على الرغم من التشظي السياسي الفلسطيني، وربما بسببه، فإن الربع الأخير من سنة 2010 شهد نشاطاً ثقافياً لافتاً في أنحاء فلسطين التاريخية التي ما عاد ثمة رابط أقدر على جمعها في مشهدية واحدة أكثر من رابط الثقافة. فهذا الرابط جعل الهيئات التمثيلية المتعددة للتجمعات والاتجاهات الثقافية، والتي تنشط على الصعد المحلية والعربية والعالمية، أقدر على مواجهة تحديات الواقع الفلسطيني من الهيئات التمثيلية السياسية للفلسطينيين. ولذا، فإن المقولة الثقافية الفلسطينية سبقت المقولة السياسية الرسمية، واستعادت القدرة الفلسطينية على توجيه الخطاب والموقف العالميين من القضية الفلسطينية وإسرائيل العنصرية، ونجحت في مواصلة تثبيت فكرة العمل على إنهاء الاستعمار لا الاحتلال فقط، وعلى تكريس الثوابت الوطنية وتجاوز الخطايا والأخطاء (1948 – 2010)، واستطاعت أن تقدِّم مقترحات جدية، وعملية في معظمها، كي يتضافر الخطاب الرسمي مع الخطاب الجماهيري. وبينما يأتي هذا "التقرير الثقافي" بطائفة من "الأعمال" الثقافية الناجزة واللافتة باقتدار، من غزة والضفة الغربية وأراضي فلسطين المحتلة في سنة 1948، فإن البيات الشتوي العام لا يزال يكتنف "الخطط القطاعية" وغير القطاعية لمؤسسة الثقافة الرسمية التي ما زالت عاجزة عن احتضان النشاط الثقافي العام وتبنّي منجزات خطابه المقاوم. ولا يرصد هذا التقرير الفاعلية الثقافية الفلسطينية على نحو مسحي، وإنما يتناول نماذج من الفعل الثقافي في الربع الأخير من سنة 2010، والذي امتاز بظهور هيئات تمثيلية جديدة للمثقفين الفلسطينيين قادرة على التجانس مع الهيئات القائمة بالحد الأعلى من "الثوابت الثقافية الفلسطينية"، وخصوصاً في أراضي فلسطين المحتلة في سنة 1948، وكذلك ببزوغ مبادرات شبابية وأصوات جديدة مبشرة في المشهد الثقافي الفلسطيني كما هي الحال في الضفة الغربية وغزة، وبتضافر الجهد الثقافي العام مع حملة المقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل في تعرية ثقافة الحصرية والعنصرية الإسرائيلية، وفي تحقيق منجزات هائلة في عزلها فكراً ومؤسسة.
المقولة الثقافية تنتصر على السياسة والتقسيم
القسم الرقمي:
كلمات مفتاحية:
الثقافة الفلسطينية
السياسة الثقافية
الهوية الثقافية
العنصرية
الاستعمار