حديث صحافي للرئيس ياسر عرفات في شأن المفاوضات الثنائية العربية ـ الإسرائيلية في واشنطن، والانتخابات في الأراضي المحتلة، والعلاقات بدول الخليج، جاكارتا، 3/9/1992
النص الكامل: 

هل لمست تماسكاً في مواقف الدول في حركة عدم الانحياز نحو منظمة التحرير الفلسطينية؟ وهل لاحظت أن هناك تراجعاً لجهة وضع عملية السلام قبل كل شيء؟

ليس هناك من رئيس إلا وأشار في شكل مباشر إلى دعمه لقضية الشعب الفلسطيني وحقوقنا العادلة، بما في ذلك الرئيس (الأندونيسي) سوهارتو في كلمته القوية والرائعة سواء بالنسبة للقضية الفلسطينية أو إلى موضوع القدس [....]

خلت كلمة الأمين العام للأمم المتحدة الدكتور بطرس غالي من الإشارة إلى المبادئ العامة التي التزمتها الجمعية العامة نحو القضية الفلسطينية. هل لك مأخذ عليه؟

لا، لقد أشار إلى ذلك في صورة عابرة، لأنه ألقى كلمة عابرة عن كل القضايا. إنما لا تنسي أن مؤتمر السلام يقوم على أساس الشرعية الدولية، ومبادرة الرئيس الأميركي جورج بوش تقوم على أساس القرارين 242 و338، ومؤتمر مدريد قام على أساس الشرعية الدولية.

بالنسبة للمفاوضات الجارية حالياً في واشنطن هل تحولت إلى مسار جديد يعد بمردود إيجابي ملموس على الصعيد الفلسطيني؟

للأسف لا. للأسف إن رئيس الحكومة الإِسرائيلي يتسحاق رابين أخذ العشرة بلايين دولار من دون أن يعطي أي التزام. وبعد عودته (من زيارته للولايات المتحدة إلى إسرائيل) وفي اليوم الأول، أعلن بناء 11 ألف وحدة سكنية في الضفة الغربية وقطاع غزة و14 ألف وحدة سكنية في القدس المحتلة. هذا إلى جانب القبضة الحديد التي يفتخر بها علانية. ويقابل كل يوم ضباط ومسؤولي الوحدات الخاصة أو الوحدات المستعربة، أي تلك التي تلبس ملابس عربية، لترتكب جرائمها [....]

هناك رأيان أساسيان بين الفلسطينيين عموماً، واحد يقول: لا جدوى في المفاوضات الجارية!

عرفات (مقاطعاً): صحيح. أنا لم أنتخب آخر مجلس وطني فلسطيني بنسبة 99,99 في المئة، نحن ديمقراطيون. والذين أيدوا مشروع السلام شكلوا 84 في المئة من الفلسطينيين. لم يؤيده 16 في المئة من المجلس الوطني. واعترضوا على بنود فيه، ونحن نحترم رأي الأقلية. لكن الأقلية تلتزم رأي الغالبية. هذه هي الديمقراطية الفلسطينية التي نعتز بها. ولا تظني أنني أتضايق من الرأي الآخر أو التعددية. أنا لا أتضايق منها إطلاقاً. وأنا أحترم آراءهم كما يحترمون آرائي.

استطراداً إذن، يقول البعض طالما أنه لا جدوى من المفاوضات مع إسرائيل، فيجب تقوية الصف الفلسطيني مع أطراف عربية معينة. وهناك تيار داخل المنظمة ينادي بتقوية العلاقة مع سوريا لتكون...

عرفات (مقاطعاً): ومن قال لك إن العلاقة مع سوريا ضعيفة؟ إننا في تنسيق كامل بيننا وبين السوريين وبيننا وبين الأردنيين، وبيننا وبين اللبنانيين، وبيننا وبين المصريين. وفي آخر اجتماع لوزراء الخارجية الخمسة في دمشق، حضرت في وفدنا قيادات من الداخل من أعضاء الوفد المفاوض بينهم رئيس اللجنة التوجيهية للوفد الفلسطيني المفاوض وهو أخي فيصل الحسيني بصفته رئيس الوفد الفلسطيني المفاوض في مباحثات السلام.

هل تشعر أن ديمقراطية القرار الفلسطيني وتطور الأوضاع، قد يسحبان من أبو عمار سلطة اتخاذ القرار؟

عززا قوة القرار لأبو عمار. فأنا لا أتخذ قراراً من ذاتي. إنني أنفذ البرنامج السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية الذي وافقت عليه الغالبية.

طالما أنك لست واثقاً أن المفاوضات ستؤدي إلى تحقيق الحقوق الفلسطينية...

عرفات (مقاطعاً): لم تنته المفاوضات بعد.

لكنك عبرت عن...

عرفات (مقاطعاً): طبعاً. وهل أعبر لأخدع شعبي وأطعمه "جوز فاضي"؟ يجب أن أقول لشعبي الحقيقة. تعرفين أن بعض العرب، ويا للأسف، هلل لمجيء رابين. ولست من الذين هللوا لمجيئه. وأنا لا أنسى رابين أثناء حصار بيروت، ولم يكن في الوزارة حينذاك، ثم جاء متطوعاً مع الدب (أريئيل) شارون، وصورتهما معاً ينزلان من طائرة الهيليكوبتر ليساعدا في حصار بيروت، وقتل الفلسطينيين واللبنانيين في بيروت.

هناك رأي فلسطيني يقول إن رابين مستعد للتحدث عن انتخابات مما يشكل...

عرفات (مقاطعاً): تقولين باستمرار... رأي فلسطيني، رأي فلسطيني، وتتحدثين عن الرأي الفلسطيني وكأنك خبيرة في الآراء الفلسطينية.

وهل تريد مني أن أسألك عن الرأي الأميركي؟

يبدو أنك لست خبيرة في الآراء الفلسطينية، من قال أننا ضد الانتخابات؟ نحن نطالب بالانتخابات داخل الأرض المحتلة، إنما ليس انتخابات بلدية أو محلية، إننا نطالب بانتخابات تشريعية ويا للأسف رابين يرفضها. (نطالب بانتخابات تشريعية) تحت إشراف دولي، وليس تحت إشراف الدبابة الإِسرائيلية.

وهل هذا ما تقدم به الوفد الفلسطيني في المفاوضات؟

نعم. إن فكرة الانتخابات هي من ضمن المشروع الفلسطيني الذي قدم إلى الطرف الإِسرائيلي. الانتخابات التشريعية الحرة الديمقراطية تحت الإِشراف الدولي وليس تحت إشراف الدبابة الإِسرائيلية.

هل هناك دور أمني للأردن، إذا لم يتوافر الإِشراف الدولي، على مثل هذه الانتخابات؟

لم أسمع بهذا الكلام من قبل. إنما الذي نتفق عليه هو إشراف دولي في الفترة الزمنية الموقتة. وإذا أرادوا إطالتها، يكون في ذلك بالاتفاق بيننا وبين الآخرين.

قيل إن عندك أفكاراً لإِنشاء قوة شرطة فلسطينية. فما هي اختصاصات مثل هذه القوّة؟

نحن نعدّ لكل شيء عدته، لقد حضّرنا لكل الاحتياطات والاحتياجات. لدينا تفاصيل كاملة لكل جوانب الحياة، من الجمارك إلى الشرطة إلى قوة الأمن في المرحلة الانتقالية، إلى التعليم والبلديات والصحة والزراعة، والغرف التجارية، عندنا قوانيننا الخاصة التي تتعلق بسلطة الحكومة الذاتية الفلسطينية الموقتة والتي يفترض أن تدوم إما سنتين، وفق ما يطلبون به، أو لسنة، كما نطالب.

تقصد أن قوة الشرطة الفلسطينية...

عرفات (مقاطعاً): هي من ضمن سلطة الحكومة الفلسطينية الموقتة.

هل تقصد أن مثل هذه القوة تتكون في الداخل وللداخل؟

من الداخل. ولنا قوة الشرطة في الخارج موجودة عندنا خريجي شرطة من دول عربية.

الرجاء التوضيح كي لا أسيء فهمك: هل تقصد أن قوة الشرطة الفلسطينية ستكون في الخارج، أم الداخل، أو الاثنين معا؟ وما هي اختصاصات مثل هذه القوة؟

هي في الداخل جزء من الأجزاء البسيطة في سلطة الحكومة الذاتية الفلسطينية الموقتة.

[. . . . . . .]

 

المصدر: "الحياة" (لندن)، 4/9/1992. وقد أجرت الحديث راغدة درغام. وشارك الرئيس عرفات في مؤتمر القمة العاشر لدول حركة عدم الانحياز الذي عُقد في العاصمة الأندونيسية خلال الفترة 31/8/1992 ـ 6/9/1992.