هل ترفضون في حماس المشاركة في انتخابات الحكم الإداري لأنها انتخابات لاختيار مجلس إداري أم أنكم ستشاركون في حالة كونها انتخابات تشريعية.. وما هي مبرراتكم لذلك؟
قبل أن أجيب على هذا السؤال بصورة محدّدة أحب أن أوضح أن موقف حركة حماس من "عملية الانتخابات" كمعيار وآلية لقياس وإخراج إرادة الشعب بالتعبير والتمثيل لهذه الإرادة عن نفسه هو موقف معروف ومحسوم سواء في كافة انتخابات النقابات والجامعات والغرف التجارية وغيرها. وقد طرحت حماس منذ أكثر من سنتين فكرة إجراء انتخابات تشريعية للمجلس الوطني الفلسطيني بشرط توفير الظروف المطلوبة من حرية ونزاهة، والانفكاك عن أي مشروع سياسي يتناقض مع ثوابت الشعب الفلسطيني.
وقد جاء موقف حركة حماس مما يسمى بالحكم الذاتي (الإداري أو التشريعي) وبعد عملية استشارية لجميع المستويات التنظيمية للحركة واضحاً وقاطعاً بالرفض ومبنياً على اعتبارين رئيسيين هما:
الاعتبار المبدئي: وهو اعتبار يرتكز على أن أية انتخابات للحكم الذاتي مرتبطة بمشروع التسوية الذي عقد على أساسه مؤتمر مدريد (مشروع بوش في 6 آذار [مارس] + مفاوضات بيكر في الجولات المكوكية الثماني + كتاب الدعوة الموجه من بوش وغورباتشوف راعيي المؤتمر) وهو المشروع الذي يعترف بالكيان الصهيوني ويعترف بالتنازل عن 78% من أرض فلسطين على الأقل. نقول إن هذه الانتخابات سواء كانت إدارية أو تشريعية مرفوضة مبدئياً (راجع ميثاق حماس المادة 11، 13، بيان المرشد العام للإخوان المسلمين حول التسوية، الفتوى الشرعية في 8/1992 لعشرين دكتور عالم من علماء الشريعة في الأردن وفلسطين).
الاعتبار السياسي الوطني: وهو اعتبار يرتكز على المضامين السياسية والوطنية للحكم الذاتي والذي يستخلص منها أن هذا المشروع الأميركي الصهيوني لا يلبي شيئاً من السيادة والاستقلال وهو تقرير المصير والعودة بعد التحرير بل يقتصر على الحكم الذاتي للسكان فقط ويجعل الأمن والعلاقات الخارجية والمستوطنات بيد الاحتلال الصهيوني ويسقط بيت المقدس ويجعله خارج المشروع وكذلك المصادر الطبيعية بما فيها المياه ويفتح الباب على مصراعيه للهجرة اليهودية مما كان يسمى الاتحاد السوفياتي (مليون مهاجر في ثلاث سنوات) وبتمويل أميركي ـ أوروبي (10 مليارات دولار من الولايات المتحدة وحوالي 3 مليارات دولار من ألمانيا كما هو متوقع).
ما هي الوسائل التي سترد بها حماس على النهج الحالي لقيادة المنظمة والذي أوصل الأمور إلى هذا المستوى وهل هناك استراتيجية لـ حماس بهذا الخصوص؟
دعنا أولاً نسلط الأضواء على النهج الحالي لقيادة المنظمة والذي يمكن أن نرى فيه الظواهر التالية:
ظاهرة الانهزام الداخلي النفسي والمعنوي مما أدى إلى تنازلات متوالية وصلت حدها الأعلى في المفاوضات الحالية في واشنطن وتخلت نهائياً عن معظم مقومات الصمود والجهاد والصبر والنفس الطويل، وقد بدأ هذا الانهيار مبكراً فيما بعد السبعينات وبعد حصار بيروت مروراً بالاعتراف بالكيان الصهيوني بعد الدورة التاسعة عشرة للمجلس الوطني الفلسطيني ثم قرار الانخراط في مؤتمر مدريد بعد الدورة العشرين.
ظاهرة تطويع المؤسسات الشرعية الفلسطينية وخاصة المجلس الوطني والمركزي للإدارة والهيمنة الفردية سواء بطريقة تشكيلها بالتعيين والاختيار أو بانتزاع القرارات المطلوبة تبعاً لذلك في ظل معارضة محسوبة وديمقراطية مريضة.
ظاهرة تجاوز القوى الفلسطينية الفاعلة سواء داخل م. ت. ف. أو خارج م. ت. ف.
ظاهرة فتح قنوات خفيّة مع اليهود والولايات المتحدة وبعض دول الغرب وبواسطة سفراء ومستشارين شخصيين والتحرك تبعاً لهذه التوجهات.
وقد واجهت حركة حماس هذا النهج بعدة وسائل مبنية على استراتيجية واضحة تعتمد على المحافظة على الوحدة الوطنية واعتماد أسلوب الحوار مع الجميع والتمسك بثوابت الشعب الفلسطيني وثوابت المبادئ الإسلامية والنصح والتوعية وطرح المواقف السياسية بكل جرأة ووضوح وفي المنعطفات التاريخية وأهم هذه الوسائل في التعامل مع هذا النهج هي:
كشف وتفنيد هذا النهج بكافة الوسائل المتاحة أمام الشعب الفلسطيني والرأي العام العربي والإسلامي.
مد الجسور وفتح الحوار مع بعض أصحاب القرار والقريبين من هذا النهج لمحاولة التقويم والعودة إلى جادة الصواب.
إنشاء أطر واسعة من القوى الفلسطينية المجاهدة على الساحة الفلسطينية في الداخل والخارج لتكون مراكز ضغط على هذا النهج وبلورة بيانات ومواقف وبرامج سياسية مشتركة لتحقيق ذلك.
مجابهة هذا النهج المتردّي بكافة الوسائل الجماهيرية من بيانات وخطب ومهرجانات وإضرابات ومسيرات.. إلخ ضمن الإطار اللاعنفي الديمقراطي.
[.......]
المصدر: "فلسطين المسلمة" (لندن)، العدد 10، تشرين الأول/ أكتوبر 1992، ص 10 ـ 11.
* الناطق الرسمي باسم حماس في الأردن: إبراهيم غوشة.