[.......]
أين وصل الحوار ـ المصالحة بين "حماس" ومنظمة التحرير الفلسطينية؟
الحوار الأول تم في تونس مع القيادة الفلسطينية، والحوار الثاني تم في الخرطوم، مع حركة "فتح"، وهو حوار فصائل يتعلق بالقضايا الميدانية والعلاقات الثنائية بين "حماس" و"فتح" خاصة في ما يتعلق بالداخل. بالنسبة إلى الحوار مع منظمة التحرير، قدمت "حماس" مذكرة من خمس نقاط معروفة وتم التركيز على موقف ثابت من موضوع المبعدين فاتفق على أن يبقوا في أماكنهم حتى يعودوا إلى بلادهم. كما نوقش موضوع الانسحاب من المفاوضات... وأكدنا للإخوة أنه من دون الانسحاب من المفاوضات، هناك خطر كبير على الوحدة الوطنية الفلسطينية. ربما قبل الإبعاد، كان يمكن القول إن خمسين في المئة من الشعب الفلسطيني مع المفاوضات وخمسين في المئة ضدها، ولكن بعد الإبعاد، نحن متأكدون أن نسبة كبيرة من الشعب الفلسطيني مع إيقاف المفاوضات، وأقلية فقط ترى استمرارها. وقد يكون موقف الدكتور حيدر عبد الشافي، رئيس الوفد الفلسطيني، اختصاراً لموقف الشعب الفلسطيني في هذه المرحلة.
[.......]
فهمنا أن منظمة التحرير رفضت دعوتكم إلى الانسحاب من المفاوضات؟
الأخ عرفات قال لنا: "أنا الآن واقف على نقرة". وفهم جميع القياديين الفلسطينيين أنه يعني الاستمرارية في المفاوضات. فقلنا له نريد أن تبلور موقفك بأسرع وقت، ونريد أن نوحد الشعب الفلسطيني. وشعرنا في الاجتماع مع القيادة الفلسطينية أن هناك محوراً في قيادة منظمة التحرير يراهن على الخيار الواحد وهو المفاوضات ولا شيء غيرها. ولاحظنا أن هذا المحور مرتبط ارتباطاً لا يبدو أنه يستطيع أن ينفك عنه في الوقت الحاضر ـ ارتباط عربي وارتباط دولي ـ وبالطبع، هذا المحور يمثل وزناً محدداً في القيادة ولا يمثل الجميع. نحن نقول إن هذا القرار قرار تاريخي ومصيري، ويجب أخذ رأي الشعب الفلسطيني سواء عبر استفتاء مباشر في الداخل والخارج، أو الأخذ بمؤشرات كثيرة تدل على أن الشعب الفلسطيني يائس من المفاوضات، وأنه أقرب ما يمكن إلى طرح "حماس" والفصائل الأُخرى الفلسطينية التي رفضت مؤتمر مدريد.
ماذا كانت نتائج الحوار؟
أصبح هناك تفهم أفضل من السابق، وإجماع على موقف فلسطيني بالنسبة إلى المبعدين وموافقة على تصعيد الانتفاضة والكفاح المسلح. ونوقش موضوع الحوار الوطني الشامل، ولكن لم يؤخذ قرار بالالتزام به.
أمّا في الخرطوم فنوقشت القضايا بين "حماس" و "فتح" وصدر بيان مشترك، باعتماد الأمين العام للمؤتمر العربي الإسلامي الدكتور حسن الترابي. ودعا البيان إلى تشكيل لجان عدة مختلفة، ودعا إلى إيقاف الحملة الإعلامية، وتوثيق المواثيق في الداخل. ونوقش أيضاً موضوع الانضمام إلى منظمة التحرير وحددت "حماس" موقفها بأنها مستعدة للدخول في المنظمة إذا انسحب الوفد الفلسطيني من المفاوضات وإذا أُجري حوار وطني ديمقراطي يضم كل القوى الفلسطينية لترتيب البيت الفلسطيني، بمعنى ترتيب مؤسسات منظمة التحرير وفي مقدمها المجلس الوطني على أسس تمثيلية، وعلى أساس اتفاق على برنامج وطني لتدعيم الوحدة الوطنية وتدعيم الكفاح المسلح. وفي غياب هذه الظروف لا تستطيع "حماس" أن تدخل في إطار منظمة التحرير، لكن "حماس" أوضحت أنها ليست بديلاً من المنظمة وتوافق من حيث المبدأ على الدخول فيها وتعتبرها الإطار الوطني للشعب الفلسطيني.
هل يستنتج من موقفكم أنكم تعتبرون أنفسكم تتمتعون بتأييد غالبية الشعب الفلسطيني؟
نحن متأكدون أنه قبل الإبعاد، كان وزن "حماس" لا يقل عن 45 في المئة في الشارع الفلسطيني، وبعد الإبعاد والعمليات الجهادية والانتفاضية في الداخل زادت النسبة. ففي انتخابات العام الماضي للمؤسسات والنقابات حصلت "حماس" على 45 في المئة من أصوات الناخبين علماً أننا أخذنا فقط 20 في المئة من المقاعد.
ولكن، مع الأسف، منظمة التحرير كقيادة لا تريد أن تعود إلى الشعب الفلسطيني وأن تسأله وتأخذ رأيه، لأن المنظمة والمجلس الوطني والمؤسسات الأُخرى شكلت على معايير شخصية مهيمنة.
قبل الحوار في تونس والخرطوم، حذر بعض الأوساط من تصعيد خطير بين "حماس" و"فتح". إلى أي حد يعتبر هذا الوضع خطيراً؟
موضوع الوحدة الوطنية تعرض للخطر في أثناء المفاوضات، منذ مدريد حتى تموز (يوليو) الماضي. وكان هناك صراع فلسطيني ـ فلسطيني وصل أوجه في تموز [يوليو]، والحمد لله تم تطويقه وتم عقد اتفاق لوقف الاقتتال في الداخل في 13/7، وما زال ساري المفعول...
نحن الآن نعتبر أن الشعب الفلسطيني يمر في أفضل أوقاته من ناحية الوحدة الوطنية، وليس سراً أن شباب "فتح" وشباب "حماس" والفصائل الأُخرى خرجوا معاً في الداخل وقالوا "كلنا حماس" عندما حاول (يتسحاق) رابين الفصل بين "حماس" والقوى الأُخرى. وحاول دق إسفين حين قال دعوني أتعامل مع هؤلاء الأصوليين وأخلي الساحة لجماعة منظمة التحرير على أساس عمل حوار (مع إسرائيل) والتوصل إلى اتفاق. والخطورة هي أن المحور الذي أشرت إليه سابقاً المرتبط عربياً ودولياً، استطاع أن يؤثر في قرار القيادة الفلسطينية، ويذهب إلى المفاوضات الشهر المقبل مع بقاء المبعدين كما هم. نحن نحذر منذ الآن من أن الوحدة الوطنية ستكون في خطر، والشعب الفلسطيني نفسه سيحاسب هؤلاء الذين يذهبون إلى المفاوضات حساباً عسيراً. ونحن نسجل أن حيدر عبد الشافي فهم المعادلة جيداً وأحس بالظروف جيداً، ولذلك صدر موقفه، ويهمنا أن تفهم القيادة الفلسطينية هذه الظروف وألاّ تخطئ خطأً قاتلاً.
هل هذا يعني أن "حماس" سترفع السلاح في وجه منظمة التحرير؟
أنا لم أقل "حماس"، قلت الشعب الفلسطيني في الداخل خاصة، وفي الخارج، لن يتساهل مع هؤلاء الذين سيذهبون إلى واشنطن فيما إخوتهم المبعدون يتعرضون للثلوج والأفاعي ورصاص اليهود ويقبعون في ظروف صعبة جداً.
هل ستؤيد "حماس" قيام أي جهة باستخدام العنف ضد الجانب المؤيد للمفاوضات؟
ندين أي استعمال للعنف ضد أي فلسطيني، سواء في الوفد المفاوض أو في أي فصيل يقتنع بالمفاوضات. نحن نؤمن بأن الحوار والضغط الشعبي والسلمي هو الذي سيحدد مسار الشعب الفلسطيني.
وبالنسبة إلى العنف الذي حدث في تموز (يوليو) الماضي بين "فتح" و"حماس"؟
العنف الذي حصل في تموز [يوليو] كان يصب في مصلحة الحكم الذاتي. كان هناك تآمر لأن يصير صراع فلسطيني ـ فلسطيني حتى يؤثر في الانتفاضة وحتى يصل الشعب الفلسطيني إلى إحباط ويقبل بما هو مطروح، أي الحكم الذاتي.
[.......]
المصدر: "الحياة" (لندن)، 12/1/1993. وقد أجرى الحديث سلامة نعمات.
* الناطق الرسمي باسم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في الأردن: إبراهيم غوشة.