Half of the Tale
Full text: 

تَأَخَّري

عَن مَوْعِدِنا القادم ساعةً طويلةً

وامْنَحيني

مزيداً من الوَقْتِ

أَضْبُطْ إيقاعَ تَوَتُّري، خُذي قِسْطاً

من التَّعَب

أو رَتِّبي سَريرَكِ مِن عَناءِ انتصاري، أَعِدّي

فَطورَكِ

وابْحَثي عن أسبابٍ تُثْنيكِ عن الحضور، عُدّي

هزائِمي

سنيني

مَرّات انكساري

ساعات تشرينَ الطويلِ

ونسائي

وما تَبَقَّى لَدَيَّ من فُصول

راجِعي

دَفاتِرَكِ القديمةَ،

هل فيها ما يُشْبِهُني؟

في الأسماءِ أو المَلامِح أو في

اندلاعِ الحُروبِ

اكتظاظِ السِّجْنِ

انعدامِ الوَزْنِ

انسحابِ الظِّلِّ

أَمامَ ساعة الشمس، في ابتعادِ

الأَمْسِ

اشْتِعالِ الوقتِ

افْتِعالِ الحُبِّ مع كُتْلَةٍ مِن الإسمنت

والحديد

وفي انْشِقاقِ الضمائر بينَ

أنا

وَ

نحنُ

وفي اقتِلاعِ المكانِ من جُذورِهِ

تَساءلي

إِنْ كُنْتِ صَدَّقْتِ حَقّاً

أبديةَ الأوجاعِ

كَوْنِيَّةَ الأَلَمِ

التقاءَ العَوالِمِ عِنْدَ نقطةِ

الصِّفْرِ

سَرْدِيّاتِ الجدارِ الطويلةَ

افْتِقارَ اللغاتِ لكلامِ الغَزَلِ

انْسِدادَ شَرايينِ الأرضِ

انْتِحارَ الكواكبِ

بَداهةَ الجنسِ

عَدَميَّةَ التوَقُّفِ

سُهولةَ الاستسلامِ

واحتكارَ النساءِ للذكْرَياتِ

اقرَأي

ما تَيَسَّرَ من معلوماتٍ عَنّا في Google

أو

من مصادرَ أخرى تَصِفُ أَوْجاعَنا

أكثر

اقرَأي عن صاحبِ الجدارِ الأَوَّلِ

عن الأطولِ

عن الأَقْدَمِ

عن الذينَ ماتوا جوعاً

أو تعذيباً

أو يَأْساً

عن المدفونين في الثلْج يَنْتَظِرونَ

جنازةً

تَقْرَأُ عليهم آيةً

من

نَصٍّ مُقَدَّسٍ

وعن أسبابِنا، عَلَّكِ إِنْ قَرَأْتِها، عَرفْتِنا

أكثر

غازِلي

رَجُلاً غيري

لا يقولُ في أسمائِكِ شِعْراً

يدعوكِ إلى العَشاءِ مرتينِ في الساعةِ

يُمَيِّزُ عِطْرَكِ عن الأُخْرَياتِ

يغارُ

يُصَلّي لِرَبٍّ تعرفينَهُ أو قرأتِ عنهُ

مُؤَخَّراً

لا يتعالى عليكِ بسِنينِهِ وَجِدارِهِ وما يَدَّعيهِ مِن

تَجارِبَ

وخبْراتٍ

يليقُ بِكِ كالأبيضِ والأسودِ، مُثَقَّفاً يقولُ

أُحبُّك

بِكُلِّ اللغات، واقِفاً لا

يُبْطِئُ

ولا يتردد ولا يَعُدُّ أصابِعَهُ إذا

سَأَلْتِهِ

هَلْ تَعْرِفُني؟

ويقولُ نعم

ابْحَثي

في المعاجِمِ

عن مُرادِفاتِ السِّجْنِ

وَدَوِّني في دَفاتِرِكِ القديمةِ:

السِّجْنُ

حَياةٌ لا حياةَ فيها ومَوْتٌ نخشى المَوْتَ فيهِ

انتصابُ الأرواحِ وأجسادٌ تَعَوَّدَتْ تَقَبُّلَ الإهاناتِ

زُرْقةٌ بِلا سماءٍ

بَلْبَلةٌ في الفُصولِ والحواسِّ

آخِرُ مَحَطَّةٍ للتزَوُّدِ بِما يكفي مِن بداياتٍ،

وقفةٌ قد تَطولُ في اللامكانِ، بَوّابةٌ مفتوحةٌ

على

كُلِّ الاحتمالات

فرصةٌ لاختبارِ الأربابِ، عِلَّةٌ للتكفيرِ عن كثرةِ

الهزائمِ،

سُنَّةُ القادمينَ من الشرقِ، مُفْتَرَقٌ بِلا طُرُقٍ

تؤدي إليهِ أو

راياتٍ

مَقْبَرَةٌ للمَخاوِفِ ووِلادةُ مخاوفَ أكبر

والسِّجْنُ

يا سَيِّدَتي

عَجوزٌ طاعِنٌ في عُمْقِهِ، ولا يقبلُ التوَرُّطَ

في

أنصافِ الحِكايات

تَمَهَّلي

قبلَ أن تُعْلِني "أنا مشتاقةٌ"، وَيَسْبِقَكِ

إِلَيَّ

كُلُّ ما أَجَّلْتِهِ

مِن

مَواعيدَ

قُبُلاتٍ عَلَّقْتِها على آخِرِ عشرينَكِ ألفِ طريقةٍ

للعِشْقِ

تَمَنَّيْتِ

لَوْ عَرَفْتِ نِصْفَها

أشباهِ رجالٍ تَعَطَّلَتْ قلوبُهم عن الحُبِّ وعن

تأويلِكِ

وَنِيّاتِكِ في العامِ المُقْبِلِ والذي يَليهِ، وَحِصانٍ

من الأبيض

مع أميرِهِ

تَمَهَّلي، فالاشتياقُ في لُغاتِ أهلِ السماءِ

حِصانٌ

يأتي وحيداً

نِيّاتٌ لا تُصَدِّقُ نِزاعَ الوقتِ

طريقةٌ وحيدةٌ للعِشْقِ، تبدأُ الآنَ ولا

تنتهي أبداً

وقُبُلاتٌ أدمنتْ على التأجيلِ

وتَرَفَّقي

إذا جِئْتِ تَقْصِدينَ قَتْلي، فأَنا

منذُ انتصافِ الوقتِ

عَجَّلْتُ موتي كُلَّهُ ولا يأتي

أطلقتُ خُيولي وظلَّتْ ترجعُ

تَخَلَّيْتُ عن وجبةِ الإفطارِ

زِدْتُ في احتراقِ سجائري

سَجَدْتُ لمزاجي المُتَقَلِّبِ

لَعَنْتُ رثاءَ المرتاحين عناءَ السفرِ

نسيتُ مذاقَ القُبْلة الأخيرة ولا أتذكرُ

الأولى

أقفُ على حافَّةِ الأشياءِ كُلِّها ولا أسقُطُ،

وَتَرَفَّقي إذا جِئْتِ تكتُبينَ نهايَتي، فأنا يا آخِرَ سَيِّدَتي

كُلَّما

قُلْتُ وداعاً كي أنتهي، لا أكادُ

أبدأ.

Author biography: 

ناصر حسن أبو سرور (ابن مزيونة): أسير فلسطيني في سجن "هداريم"، بين طولكرم وأم خالد المحتلتين.