
August 21, 2020 Arabic

August 18, 2020 Arabic
June 15, 2020 Arabic
June 12, 2020 Arabic

June 7, 2020 Arabic

June 2, 2020 Arabic

May 21, 2020 Arabic

May 19, 2020 Arabic

تفاوتت ردات فعل الدول الأوروبية، منذ أن أعلن بينامين نتنياهو موعداً لضم 30 بالمئة من أراضي الضفة الغربية وغور الأردن، المقامة عليها 100 مستعمرة إسرائيلية. وكانت بلجيكا وفرنسا وإسبانيا قد نددت بالقرار باعتباره خرقاً لكل القوانين الدولية، ونهاية لحل الدولتين، بينما عارضت الجمهورية التشيكية والمجر هذا الموقف من موقع الدفاع عن سياسات إسرائيل داخل الاتحاد الأوروبي.
وكما يبدو، لم تستطع دول الاتحاد الأوروبي، اتخاذ موقف موحد من سياسة الضم الإسرائيلية، كفرض عقوبات اقتصادية شبيهة بالتي تُفرض على روسيا بعد ضمها أراضٍ في أوكرانيا، (تجدد كل 6 أشهر)، وقد ساهم تأجيل إعلان الضم من جانب الحكومة الإسرائيلية في إرجاء إضافي لاتخاذ موقف أوروبي نهائي، وهذا التأجيل كان في الغالب بسبب مطالب ترامب الإضافية، كاشتراط توفر موقف إسرائيلي موحد بين قطبي الائتلاف الإسرائيلي الحاكم من الضم، إضافة إلى تداعيات انتشار وباء كوفيد-19 في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة، والمصاعب الأميركية الداخلية. ويقول دومينيك فيدال، مؤرخ وصحافي فرنسي متخصص بالشؤون السياسية للشرق الأوسط في حلقة إذاعية خصصت للحديث عن إمكان الضم الإسرائيلي ضمن حلقات الإذاعة الرسمية الفرنسية بتاريخ 19 حزيران/يونيو: "لن يمر الضم الإسرائيلي (إذا حدث فعلاً) من دون عواقب، ربما ليس بصورة عقوبات، فهناك صعوبة في اتخاذ قرار مشترك يتضمن عقوبات، بسبب مواقف بعض دول الاتحاد الأوروبي القريبة من إسرائيل، ولا سيما الدول التي يقودها الشعبويون والمعادون للسامية ومنكرو المحرقة، وعلى الرغم من ذلك فإن صورة إسرائيل في تدهور مستمر."
ولم ترجح افتتاحية صحيفة اللوموند فرض عقوبات أوروبية على إسرائيل في حال حدوث الضم، مستشهدة بتقديرات نواب ألمان في البرلمان الأوروبي، تتوقع حدوث نتائج عكسية في حال تطبيق العقوبات. ويعود ذلك إلى التحالفات بين إسرائيل ودول شرق أوروبية مثل المجر والجمهورية التشيكية وسلوفاكيا ولاتفيا وقبرص وبولندا، تلك الدول التي ستدافع عن استمرارية مشاريعها المشتركة مع إسرائيل في مجالي التعاون الاقتصادي والعلمي. فضلاً عن وجود اتفاقيات تعاون ومشاريع مشتركة في مجال الطاقة بين إسرائيل واليونان وقبرص، إذ تم وضع أنابيب لنقل الغاز الطبيعي من شرقي البحر المتوسط إلى اليونان ودول أوروبية أُخرى. في هذا السياق نشرت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الفرنسية على موقعها تفصيلات برنامج أفق لسنة 2020، بين إسرائيل وأوروبا، وهو البرنامج الذي سيقدم دعماً مالياً لـ 846 مشروعاً علمياً بلغت قيمتها هذه السنة 592.9 مليون يورو بحسب موقع الوزارة وصحيفة الليبراسيون الفرنسية (Libération). وفي الوقت ذاته، يرتفع صوت المدافعين عن سياسات إسرائيل، فقد حذر وزير الخارجية الهنغاري بيتر سيغارتو على صفحته في فيسبوك في 10 حزيران/ يونيو، من أن "هنغاريا ستواصل معارضة أي نهج سياسي دولي 'غير عادل' ومن جانب واحد ضد إسرائيل."
ضغوط رسمية لمنع الضم
موقف شعبي وغير حكومي أقوى
"لا أستطيع الوقوف جانباً، هذه المرة سيكون الضم بمثابة أبارتهايد للفلسطينيين، والحكومة الفرنسية في حال انتظار وترقب دائم، هناك خطابات من دون أي أفعال." تقول ميشيل رواروند، البالغة 75 عاماً، والتي تعرّف نفسها كناشطة في الجمعية الفرنسية الفلسطينية للتضامن، وتضيف في مقابلة خاصة على الهاتف الخلوي "أواظب منذ فك قيود الحجر الصحي في فرنسا، على التظاهر كل نهاية أسبوع احتجاجاً على الضم الإسرائيلي في مدينة نانت الفرنسية،" و"في كل مرة تنجح إسرائيل بالتملص من العقوبات لكن صورتها لم تعد مثل الأول، وهناك مزيد من المناصرين لمقاطعة إسرائيل في فرنسا بعد أن أصبح متاحاً بعد إسقاط الدعوة عن (BDS)، أرغب كثيراً، في أن تتدخل الحكومة الفرنسية بممارسة الضغط على المؤسسات والبنوك والشركات الفرنسية التي تعمل بشكل مباشر أو غير مباشر مع إسرائيل، وخصوصاً داخل المستوطنات الإسرائيلية."
بعد إعلان الحكومة الإسرائيلية عزمها ضم الضفة خرج آلاف الفرنسيين في احتجاجات ومسيرات ضد خطة الضم الإسرائيلية جابت معظم المدن الكبرى كباريس، وليون، ومونبيلييه، ومرسيليا وغيرها، كما شارك في الاحتجاجات مجموعات حقوقية ومنظمات أهلية وعدد كبير من المناصرين للقضية الفلسطينية. وحمل المتظاهرون لافتات حملت شعارات مثل "فلسطين ستنتصر" و"لا للضم الإسرائيلي"، و"قاطعوا إسرائيل"، وغيرها من العبارات إضافة إلى رفع أعلام فلسطين بكثافة.
وتعمل مجموعة من المؤسسات الحقوقية المعنية بحقوق الإنسان، ومنظمات التضامن الدولية، والنقابات على مطالبة الحكومة الفرنسية والاتحاد الأوروبي، باتخاذ إجراءات عقابية إضافية لإسرائيل منها مقاطعة المنتوجات الإسرائيلية، وسحب الاستثمارات منها وغير ذلك. وقد نشرت مجموعة من المؤسسات بياناً في صحيفة الليبراسيون بتاريخ 21 حزيران/ يونيو بعنوان "إسرائيل وفلسطين: العمل على منع ضم مزيد من الأراضي." وجهته إلى الحكومة الفرنسية وطالبتها بالشجاعة السياسية، ووصفت الضم الإسرائيلي بالخطر الكبير الذي لا يحتمل اتباع نهج حذر وانتظار ومتابعة. وجاء في البيان: "في غياب إجماع أوروبي، نتوقع من فرنسا أن تكون لديها الشجاعة السياسية لتتخذ إجراءات على المستويين الوطني والأوروبي. لقد حان الوقت أيضاً للالتزام بعدم المساهمة في تطوير المستوطنات الإسرائيلية، وبالتالي استبعاد منتوجات المستوطنات من السوق الفرنسية، واستبعادها من نطاق المعاهدات الثنائية."
يُلاحظ وجود فرق بين الموقف الرسمي الأوروبي والموقف الشعبي الأوروبي لمصلحة الأخير؛ فالموقف الرسمي يمارس ضغوطاً سياسية ويلمح بالعقوبات من أجل تراجع الحكومة الإسرائيلية عن الضم. فالتراجع عن الضم والعودة إلى المفاوضات هو أقصى ما يرومه الاتحاد الأوروبي، وهذا الموقف من شأنه الحفاظ على ماء الوجه لدول الاتحاد الأساسية. وفي حالة الضم فإن دور السياسة الأوروبية الخاصة بالصراع الفلسطيني -الإسرائيلي سيكون سلبياً، لأن الاتحاد الأوروبي لن يكون قادراً على معاقبة إسرائيل، أو ستكون العقوبات محدودة ورمزية ولا تقارن بالعقوبات المتخذة ضد روسيا في أعقاب ضمها إلى شبه جزيرة القرم، وستكون المصالح الاقتصادية والأمنية التي أنشأها الاتحاد الأوروبي مع إسرائيل أهم وأقوى من المواقف الأوروبية المناهضة للضم والأبارتهايد الإسرائيلي. هذا هو المتوقع في شروط عدم امتلاك فلسطين سلاح الضغط على المصالح الأوروبية بفعل التحول المعلن في العلاقة العربية الرسمية/الإسرائيلية. ضمن هذه المعادلة فإن العنصر الذي في مقدوره إحداث فرق، هو ازدياد حجم الضغوط الشعبية الأوروبية على حكوماتها وتماسك الموقف الفلسطيني في مقاومة الضم. لكن، ما هو مؤكد أن صورة إسرائيل تتدهور أكثر فأكثر، فقد أصبحت جزءاً من "الترامبية" المرفوضة، وهو ما يفتح أفقاً لتطوير أساليب الاحتجاج والاعتراض على السياسة الكولونيالية العنصرية الإسرائيلية.