س ـ سيدي رئيس الحكومة، نحن نواجه ضغوطات دولية فيما يتعلق بمخيم المطرودين، ويصر الصليب الأحمر على أن ينقل قافلة إلى هناك عبر المنطقة الأمنية. ما هو موقف إسرائيل؟
ج ـ قبل كل شيء، ثمة قرار لمحكمة العدل العليا بأن المطرودين يوجدون في منطقة تحت السيادة اللبنانية، وتحت السيطرة اللبنانية في الواقع. والقرار في شأن إبقائهم في المخيم أو منحهم أوضاعاً ملائمة أكثر، هو في يد الحكومة اللبنانية. أما الطلب المتعلق بقافلة الصليب الأحمر فهو مُستغرَب جداً. من الواضح أن هذا الأمر مناورة لبنانية تهدف إلى إعادة ربطنا بالمسؤولية عن المطرودين. إن وسائل الإعلام الدولية كلها تصل إلى المخيم عن غير طريق المنطقة الأمنية، ويمكن للقافلة أيضاً أن تصل إلى هناك كما وصل مندوب الصليب الأحمر، والسفير الفرنسي، ووسائل الإعلام [....]
[.......]
س ـ ألم نتورط في قضية المطرودين أكثر ممّا قدّرتم في البداية؟
ج ـ يمكنني أن أتحدث عن نفسي. كان واضحاً لي أن هذه خطوة استثنائية. كما أن قرار الحكومة يتناولها على أنها خطوة استثنائية. لقد فعلنا ذلك استناداً إلى مطالعة المستشار القانوني للحكومة، مع افتراض أن هذا الطرد ليس طرداً إلى الأبد بل هو إبعاد لفترة محددة، مع حق الاستئناف أمام لجان اعتراض. ثانياً، كان القرار في شأن الحجم ناجماً عن تفكير لدي في أن الضربة الموجهة إلى حماس يجب أن تكون ملموسة. وهذا ليس قضاء على حماس، وإنما ضرب قدرتها لفترة زمنية آمل بأن تكون طويلة.
[.......]
س ـ هل قدّرتم، على نحو صحيح، ردة الفعل في العالم وفي المناطق [المحتلة]؟
ج ـ كان واضحاً لي أن العالم لن يصفق لنا، وأن مجلس الأمن سيتخذ قراراً قاسياً. وقدّرت أيضاً أن ردات الفعل على الأرض ـ وخصوصاً في قطاع غزة ـ ستكون حادة، سواء في مجال مساعيهم [أعضاء حماس] لتنفيذ أعمال إرهابية، من أجل أن يثبتوا أنهم لم يتعرضوا لضربة قاسية، أو في مجال الإخلال بالنظام. يميل المرء دائماً إلى الأمل بأن تكون ردة الفعل أقل حدة، لكنه لا يستطيع تقدير [الوضع] منذ البداية. ولذلك، مثلاً، كانت قوة تعزيز الجيش الإسرائيلي في غزة أكبر كثيراً مما في يهودا والسامرة. لكنني أعتقد، إجمالاً، أن الخطوة كانت ضرورية.
س ـ أليس ثمة خطر من أن تهدد [الخطوة] مفاوضات السلام؟
ج ـ أقدّر، وعلى درجة عالية من المعقولية، أن المفاوضات ستستأنف. فهي، في أية حال، غير مرشحة لأن تبدأ قبل شباط/فبراير. وتنتصب إزاء المفاوضات مسألة أُخرى: كيف ستتصرف الإدارة [الأميركية] الجديدة. وأنا آمل بأن تتصرف كالإدارات السابقة، وتدعو زعماء الدول من أجل النقاش وبلورة رأي قبل تحديد موقفها.
[.......]
س ـ ينتقد بعض الوزراء في الحكومة طريقة اتخاذ قرار الطرد. وهم يدّعون أنه لم يجر نقاش جدي، وأن النتائج الممكنة لم تتم دراستها كلها.
ج ـ في حديث مع بعض الوزراء قبل النقاش في الحكومة، وخصوصاً مع وزراء ضليعين في القانون، قدّمت سلسلة من الإجراءات التي يمكن أن تكون رداً على تصعيد الإرهاب.
س ـ مثلاً؟
ج ـ لا أريد أن أفصّل. اخترت طريقاً يتضمن مساراً يمكن عكسه، ولا يكون نهائياً إزاء أشخاص وممتلكات. نظرياً، كان ثمة أفكار لسنّ قانون يغير شروط عقوبة الإعدام، وتدمير المنازل، إلى خطوات أكثر خطورة في مجال إغلاق المناطق وما إلى ذلك. إنني أفكر موضوعياً في أنه فيما يتعلق بالحرب ضد حماس، كانت تلك [الإجراءات المقترحة] هي الطريق، ولا أذكر أن أحداً ما في الحكومة قدّم مقترحات أُخرى.
[.......]
س ـ أليس ثمة خطر من أن يؤدي الطرد والتعاطف مع حماس في المناطق إلى أن تخسر م. ت. ف. من قوتها، أو أن تضطر إلى التطرف؟
ج ـ إنني أقترح التمييز بين ردات فعل في المدى القصير وبين ما سيحدث لاحقاً. إن الاختلاف الأساسي بين المقربين من م. ت. ف. ومؤيدي محادثات السلام، وبين حماس ومثيلاتها، هو الرغبة، القائمة حتى اليوم، في مواصلة المحادثات. أما حماس فتعارض مجرد المفاوضات مع إسرائيل. ومفاهيمها الدينية والسياسية هي كلها ضد وجود دولة إسرائيل. وإذا قررت م. ت. ف. مغادرة مسار السلام، فإنها تضع على عاتقها مسؤولية أساسية، وأنا أقدّر أن ذلك لن يحدث؛ إذ لا يمكن أن نجري مفاوضات مع طرف عربي لا مصلحة له في الأمر. وكان ثمة مصلحة، ولا تزال، لجميع الذين أجروا المفاوضات حتى اليوم من الجانب الفلسطيني. وحماس في جوهرها ضد ذلك. أما إذا تحولت م. ت. ف. إلى حماس، فتلك مشكلتها.
[.......]
س ـ كيف ترد على تضامن عرب إسرائيل مع المطرودين؟
ج ـ إنني آسف لإضرابهم، مع أنني أفهم إحساسهم بعدم الراحة والرغبة في التضامن مع من يرون فيهم أبناء شعبهم. وأنا راض على أن مظاهر التضامن كانت كتلك المقبولة في مجتمع ديمقراطي.
[.......]
المصدر: "معاريف"، 25/12/1992. وقد أجرى الحديث يعقوب إيرز وأبراهام تيروش.
* رئيس الحكومة الإسرائيلية: يتسحاق رابين.