تهدف هذه الدراسة إلى الكشف عن أسباب التخلّف العربي، وكيفية التغلب عليه وتجاوزه. غير أن مجرد الكشف عن أسباب التخلّف لا يؤدي، بالضرورة، إلى التغلّب عليه، لكنه يساعد أحياناً في تغيير الوعي. ذلك لأن التخلّص من التخلّف ليس قراراً نتخذه بالعودة إلى التراث أو اللجوء إلى الحداثة مثلاً، بل هو عملية معقدة وشاقة. والتخلّف المقصود ليس التخلّف الاقتصادي أو التنموي أو التربوي أو ذاك المعهود في نظريات التنمية والتحديث، بل هو تخلّف من نوع آخر: إنه ذلك التخلّف الكامن في أعماق الحضارة الأبوية، والذي يسري في بنية المجتمع والفرد، وينتقل من جيل إلى آخر كالمرض الموروث؛ فهو مرض لا كالأمراض المعروفة، إذ الفحوص لا تكشف عنه، والأرقام والإحصاءات تعجز عن تفسيره. إنه حضور لا يغيب البتة عن الحياة الاجتماعية، ويتخذ صفتين مترابطتين: اللاعقلانية في الممارسة والتدبير، والعجز عن التوصل إلى الأهداف؛ أو اللاعقلانية في التحليل والتنظير والتنظيم، والعجز عن الوقوف في وجه التحديات والتغلب عليها.
وتدور الدراسة حول أطروحة محددة هي أن المجتمع العربي شهد خلال المئة سنة الأخيرة تغييراً كبيراً جرّاء اصطدامه بالحضارة الغربية الوافدة. إلا إن هذا التغيّر لم يؤدِ إلى استبدال النظام القديم بنظام جديد، بل إلى تحديث القديم من دون تغييره جذرياً. ويخلص المؤلف إلى القول أنه لن يكون هناك تغيّر حقيقي، أو تحرير جدي للمجتمع العربي، إلا بإزاحة الأب رمزاً وسلطة، وتحرير المرأة قولاً وفعلاً.