وأسسته 7 عائلات يهودية، ويُعدّ اليوم قلب الحي التجاري في القدس الغربية.
وفي عهد الانتداب، جرى تطوير المنطقة ضمن الخطة الهيكلية التي وضعها الإنجليز لتطوير الأسواق خارج المدينة القديمة، إذ قاموا بإزالة وهدم أغلبية المحلات المجاورة لباب العمود وباب الخليل والملاصقة للأسوار، كونها تؤثر في المشهد الخاص للأسوار، وقد تزامن ذلك مع تأسيس العديد من المؤسسات المهمة في شارع يافا مثل: القنصلية التركية؛ دار البلدية؛ دار الحكومة؛ البريد؛ بنك الأنجلو – بالستاين؛ بنك باركليز. واقتضت الخريطة الهيكلية الإنجليزية لتطوير الأسواق العمل في اتجاهين: الأول، في "ماميلا" أو مأمن الله، الملاصق لباب الخليل حيث وُجد العديد من المؤسسات التجارية والمقاهي؛ الثاني، في شارع يافا، وهو ما سُمي حينها "المثلث التجاري"، وضم كل من شارع الملك جورج الذي بُني في سنة 1924، وشارع بن يهودا الذي تأسس في سنة 1922. وأقيمت هذه الأسواق الجديدة على أراضٍ اشترتها الوكالة اليهودية من البطريركية اليونانية الأرثوذكسية بعد الحرب العالمية الأولى. ويتقاطع مع هذه الشوارع حي نحالوت اليهودي، وساحة صهيون، وضمت هذه الشوارع العديد من المتاجر والمقاهي ودور السينما،[41] إلى درجة أن هذه المنطقة أصبحت بمثابة القلب الثقافي والاقتصادي للقدس الغربية. وساهم في ذلك بشكل كبير اليهود الألمان الذين حاولوا أن يبرزوا النمط الغربي في البناء والمشهد الهندسي،[42] على الرغم من وجود بعض المباني اليونانية والأرمنية والإنجليزية والعربية المشهورة فيها، مثل مبنى صنصور الذي كان فيه أحد أشهر المقاهي في القدس الغربية وهو مقهى أوروبا. وتأسس في شارع يافا العديد من المقاهي، مثل: مقهى الجوهرية الذي تأسس في سنة 1918؛[43] مقهى البيكاديلي في شارع ماميلا؛ مقهى وبار كارنيك الأرمني في مقابل مقر حاكم القدس؛ مقهى المعارف خارج بوابة الخليل مباشرة.[44]
باب العامود في سنة 1890 ويظهر فيه مقهيا صيام وزعترة
صورة حديثة لمقهى صيام
وكان هناك العديد من المقاهي اليهودية المشهورة مثل مقهى "أضنا"، ومقهى "فينا" المقابل لمقهى أوروبا، غير أن المقاهي الموجودة في الأحياء اليهودية لم تكن مثل تلك الموجودة في الأحياء العربية، إذ اشتهرت الأسواق اليهودية بالمقاهي ذات الطابع الأوروبي، والمطاعم والمتاجر الراقية، والمكتبات ومحلات الصرافة ودور السينما وغيرها.
وانتشرت المقاهي خارج الأسوار بحسب الخريطة في أربع جهات رئيسية، وجميع هذه المقاهي تقريباً جرى تدميره أو تهجيره أو تحويله إلى استخدام آخر:
الجهة الأولى تقع خارج السور نحو شارع يافا، وساحة صهيون وشارع بن يهودا، مثل: "مقهى النزهة قرب عمارة باسكال"؛[45] مقهى الجوهرية في عمارة الروس؛ مقهى أوروبا في مبنى صنصور؛ مقهى فيينا في مقابل عمارة صنصور؛ مقهى وبار كارنيك الأرمني.[46]
الجهة الثانية تقع في منطقة ماميلا والشماعة، وفي منطقة باب الخليل كونها محطة نقل رئيسية في الطريق إلى بيت لحم والجنوب، مثل: مقهى الليدو في ميدان عمر؛[47] "قهوة داود الأرمني [....] ومقهى 'حنانيا الراهب' "؛[48] مقهى المعارف؛ مقهى البلور؛ مقهى البنك خارج باب الخليل؛ مقهى الصعاليك؛[49] مقهى النيكفورية.[50]
الجهة الثالثة تقع في المنطقة المقابلة لباب العامود، وفي المصرارة وشارع السلطان سليمان، وأشهرها مقهى النابلسي.[51]
الجهة الرابعة وفيها المقاهي الأقدم، وتقع في داخل البلدة القديمة، وقد تأسس معظم هذه المقاهي في أواخر القرن التاسع عشر، مثل: مقهى خليل نجم؛ مقهى صيام؛ مقهى بن أزحيمان؛ مقهى عارف زعترة؛ مقهى محلة خان الزيت؛ مقهى الباسطي في محلة باب الواد؛ مقهى منى؛ مقهى الهوسبيس؛[52] مقهى علون في باب حطة، والذي أُغلق نهائياً وتحول إلى منزل؛ مقهى مغيبو؛[53] وهذه المقاهي جميعاً خضعت لتغيير في استخداماتها.
الخاتمة
خلال الحرب العربية - الإسرائيلية في سنة 1948 سقطت أغلبية الأحياء العربية والأسواق في القدس الغربية بيد العصابات اليهودية، ونشبت معارك كثيرة بين مد وجزر للسيطرة على البلدة القديمة وأحياء القدس الغربية والشرقية، وخصوصاً معارك النوتردام، والسان سيمون، والحي اليهودي، وباب النبي داود، وباب الخليل، والمسعودية وغيرها. وجرى تدمير وتهجير أكثرية الأسواق والمقاهي العربية في القدس الجديدة، وتحديداً تلك الموجودة في منطقة المصرارة، ومنطقة ماميلا، وتلك الملاصقة لباب الخليل، ومنطقة الشماعة، وشارع جوليان، وشارع يافا، كما دُمر معظم المباني المحاذية لتلك المناطق، لأن أغلبيتها كانت على خطوط التماس بين القدس الشرقية والقدس والغربية، والتي تشكلت بفعل الهدنة التي وقّعها كل من موشيه ديان والقائد الأردني عبد الله التل. وقد حافظت المقاهي الموجودة في داخل الأسوار على مكانتها التقليدية لبعض الوقت، إلى أن أُغلقت كلها تقريباً،[54] وجرى تحويلها إلى متاجر لبيع السلع الرخيصة بعد أن كانت شاهدة على فترة ازدهار وتنوع عاشتها المدينة يوماً ما.
المراجع:
الأرناؤوط، محمد. "من التاريخ الحضري لبلاد لشام خلال القرن الأول للحكم العثماني". عمّان: الآن ناشرون وموزعون، ط 1، 2019.
باسكين، أليشه. "هكذا تجسست الهاجاناه على مقاهي 'العرب' ". "منشورات المكتبة الوطنية الإسرائيلية، 2017، في الرابط الإلكتروني.
بركات، بشير. "مقاهي القدس في العهد العثماني". "حوليات القدس"، العدد 13 (صيف 2012)، ص 53 - 57.
بويد، دوغلاس. "إذاعة الشرق الأدنى / صوت بريطانيا: محطة الإذاعة العربية البريطانية 'السرّية'، وكارثة دعاية حرب السويس". "حوليات القدس"، العدد 5 (ربيع 2007)، ص 85 - 98.
تماري، سليم. (محرر). "القدس 1948: الأحياء العربية ومصيرها في حرب 1948". ترجمة أحمد خليفة ووسام عبد الله وخليل نصار. بيروت ورام الله: مؤسسة الدراسات الفلسطينية والمركز الفلسطيني لمصادر حقوق المواطنة واللاجئين / بديل، 2002.
--------. "ما بين الأعيان والأوباش: الرؤية الجوهرية في تاريخ القدس الانتدابية". "مجلة الدراسات الفلسطينية"، العدد 60 / 61 (خريف 2004 / شتاء 2005)، ص 108 – 132.
--------. "مقهى الصعاليك وإمارة البطالة المقدسية". "مجلة الدراسات الفلسطينية"، العدد 57 (شتاء 2004)، ص 117 – 132.
تماري، سليم وعصام نصار. "القدس العثمانية في المذكرات الجوهرية، 1904 – 1917". القدس: مؤسسة الدراسات المقدسية، ط 1، 2003.
حمودة، سميح. "ظهور ونمو زعامة مفتي القدس الحاج محمد أمين الحسيني، وعلاقاته السياسية من خلال وثائق وأوراق المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى في فلسطين". "حوليات القدس"، العدد 7 (ربيع - صيف 2009)، ص 61 – 81.
الحوت، بيان نويهض. "صفحات أرمنية في تاريخ القدس". "مجلة الدراسات الفلسطينية"، العدد 43 (صيف 2000)، ص 63 – 73.
حوراني، ألبرت. "الفكر العربي في عصر النهضة 1798 – 1939". ترجمة كريم عزقول. بيروت: دار النهار للنشر، ط 4، 1986.
حوراني، فيصل. "جذور الرفض الفلسطيني 1918 – 1948". رام الله: المؤسسة الفلسطينية لدراسة الديمقراطية / مواطن، ط 1، 2003.
زين، الياس خليل. قراءة في كتاب حنا أبو حنا: "طلائع النهضة في فلسطين (خريجو المدارس الروسية)، 1862 – 1914"، "مجلة الدراسات الفلسطينية"، العدد 65 (شتاء 2006)، ص 107 – 111.
سالم، وليد (محرر). "فكر الحداثة في فلسطين: مساهمات في تاريخ الثقافة". القدس: مركز الديمقراطية وتنمية المجتمع، ط 1، 2011.
شبيب، سميح. "حزب الاستقلال العربي في فلسطين (1932 – 1933)". بيروت: مركز الأبحاث الفلسطيني، منظمة التحرير الفلسطينية، 1981.
شوملي، قسطندي. "الاتجاهات الأدبية والنقدية في فلسطين: دراسة لحياة النقد الأدبي الحديث في فلسطين من خلال جريدة فلسطين". القدس: دار العودة للدراسات والنشر، ط 1، 1990.
العارف، عارف. "المفصّل في تاريخ القدس". القدس: دار الأندلس، ط 3، 1992.
عبد الجواد، صالح. "تأثير الهجرة الفلسطينية في ملكية الأراضي والزعامة المحلية". "مجلة الدراسات الفلسطينية"، العدد 78 (ربيع 2009)، ص 81 – 98.
فورزبورغ، يوحنا. "وصف الأراضي المقدسة في فلسطين". ترجمة سعيد عبد الله البيشاوي. عمّان: دار الشروق للنشر والتوزيع، 1997.
الكيالي، عبد الوهاب. "تاريخ فلسطين الحديث". بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، ط 10، 1990.
مجموعة من المؤلفين. "عصر النهضة: مقدمات ليبرالية للحداثة". بيروت: مؤسسة رينيه معوض والمركز الثقافي العربي ومؤسسة فريدريش ناومان، ط 1، 2000.
مسعد، جوزيف. "مقدمة للنكبة: الاستعمار البروتستانتي الأوروبي لفلسطين". موقع "عربي 21" الإلكتروني، 11 / 5 / 2020، في الرابط الإلكتروني.
مسعود، جمال عبد الهادي وآخرون. "أخطاء يجب أن تصحح في التاريخ: الدولة العثمانية". القاهرة: الوفاء للطباعة والنشر، ط 1، 1995، ج 2.
منصور، جوني. "دور سكة حديد الحجاز في تطور مدينة حيفا". "مجلة الدراسات الفلسطينية"، العدد 65 (شتاء 2006)، ص 44 – 59.
نصار، عصام. "الحياة اليومية كمصدر لدراسة التاريخ: مشروع الجوهرية كوثيقة تاريخية". "حوليات القدس"، العدد 2 (شتاء 2004)، ص 49 – 55.
--------. "لقطات مغايرة: التصوير المحلي المبكر في فلسطين 1850 – 1948". لندن: مؤسسة عبد المحسن القطان، ط 1، 2005.
النصير، ياسين. "فضاء المقهى والناس". "أبواب"، العدد 26 (1 / 9 / 2000)، ص 161-185، في موقع الأرشيف للمجلات الأدبية والثقافية، في الرابط الإلكتروني.
هوبزباوم، إريك. "عصر الثورة: أوروبا 1789 - 1848". ترجمة فايز الصياغ. بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، ط 2، 2008.
Crane, Howard. "The Age of Sinan: Architectural Culture in the Ottoman Empire by Gülru Necipoğlu". Journal of Islamic Studies, vol. 20, issue 2 (2009), pp. 274-277.
المصادر:
[1] انظر: ياسين النصير، "فضاء المقهى والناس"، "أبواب"، العدد 26 (1 / 9 / 2000)، ص 161-185، في موقع الأرشيف للمجلات الأدبية والثقافية، في الرابط الإلكتروني.
[2] سليم تماري، "مقهى الصعاليك وإمارة البطالة المقدسية"، "مجلة الدراسات الفلسطينية"، العدد 57 (شتاء 2004)، ص 117 - 132.
[3] أليشه باسكين، "هكذا تجسست الهاجاناه على مقاهي 'العرب' "، "منشورات المكتبة الوطنية الإسرائيلية"، 2017، في الرابط الإلكتروني.
[4] المصدر نفسه.
[5] انظر أيضاً: يوحنا فورزبورغ، "وصف الأراضي المقدسة في فلسطين"، ترجمة سعيد عبد الله البيشاوي (عمّان: دار الشروق للنشر والتوزيع، 1997).
[6] عصام نصار، "لقطات مغايرة: التصوير المحلي المبكر في فلسطين 1850 – 1948" (لندن. مؤسسة عبد المحسن القطان، ط 1، 2005).
[7] سليم تماري، "ما بين الأعيان والأوباش: الرؤية الجوهرية في تاريخ القدس الانتدابية"، "مجلة الدراسات الفلسطينية"، العدد 60 / 61 (خريف 2004 / شتاء 2005)، ص 108 – 132.
[8] سميح حمودة، "ظهور ونمو زعامة مفتي القدس الحاج محمد أمين الحسيني، وعلاقاته السياسية من خلال وثائق وأوراق المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى في فلسطين"، "حوليات القدس"، العدد 7 (ربيع - صيف 2009)، ص 61 – 81.
[9] قسطندي شوملي، "الاتجاهات الأدبية والنقدية في فلسطين: دراسة لحياة النقد الأدبي الحديث في فلسطين من خلال جريدة فلسطين" (القدس. دار العودة للدراسات والنشر، ط 1، 1990).
انظر أيضاً: تماري، "مقهى الصعاليك..."، مصدر سبق ذكره، ص 117 - 132.
[10] انظر: محمد الأرناؤوط، "من التاريخ الحضري لبلاد لشام خلال القرن الأول للحكم العثماني" (عمّان: الآن ناشرون وموزعون، ط 1، 2019)، ص 214.
[11] انظر أيضاً: بشير بركات، "مقاهي القدس في العهد العثماني"، "حوليات القدس"، العدد 13 (صيف 2012)، ص 53 - 57.
[12] Howard Crane, "The Age of Sinan: Architectural Culture in the Ottoman Empire by Gülru Necipoğlu", Journal of Islamic Studies, vol. 20, issue 2 (2009), pp. 274-277.
[13] جمال عبد الهادي مسعود وآخرون، "أخطاء يجب أن تصحح في التاريخ: الدولة العثمانية" (المنصورة، مصر: الوفاء للطباعة والنشر، ط 1، 1995)، ج 2؛ سليم تماري (محرر)، "القدس 1948: الأحياء العربية ومصيرها في حرب 1948"، ترجمة أحمد خليفة ووسام عبد الله وخليل نصار (بيروت ورام الله: مؤسسة الدراسات الفلسطينية والمركز الفلسطيني لمصادر حقوق المواطنة واللاجئين / بديل، 2002).
[14] بركات، مصدر سبق ذكره، ص 53.
[15] دوغلاس بويد، "إذاعة الشرق الأدنى / صوت بريطانيا: محطة الإذاعة العربية البريطانية 'السرّية'، وكارثة دعاية حرب السويس"، "حوليات القدس"، العدد 5 (ربيع 2007)، ص 85 - 98.
[16] شوملي، مصدر سبق ذكره، ص 94.
[17] بويد، مصدر سبق ذكره، ص 85 - 98.
[18] وليد سالم (محرر)، "فكر الحداثة في فلسطين: مساهمات في تاريخ الثقافة" (القدس: مركز الديمقراطية وتنمية المجتمع، ط 1، 2011).
[19] إريك هوبزباوم، "عصر الثورة: أوروبا 1789 - 1848"، ترجمة فايز الصياغ (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، ط 2، 2008).
[20] انظر: الياس خليل زين، قراءة في كتاب حنا أبو حنا: "طلائع النهضة في فلسطين (خريجو المدارس الروسية)، 1862 – 1914"، "مجلة الدراسات الفلسطينية"، العدد 65 (شتاء 2006)، ص 107 – 111.
[21] فيصل حوراني، "جذور الرفض الفلسطيني 1918 – 1948" (رام الله: المؤسسة الفلسطينية لدراسة الديمقراطية / مواطن، ط 1، 2003).
[22] انظر: مجموعة من المؤلفين، "عصر النهضة: مقدمات ليبرالية للحداثة" (بيروت. مؤسسة رينيه معوض والمركز الثقافي العربي ومؤسسة فريدريش ناومان، ط 1، 2000)، ص 108.
[23] تطور ميناء حيفا بصورة خاصة بعد حملة إبراهيم باشا الذي قام بتوسيع الميناء، وكذلك بسبب تطور السفن البخارية.
[24] جوني منصور، "دور سكة حديد الحجاز في تطور مدينة حيفا"، "مجلة الدراسات الفلسطينية"، العدد 65 (شتاء 2006)، ص 44 – 59.
[25] تماري (محرر)، "القدس 1948..."، مصدر سبق ذكره، ص 19.
[26] كان روحي الخالدي وأسعد الشقيري من أبرز المثقفين الذين أيدوا الدعوة إلى الجامعة الإسلامية.
[27] ألبرت حوراني، "الفكر العربي في عصر النهضة 1798 – 1939"، ترجمة كريم عزقول (بيروت: دار النهار للنشر، ط 4، 1986)، ص 292.
[28] عبد الوهاب الكيالي، "تاريخ فلسطين الحديث" (بيروت. المؤسسة العربية للدراسات والنشر، ط 10، 1990).
[29] سميح شبيب، "حزب الاستقلال العربي في فلسطين (1932 – 1933)" (بيروت: مركز الأبحاث الفلسطيني، منظمة التحرير الفلسطينية، 1981).
[30] الكيالي، مصدر سبق ذكره.
[31] انظر: سليم تماري وعصام نصار (محرران)، "القدس العثمانية في المذكرات الجوهرية، 1904 – 1917" (القدس: مؤسسة الدراسات المقدسية، ط 1، 2003).
[32] انظر: عصام نصار، "الحياة اليومية كمصدر لدراسة التاريخ: مشروع الجوهرية كوثيقة تاريخية"، "حوليات القدس"، العدد 2 (شتاء 2004)، ص 49 – 55.
[33] تماري ونصار، مصدر سبق ذكره، ص 200.
[34] جوزيف مسعد، "مقدمة للنكبة: الاستعمار البروتستانتي الأوروبي لفلسطين"، موقع "عربي 21" الإلكتروني، 11 / 5 / 2020، في الرابط الإلكتروني.
[35] بيان نويهض الحوت، "صفحات أرمنية في تاريخ القدس"، "مجلة الدراسات الفلسطينية"، العدد 43 (صيف 2000)، ص 63 – 73.
[36] عارف العارف، "المفصل في تاريخ القدس" (القدس: دار الأندلس، ط 3، 1992).
[37] صالح عبد الجواد، "تأثير الهجرة الفلسطينية في ملكية الأراضي والزعامة المحلية"، "مجلة الدراسات الفلسطينية"، العدد 78 (ربيع 2009)، ص 81 – 98.
[38] جاء الأخوان لاما من تشيلي إلى الإسكندرية في سنة 1924.
[39] تماري (محرر)، "القدس 1948..."، مصدر سبق ذكره، ص 55 - 56.
[40] المصدر نفسه، ص 19.
[41] كان يوجد في تلك المنطقة نحو 14 داراً للسينما، أشهرها سينما زيون وركس وريجينت وغيرها.
[42] يُعدّ روبين رابينوفيتش الذي صمم ما يزيد على 15 مبنى في تلك المنطقة، من أشهر المهندسين في ذلك المجال.
[43] تماري ونصار، مصدر سبق ذكره، ص 22.
[44] المصدر نفسه.
[45] بركات، مصدر سبق ذكره، ص 57.
[46] جرى تدميرها جميعاً.
[47] تم تحويل هذا المقهى إلى استخدام آخر، والباحث لا يعرف تاريخ تأسيسه.
[48] بركات، مصدر سبق ذكره، ص 56.
[49] تغير موقع المقهى الأصلي إلى داخل ميدان عمر قرب فندق الإمبيريال حالياً.
[50] جرى تدمير هذه المقاهي جميعاً.
[51] تماري ونصار، مصدر سبق ذكره، ص 81.
[52] المصدر نفسه، ص 45.
[53] المصدر نفسه، ص 42.
[54] هناك العديد من المقاهي التي تأسست في أواخر الستينيات والسبعينيات ومازالت قائمة، مثل: مقهى السنترال في محلة الواد؛ مقهى أبو الراجح؛ مقهى الروضة؛ مقهى جابر في باب الساهرة.