الثورات هي لحظات الحقيقة، اللحظات التي يتجلى فيها الشعب بكونه هو الأساس. وهو إذ يتجلى يطيح بكل عفوية، وبمحض حضوره، بالأكاذيب كافة. فالشعب لا يمكن تكذيبه، لأن الكذب يكون موجهاً، بالدرجة الأولى، إليه هو الرازح تحت نظامه القمعي الذي يُخضعه، لتفريقه ومنعه من التكتل. فبمجرد أن يتشكل الشعب في جمع، وبمجرد أن يتجلى لنفسه وللآخرين، تصبح الحقيقة ضرورة، فتتشكل الاصطفافات الرجعية كريهة الرائحة، عارية بلا خجل، ويقف حكّام المنطقة بمَن فيهم حكّام إسرائيل صفاً مرصوصاً، ومعهم منتفعو النظام، والمعارضة "الرسمية"، ويتفق الجميع على ضرورة الضرب بلا رحمة، فهذا ليس وقت الأكاذيب المنمقة عن الشعب العظيم. بهذه الآلية يتكشف الانحطاط المؤسس للأوضاع القائمة إلى أقصى مداه، وتذوب مساحيق التجميل، وتسقط التركيبات البلاستيكية الملونة عن الوجه الشائه الملطخ والشره للتحالفات التي تقتات على كرامة الشعوب وثروتها وآدميتها. وهذا الضرب بلا رحمة هو الرد الوحيد الممكن على ذلك التجلي الرائع والعظيم لـ "الشعب"، ذلك الكيان الغامض الذي يتحدث كثيرون باسمه، والذي، بتجليه فقط، يُسكت هذه الأصوات، فيرتد كل شيء إلى مقاييسه الحقيقية.
سقوط القيم السياسية الناصرية
القسم الرقمي:
ملف خاص:
كلمات مفتاحية:
القيم السياسية
جمال عبد الناصر
مصر
الثورات العربية
محمد حسني مبارك
الثورة المصرية (25 كانون الثاني/يناير 2011)