Middle East Watch. "موت غير ضروري في حرب الخليج" (بالإنكليزية)
الكتاب المراجع
النص الكامل: 

إنه كتاب مهم ومقلق لأنه يذهب بالصورة النقية والفعالة و"المتناهية الدقة"، التي رُوِّجت لهذه الحرب؛ إذ يصف آثار الغارات الجوية من وجهة نظر الذين كانوا ضحاياها. إنه يضع أسماء وأخباراً على وجه عبار "الأضرار الجانبية" النظيفة الباردة. وهو يطلب أيضاً من البنتاغون أن يكشف الحقيقة بإتاحة المزيد من المعلومات المتعلقة ببعض الأسئلة المحدَّدة في شأن سير الحرب. إنه، في الدرجة الأولى، وثيقة قانونية تحلّل الهجوم الجوي من منظور القوانين الدولية التي تحكم الحرب، لكنه مع ذلك وثيقة جذابة: فهو وصف آسر للفظاعة البشرية والغطرسة العسكرية.

ومثلما يؤكد عنوانه، فإن السواد الأعظم من ألوف إصابات المدنيين كان مما يمكن تجنبه. وفي خاتمة تناقض اللهجة المقهورة الغالبة عليه، يجد الكاتب أن

قوات التحالف قد قصَّرت في واجبها في استخدام وسائل وطرق الإغارة التي تقلّل من مخاطر إصابة المدنيين. وقد كان هذا التقصير بادياً بوضوح في قرارات تنفيذ غارات نهارية على جسور في المدن يستعملها المدنيون... وعلى أهداف قريبة من أسواق المدن.

وتعتقد Middle East Watch أن التفوق الجوي الساحق الذي حقّقته قوات التحالف بسرعة، فضلاً عن تفوق أسلحتها الدقيقة وتكنولوجيتها الاستطلاعية المتفوقة، هو عامل أدّى إلى زيادة قدرات تلك القوات ومسؤوليتها عن تحاشي إيذاء المدنيين. وتقصير قوات التحالف، في هذا المجال،

يبدو صادراً عن قرارات مقصودة من قبل قادة التحالف باتخاذ قدر من الاحتياطات أدنى من الحدّ الأقصى الممكن والضروري اتخاذه... وتبدو قوات التحالف أنها قد انتهكت، في بعض الأحيان، قوانين الحرب.

نتجت ألوف الإصابات المدنية مباشرة من هجمات التحالف، كما مات ألوف غيرهم أو أُصيبوا بأمراض منذ نهاية الحرب، وذلك جرّاء سوء التغذية والأمراض ونقص العناية الطبية الناجم عن الحصار الذي فرضته الأمم المتحدة، وما أنزلته قوات التحالف من تدمير في شبكة توليد الكهرباء العراقية. وتقرّ Middle East watch بأن قوات التحالف شنَّت عدداً من عمليا القصف الأعشى أقل مما جرى في حروب أُخرى. لكنّ وَقْعَ هذا القصف على المدنيين كان، مع ذلك، أشد. ذلك بأن قوات التحالف، بتدميرها البنى التحتية الاقتصادية وشبكة توليد الطاقة الكهربائية، قد قذفت العراق إلى "عصر ما قبل الصناعة" – على حدّ ما جاء في تقرير للأمم المتحدة؛ وهذا ما جعل إعادة البناء أصعب كثيراً بعد الحرب. وقد  أُوليت عملية تدمير شبكة توليد الطاقة الكهربائية العراقية أهمية وتركيزاً عظيمين في هذا التقرير، لما انجرَّ عنها من عواقب مستمرة على صحة وسلامة السكان المدنيين في العراق.

وتأمل Middle East Watch بأن تثير "سجالاً عاماً، مستحقاً من زمن، في شأن إدارة حرب الخليج، ولفت الانتباه إلى انتهاكات فعلية وانتهاكات ممكنة للقانون الإنساني." وهي تناشد البنتاغون والحكومة الأميركية الإفراج عن المعلومات المكتومة في شأن المعاييير المعتمدة لاختيار الأهداف والأسلحة وتوقيت الغارات. كما تطال بمعلومات عن عدد الإصابات المدنية.

              إن دعوة Middle East Watch إلى إثارة النقاش، وإنْ تكن محمودة في ذاتها، إلا إنها قد لا تلاقي آذاناً صاغية؛ فلا اهتمام في الولايات المتحدة بنقاش من هذا القبيل. والقوانين والأنظمة الدولية لا تطبق على الرابحين. لا أحد غير الخاسرين يحاسَب أحياناً ويعاقَب. إذ لم يلاحَق أحد على الأمر بالقصف الأعشى الذي أُنزل بدريسدن، ولايبزيغ، وهيروشيما، وناغازاكي، وطوكيو، وجنوب شرق آسيا. يبدو أن الأميركيين باتوا يستجيبون باللامبالاة حيال الموت العنيف والدمار هذه الأيام. وقد نشرت USA Today استطلاعاً للرأي أُجري بعد قصف ملجأ العامرية، مثلاً، يظهر أن الأميركيين قد توصلوا إلى الاعتقاد أن ذلك كان من جملة تكاليف الحرب المأساوية التي لا بدَّ منها. لقد تعلّمنا أن نجد تبريرات تمحي معنى الموت. ويلاحظ الكتاب نفسه أن نفراً قليلاً من الناس قد تساؤل لمَ لَمْ تُتَّخذ الاحتياطات الكافية للتأكد من استعمال الملجأ من قبل المدنيين، أو لمَ قُصِف من دون إنذار مثلما تقتضي الأعراف الدولية. ولا يبدو أن أحداً قد انزعج من استعجال البنتاغون إغلاق ملف التحقيق. وفي غياب أي ضغط قوي من الرأي العام، فالأولى بنا ألاّ نتوقع مبادرة من قبل إدارة الرئيس بوش التي لها مصلحة ثابتة في الحفاظ على الصورة الفعالة النظيفة العادلة لهذه الحرب.

السيرة الشخصية: 

نجيب حكيم: كاتل صحافي مقيم في سان فرانسيسكو