The First Security Agreement between an Arab Country and Israel
Date: 
November 29 2021
Author: 

في حدث غير مسبوق، أُعلن في الرباط يوم الأربعاء في 24 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري عن توقيع أول اتفاق أمني بين دولة عربية وإسرائيل، في مواجهة "التهديدات والتحديات في المنطقة"، وذلك خلال الزيارة التي قام بها وزير الجيش الإسرائيلي بني غانتس إلى المملكة المغربية، وقابل خلالها عدداً من المسؤولين السياسيين والعسكريين. وبحسب بيان صادر عن وزارة الجيش الإسرائيلي، فإن من المفترض أن يوفر هذا الاتفاق "إطاراً صلباً لإضفاء الطابع الرسمي على العلاقات الأمنية بين البلدين ودعم التعاون في المستقبل" .

خطوة مهمة على طريق تعزيز العلاقات بين البلدين

وكان المغرب وإسرائيل قد قررا، في 11 كانون الأول/ديسمبر 2020، تطبيع العلاقات بينهما، وذلك بعد أن أعلن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عن اعتراف الولايات المتحدة الأميركية بسيادة المغرب على منطقة الصحراء الغربية، وهو ما أرضى الغالبية الساحقة من المغاربة الذين ينظرون إلى قضية الصحراء بصفتها قضيتهم الوطنية الأولى.

والواقع، أن المغرب، وعلى عكس مصر والأردن، أو الإمارات العربية المتحدة والبحرين والسودان، يتمتع بعلاقات ثقافية ودينية قديمة مع معتنقي الديانة اليهودية. إذ بلغ عدد اليهود المقيمين فيه في مطلع أربعينيات القرن العشرين نحو 250 ألفاً، وخصوصاً بعد أن قاوم السلطان محمد الخامس الضغوط التي مارستها السلطات النازية وحكومة فيشي في فرنسا عليه كي يقوم بترحيل اليهود من بلاده. ولكن بعد النكبة الفلسطينية، هاجر القسم الأعظم من هؤلاء اليهود المغاربة إلى إسرائيل، بحيث لم يبقَ في المغرب اليوم سوى 2000 إلى 3000 يهودي، بينما تشير بعض التقديرات إلى أن عدد الإسرائيليين من أصل مغربي يزيد حالياً عن المليون. وقد حافظ عدد كبير من هؤلاء الأخيرين على علاقات مع المغرب، وواصل زيارة مدن الرباط ومراكش والدار البيضاء وطنجة وفاس عبر بلدان ثالثة. وبعد التوصل إلى اتفاق أوسلو، افتتح المغرب وإسرائيل في سنة 1995 "مكتبي اتصال" في البلدين، استمرا في العمل حتى اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية في سنة 2000 عندما قرر المغرب وقف نشاط "مكتب الاتصال" الذي أقامه في تل أبيب احتجاجاً على القمع الإسرائيلي للفلسطينيين.

ورأى معظم المغاربة العاديين أن قرار الملك محمد السادس بتطبيع علاقات المملكة مع إسرائيل لم يكن مفاجئاً، بل كان ببساطة خطوة طبيعية أخرى على طريق تعزيز علاقات التعاون بين البلدين التي كانت حتى الآن شبه سرية. وقد سارع قادة الأحزاب السياسية الرئيسية والمسؤولون المحليون والإقليميون إلى الترحيب بهذه "المبادرة الملكية"، وأشادوا "بحكمة القرار الأمريكي والنجاح الباهر للدبلوماسية الملكية". ولم يشذ الإسلاميون في حزب "العدالة والتنمية" عن موقف الترحيب هذا، إذ أعطى قائد الحزب ورئيس الحكومة آنذاك سعد الدين العثماني أنصاره، وخصوصاً بين الشباب، "توجيهاً لدعم المبادرة الملكية دون قيد أو شرط، مما سمح للمغرب، على حد قوله، بالحصول على الاعتراف الأميركي التاريخي بالطابع المغربي للصحراء الغربية"[1].

ومع ذلك، فإن استطلاعاً للرأي أجراه معهد ميتشل باراك في القدس لحساب مؤسسة كونراد أديناور، بعد الإعلان عن تطبيع العلاقات بين المغرب وإسرائيل، أظهر أن 16٪ فقط من المستطلَعين لديهم وجهة نظر إيجابية تجاه إسرائيل، بينما قال 70٪ منهم إن لديهم وجهة نظر سلبية إزاءها. وقال ثلاثة أرباع الذين شملهم الاستطلاع إنهم يحملون مشاعر إيجابية تجاه الفلسطينيين، كما تبيّن أن 17٪ فقط منهم يؤيدون "الاتفاقيات الإبراهيمية" التي أبرمتها إسرائيل مع الإمارات العربية المتحدة والبحرين، وأن ثلثيهم يعارضونها. وبحسب الاستطلاع، قال 26٪ فقط من المستطلَعين إن لإسرائيل الحق في الوجود[2].

فحوى الاتفاق الأمني الموقع

غلب الطابع الأمني على زيارة بني غانتس إلى المغرب؛ ففضلاً عن المباحثات التي أجراها مع عبد اللطيف لوديي، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بإدارة الدفاع الوطني المغربي، والذي وقّع الاتفاق الأمني معه، أجرى غانتس لقائين آخرين مع المفتش العام للقوات المسلحة الملكية المغربية، الجنرال بلخير الفاروق، ومع رئيس جهاز الاستخبارات المغربي محمد ياسين المنصوري، وحضر، إلى جانب إسرائيليين بالزي العسكري، تدريب مظليين مغاربة في قاعدة عسكرية، وذلك قبل أن يلتقي وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي ناصر بوريطة.

أما فحوى الاتفاق الأمني الموقع بين البلدين، فقد أفادت التقارير أنه يغطي تبادل الخبرات، ونقل التكنولوجيا، والتدريب، وكذلك التعاون في مجال الصناعة الدفاعية وفي مجال الأمن السيبراني. وسيسهّل هذا الاتفاق حصول المغرب على التقنيات من الصناعة العسكرية الإسرائيلية، كما سيسهّل حصوله على طائرات من دون طيار، وعلى برامج التجسس الإلكترونية[3]. ووردت معلومات، في هذا السياق، عن التوصل إلى اتفاق لبناء مصنع للطائرات من دون طيار على الأراضي المغربية، بالتعاون مع BlueBird Aero Systems، وهي شركة خاصة مساهمها الرئيسي هو شركة صناعات الفضاء الإسرائيلية المملوكة للدولة. كما وردت معلومات عن قيام المغرب بتوقيع عقد لشراء نظام Skylock Dome الإسرائيلي، من شركة "سكاي لوك"، المصمم لاكتشاف وتحييد الطائرات من دون طيار[4].

إسرائيل تستفيد من التوتر المتصاعد بين المغرب والجزائر       

تأتي زيارة بني غانتس إلى المغرب، في وقت تشهد العلاقات بين المغرب وجارتها الجزائر توتراً حاداً، إذ قررت الجزائر في 24 آب/أغسطس الفائت قطع علاقاتها بالرباط، بسبب ما قالت إنه "الأعمال العدائية" التي تقوم بها المملكة إزاءها، ثم أعلن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، في 31 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، عدم تجديد عقد استغلال خط أنابيب الغاز الذي يزوّد إسبانيا بالغاز الجزائري مروراً بالمغرب. ويعود هذا التوتر، في الأساس، إلى الخلاف القائم بين البلدين منذ منتصف سبعينيات القرن العشرين حول مستقبل الصحراء الغربية. وتعليقاً على الاتفاق الموقّع بين المغرب وإسرائيل، صرّح رئيس مجلس الأمة الجزائري صلاح قوجيل بأن "الأعداء يحشدون أكثر فأكثر لإلحاق الأذى بالجزائر. واليوم تتضح الأمور مع زيارة وزير دفاع الكيان الصهيوني إلى المغرب، بعد أن قام وزير خارجية هذا الكيان بزيارة لهذا البلد المجاور. وكان الأخير قد هدد الجزائر من المغرب، ولم يرد أي رد فعل من الحكومة المغربية"، مقدّراً أن الجزائر هي "المستهدفة" من توقيع هذا الاتفاق[5].

من ناحية أخرى، نقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن مسؤول أمني إسرائيلي رفيع المستوى رافق بني غانتس في زيارته إلى المغرب، أن هذا الأخير طرح أيضاً خلال المباحثات التي أجراها مع المسؤولين المغاربة "موضوع نشاطات إيران في المنطقة وفي الدول الأفريقية، ومحاولاتها الرامية إلى التموضع في أماكن أُخرى خارج الشرق الأوسط"، وأكد هذا المسؤول "أن غانتس لمس أن هناك قلقاً من هذه النشاطات"[6].

 

[1] https://www.middleeasteye.net/fr/decryptages/maroc-normalisation-israel-mohammed-vi-sahara-occidental-juifs-palestine

[2] https://fr.timesofisrael.com/pourquoi-laccord-conclu-par-israel-avec-le-maroc-resonne-autant-en-nous/

[3] https://www.lemonde.fr/afrique/article/2021/11/25/le-maroc-et-israel-signent-un-accord-securitaire-historique_6103551_3212.html; https://www.notretemps.com/depeches/le-maroc-et-israel-signent-un-accord-securitaire-sans-precedent-41781

[4] https://www.francetvinfo.fr/monde/afrique/maroc/le-maroc-achete-un-systeme-de-defense-israelien-en-pleine-tension-avec-l-algerie_4857375.html

[5] https://www.dzairworld.com/2021/11/25/algerie-maroc-israel-defens/

[6] https://digitalprojects.palestine-studies.org/ar/daily/mukhtarat-view/248669

Read more