... وجاء في البيان الختامي ما يلي:
- قيام إسرائيل خطر أساسي يجب دفعه سياسيًا واقتصاديًا وإعلاميًا.
- إنشاء قيادة عربية موحدة لجيوش الدول العربية، يبدأ تشكيلها في كنف الجامعة العربية بالقاهرة.
- إقامة قواعد سليمة لتنظيم الشعب الفلسطيني لتمكينه من تحرير وطنه وتقرير مصيره.
- يجتمع الملوك والرؤساء العرب مرة في السنة على الأقل.
- تبرعت السعودية بمبلغ 55 مليون دولار لصالح المجهود الحربي العربي، بينما تبرعت ليبيا بمبلغ 15 مليون والكويت 40 مليون.
كانت هذه أبرز القرارات الصادرة عن اجتماع القمة للملوك والرؤساء العرب، في القاهرة في 13 كانون الثاني/ يناير 1964. وكان الداعي الأساسي بل الوحيد لانعقاد القمة هو القرار الإسرائيلي بتحويل مياه روافد نهر الأردن.
وبعد ستة وخمسين عامًا من هذه القمة، عقدت جامعة الدول العربية في الأول من شباط/ فبراير 2020 اجتماعًا "طارئًا"، في القاهرة أيضًا- لا على مستوى القمة، بل على مستوى وزراء الخارجية العرب. وكان هدف الاجتماع مناقشة "ما يسمى صفقة القرن ... التي لا تعدّ خطة مناسبة لتحقيق السلام العادل والشامل...بل انتكاسة جديدة في جهود السلام الممتدة على مدار ثلاثة عقود"- بحسب نص البيان الصادر عن الاجتماع. وقد تبنى وزراء الخارجية العرب المجتمعون عددًا من القرارات "بالإجماع"، كان أهمها:
- رفض "صفقة القرن" الأميركية- الإسرائيلية باعتبار أنها لا تلبي الحد الأدنى من حقوق وطموحات الشعب الفلسطيني، وتخالف مرجعيات عملية السلام، ودعوة الإدارة الأميركية إلى الالتزام بالمرجعيات الدولية لعملية السلام.
- التأكيد على عدم التعاطي مع هذه الصفقة المجحفة، أو التعاون مع الإدارة الأميركية في تنفيذها، بأي شكل من الأشكال.
وكذلك، التأكيد على عدد من الأمور: مركزية القضية الفلسطينية، وعلى الهوية العربية للقدس الشرقية المحتلة، وعلى حق دولة فلسطين بالسيادة على كافة أرضها المحتلة سنة 1967؛ أن مبادرة السلام العربية هي الحد الأدنى المقبول عربيًا لتحقيق السلام؛ التمسك بالسلام كخيار استراتيجي وأن يكون أساس عملية السلام هو حل الدولتين وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية والمرجعيات الدولية المعتمدة، والسبيل إلى ذلك من خلال مفاوضات جادة في إطار دولي متعدد الأطراف؛ الدعم الكامل لنضال الشعب الفلسطيني وقيادته الوطنية، وعلى رأسها الرئيس محمود عباس. وعلاوة على هذه التأكيدات، ورد "تحذير"، واحد، من قيام إسرائيل- لا تحذير إسرائيل من القيام- بتنفيذ بنود الصفقة بالقوة، وتحميل الولايات المتحدة وإسرائيل المسؤولية الكاملة عن تداعيات هذه السياسة.
لا تأتي المقارنة بين البيانين أعلاه من باب الحنين إلى "زمن جميل" ما مضى وانقضى، ولا من باب شتم "زمن عربي رديء" يخيّم بكلكله على البلاد والعباد. إنها بالأحرى مجرد مقاربة بين لحظتين تاريخيتين متفارقتين، لعلها تستفز الوعي وتكشف شيئًا من عري المستور.
وكان لا بدّ من إيراد هذه المقاطع الطويلة نسبيًا من نص البيان الصادر عن مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري بشأن "صفقة القرن" تمهيدًا لقراءة في هذا البيان. وفي هذه القراءة، يمكن قول الكثير، بشأن المقارنة بين البيانين وحقيقة "الإجماع" الذي حظي به البيان وطبيعة "القرارات" التي تضمنها.
" إجماع" في الجامعة وتباين في المواقف القطرية
حقيقة الإجماع الظاهري الذي عبّر عنه بيان وزراء الخارجية العرب سرعان ما تتكشف لدى تفحّصنا المواقف التي اتخذتها الدول العربية منفردة حيال صفقة القرن. مثال ذلك الموقف الذي اتخذته المملكة العربية السعودية، في بيان لوزارة خارجيتها، جاء فيه أنها "تقدر الجهود" التي تقوم بها إدارة ترامب لتطوير خطة شاملة للسلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، داعية إلى مفاوضات مباشرة للسلام بينهما برعاية أميركية، ومعالجة أي خلافات حول أي من جوانب الخطة المطروحة من خلال المفاوضات. وأكد البيان أنه بعد إطلاع المملكة على الخطة و"في ضوء ما تم الإعلان عنه، فإنها تجدد التأكيد على دعمها لكافة الجهود الرامية للوصول إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية."
لم تكن السعودية وحيدة في هذا الموقف. فهناك أقلّه دولتان خليجيتان أخريان نسجتا على المنوال نفسه. فقد صرّح وزير الخارجية البحريني أن "الخطة التي تقدم بها ترامب نقدرها ونعرب عن تطلعنا للنظر فيها ودراسة إيجابياتها والعمل على بدء مفاوضات مباشرة بين الطرفين." كما اتخذت الإمارات العربية المتحدة موقفًا مماثلاً للجارتين الخليجيتين.
ولم تكن مثل هذه المواقف مفاجئة على الإطلاق. فقد حضر مراسيم إعلان الصفقة سفراء كل من دولة الإمارت والبحرين وعُمان. بل إن بعض الدول الخليجية كانت قد ذهبت قبل ذلك بعيدًا في مجال التخطي العلني للخطوط الحمر التقليدية المتصلة بتطبيع العلاقات مع العدو الصهيوني. وكان من بين أبرز هذه الخطوات على طريق الإعلان عن صفقة القرن: زيارة نتنياهو لسلطنة عُمان في تشرين الأول/أكتوبر 2018، في أول زيارة له لبلد عربي لا تربطه علاقات رسمية معلنة مع "إسرائيل"، حيث ناقش مع السلطان قابوس بن سعيد "سبل دفع عملية السلام في الشرق الأوسط"؛ زيارة وزيرة الرياضة الإسرائيلية ميري ريغيف دولة الإمارات في الشهر نفسه؛ انعقاد مؤتمر المنامة "للسلام الاقتصادي" في حزيران/يونيو 2019. وهذا كله، عدا اللقاءات السرية التي جرت وتجري من قبل ومن بعد.
وأكثر من ذلك، كانت الـ "مفاجأة" التي فجّرها رئيس المجلس الانتقالي السوداني بلقائه مع نتنياهو، "بترتيب أميركي"، قبل أن يجف حبر بيان "الإجماع" العربي المذكور.
وعلاوة على ذلك، فإن الإجماع لم يكن غائبًا عن مواقف الدول العربية فحسب، بل وعن موقف الدولة الواحدة أيضًا. مثال ذلك هو الجدال الداخلي الذي أثارته " المفاجأة" السودانية، واستقالة عضو المجلس السيادي المسؤول عن العلاقات الخارجية رشاد السراج احتجاجًا على لقاء البرهان- نتنياهو، والمواقف الرافضة للقاء التي أعلنها عدد من الأحزاب السودانية الكبيرة المشاركة في الثورة. والمثال الآخر هو موقف الرئيس التونسي قيس سعيد، الذي صرّح أن "صفقة القرن" هي مظلمة القرنين العشرين والحالي، وأن الشعب التونسي ملّ من بيانات الخارجية التونسية بشأن القضية الفلسطينية، وأنه " غير راضٍ عن بيانها حول صفقة القرن".
لقد تعددت أشجار المواقف في الغابة العربية حيال الصفقة الأميركية الإسرائيلية، وكان بينها طبعًا مواقف بتسجيل الرفض القاطع للصفقة، كما كان حال سورية ولبنان وحكومة صنعاء. وقد أشرنا أعلاه إلى بعض هذه المواقف، وآن الأوان لتفحّص الموقف بشيء من التفصيل لبلد يتمتع بخصوصية واضحة في ما عنى الشأن الفلسطيني إجمالاً، و"صفقة القرن" الأميركية- الصهيونية على وجه التحديد؛ وهو الأردن.
الأردن بين "الثوابت" الرسمية والرفض الشعبي الموحّد
للأردن خصوصية تميّزه في كثير من أوجهها عن سائر الدول العربية في ما عنى الموقف من القضية الفلسطينية، وتاليًا مما يسمى صفقة القرن. فالأردن هو التوأم التاريخي والجغرافي لفلسطين، ويشكل الفلسطينيون جزءًا أساسيًا من التركيب الديموغرافي للأردن، كما ينفرد الأردن الرسمي بالوصاية على الأماكن المقدسة في القدس. يُضاف إلى ذلك، الأزمة الاقتصادية والمعييشية المتفاقمة التي يعانيها الأردن منذ زمن. وهذه الخصوصية طبعت بطابعها الموقفين الرسمي والشعبي من الصفقة.
"القدس خطٌّ أحمر.. لا للتوطين.. لا للوطن البديل" لاءات ثلاث وضعها الملك عبد الله الثاني منذ بدء الحديث عن "صفقة القرن"، اعتُبرت أنها " تمثل سابقةً في تاريخه، من المتوقع أن تكلفه غاليا عند إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي لا يقبل مجرّد فكرة عدم الانصياع الكامل لمخططاته، أو حتى رغباته."
وبعد الإعلان رسميًا عن الصفقة، حدّد الملك الموقف الأردني من خلال تغريدة للديوان الملكي الأردني، أعادت وزارة الخارجية تغريدها، وكانت كما يلي: " جلالة الملك ... يجدد التأكيد على موقف الأردن الثابت تجاه القضية الفلسطينية، وضرورة إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، على أساس حل الدولتين، بما يضمن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية".
في ما بعد، لم يكلّ المسؤولون الأردنيون من تكرار "الموقف الثابت"، لكن من دون أن يعلنوا عن رفض الصفقة بالاسم بعد الإعلان عن مضمونها. ففي تعليقه على الأمر، قال رئيس الوزراء عمر الرزاز إن أي اجراءات أحادية يفرضها الاحتلال في الأراضي الفلسطينية المحتلة، لفرض حقائق جديدة على الأرض، تعد مرفوضة بشكل كامل من الأردن "ملكاً وحكومة وشعباً". وأضاف في سلسلة تغريدات نشرها الحساب الرسمي لرئاسة الوزراء عبر موقع تويتر: "الأردنيون يعبرون باستمرار عن انتمائهم وولائهم للقيادة الهاشمية، ولن نسمح، وبوعي الجميع، لأحد أن يحاول شق هذا الصف." وأوضح " أن ثوابت الأردن واضحة تجاه القضية الفلسطينية، والتي عبر عنها جلالة الملك عبد الله الثاني في جميع المحافل العربية والدولية، بالتأكيد على إقامة الدولة الفلسطينية على خطوط الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية".
وفي أول تصريح أردني رسمي عقب إعلان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، رؤية إدارته للسلام في الشرق الأوسط، أكد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي- من دون أن يذكر هذا الإعلان بالاسم- أن "حل الدولتين الذي يلبي الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق، وخصوصاً حقه في الحرية والدولة على خطوط الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية لتعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل وفق المرجعيات المعتمدة وقرارات الشرعية الدولية هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام الشامل والدائم." وقال إن المواقف الثابتة للمملكة إزاء القضية الفلسطينية والمصالح الوطنية الأردنية العليا "هي التي تحكم تعامل الحكومة مع كل المبادرات والطروحات المستهدفة حلها." وأكد أن المملكة ستستمر "بتكريس كل إمكاناتها لحماية القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية، والحفاظ على الوضع التاريخي والقانوني القائم وحماية هويتها العربية الإسلامية والمسيحية."
وفي المقابل، شهد الشارع الأردني تحركات شعبية غاضبة ضد الصفقة الأمريكية- الإسرائيلية، لم يشهد مثيلاً لها منذ حركة الاحتجاج على مشروع قانون ضريبة الدخل في حزيران/ يونيو 2018. وقد بدأت هذه التحركات منذ ساعة إعلان الصفقة بوقفة احتجاجية في محيط السفارة الأمريكية في عمان، واتسعت في ما بعد لتشمل المدن الرئيسية ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين. كما شملت الأحزاب السياسية والهيئات الشعبية والنقابات المهنية وعددًا كبيرًا من أعضاء البرلمان. وبذلك، يمكن القول إن الصفقة قد وحّدت في رفضها الأردنيين "من مختلف المنابت والأصول". ولم تتوقف هذه التحركات عند حدود رفض الصفقة، بل إنها أعطت زخمًا جديدًا للحراك القائم أصلاً لمطالبة الحكومة بإلغاء " صفقة العار"، في إشارة إلى اتفاقية استيراد الغاز "المسروق" من فلسطين المحتلة. بل ذهب المحتجون إلى حدّ المطالبة بطرد السفير الإسرائيلي في الأردن وإلغاء اتفاقية وادي عربة "للسلام" الموقعة سنة 1994.
يمكن تفسير الموقف الأردني الرسمي الفاتر، جزئيًا، بالضغوط التي يتعرض لها الاقتصاد الأردني "المنهك"- بحسب وصف رئيس الوزراء الرزاز. ومع أن الأزمة المعيشية التي يعانيها الأردن تعود إلى أعوام طويلة خلت، فإنها كانت مؤخرًا آخذة بالتفاقم، ما أطلق احتجاجات شعبية واسعة، كان إضراب المعلمين في أيلول/ سبتمبر الماضي- وهو أشمل وأطول إضراب في تاريخ الأردن- أحد أبرز تجلياتها. وتسعى الحكومة الحالية إلى مواجهة الوضع الاقتصادي والمعيشي المأزوم بالاعتماد على موارد مالية غبر ضريبية ولا تثير القلاقل الاجتماعية. وبالنظر إلى الطبيعة الريعية للاقتصاد الأردني وضمور القطاعات الإنتاجية الزراعية والصناعية، فإن هذا الاقتصاد يعتمد على قطاع الخدمات- لاسيما السياحة، لكن أيضًا وبصورة أساسية على المساعدات الخارجية وتحويلات المغتربين، وعلى الاقتراض لسد عجوزات الموازنة وميزان المدفوعات. وبذلك، فإن الاقتصاد الأردني، والنظام نفسه، مكشوفان الآن أمام الضغوط الخارجية، وتحديدًا الأمريكية والخليجية. فقد كان الأردن وقّع مع الولايات المتحدة مذكرة تفاهم بشأن مساعدات أميركية على امتداد خمسة أعوام، 2018-2022، بمبلغ 1.275 مليار دولار سنويًا، أي ما مجموعه 6.375 مليار دولار. أما تحويلات المغتربين، من دول الخليج النفطية بالدرجة الأولى، فقد سجلت ذروة لها سنة 2018 وبلغت 4.4 مليار دولار. هذا في حين أن الدّيْن العام لا يني يتفاقم، وبلغ نحو 97% من الناتج الإجمالي.
بيد أن هذا "الانكشاف" الاقتصادي، وبالتالي السياسي، أمام "الضغوط الخارجية"، من جهة، و"الضغوط الداخلية" الشعبية من جهة أخرى، تضع النظام الأردني برمته أمام خيارات متحارجة بشأن العلاقات مع كل من الولايات المتحدة و"إسرائيل"، بما فيها "صفقة القرن". فنراه يردد تأكيد "اللاءات الثلاث" و" المواقف الثابتة" من جهة، ولا يقدم على اتخاذ أي إجراء عملي، لا إزاء الصفقة ولا إزاء "اتفاقية العار" أو اتفاقية وادي عربة. ويبدو أن النظام سيظل يواجه هذه المعادلة إلى أن يستقر، في لحظة ما، عند شكل جديد لدوره "الوظيفي" التاريخي في هذا الجزء من منطقة الشرق الأوسط.
ومن الجدير بالذكر، أن مصر تشاطر الأردن في كثير من أوجه الانكشاف الاقتصادي- السياسي المشار إليها أعلاه، التي تؤطر العلاقة مع كل من الولايات المتحدة ودول الخليج، وتؤطر بالتالي الموقف من صفقة القرن. لكن مصر لا تواجه مستوى الضغط الشعبي الذي يواجهه الأردن.
خلاصة
لكل دولة عربية خصوصيتها وهمومها واهتماماتها الخاصة. دول الخليج الثرية بالنفط تواجه الخطر الإيراني/ المثلث الشيعي المزعوم. والدول الأخرى الفقيرة تواجه " تحديات" الفقر والبطالة وتثقل كواهلها الديون، المتزايدة أبدًا على الرغم من وصفات صندوق النقد الدولي بالإصلاح الهيكلي، وهي تواجه شعوبها الطامحة إلى العدالة والعيش الكريم. لسان حال كل منها يلهج بالشعار "أنا أولاً". ولّت عندها أيام "الدفاع المشترك" و"السوق المشتركة" وسائر أشكال العمل العربي المشترك. لم تعد القضية الفلسطينية في نظرها قضية مركزية تحتل رأس جداول أعمالها المكتظة بالشؤون الداخلية- بل أصبحت بالأحرى عبئًا ثقيلاً، لكنه لا يزال يثير بقيّة من حرج.
يمكن تفسير متاهة المواقف التي اتخذتها الأنظمة العربية- ومن بينها السلطة الفلسطينية- من "صفقة القرن" بالازدواج المتمثل في موقف لفظي يسبّح بحمد الحقوق الثابتة للشعب القلسطيني من جهة، وموقف فعلي يستنكف عن اتخاذ أي إجراء عملي لمواجهة الصفقة، وترك الباب مشرعًا أمام التطبيع وإعادة تسويق التسوية السياسية بحلّة جديدة من جهة أخرى. وبيت القصيد: الفصل بين مآل القضية الفلسطينية، ومآلات "السلام العادل والشامل" و"التطبيع مع إسرائيل" بدفع من أوهام الازدهار وبانصياع للإدارة الأميركية. وما يبدو "ارتباكًا" في مواقف الأنظمة العربية إنما هو تعبير عن سعيها اليائس لاستنقاذ ما يتأكّل من شرعية اقتنصتها من شعوبٍ أو فلسطينٍ أو .. دين. ومثالها رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني الذي ذهب إلى حد القول إنه قبل أن يقرر الالتقاء بنتنياهو.. استخار الله!