س ـ هل تم التداول في قضايا أُخرى، إلى جانب قضية المبعدين خلال اجتماع حركتكم مع قيادة منظمة التحرير؟
ج ـ كان الموضوع الرئيسي الذي طرح وتم تناوله في اجتماع تونس هو موضوع المبعدين، ولكن تم التطرق إلى جملة من المسائل منها الوضع السياسي الراهن ومطالبة حركة "حماس" بالانسحاب من المفاوضات الجارية، إضافة إلى الحديث عن واقع الانتفاضة والشعب الفلسطيني في الداخل. هذه المسائل طرحت من خلال مداخلات، وفي اعتقادي لم تكن معمقة واقتصرت على إبداء مجموعة من الملاحظات العامة. وقد قدمنا مذكرة حددنا فيها بوضوح مطالبنا ورؤيتنا لمجمل الوضع الفلسطيني.
س ـ ما هي المحاور الأساسية للمذكرة؟
ج ـ المحور الأول يتعلق بالمبعدين، وضرورة بقائهم في مواقعهم، والمحور الثاني يتعلق بتصعيد الانتفاضة، والمحور الثالث يتعلق بتصعيد العمل العسكري، أمّا المحور الرابع فيتعلق بالانسحاب الفوري والنهائي من المفاوضات الجارية، وأخيراً الدعوة إلى حوار وطني شامل مستند إلى الأسس السابقة لتعزيز الوحدة الوطنية وإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية على أسس جديدة تكفل تمثيلاً منصفاً وعادلاً لجميع فئات الشعب الفلسطيني.
س ـ وماذا كانت مواقف القيادة الفلسطينية من نقاط هذه المذكرة؟
ج ـ لم تكن هناك إجابات مباشرة، ولم يتم أي نقاش معمق إلا في المسألة المتعلقة بحالة المبعدين حيث كان هناك إجماع على البقاء في أماكنهم وألا يتم التهاون في هذه القضية. والحقيقة إن تركيزنا في هذه المسألة تم على أساس الاتفاق على الجانب السياسي من الموضوع ومضمونه أن الإبعاد هو جزء من سياسة "الترانسفير" أي الترحيل الجماعي، ومن ثم اتفقنا على أن تكون مواقفنا حازمة ومتشددة إزاء هذا الموضوع وأن يتم التحرك على جميع المستويات لإعادتهم إلى أرضهم ووطنهم.
س ـ هل شكلتم لجنة مشتركة بينكم وبين منظمة التحرير لمتابعة الموضوع؟
ج ـ نحن نعتقد أن هذا الأمر يدخل في إطار المسائل الإجرائية التي لم تكن بمستوى أهمية البعد السياسي للقضية، فقيادة منظمة التحرير شكلت لجنة عليا لمتابعة القضية وحركة "حماس" لم تشارك فيها.
س ـ هل تعتقد أن لقاء تونس قد نجح؟
ج ـ أستطيع القول إنه كان خطوة على طريق بناء جسر الثقة بين الطرفين، لأن الثقة كانت مهزوزة خلال المرحلة السابقة، ونحن نعتبر أن الحوار مهم جداً، كما أن زيارتنا لتونس قطعت الطريق على محاولات العدو لدق إسفين بيننا وبين منظمة التحرير وتفريق صفوف الشعب الفلسطيني. ولقد اتفقنا على استمرار الحوار بيننا على أمل أن تتطور الأمور، وتتحقق الإنجازات بتدرج، وليس دفعة واحدة.
س ـ ألا تعتقد أن تقاربكم مع قيادة منظمة التحرير سيضر بلقاء الفصائل العشرة؟
ج ـ لا أعتقد ذلك، فنحن نعتبر أن لقاء الفصائل العشرة هو تحالف سياسي من خلال اتفاقنا على موقف سياسي في المرحلة الحالية، وهذا سيستمر، أمّا اللقاء مع قيادة المنظمة فله خصوصيات مختلفة. وعلى أي حال فالعبرة دائماً بالمواقف العملية، وثوابتنا من القضية الفلسطينية لم تتأثر على الإطلاق وستبقى كذلك.
س ـ ما تعليقكم على التحليلات التي اعتبرت أن قيادة منظمة التحرير استفادت بشكل غير مباشر من عملية الإبعاد لإحكام سيطرتها على الداخل؟
ج ـ لا شك أن هناك محاولات لاستغلال قضية المبعدين لتوتير العلاقة مع قيادة المنظمة. ونحن لا ينبغي أن نتجاوب مع مثل هذه المحاولات، ونعتبرها شائعات، ولا نتعامل معها بصورة جدية، ولا نظن أن مصلحة المنظمة تكمن في إبعاد هذا العدد، لأن العملية في حد ذاتها وضعت قيادة المنظمة في مأزق سياسي كبير وحرج أمام الشعب الفلسطيني، إذ لا يمكنها الاستمرار في العملية السياسية إذا ما بقيت قضية المبعدين على حالها.
[.......]
س ـ بعض الأنباء أفاد أنكم وافقتم من حيث المبدأ على الانضمام إلى المنظمة من دون شروط مسبقة. فهل تم ذلك؟
ج ـ هذا غير صحيح. نحن أبدينا استعدادنا للانضمام إلى منظمة التحرير الفلسطينية، ولكننا طالبنا بإعادة النظر في البرنامج السياسي الحالي، وأيضاً في البنية التنظيمية للمنظمة لأننا نعتقد أن هناك تحولات جديدة في الساحة الفلسطينية يجب أن تؤخذ في الاعتبار عند تشكيل مؤسسات منظمة التحرير، ولا بد من إنجاز ذلك بشكل ديمقراطي يعكس توجهات الشعب الفلسطيني بمختلف شرائحه السياسية والاجتماعية.
[.......]
س ـ باركتم منذ البداية الموقف اللبناني من قضية المبعدين. لكن الأوضاع الصحية لعدد كبير منهم قد تدهورت...
ج ـ لا نزال نثمن هذا الموقف، لأننا نعتقد أن الحكومة اللبنانية تخدم قضية المبعدين أنفسهم، لأن استقبال لبنان لهم كان سيشجع الحكومة الإسرائيلية على مزيد من حملات الإبعاد، لذلك نحن نطالب بالثبات عليه ولا نعتقد أن تدهور الأوضاع الصحية ينبغي أن يغير مواقفنا، فهؤلاء مجاهدون وبإمكانهم تحمل معاناة رسالتهم.
س ـ حتى بعد رفض الحكومة اللبنانية استقبال المرضى من ذوي الأوضاع الملحة؟
ج ـ أعتقد أن هذا الموقف إجرائي وليس سياسياً، وبالتالي يعود تقديره للحكومة اللبنانية.
[.......]
س ـ ماذا سيكون موقفكم إذا عادت منظمة التحرير إلى طاولة المفاوضات؟
ج ـ قيادة المنظمة لم تحدد موقفاً واضحاً من هذه المسألة. فقد صدرت تصريحات عن بعض رموزها ورموز الوفد المفاوض تفيد بأنه لا يمكن العودة إلى طاولة المفاوضات إذا استمرت قضية الإبعاد قائمة. ولكن أعتقد من خلال قرارات الاجتماع الخماسي الذي عقد في القاهرة، وكذلك من خلال لقائنا في تونس أن المنظمة تميل إلى المشاركة، وعلى أي حال فنحن طالبنا بالانسحاب من هذه المفاوضات قبل عملية الإبعاد، ونجد أنها الآن أكثر إلحاحية، وأعتقد أن استمرار المنظمة في المفاوضات سيزيد وضعها سوءاً أمام شعبنا وأمتنا العربية والإسلامية، وستتحمل كل ما يترتب على ذلك أمام الشعب الفلسطيني.
[.......]
المصدر: "السفير" (بيروت)، 30/12/1992. وقد شارك ممثلون لحركة "حماس" في اجتماعات قيادة منظمة التحرير الفلسطينية في تونس خلال الفترة 23 ―27/12/1992.
* أحد أعضاء المكتب السياسي لحركة حماس: محمد نزال.