A Meaningful Attempt to Restore the Affiliation of the Druze Community from Distorted History
Date: 
March 03 2020

(نص مبني على أساس مداخلة تمهيدية في الأمسية على شرف كتاب "الدروز في زمن الغفلة" التي أقامتها دار جدل للنشر في دالية الكرمل مساء الجمعة 17 كانون الثاني/يناير 2020، في منتزه الحديد)

مدخل:

يسرّني كصاحب دار جدل للنشر أن نحتفي معاً بكتاب قيس "الدروز في زمن الغفلة: من المحراث الفلسطيني إلى البندقية الإسرائيلية"، الصادر عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية في بيروت. وأنتهز الفرصة لأشكرها على اهتمامها وعلى استعدادها لإصدار هذا المؤلف الهام في مراجعته للتاريخ وتصحيحه.

ولا يسرني أبداً أن يتخذ البعض موقفاً من الكتاب لمجرد عنوانه، وجاء بلغة المجازـ ولمجرد أنه صدر عن مؤسسة فلسطينية. وأستهجن ما نشره البعض من مواقف لمجرد صدور الكتاب دون أن يقرأ فيه كلمة واحدةـ باعترافه! أثار الكتاب سجالاً لم ينته بعد قبل وصوله البلاد، لا سيما وأنه يبحث في مسألة شائكة هي مثار جدل لا يهدأ بين الدروز أنفسهم. بين من يدافع عن سياسات السلطة الإسرائيلية تجاه الدروز بصورة عامة، وبين من يقف منها موقف المنتقد والمتهم.

أريد لمداخلتي هذه أن تكون تمهيداً لمناقشة كتاب رحل كاتبه وتركه أمانة في أعناقنا.

كتاب قيس الذي نحن بصدده، ثمرة جهد علمي معرفي في مسألة حساسة هي النظر إلى الداخل، أو الحفر في الذات، في مجموعة الانتماء الأولى وتاريخها القريب الذي لا يزال يجري أمامنا ويتشكل. محاولة جريئة لرؤية الذات في مرآة من صنع الذات. أو بكلمات أخرى، هو سعي غير مسبوق لتحرير صورة الذات من سطوة الآخر، ومن التحريف الذي استهدفها. وبلغة اليوم، هو تخليص صورة الدروز من الفوتوشوب التاريخي الذي أجري لها بعناية فائقة، ولا يزال.

الكتاب في غايته محاولة لاستعادة الذات من غربة في لغة الآخر وعقيدته ومشروعه، استعادة للذات من أسر الروايات والأساطير ومن تاريخ الآخرين وكتبهم. فعل قيس ذلك بمحبة وحنو ورأفة، وهو يعرف تماماً أن الاستعادة في مثل الحالة مكلفة، وأن المستعاد قد يكون تغير أو فقد ملامحه الأولى من شدة الأذى والتغريب.

الكتاب، كصاحبه يقف موقف النقد من السلطة الإسرائيلية ومن التاريخ المدون والشفوي الذي أنتجته عن الدروز لغاية وقصد. يسعى إلى تقويض مباني القوة، وهنا - سلطة المعرفة وسرديات المؤسسة الإسرائيلية. وأظنني به يفلح في تقويض أسانيدها وأساطيرها الواحدة تلو الأخرى، خصوصاً ما جعلته السلطة "نصوصاً مؤسسة لمشروعها المتصل بالدروز". فهو يدحض وجود تعاون درزي - صهيوني قبل قيام الدولة، وإن كانت هناك صلات بين شخصيات صهيونية وشخصيات درزية لم تكن بالضرورة من الصف القيادي الأول بل على أطراف التجمعات الدرزية. كما أن القيادات الصهيونية في حينه اعتمدت الحيلة والخديعة في إحداث الصلات إياها، وهي غالباً ما كانت محصلة حاصل الجيرة أو المعاملات التجارية.

يفند المؤلف قصة السلطة أن الدروز هم الذين طلبوا أن يتجندوا. ويسرد تفاصيل رفضهم للتجند في بداياته. ويأتي بالوثائق التي تؤكد أن المؤسسة الإسرائيلية حينما أرادت تجنيدهم فعلت كل شيء لأجل ذلك، بما في ذلك استعمال كل الطرق السلطوية والقانونية لفرض التجنيد وكسر شوكة المعارضة التي كانت جماعية. ويفند المؤلف قصصاً سلطوية أخرى عن الدروز أرادت بها دمغ الدروز ووصمهم في إطار سلخهم عن مجتمع انتمائهم العربي. أو أرادت بها كي وعي الدروز وتصورهم لأنفسهم. مثلاً، ـيسرد المؤلف قصة حملة القائد الدرزي شكيب وهاب الذي قدم إلى فلسطين من شمالها على رأس مقاتلين جمعهم من سورية ولبنان، ويؤكد أن انكفاء الحملة بعد تحقيقها إنجازات عسكرية لافتة لم يأتِ بسبب "خيانة" ضباط في الحملة، ولا بسبب انضمام مقاتليها إلى المنظمات العسكرية الصهيونية، بل بسبب خذلان القيادات العربية لقائد الحملة وجنودها وعدم تزويدها بما يلزم من ذخيرة وعتاد عند الحاجة. ويفند، أيضاً، انضمام الجنود المقاتلين الذين جاؤوا ضمن الحملة إلى "وحدة الأقليات" في الجيش الإسرائيلي باستثناء البعض.

كما يمر المؤلف على أسطورة أن "الثوار" في سنوات 1936 أكثروا من اعتداءاتهم على القرى الدرزية وأهاليها. وأثبت أن الحركة الصهيونية هي التي قامت بتضخيم كل حادثة ونقل الأمور إلى دروز سورية ولبنان كأن أخوانهم في فلسطين يتعرضون لخطر حقيقي. وربط بين هذه السياسة في استغلال الأمور وبين مشروع صهيوني كان حاضراً دائماً فيما يتصل بالدروز، وهو تهجيرهم إلى جبل الدروز في سورية. وهنا أسهب المؤلف في تفنيد رواية أخرى للصهيونية من أنها نسقت وتعاونت مع قائد الثورة السورية الكبرى، سلطان باشا الأطرش. فأورد حقائق تفند هذه الرواية وتنفيها رغم اهتمام الصهيونية بترسيخها بين الدروز وسائر العرب كجزء من سياسة خلق عداوة بينهم وبين بيئتهم في فلسطين وسورية.  

يعتبر المؤلف أن سردية السلطة تغبن حق الدروز في اسم طيب، وتسيء إليهم، وأن أخطر ما فيها أنها كوت وتكوي الوعي الجماعي للدروز إلى هذه اللحظة في تصورهم لذواتهم، وتكوي في الوقت ذاته وعي غير الدروز لا سيما مجموعة انتمائهم العربية، بحيث ينظرون إلى الدروز نظرة تتبنى سردية المؤسسة الإسرائيلية وترى إلى الدروز من خلالها، وهي سردية "علاقة العداء" التي أرادت أن تنشأ بين الدروز وسواهم من العرب في الإقليم.

يندرج الكتاب في إطار ما نسميه إنتاج المعرفة البديلة والنقدية المستأنفة. يجتهد قيس ليضع الأمور في نصابها، لا أكبر من حجمها ولا أصغر، متحررة من ميول كتّاب التاريخ المنتصرين وأولئك المهزومين. يجتهد في استجلاء الحقيقة من عتمة الأضاليل وقبضة الأيديولوجيات.

يبدو قيس في هذا المؤلف مؤرخاً أخذ على عاتقه تقويم التاريخ ووضعه أمامنا مقشراً من الغايات والعقائد. ألّف كتابه، بالدرجة الأولى، لنقد سردية السلطة الإسرائيلية المتصلة بالدروز، بيد أنه ينتقد، بالأدوات المعرفية ذاتها، السردية الفلسطينية في الموضوع ويقوضها. إنها استقامة أستاذ التاريخ ومصداقيته أمام مادته هو ومعرفته التي تصير مجردة، نتاج العقل الصافي المردد "أقول الحقيقة وليكن ما يكون حتى لو اضطرني الأمر إلى تجرع كأس السم"!

في كتاب سابق له، عن "المعرفة التاريخية في الغرب" يستعرض قيس استعراض العارف المناهج المتداولة في كتابة التاريخ، من بداياتها إلى نهاياتها مفككاً لها ومصنفاً. بيد أنه ينحو في هذا الكتاب وغيره منحى خاصاً به. كأنه يؤسس لبرادايم باسمه. فهو لا يكتب التاريخ كمنتصر ولا كمهزوم، لا كمدجج بالأيديولوجيا وبحتمية العقيدة ونفاذ أدواتها المعرفية، ولا كصنيع للمناهج، تابع يجرجر قدميه وراءهاـ يبدو قيس في كتابه هذا سيداً يشق طريقه بثقة باحثاً بمنهجه هو، عن "نقطة البيكار" كما نقول، وعن الجوهرة الضائعة، إذا شئتم. فلا يسقط من أحكام الراهن على ما مضى من أحداث وعلى الضالعين بها. لا ينعتهم بنعت ولا يصفهم بصفة ولا يدين. لا يستعلي، ولا يزايد. يحاذر ألا يستحضر الشخصيات إلى طاولته من السياق التاريخي الذي كانت فيه، فيظلمها هو أو يظلمها القراء. إنها صفة المؤرخ الذي يتوخى العدل لا كتابة القصصِ فحسب. وهي ما يحصن قيساً من التجيير أو التوظيف ـ فهو الرواية والراوي في آن.

يكتب بمسؤولية ظاهرة في الأسلوب، مسؤولية أن ينصف مجموعة تم تحميلها فوق طاقتها من طرفي الصراع، ومن كل الشركاء في الحيز السياسي والمكاني، مسؤولية أن يظل أميناً للمصادر والأرشيفات، مسؤولية أن يقارن بينها، وأن يسوغ ترجيحاته في مواقع الانسداد. مسؤولية من يروم الحقيقة التاريخية على قدر ما تتيسر أو تتجلى، وهو يعرف منذ المقدمة أن الأمر سيظل قابلاً للتعديل والتحسين. وهو يشير في أكثر من موقع في الكتاب إلى حقيقة أن عدد الدروز في فلسطين قبل سنة 1948 لم يتجاوز الـ 14 ألف نسمة موزعين في الجليل والكرمل، وإلى حقيقة أن غالبيتهم ظلت ملتزمة التوجه العروبي العام حتى بعد النكبة.

يحجم المثقفون أحياناً عن الاشتغال بسؤال الهوية الذاتية، خصوصاً عندما تكون هذه الذات مكلومة أو في "موقع الشبهات" من البيئة الاجتماعية -السياسية، كالطائفة الدرزية ـ إلا إن قيساً كان مميزاً في خوض هذه المسألة بشرف المثقف المدرك لأثمان هذه التجربة. لكنه كان يقول - والكتاب يقول بوضوح - هذا ما وجدت، هذا ما طالعني من الأرشيفات الموثوقة، هذا أنا وأنتم فيها، هذه صورتنا الجمعية هناك، هكذا رأونا، وهكذا كانت سياساتهم ومخططاتهم المتعلقة بنا، وهذا ما فعلناه، وهكذا كانت ردود فعلنا وخيارات هذا وذاك منا، هذا ما استطعناه، وهذا ما لم نستطعهـ هنا خذلونا وهنا أخفقنا، وهنا .. إلى آخر القائمة. وفي هذا نحا قيس منحى المثقف العضوي الملتصق بمجتمعه، والعاكف على تفكيك مبنى القوة ـ وهنا المعرفي، في إطار البحث عن سبل لمواجهته.

الكتاب رحلة العارف في تقصي سيرورة حولت الدروز هنا "من ـ إلى". فنحنُ (الدروز) -كما كان قيس يقول -لم نعد نحن، بسبب هذه السيرورة التي فرضت فرضاً بالسياسة وعنفها وقانونها وإجراءاتها. سيرورة جرت من أولها إلى آخرها ضمن مبنى قوة كان الدروز فيه مجموعة صغيرةـ ومع هذا، قاومها أجدادنا بما استطاعوا إليه سبيلاً في حينه. لم يقبلوها بإراداتهم، كما يعتقد بعضنا خطأ، ولم يطلبوها كما يزعم البعض الآخر، بل عرفوا غاياتها وقاوموها. إنها قصة الإنسان الذي يواجه شرطه القاهر. قصة الإنسان المجبور على المر الذي اختار المقاومة لا الخضوع كما يخيل للبعض. وهو الشرط نفسه الذي فرض على المجتمع الفلسطيني بأسره، فلم يكن أوفر حظاً كما رأينا. من هنا يمكننا أن نرى في قصة الدروز هنا قصة أهل البلاد الأصليين جميعاً، الذين عصفت بهم حركة التاريخ الهائلة القوة. وهي الحركة ذاتها التي تؤجل الحق وتغيبه، فتغبن وتظلم وتكتب التاريخ المحرف وتكوي الوعي به. وهي القوة التي يواجهها قيس معرفياً وبجدارة. وهي القوة التي يواجهها الفلسطيني المتطلع إلى إحقاق حقه في تقرير مصيره.

العودة إلى الذات الجماعية من التحريف تحتاج إلى جهد جماعي. يسهم فيه المعنيون والمعنيات بقسطهم ومعارفهم وطاقاتهم. ولأن التاريخ لم ينته بعد، فإننا نريد لهذا الكتاب أن يكون إعلاناً عن فتح باب الحوار حتى إشعار آخر.

يدعونا الكتاب، بوصفه بياناً مسوغاً ضد العنف المعرفي والسياسي وضد التحريف وغاياته، إلى أن نحمله محمل الجد، فنفتح مع صفحاته قلوبنا وعقولنا ووجودنا للمساءلة علّنا نهتدي إلى رواية تصحيحية ترمم مواطن الخراب والضعف، فنقف بعزة أمام التاريخ الذي لا يزال مصراً على اقتحام حياتنا وتصميمها كما يشاء مركز القوة ذاته بأدوات مشابهة.

أقترح علينا، على كل واحدة وواحد منا، ألا يبحث في كتاب قيس عما يعزز مواقفه أو طرحه، أو عما يدين المختلفين عنه ومعه، ألا يحوله إلى مناسبة لتصفية حساب مفتوح ـ أقترح علينا أن نجعله مناسبة لمراجعة حقيقية نكون فيها قادرين على أن نعترف ونغفر وننهض ونسير إلى أمام مدركين ما يقوله لنا التاريخُ.

وأشير إلى أن "قانون القومية" لا يزال أمامنا، وأن تحول إسرائيل إلى نظام أبرتهايد خشن صار على بعد جولة انتخابات أو اثنتين، وأن قانون كِمينتس الذي يحد من قدرة العرب الفلسطينيين في إسرائيل على استغلال أرضهم ومسطحات نفوذ بلداتهم لا يزال هنا عند المنعطف.

اهتم قيس في كتابه أن ينصف، فهيّا أنصفناه ونحن نقرأه، ونحن نحيي ذكراه ونناقش إرثه المعرفي. ما كتبه قيس هنا هو فصل مشرق وكاشف، لكنه يقيناً، ليس فصل الخاتمة. في العلم، لا ينغلق باب الاجتهاد والحفر المعرفي.

محاولة لاستشراف الآتي

إذا أردت أن تختبر علاقة دولة المهاجرين الكولونيالية مع السكان الأصليين كما هو الحال هنا في إسرائيل، أنظر إلى سياسات الحيز والمكان، أو سياسات توزيع موارد الأرض وتنظيمها، وأنتم تعرفون جيداً جوهر هذه السياسات. امتحان آخر لهذه العلاقة هو طبيعة البث السلطوي تجاه هؤلاء السكان، وهو بث لم يخل من عنصرية واستعلاء ومن اعتبار السكان الأصليين عقبة أو عبئاً زائداً. بث جرى ترجمته إلى ممارسات تمييز في توزيع الموارد والمعاملات على مدار عقود. امتحان لا يقل أهمية لنوايا المؤسسة الرسمية تجاه الدروز وغيرهم من العرب هو مكانتهم القانونية والدستورية. قبل قانون القومية، كانت مواطنتهم مرسومة بحدود "الليبرالية الإسرائيلية" التي أصرت ألا تشرع قانوناً واحداً ينص على مساواة الدروز وغيرهم من عرب بالمجتمع اليهودي. وإن اهتمت المحكمة العليا بإنشاء خطاب المساواة، فهي لم تعممه على جميع  الحالات. أما قانون القومية، فقد وضع فصل الخاتمة لليبرالية الإسرائيلية كما خبرناها، وحدد بوضوح أن الدولة لليهود فقط دون غيرهم، حتى لو كانوا سكاناً أصليين ويخدمون في الجيش على مدار 70 عاماً بمراتب عالية. فهم في عرف هذا القانون الدستوري، الذي يؤسس للآتي، مجرد رعايا.

تكمن أهمية قانون القومية في كونه يؤسس لوضع سيادي جديد في المساحة بين البحر والنهر، خصوصاً مع تلاشي فكرة تقاسم الأرض في إطار حل الدولتين والفصل السكاني بين شعبي هذه البلاد. إنه المدخل لنظام أبرتهايد إسرائيلي، لا سيما وأن الديموغرافيا تشير إلى تعادل سكاني بين مجتمع المهاجرين اليهودي والسكان الأصليين من العرب الفلسطينيين. يجسد قانون القومية إرادة يهودية جماعية في تكريس التفوق العرقي لليهود وأحقيتهم الحصرية في تقرير المصير والسيادة على هذه الأرض ـ وهل يمكن تحقيق هذا التفوّق العنصري دون سياسات وإجراءات سلطوية وقانونية أساسها العنف، كالتهجير والقمع والعزل والحصار، ودون إنتاج موجة جديدة من الظلم المتعدد الأشكال؟ هذا هو السيناريو ذو الاحتمالية الأكبر في المدى المنظور. وقد بدأت السلطات الإسرائيلية ترسيم حدود منطقة المثلث من جديد بقصد سلب حوالي 350 ألف فلسطيني مواطنتهم الإسرائيلية وإلحاقهم قسراً بمناطق السلطة الوطنية من خلال انتزاع نحو 200 ألف دونم من أراضي هذه البلدات.

على أي حال،  قانون القومية يضع الدروز في الامتحان التاريخي من جديد. هل سيكونون في خدمة مشروع الأبرتهايد، قوة ضاربة في يده؟ هل سنجد من الدروز مَن يدفع بهم للانخراط في سيرورة إسقاط الدروز في هوة التاريخ كما تتجسد في نظام أبرتهايد قادم؟ هل سيتحولون إلى براغٍ صغيرة في ماكنتها التي لن تنتج سوى الطحن والسحق بحق الفلسطينيين وبحق الدروز أنفسهم، أيضاً؟

العودة إلى كتاب قيس ماضي فرّو ستكون مفيدة جداً ـ كتاب يستدل منه على الحاضر والمستقبل أيضاً. لا أقول هذا، ولا يقوله الكتاب، من منطلق وصاية على الدروز ولا من أستذة، بل من موضع الشريك في السؤال وفي عملية البحث عن جواب له، يصحح التاريخ إذا أمكن ويستعيد الروح ويحفظ للناس كرامتها الإنسانية. والسؤال ليس للدروز وحدهم بل لكل إنسان يعيش بين البحر والنهر، فرداً كان أو جماعة. والإجابة عليه متعلقة بالوعي الجماعي وبالإرادة الجماعية. وقد تكون المرحلة الراهنة مناسبة كي يسترد الدروز روحهم واسمهم المخطوف، في حال انضموا إلى النضال ضد نظام أبرتهايد حاصل الآن. قسم منهم يفعل ذلك بوعي تام، وقسم آخر لا يزال يحمل على كتفيه إرثاً تاريخياً ثقيلاً صنعته الحركة الصهيونية والسلطة الإسرائيلية باحتراف وعناية شديدة.

 

Read more