Palestinian Institutions Working in the Field of Prisoners
Full text: 

يتناول هذا التقرير أهم المؤسسات واللجان الفلسطينية، الرسمية وغير الرسمية، العاملة في مجال الأسرى الفلسطينيين، بما في ذلك الأجسام والمؤسسات الموجودة في أراضي 48، والمبادرات التطوعية التي أُقيمت في أعقاب الهبّة الفلسطينية في أيار / مايو 2021، إلى جانب أهم المؤسسات الحقوقية الإسرائيلية والدولية أيضاً، فضلاً عن أهم الفاعليات والأنشطة المجتمعية والأكاديمية من برامج إذاعية وتلفزيونية، ومساقات جامعية، ومبادرات مجتمعية، ولجان ومراكز حقوقية. 

أولاً: المؤسسات الرسمية

1 - نادي الأسير الفلسطيني[1]

وُلدت فكرة نادي الأسير داخل السجن، وتحديداً بعد إضراب سنة 1992، الذي يطلق عليه الأسرى اسم "بركان أيلول"، ويُعدّ أكبر إضراب في تاريخ الحركة الأسيرة، أخذاً في الاعتبار عدد الذين شاركوا فيه. فقد حقق هذا الإضراب نجاحاً كبيراً على صعيد انتزاع الحقوق وتحصيل الإنجازات النوعية. ونتيجة نجاح هذا الإضراب، تعززت فكرة تشكيل جسم تمثيلي للأسرى خارج السجن، لشعور الأسرى بأهمية وجود حاضنة لهم ولذويهم تشكل مرجعية لهم وتمثل قضيتهم وتدافع عنها، ومن هذا المنطلق، تأسست جمعية نادي الأسير الفلسطيني، وصِيغَ نظامها الداخلي في السجون. وبتاريخ 27 أيلول / سبتمبر 1993، وفي احتفال جماهيري حاشد داخل جامعة بيرزيت، أُعلن تأسيس "جمعية نادي الأسير الفلسطيني"، كمؤسسة شعبية أهلية تُعنى بشؤون الأسرى، وتقوم بتمثيل قضيتهم محلياً ودولياً.

مثّل تأسيس نادي الأسير الفلسطيني حالة التفاف شعبية حول الأسيرات والأسرى وذويهم، من خلال تنظيم الفاعليات الميدانية والجماهيرية الشعبية مثل المسيرات التضامنية، والاعتصامات، وعقد المؤتمرات والمهرجانات المحلية والعالمية. وقد ساهم نادي الأسير في تدويل قضية الأسرى الفلسطينيين، وتقديمهم كأصحاب قضية عادلة، وكمدافعين عن الحرية، وليس مثلما يروج الاحتلال الإسرائيلي بتعريفهم كإرهابيين ومخربين. وحرص النادي على توفير الرعاية المادية والاجتماعية للأسرى وذويهم، تجسيداً لشعار أن أُسر الأسرى يجب أن تعيش حياة كريمة.

كما أنشأ النادي في سنة 2001 وحدة قانونية لتقديم الدعم القانوني للأسرى، ساهمت في إعداد قانون الأسرى والمحررين.

وواصل نادي الأسير التواصل المباشر مع الأسيرات والأسرى، فكان الداعم لهم في نضالهم المستمر داخل السجون، وشكّل في كثير من الأحيان حلقة الوصل بينهم وبين حاضنتهم الاجتماعية والسياسية خارج السجون، وبينهم وبين السلطة الفلسطينية بعد تأسيسها، وصولاً إلى إنشاء وزارة شؤون الأسرى والمحررين.

وخلال سنة 2020، اتخذ مجلس إدارة النادي القرار بإغلاق فروع النادي في جميع محافظات الضفة الغربية باستثناء الفرع الرئيسي في رام الله، وذلك بسبب عجز مالي ما انفكّ يتفاقم منذ سنة 2017، علماً بأن النادي لا يزال يعمل حتى اليوم كجمعية أهلية شعبية مستقلة، ويُجري انتخاباته بصورة منتظمة ودورياً من خلال عقد مؤتمر عام كل سنتين.

2 - هيئة شؤون الأسرى والمحررين[2]

تُعتبر هيئة شؤون الأسرى والمحررين "الوريث الرسمي والقانوني لوزارة شؤون الأسرى والمحررين"، وهي هيئة مستقلة مالياً وإدارياً تتبع لمنظمة التحرير الفلسطينية، ويصادق الرئيس الفلسطيني على نظامها الأساسي، ويرأسها حالياً قدري أبو بكر. تعمل الهيئة من خلال ثلاثة مسارات رئيسية هي: الجانب القانوني، والجانب الإعلامي، والجانب الخدماتي، فتقدم متابعة قانونية للأسرى منذ لحظة اعتقالهم حتى الإفراج عنهم، من خلال توفير الدعم القانوني في جميع المراحل التي يمر بها الأسير، كما تتابع أوضاع الأسرى القانونية في الحالات الطارئة، والانتهاكات، والاعتداءات والحالات الطبية.

وتوثّق هيئة شؤون الأسرى والمحررين الانتهاكات والاعتداءات التي يتعرض لها الأسرى داخل السجون وخلال التحقيق، وتصدر البيانات والتقارير الرسمية بشأنها، وتنسق مع الإعلام المحلي والعربي والدولي لنشرها. وتنظم الهيئة، بالشراكة مع عدة جهات، الاعتصامات والوقفات التضامنية مع الأسرى بشكل دوري ومستمر.

والهيئة مسؤولة عن صرف رواتب الأسرى والمحررين ومِنَح الإفراج، وإصدار تأمين صحي باسم الأسرى أنفسهم، أكانوا محررين أم معتقلين، مع إمكان إضافة ذويهم إلى التأمين كمرافقين.

وهي أيضاً الجهة المسؤولة عن تنسيق خدمة التعليم الجامعي للأسرى داخل السجون في جامعة القدس المفتوحة، وترتيب عملية التقدم إلى امتحان التوجيهي داخل السجون، وغيرهما من الخدمات التي تتعلق بإصدار أوراق رسمية للأسرى في أثناء اعتقالهم أو بعد تحررهم.

3 - وزارة شؤون الأسرى والمحررين (غزة)[3]

تعمل هذه الوزارة بشكل منفصل عن هيئة شؤون الأسرى والمحررين، وتعتبر نفسهاً امتداداً لوزارة الأسرى والمحررين التي تأسست في سنة 1998، والتي حلت الهيئة مكانها بقرار من السلطة في سنة 2014، وهو أمر رفضه فرع الوزارة في غزة وبات يُصدر قراراته وبياناته وتسيير شؤون الأسرى في القطاع، باسم وزارة شؤون الأسرى والمحررين.

تقدم الوزارة الخدمات إلى الأسرى والمحررين وعائلاتهم، ضمن استراتيجيا تهدف إلى ضمان حياة كريمة للأسرى وذويهم، فتصرف رواتب للأسرى والمحررين ممّن لا يتقاضون راتباً من هيئة الأسرى والمحررين القائمة في الضفة الغربية، وتوفر فرص عمل للأسرى المحررين، وتسهيلات لشراء المساكن والحصول على قروض، وتعمل ضمن برامج رعاية ذوي الأسرى على توفير المنح الدراسية وعقد الرحلات والمخيمات الصيفية لأولادهم، وتوفير تسهيلات لتسديد فواتير الكهرباء وغيرها. وتعمل الهيئة أيضاً على تفعيل قضية الأسرى إعلامياً ونشر التقارير عن الانتهاكات، وإقامة الفاعليات التضامنية والإسنادية ودعم الأسرى في صمودهم.

ثانياً: المؤسسات الأهلية

1 - مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان[4]

تأسست مؤسسة الضمير في سنة 1991 بمبادرة من محامين فلسطينيين وأسرى محررين من الناشطين والمهتمين بحقوق الإنسان، وذلك بهدف دعم ونصرة الأسرى ومناهضة التعذيب، من خلال المتابعة القانونية والحملات التضامنية.

توفر هذه المؤسسة الخدمة القانونية المجانية للأسرى والمعتقلين وعائلاتهم من خلال متابعة قضايا الاعتقالات والمحاكم والزيارات الدورية والاستشارات القانونية، كما أن لديها برنامجاً للدراسات والتوثيق، وهو أحد أبرز مجالات عملها، توثق من خلاله الانتهاكات التي يتعرض لها الأسرى والمعتقلين. وتصدر المؤسسة أيضاً إحصاءات وتقارير سنوية وفصلية باللغتين الإنجليزية والعربية بشأن عمليات الاعتقال وظروفها والتعذيب في أثناء الاعتقال وفترة التحقيق، ومختلف الانتهاكات التي يتعرض لها الأسرى والمعتقلون من طرف مصلحة السجون الإسرائيلية وقواتها الخاصة، كما تقوم بحملات محلية وإقليمية ودولية لمناهضة التعذيب والاعتقال التعسفي ومناصرة الأسرى في قضاياهم المتنوعة مثل حملة وقف الاعتقال الإداري، وحملات مناصرة الأسرى والمعتقلين في إضراباتهم الفردية والجماعية.

2 - مركز ومتحف أبو جهاد لشؤون الحركة الأسيرة[5]

بدأت فكرة إنشاء المركز في سنة 1985 بعد أن طرح فهد أبو الحاج (المدير السابق لمركز أبو جهاد) فكرة إنشاء مؤسسة لتوثيق تجارب المعتقلين الفلسطينيين وإرثهم الثقافي والسياسي، وحمايتها من محاولات المصادرة والسرقة التي يقوم بها الاحتلال على مر عقود. وفي سنة 1998، تأسس المركز كمؤسسة رسمية بمبادرة من أبو الحاج، وبدعم من رئيس جامعة القدس سري نُسيبة، وفي سنة 2007، افتُتح في حرم الجامعة في بلدة أبو ديس، مبنى ومتحف أبو جهاد الذي ضم أرشيفاً كان مركز ومتحف أبو جهاد قد بدأ بجمعه، وبدأت عمليات التوثيق الأولى من خلال جهاز حاسوب فردي، بمبادرة من أبو الحاج الذي بدأ يجمع عدداً كبيراً من رسائل وكرّاسات وأوراق الأسر. وعمل المركز على بناء أرشيف وطني يشمل ما تكتبه الأسيرات والأسرى داخل المعتقلات والسجون الإسرائيلية، من أعمال فكرية أدبية، أو أكاديمية، أو رسائل خاصة، أو بيانات سياسية.

أنجز المركز حفظ 22,000 وثيقة، وأرشف إلكترونياً ما يقارب 17,000 وثيقة منها، كما أنجز الجزء الأكبر من مشروع المتحف الناطق، وحفظ نحو 1000 قطعة فنية يدوية جُمعت من بيوت الأسرى وعائلاتهم.

ويُذكر أن قوات الاحتلال الإسرائيلي دمرت محتويات متحف أبو جهاد بالكامل في كانون الأول / ديسمبر 2017 في إثر اقتحام المركز، ونهبت جزءاً من الأرشيف.

ومن منجزات المركز أيضاً، العمل على موسوعة فلسطينية تحكي تاريخ الحركة الأسيرة منذ سنة 1917، وقد صدر منها جزءان، بينما أُنجز الجزءان الثالث والرابع، لكنهما لم يُنشرا بعد.

وفي مطلع تموز / يوليو 2021، تسلمت هيئة شؤون الأسرى والمحررين إدارة المركز، وجاء ذلك بعد ملاحقة الاحتلال الإسرائيلي وتضييقه للمركز في الأعوام الأخيرة.

3 - مركز الدفاع عن الحريات والحقوق المدنية: اللجنة الوطنية لإنقاذ حياة الأسرى[6]

بدأ هذا المركز العمل مع الأسيرات والأسرى الفلسطينيين منذ لحظة تسجيله رسمياً لدى السلطة الفلسطينية في سنة 2003، فنظّم زيارات دورية منتظمة للأسيرات والأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي، ورصد ووثّق وفضح الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الأسرى، وأصدر التقارير الدورية عن أوضاعهم، وأطلع مختلف وسائل الإعلام عليها، وسلّط الضوء على قضية الأسيرات الفلسطينيات، ونجح في الدفع نحو تعديل قانون الأسرى والمحررين فيما يتعلق برواتب الأسيرات المتزوجات، وهو تعديل يعبّر في جوهره عن مساواة الحالة النضالية للأسيرات والأسرى. ومنذ سنة 2010 تبنّى المركز قضية الأسرى المرضى، باعتبارها القضية الأكثر صعوبة وإلحاحاً، ومدخلاً يمكن من خلاله تسليط الضوء على قضية الأسرى بصورة عامة، وعلى الجرائم التي ترتكبها دولة الاحتلال في حقّهم، والتي تستهدف حياتهم ووجودهم بشكل مباشر. وهذا الحراك بشأن قضية الأسرى المرضى، وإن لم ينجح في الإفراج عنهم، إلّا إنه جعل من قضيتهم أولوية وطنية وعنواناً أساسياً لأي عملية إطلاق سراح أو تبادل للأسرى.

وفي نهاية سنة 2019 بادر المركز من خلال مديره حلمي الأعرج، إلى الدعوة إلى تشكيل لجنة وطنية دائمة لإنقاذ حياة الأسرى المرضى في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وذلك بهدف توحيد جهود المؤسسات ذات العلاقة، سواء المؤسسات العاملة في مجال الدفاع عن قضايا الأسرى، أو المؤسسات العاملة في المجال الصحي مثل وزارة الصحة ولجان العمل الصحي، فضلاً عن جهات رسمية وإعلامية وحقوقية أُخرى من شأنها المساهمة في تحريك ملف قضية الأسرى المرضى وتدويلها.

4 - الهيئة الوطنية العليا لشؤون الأسرى[7]

هي إطار وطني يضم 14 فصيلاً فلسطينياً، وممثلين عن 23 جمعية حقوقية، تأسس في سنة 2004، بقرار من الرئيس الراحل ياسر عرفات، ويعمل في الإطار الشعبي والحقوقي والقانوني لتفعيل قضية الأسرى على الصعيد العربي والفلسطيني. وتتشكل سكرتاريا الهيئة من تسعة أعضاء يقودون الهيئة في عملها، وتُعتبر الهيئة مسؤولة عن تنظيم الفاعليات الإسنادية للأسرى في نضالهم، فتجتمع كل أسبوعين وتُقرّ الفاعليات المقبلة بحيث يتم التركيز على القضايا المستجدة والحساسة مثل الأسرى المرضى والإضرابات عن الطعام والأسرى الأطفال، كما تقوم بنصب خيم الاعتصام، وعقد اعتصام كل يوم ثلاثاء أمام الصليب الأحمر، وتتواصل مع المؤسسات الدولية الرسمية مثل المفوض السامي للأمم المتحدة والصليب الأحمر ومحكمة لاهاي.

5 - لجنة أهالي الأسرى والمعتقلين في القدس[8]

بدأت فكرة اللجنة بعد اتفاق أوسلو، وتحديداً في سجن نفحة، من طرف مجموعة من أسرى القدس القدامى والمحكومين بأحكام عالية، وعلى رأسهم الأسير المحرر إبراهيم مشعل، وذلك جرّاء شعورهم بالظلم بسبب استثنائهم من الإفراجات التي تمت بعد توقيع الاتفاق، وتأجيل البحث في أمرهم إلى مفاوضات الحل النهائي. فقد شعر الأسرى المقدسيون حينها بحاجتهم إلى جسم يمثلهم ويتحدث باسمهم ويرفع قضيتهم، فتشكلت لجنة أهالي الأسرى والمعتقلين في القدس بالتنسيق مع فيصل الحسيني الذي احتضنها ودعم نشاطها.

وانتخبت المؤسسة قبل عشرة أعوام لجنة تتكون من رئيس وثمانية أعضاء لتمثيلها، وقد عملت اللجنة المنتخبة على بناء قاعدة بيانات للأسرى المقدسيين تضم تفصيلات الاسم والحكم والتعليم؛ الحالة الاجتماعية وعدد الأبناء؛ الوضع الصحي الخاص بهم؛ وأصدرت من خلال قاعدة البيانات هذه عدة دراسات وتقارير، بحيث أصبحت المصدر الرسمي للمعلومات المتعلقة بأسرى القدس.

وتقيم اللجنة أمام المستشفيات والسجون والمحاكم، العديد من الفاعليات الإسنادية والتضامنية، وخصوصاً مع أسرى القدس وغيرهم الذين ينفذون إضرابات عن الطعام، كما أخذت على عاتقها ترتيب الزيارات لأهالي الأسرى المقدسيين في ظل جائحة كورونا وتراجع دور الصليب الأحمر وتقاعسه عن تأدية دوره.

وتشارك اللجنة الأسرى في مناسباتهم المتنوعة، وتساعد في حل أي مشكلات قد تواجههم في الرواتب أو المحامين، وتقوم بالتنسيق مع المؤسسات المعنية بتسهيل حصول الأسرى المقدسيين على التمثيل القانوني، وخصوصاً في ظل الوضع الصعب في القدس من حيث الفراغ المؤسساتي وصعوبة العمل الوطني.

6 - المحاميات والمحامون المتطوعون في هبّة أيار / مايو 2021

اعتقلت الشرطة الإسرائيلية خلال الهبّة الشعبية في أيار/ مايو 2021، أكثر من 2000 فلسطيني من أراضي 48، كما أنه في إثر حملة "قانون ونظام" التي أطلقتها الشرطة الإسرائيلية، تم تقديم لائحة اتهام ضد 200 شاب وقاصر، في محاولة لتجريمهم بسبب مشاركتهم في تظاهرات الهبّة. وبسبب هذا العدد الهائل من المعتقلين، تشكلت خلال فترة زمنية قصيرة جداً، مجموعات من المتطوعات والمتطوعين في مختلف المناطق من الداخل المحتل، تركزت مهمتها الأساسية على توفير الاستشارات القانونية الأولية للمعتقلات والمعتقلين في مراكز التحقيق والشرطة، وتمثيلهم في المحاكم لاحقاً، علاوة على توثيق حالات الاعتداء في أثناء عمليات الاعتقال والاستجواب والتحقيق.

تجربة المحامين المتطوعين هذه ليست الأولى، فقد سبقتها تجارب أُخرى تطوّع فيها المحامون / ات خلال هبّات سابقة، مثل هبّة "برافر"، وهبّة تشرين الأول / أكتوبر 2000 في الانتفاضة الفلسطينية الثانية. لكن الفرق في هذه الهبّة يكمن في غياب أي مؤسسة مركزية سياسية واضحة تدعم المعتقلين، وبالتالي كان يتوجب إنشاء كيان لا يساوم على الجدوى السياسية والبعد الوطني للهبّة، ويعمل كجسم تنسيقي بين المتطوعين في مختلف المناطق. ويعود السبب في ذلك إلى تآكل الهيئات التنظيمية، والأطر الحزبية والسياسية في الداخل المحتل، وتخلّي بعض المؤسسات الحقوقية عن دوره المركزي في مجال تمثيل الفلسطينيين قانونياً والمرافعة عنهم أمام المحاكم الإسرائيلية. وفي ظل هذا الفراغ، وخلال أول أيام الهبّة، نظّمت اللجان الشعبية في بعض القرى والبلدات لجاناً تطوعية من المحامين، بينما قامت مجموعات من الناشطين السياسيين والمحاميات العاملات في مجال حقوق الإنسان بالتطوع منذ اللحظة الأولى في الهبّة لتوفير استشارات قانونية للمعتقلات والمعتقلين، ومتابعة إجراءات المحاكم لاحقاً. ولعل مجموعة المحاميات المتطوعات في مدينة حيفا هي المثال الأوضح على حالة الحراك الشعبي المتكامل، فهذه المجموعة عملت من خلال قنوات تنظيم محلي، واحتضنت المعتقلين وأهاليهم، وتحدّت خطاب الترهيب الإسرائيلي، وتجاوزته إلى فعل جماهيري شامل كان تعويضاً عن غياب المؤسسات الرسمية.

بعد تقديم لائحة اتهام ضد نحو 200 معتقل فلسطيني، استند معظمها إلى قانون محاربة الإرهاب، بتوصية من النيابة الإسرائيلية، لم يعد الجهد التطوعي كافياً، ذلك بأن كثيراً من المرافعات في هذه القضايا قد يدوم أشهراً طويلة، فكانت فكرة إنشاء "صندوق الكرامة والأمل للدفاع عن المعتقلين"، تحت مظلة جمعية الشباب العرب "بلدنا"، من أجل ضمان التمثيل القانوني لمعتقلي الهبّة الشعبية في أيار / مايو 2021 داخل أراضي 48، ولحماية عائلاتهم من الأعباء المادية الناجمة عن اعتقال أحد أفرادها، في حال تقديم لوائح اتهام. ولهذا سعى الصندوق لتوفير الدعم المادي لعائلات المعتقلين بهدف تغطية جزء من تكاليف التمثيل القانوني، من أجل خلق حالة من التكافل مع هذه العائلات، والوقوف إلى جانبها ودعمها معنوياً واجتماعياً.

7 - المركز القانوني للدفاع عن حقوق الأقلية العربية في إسرائيل - عدالة[9]

هذا المركز هو مركز قانوني لحقوق الإنسان، تأسس في سنة 1996، من أجل دفع وتعزيز حقوق الفلسطينيين في أراضي 48، والدفاع عن حقوق الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة. وينشط مركز عدالة في قضية الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين من خلال الدفاع عن المعتقلين وتمثيلهم قانونياً أمام المحاكم الإسرائيلية في حال الاعتقال على خلفية سياسية، وتقديم الاستشارات القانونية للمتظاهرين، ومتابعتهم في حالة اعتقالهم. كما يقوم المركز بتوجيه التماسات إلى المحكمة العليا في عدة ملفات تتعلق بالانتهاكات التي يتعرض لها الأسرى والمعتقلون الفلسطينيون في أثناء عملية الاعتقال والتحقيق وفي فترة الأسر، ويصدر مجموعة من التقارير والأبحاث في عدة موضوعات، منها موضوع الانتهاكات الإسرائيلية في حقّ الأسرى الفلسطينيين، وقضايا التعذيب في التحقيق.

ثالثاً: الشبكات الرقمية الداعمة لحقوق الأسرى الفلسطينيين

1 - شبكة صامدون للدفاع عن الأسرى الفلسطينيين[10]

تأسست هذه الشبكة في سنة 2011، وكان هدفها نشر قضية الأسيرات والأسرى الفلسطينيين حول العالم، وإيصال صوت الحركة الأسيرة بلغات متعددة من دون خفض سقف اللغة، أو حصر المواقف بحدود القانون الدولي ومنظمات حقوق الإنسان.

تتكون صامدون من مجموعة من الناشطين والحقوقيين والمتطوعين، ممّن لديهم قناعة راسخة بأن الاستعمار الصهيوني على أرض فلسطين، من نهرها إلى بحرها، هو استعمار غير شرعي وغير قانوني، مدفوعين بإيمانهم بالحق في المقاومة، وعودة اللاجئين، وحرية الأسرى الفلسطينيين جميعاً.

وتعمل صامدون بشكل أساسي من خلال إشراك فلسطينيي الشتات كونهم جزءاً لا يتجزأ من القضية الفلسطينية، وبصفتهم فاعلين وليسو متضامنين. وتتبنّى الشبكة قضية الأسرى كأساس لعدالة نضال الشعب الفلسطيني في سعيه نحو التحرر من الاستعمار الصهيوني، ويؤمن الفاعلون فيها بضرورة إحياء قضية الأسرى في أذهان الشعوب الحرة حول العالم وقلوبهم، ولذلك تقوم بترجمة أخبار الأسرى إلى أكثر من تسع لغات، علاوة على ترجمة ونشر أعمال مكتوبة للأسرى أنفسهم. وقد أطلقت صامدون عدة حملات عالمية تتعلق بقضايا محورية كان آخرها "حملة الحرية لطلبة فلسطين"[11] في 25 شباط / فبراير 2021، والتي صنفتها إسرائيل منظمة إرهابية وفقاً لبيان صحافي صادر عن وزارة جيش الاحتلال في 28 شباط / فبراير 2021. ويتمحور عمل شبكة صامدون حول تجاوز الخطاب الإنساني الذي يحيط بقضية الأسرى وبحملات التضامن معهم، إلى خطاب ثوري يعلّي صوت الأسرى الفلسطينيين حول العالم، كمدافعين عن الحرية، ولا يفسح في المجال لأي تضامن خجول أو مشروط مع قضيتهم العادلة.

2 - مركز الأسرى للدراسات [12]

موقع إلكتروني يُعنى بقضية الأسرى الفلسطينيين، ويحتوي على أخبار الأسرى في سجون الاحتلال، وعلى مجموعة من الدراسات والمقالات التحليلية ومقالات الرأي المتعلقة بالأسرى وقضيتهم، فضلاً عن قسم لتوثيق الانتهاكات. يدير الموقع ويشرف عليه د. رأفت حمدونة.

3 - مركز فلسطين لدراسات الأسرى[13]

موقع إلكتروني متخصص بدراسات الأسرى في سجون الاحتلال، ويهدف إلى تسليط الضوء على قضيتهم، من خلال إعداد التقارير والأبحاث، ومشاركة مقالات مختارة وتقارير إحصائية محدّثة عن أوضاع الأسرى وأخبار الاعتقالات. يُعتبر الموقع مصدراً موثوقاً به فيما يتعلق بقضية الأسرى، بحيث يشكل مرجعاً للعديد من وسائل الإعلام المحلية والعربية. يدير الموقع ويشرف عليه رياض الأشقر.

4 - شبكة أنين القيد[14]

شبكة إعلامية تُعنى بقضية الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، وتتكون من مجموعة من الأسرى المحررين والصحافيين والحقوقيين والناشطين الشبابيين. عملت الشبكة على تنظيم العديد من الفاعليات الميدانية وحملات الدعم لتحريك ملف الأسرى، وتسهيل زيارات دورية لعائلاتهم، وإعداد التقارير المصورة والأفلام الوثائقية القصيرة. وقد تعرضت الشبكة للملاحقة والتضييق من طرف قوات الاحتلال الإسرائيلي، واعتُقل العاملون فيها أكثر من مرة اعتقالاً إدارياً. ويقتصر عمل الشبكة الآن على نشر الأخبار المتعلقة بالاعتقالات وأوضاع الأسرى في صفحتها في الفايسبوك.

5 - مؤسسة مهجة القدس - غزة[15]

موقع إلكتروني يهتم بالشهداء والأسرى، وكل ما يتعلق بهم، أو يتفرع عنهم، ويهدف إلى تطوير قاعدة بيانات لشهداء وأسرى فلسطين، من أجل خلق آليات الدعم والتضامن المادي والمعنوي معهم ومع ذويهم. ويحتوي الموقع على جهد توثيقي يرصد أبرز محطات الحركة الفلسطينية الأسيرة، ومعاركها وإنجازاتها، وعلى دليل للأسرى والمحررين، وبعض أعمالهم الأدبية والفكرية.

رابعاً: البرامج الإذاعية والتلفزيونية

تشكل البرامج الإذاعية الخاصة بالأسرى فرصة أمام الأهالي لينقلوا رسائل وأخباراً إلى أبنائهم الأسرى، وتحديداً في الوقت الذي تتوقف فيه الزيارات، أو في حال عدم حصولهم على تصاريح الزيارة. كما يمكن لأقارب الأسيرات والأسرى وأصدقائهم التواصل معهم من خلال هذه البرامج، وإرسال التهاني والتعازي ومشاركتهم مناسبات الفرح والحزن. وتتحدى هذه البرامج سياسة المنع الأمني التي يتّبعها الاحتلال الإسرائيلي كأداة عقابية للأسرى وعائلاتهم، إذ يتم من خلالها إيصال الأخبار المهمة إلى الأسرى في حال الانقطاع عن رؤية المحامي. ومن هذه البرامج: برنامج شؤون الأسرى عبر إذاعة صوت النجاح؛ مراسيل الأسرى عبر شبكة أجيال الإذاعية؛ على جناح الطير عبر إذاعة صوت الأسرى؛ لا بد للقيد من أن ينكسر عبر إذاعة صوت فلسطين؛ وغيرها. أمّا على صعيد التلفاز، فإن العديد من البرامج مخصص للأسرى وقضيتهم، وسنعرض هنا نموذجين مِن هذه البرامج:

1 - برنامج في ضيافة أسير:[16] برنامج أسبوعي يُعرض أيام الجمعة على فضائية القدس التعليمية، وهو من إعداد وتقديم عبد الفتاح دولة. وقد نجح البرنامج في تصوير وبثّ نحو 300 حلقة منذ انطلاقته قبل عامَين. تقوم فكرة البرنامج على استضافة عائلة أحد الأسرى في كل حلقة، بهدف الخروج من "نمطية رقمنة الأسرى وقضيتهم"،[17] وعلى عرض المساحة الاجتماعية لحياة كل أسير وعائلته، والتعريف به وبطريقة اعتقاله وظروفها، وتأثير غيابه في عائلته. ويسعى البرنامج في كل حلقة لاستضافة أحد أصدقاء الأسير ممّن عاشوا معه داخل السجن، فنتعرف اليه كأسير داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، الأمر الذي يسمح بالإضاءة على جوانب إضافية من حياة الأسير وقصته. ويحاول البرنامج تحويل أرشيف الأسرى إلى حكايات عن الأسرى وعائلاتهم، وقصصهم البطولية بجوانبها الإنسانية.

2 - برنامج عمالقة الصبر:[18] برنامج أسبوعي يُعرض بالبث المباشر على تلفزيون فلسطين، وهو من إعداد وتقديم الإعلامي سامر تيم، منذ سنة 2015، ويهدف إلى بناء جسر تواصل بين الأسيرات والأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي وعائلاتهم، فيخصص مساحة لأهالي الأسرى كي يُطِلّوا على أبنائهم من خلال الشاشة، ذلك بأن تلفزيون فلسطين هو الوسيلة الإعلامية المرئية الوحيدة التي يمكن للأسرى مشاهدتها من داخل السجن. ويقوم البرنامج بالتشبيك والتواصل مع هيئة الأسرى ونادي الأسير اللذين يساهمان في إنجاز عملية التواصل بين الأسرى وأهاليهم.

ويستطيع الأسير عن طريق البرنامج أن يرى أفراد عائلته الذين يعرفهم قبل أن يُعتقل، أو أولئك الذين وُلدوا بعد الأسر ويراهم للمرة الأولى، كما أن بعض الأهل يراهم الأسير لآخر مرة، عبر شاشة البرنامج. ويبثّ البرنامج التقارير المصورة في المناسبات المتنوعة مثل نتائج التوجيهي، تخريج الأسرى من الجامعات، وبعض المناسبات الخاصة للأسرى بطلب منهم.

خامساً: الجامعات الفلسطينية التي تدرّس مساقات الأسرى

يقوم العديد من الجامعات الفلسطينية بتدريس مساقات الأسرى، فمساق "تاريخ الحركة الوطنية الأسيرة" الذي أعده رأفت حمدونة، يدرَّس في كل من جامعة فلسطين التقنية "خضوري" بفروعها الثلاثة: رام الله وطولكرم وقلقيلية، والجامعة العربية الأميركية في جنين، وجامعة الخليل.[19] ويشمل المساق موضوعات متنوعة أهمها: المسيرة التعليمية والثقافية للأسرى؛ الإنتاج الأدبي للحركة الأسيرة؛ الوسائل النضالية للأسرى الفلسطينيين؛ الإضرابات المفتوحة عن الطعام؛ وغيرها من الموضوعات.

كما تدرّس جامعة القدس مساق "الحركة الأسيرة الفلسطينية" كموضوع خاص، ومتطلب جامعة اختياري، ويقوم بتدريس المساق الأسير المحرر ضرغام الأعرج (الذي حصل خلال وجوده في سجن هداريم، على درجة الماجستير من جامعة القدس في الدراسات الإسرائيلية). ويهدف المساق إلى إعطاء الطالب خلفية تاريخية وسياسية وقانونية عن الحركة الأسيرة، والتعريف باستراتيجيات المقاومة داخل السجن، والتعرف إلى مراحل الاعتقال والأساليب المعتمدة في التحقيق، ومعاناة الأسرى والأساليب القمعية المتبعة تجاههم، علاوة على تعريف الطلبة بكيفية الحياة داخل الأسر، والأنظمة الداخلية للحركة الأسيرة، وغيرهما من المحاور المهمة المتعلقة بالحركة الأسيرة الفلسطينية وتجربتها.

وتطرح دائرة الفلسفة والدراسات الثقافية في جامعة بيرزيت، بالاشتراك مع برنامج الماجستير في الدراسات العربية المعاصرة، مساق "دفاتر السجن: الحركة الفلسطينية الأسيرة"، كمساق مشترك بين طلبة البكالوريوس والماجستير، ويدرّسه عبد الرحيم الشيخ. ويختص المساق بدراسة الحركة الفلسطينية الأسيرة ونضالها، ويتناول الاعتقال وأساليبه، وغرف العصافير [العملاء]، وفلسفة المواجهة، والمنظومة القضائية الإسرائيلية، والاعتقال الإداري، ووثيقة الأسرى، وأطفال النطف المحررة، والإضراب عن الطعام، وغيرها. وتم تدريس المساق لأول مرة في الفصل الثاني من العام الدراسي 2014 / 2015، عُقد خلاله 11 ندوة عن الأسرى الفلسطينيين، كما جرت استضافة 20 أسيرة وأسيراً محررين للحديث عن موضوع محدد من تجربة الأسر.[20]

سادساً: الحملات الشعبية لإطلاق سراح الأسرى

1 - الحملة الشعبية لإطلاق سراح القائد مروان البرغوثي وسائر الأسرى

في سنة 2002، وبعد اختطاف القائد الوطني مروان البرغوثي، بادرت شخصيات فلسطينية، وطنية حزبية وحقوقية مستقلة، إلى إطلاق حملة للإفراج عنه وعن جميع الأسرى، تشكلت هيئتها الإدارية من هذه الشخصيات، بينما تشكل مجلس الأمناء من عدد من الشخصيات السياسية والحقوقية والمؤسساتية والفنية الفلسطينية والعربية والدولية. ومن ضمن أهداف الحملة: العمل على تنظيم الفعل الشعبي للتضامن مع البرغوثي وجميع الأسرى والأسيرات؛ رفع راية قضية الأسرى وجعلها أولوية لدى القيادة السياسية للسلطة ومنظمة التحرير والفصائل الفلسطينية، باعتبار قضية تحريرهم رأس الحربة في معركة التحرير؛ التعريف بقضية الأسرى ونضالهم أمام الرأي العام الدولي وإيصالها إلى المؤسسات الدولية في مواجهةٍ للرواية الإسرائيلية التي تحاول تصويرهم على أنهم "إرهابيون" و"مخرّبون" في إطار المساعي الصهيونية لإدانة مشروع المقاومة الفلسطينية ومشروعية النضال الفلسطيني وتجريمه؛ الوقوف في وجه محاولة الاحتلال عزل صوت البرغوثي عن شعبه، ومحاصرة دوره الوطني والسياسي في قيادة حركة "فتح" والشعب الفلسطيني، ودوره في ترسيخ الوحدة الوطنية وبناء نظام ديمقراطي وتعزيز الحريات وصيانتها.

نظّمت الحملة خلال الأعوام السابقة آلاف الفاعليات الشعبية لدعم الأسرى ونضالهم، بما فيها مئات الندوات والمؤتمرات واللقاءات الرسمية محلياً وإقليمياً ودولياً، وتُوّجت بعقد لقاء دولي في رام الله في سنة ٢٠١١، ترتّب عليه تشكيل اللجنة العليا لإطلاق الحملة الدولية للإفراج عن مروان البرغوثي، وعن الأسرى والأسيرات جميعاً، وقد ضمت عدداً من الشخصيات الحائزة جائزة نوبل للسلام. وفي سنة 2013 أُطلقت الحملة الدولية لإطلاق سراح القائد مروان البرغوثي والأسرى والأسيرات خلال مؤتمر دولي عُقد في جزيرة روبن آيلاند في جنوب أفريقيا، كما تأسست "شبكة مروان البرغوثي للمدن الفرنسية" التي تضم عشرات المدن الفرنسية التي منحت البرغوثي مواطنة شرف فيها. وقبل انتشار جائحة كورونا، عملت هذه الشبكة على تنظيم العديد من فاعليات التضامن والدعم للقضية الفلسطينية وللإفراج عن البرغوثي وجميع الأسرى والأسيرات، ونفّذت برامج استضافةٍ دورية لأطفال الأسرى الفلسطينيين. ويُشار إلى أن البرغوثي نال مواطنة الشرف في العديد من المدن الإيطالية والتركية أيضاً.

ويؤدي مكتب الحملة دوراً مهماً في عملية التواصل بين القائد مروان البرغوثي والخارج، ودوراً محورياً في برنامج تعليم الأسرى الذي أطلقه، ويُشرف عليه، مروان البرغوثي (برنامج التعليم الجامعي) في سجن هداريم، وهو البرنامج الذي يُنسب إليه الفضل في إحداث ثورة تعليمية حقيقية داخل السجون منذ انطلاقه في مطلع العقد المنصرم، إذ تمكّن من خلاله المئات من الأسرى من نيل مختلف الدرجات العلمية.[21]

2 - الحملة الدولية للتضامن مع القائد أحمد سعدات

تأسست الحملة في نيسان / أبريل 2002 بالتعاون مع بعض الشخصيات والمؤسسات الوطنية، وتحديداً مؤسسة الضمير، وتهدف إلى التعريف بقضية الأسرى ومعاناتهم هم وعائلاتهم أمام الرأي العام العالمي. وتطالب الحملة بالإفراج عن الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أحمد سعدات، من السجون الإسرائيلية، ولديها عدة فروع في الدول الأوروبية وأميركا اللاتينية (البرازيل على وجه التحديد)، كما أنها، ومنذ تأسيسها، تطلق أسبوعاً تضامنياً سنوياً مع الأسير سعدات، بهدف تدويل قضية الأسرى والتعريف بمعاناتهم والمطالبة بالإفراج عن أحمد سعدات.[22]

3 - الحملة الدولية لإطلاق سراح جورج عبد الله

تأسست هذه الحملة في حزيران / يونيو 2004، وتهدف إلى تأمين الإفراج عن المناضل الشيوعي الثوري اللبناني جورج عبد الله المناهض للصهيونية، والذي ما زال معتقلاً في سجون الدولة الفرنسية منذ سنة 1984. وتضم الحملة مناضلين من عدة خلفيات يجمعهم إدراك أن النضال المنظّم والمتواصل هو السبيل الوحيد لتحرير المناضلين والثوريين من سجون الإمبريالية ومعتقلاتها، كما أنها تنظّم مجموعة من النشاطات التعبوية والإعلامية والأكاديمية بهدف تسليط الضوء على قضية المناضل جورج عبد الله والمطالبة بحريته، هذا إلى جانب إصدار العديد من البيانات والخطابات، واتخاذ مختلف الإجراءات القانونية للمطالبة بتحريره.[23]

سابعاً: المنظمات الحقوقية الدولية والإسرائيلية

1 - اللجنة الدولية للصليب الأحمر: بدأت اللجنة الدولية للصليب الأحمر عملها في قضية الأسرى الفلسطينيين منذ احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة في سنة 1967، فشرعت تزور الأسرى الفلسطينيين في السجون ومراكز التحقيق الإسرائيلية، وترفع إلى الجهات المسؤولة ملاحظاتها بشأن ظروف اعتقالهم والتحقيق معهم. وتؤدي اللجنة دور الوساطة فيما يتعلق بزيارات أهالي الأسرى، من خلال تأمين حصولهم على تصاريح الزيارة، وترتيب مواعيد الزيارات وتنسيقها مع مصلحة السجون الإسرائيلية، ونقلهم إلى السجون.

وتساعد اللجنة أهالي المعتقلين في معرفة أماكن وجود أبنائهم، فتطمئنهم عنهم من خلال زيارتهم في أثناء التحقيق، وتنقل إليهم رسائل طمأنة مختصرة جداً، تقتصر في أغلب الأحيان على كلمة أو كلمتين، وتساعد في توفير بعض حاجات الأسرى والتبليغ عنها. إلّا إن هذا الدور يبقى محدوداً جداً، فاللجنة لا تستطيع التدخل في ظروف الاعتقال أو التحقيق، مهما تبلغ من سوء، بل يمكنها فقط إبداء ملاحظاتها بشأن هذه الأوضاع ورفعها إلى "الجهات المعنية". وكثيراً ما يوصف دور اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالسلبي والمتخاذل فيما يتعلق بقضية الأسرى، لأنها لا تقوم بدورها في حماية المعتقلين الفلسطينيين، ولا تحقق في الاتهامات الموجهة إلى سلطات الاحتلال بممارسة التعذيب، كما أنها تلتزم الصمت إزاء العديد من القضايا الجادة المتعلقة بحياة الأسرى وظروف اعتقالهم، وتكتفي بإصدار البيانات كحد أقصى.

2 - منظمتا العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش: مؤسستان دوليتان يقتصر دورهما على التوثيق ورصد الانتهاكات من الناحية القانونية والإنسانية، وتعتمدان، كمرجعية لهما، معاهدات حقوق الإنسان والمعايير الدولية كاتفاقية جنيف الرابعة. وتعمل المنظمتان على توثيق المعاناة التي يتعرض لها أهالي الأسرى والمعتقلين، وخصوصاً في أثناء الزيارة التي يمكن وصفها بالرحلة الطويلة والشاقة، نظراً إلى بُعد مسافة السجون الإسرائيلية عن "مناطق إقامة" الفلسطينيين، فضلاً عن الإجراءات الصعبة والمهينة التي تفرضها سلطات الاحتلال الإسرائيلي خلال الزيارات. وتتناول المنظمتان في تقاريرهما قضايا الاعتقال الإداري، والإضراب عن الطعام، والأسرى المعزولين والممنوعين من زيارة ذويهم، والأسرى الأطفال.

وتتطرق منظمة هيومن رايتس ووتش إلى موضوع الاعتقالات والأسرى الفلسطينيين في بعض تقاريرها عن مجمل الأوضاع الحقوقية في فلسطين، وتسلط الضوء على موضوع اعتقال الناشطين الحقوقيين، واعتقال الفلسطينيين على خلفية نشاطاتهم السياسية وممارستهم "حقّهم في الاحتجاج"، وقضية الاعتقال الإداري، وموضوع زيارات أهالي أسرى قطاع غزة.

3 - هموكيد - مركز الدفاع عن الفرد: منظمة حقوقية إسرائيلية تأسست في سنة 1988 بهدف "مساعدة الفلسطينيين الخاضعين للاحتلال الإسرائيلي، والذين تتعرض حقوقهم لانتهاك مستمر"، وذلك من خلال السعي لتنفيذ معايير وقيم القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي.

وتشكل قضية الأسرى الفلسطينيين واحدة من اهتمامات مركز "هموكيد" الذي يعمل على تحديد مكان وجود الأسير بعد اعتقاله، وتوثيق ظروف الاعتقال والتعذيب، كما يمكنه المساعدة في استصدار تصاريح زيارة أهالي الأسرى في حال وجود رفض لطلب الزيارة.

ويقوم المركز بتقديم التماسات إلى محكمة العدل العليا الإسرائيلية بشكل منفرد أو بالشراكة مع منظمات حقوقية أُخرى منها: اللجنة العامة لمناهضة التعذيب في إسرائيل،[24] وأطباء لحقوق الإنسان الإسرائيلية،[25] وجمعية حقوق المواطن في إسرائيل،[26] وذلك في عدة حالات منها: عدم التبليغ عن مكان احتجاز المعتقلين؛ طلب السماح للأسرى الفلسطينيين بإجراء مكالمة هاتفية مع ذويهم، مثلما هي الحال في فترة جائحة كورونا؛ التماس ضد قرار وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي بشأن عدم تلقيح الأسرى الفلسطينيين ضد فيروس كورونا.

 

المصادر:

[1] أُخذت المعلومات عن هذه المؤسسة من رئيس مجلس إدارة النادي قدورة فارس، خلال مقابلة معه.

[2] أُخذت المعلومات عن هذه المؤسسة من رئيس دائرة العلاقات الدولية في الهيئة، رائد أبو الحمص، خلال مقابلة معه.

[3] أُخذت المعلومات عن هذه المؤسسة من مدير دائرة الإعلام في وزارة الأسرى، إسلام عبدو، خلال مقابلة معه.

[4] لمزيد من التفصيلات عن المؤسسة، انظر موقع "مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان"، في الرابط الإلكتروني 

[5] أُخذت المعلومات عن هذه المؤسسة من فهد أبو الحاج (المدير السابق لمركز أبو جهاد)، خلال مقابلة معه.

[6] أُخذت المعلومات عن هذه المؤسسة من مدير المركز حلمي الأعرج، خلال مقابلة معه.

[7] أُخذت المعلومات عن هذه المؤسسة من رئيس الهيئة أمين شومان، خلال مقابلة معه.

[8] أُخذت المعلومات عن هذه اللجنة من رئيسها أمجد أبو عصب، خلال مقابلة معه.

[9] انظر موقع "عدالة"، في الرابط الإلكتروني.

[10] انظر موقع "شبكة صامدون"، في الرابط الإلكتروني.

[11] انظر بيان إطلاق الحملة، في الرابط الإلكتروني.

[12] انظر موقع "مركز الأسرى للدراسات" في الرابط الإلكتروني.

[13] انظر موقع "مركز فلسطين لدراسات الأسرى"، في الرابط الإلكتروني.

[14] انظر صفحة "شبكة أنين القيد" في موقع فايسبوك، في الرابط الإلكتروني .

[15] انظر موقع "مؤسسة مهجة القدس – غزة"، في الرابط الإلكتروني.  

[16] أُخذت المعلومات عن هذا البرنامج من مُعِدّ ومقدّم البرنامج، عبد الفتاح دولة، خلال مقابلة معه.

[17] المصدر نفسه.

[18] أُخذت المعلومات عن هذا البرنامج من مُعِدّ ومقدّم البرنامج، سامر تيم، خلال مقابلة معه.

[19] "ثلاث جامعات فلسطينية تدرّس مساقاً يشمل الجوانب الإبداعية للأسرى الفلسطينيين للدكتور حمدونة"، "مركز الأسرى"، موقع فايسبوك، في الرابط الإلكتروني.

[20] لمزيد من التفصيلات عن مساقات "دفاتر فلسطين" في جامعة بيرزيت، انظر: عبد الرحيم الشيخ، "فلسطين - الهوية والقضية: الجامعة وإعادة بناء السردية الوطنية الفلسطينية"، موقع "باب الواد"، في الرابط الإلكتروني.

[21] جرى الحصول على هذه المعلومات من دائرة الإعلام في الحملة الشعبية لإطلاق سراح القائد مروان البرغوثي والأسرى والأسيرات كافة.

[22] تم الحصول على هذه المعلومات من خلال مقابلة أُجريت في 6 / 8 / 2021، مع عبلة سعدات زوجة القائد أحمد سعدات.

[23] المعلومات الواردة منقولة عن الموقع الرسمي للحملة على شبكة الإنترنت باللغة الفرنسية، في الرابط الإلكتروني

[24] تعمل اللجنة العامة لمناهضة التعذيب في إسرائيل على توثيق "حالات العنف غير القانوني" خلال التحقيق وفي السجون، وتقديم الشكاوى إلى المحاكم بالنيابة عن "الضحايا"، كما تقوم بإصدار تقارير تتابع حالات الانتهاكات والتعذيب التي يقوم بها جهاز "الشاباك" في أثناء التحقيق مع المعتقلين. انظر الرابط الإلكتروني.

[25] جمعية أطباء لحقوق الإنسان الإسرائيلية هي جمعية حقوقية أسسها مجموعة من الأطباء الإسرائيليين، وتناضل من أجل حقوق الإنسان عامة، والحقوق الصحية خاصة، وتولي اهتماماً بالوضع الصحي للفلسطينيين في "الأراضي المحتلة"، وللأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، وتعمل على إصدار تقارير عن الحالة الصحية للأسرى الفلسطينيين المرضى، وللأسرى الذين يُضربون عن الطعام، فضلاً عن الوضع الخاص بالأسرى الفلسطينيين في ظل جائحة كورنا. انظر الرابط الإلكتروني.

[26] جمعية حقوق المواطن في إسرائيل هي منظمة حقوقية إسرائيلية تعتبر العمل من أجل "حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة" واحدة من نضالاتها، وتسعى لذلك من خلال إحالة الدعاوى القضائية إلى محكمة العدل العليا في عدة قضايا، ومن ضمنها بعض جوانب قضية الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية. انظر الرابط الإلكتروني.

Author biography: 

تسنيم القاضي: أسيرة محررة، وطالبة ماجستير في الدراسات الإسرائيلية في جامعة بيرزيت.