بيان للمجلس الثوري لحركة "فتح" يؤكد فيه دعمه للوفد الفلسطيني المفاوض، ويحدد موقفه من التسوية في الشرق الأوسط، تونس، 28/3/1992
النص الكامل: 

[.......]

إن المجلس الثوري، وهو يحيي أعضاء الوفد الفلسطيني من أبناء شعبنا إلى المفاوضات، يثمن الأداء الرائع للوفد الفلسطيني، على الرغم من الظروف الصعبة والمعقدة التي يواجهها في ساحة المعركة السياسية الشرسة التي نخوضها ضد التعنت والغطرسة الإسرائيلية، وعلى الرغم من الشروط المجحفة التي فرضتها موازين القوى الراهنة.

إن المجلس الثوري يقدّم كل الدعم والتأييد والمساندة، في كافة الساحات، لوفدنا الفلسطيني، الذي برهن عن جدارة وكفاءة وقدرة عالية عزّزت مكانة شعبنا في الأوساط الدولية، وأدّت وتؤدي كل يوم إلى مزيد من العزلة لعدونا الإسرائيلي.

إن وفدنا الفلسطيني، الذي يضم نخبة من خيرة أبناء شعبنا، إنما يخوض المعركة السياسية في المحافل الدولية جنباً إلى جنب مع أبطال الانتفاضة وفرسان الثورة والمقاومة. وإن المجلس الثوري، وبعد نقاشاته الطويلة والتي استغرقت أربعة أيام، يؤكد على ما يلي: 

أولاً ـ في المجال السياسي: 

            أولاً ـ إن هدفنا الوطني الثابت هو تحرير الأراضي العربية والفلسطينية، وإنهاء الاحتلال، وتمكين شعبنا من ممارسة حقه في تقرير المصير، والعودة إلى أرض وطنه وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة على ترابه الوطني، وعاصمتها القدس الشريف.

            ثانياً ـ إن الأساس، القانوني والشرعي، للتسوية السياسية في الشرق الأوسط، إنما يقوم على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، والعيش بسلام على ترابه الوطني، وممارسة حقوقه الوطنية الثابتة غير القابلة للتصرف على أرضه. ويؤكد [المجلس الثوري]* التزامه بالشرعية الدولية المتمثلة بالقانون الدولي، وأحكام ميثاق وقرارات الأمم المتحدة كمرجعية لمسيرة السلام. ويركّز المجلس على أن تنفيذ القرارات يعني الانسحاب من كافة الأراضي العربية والفلسطينية المحتلة منذ 1967، وأن تنفيذ هذا القرار هو الالتزام بمبدأ الأرض مقابل السلام.

          ثالثاً ـ إن تأمين الحماية الدولية، وتطبيق اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، ومعاهدة لاهاي لعام 1907، هي متطلبات أساسية للمفاوضات. وإن على المجتمع الدولي أن يُلزم إسرائيل باحترام هذه المواثيق، والعمل على تطبيقها، لحماية شعبنا في أرضنا المحتلة، لأنه بات واضحاً أن العدو الإسرائيلي إنما يناور لإضاعة الوقت، ويواصل، أثناء ذلك، احتلاله وجرائمه ضد جماهيرنا ومقدساتنا، مع استمراره في ابتلاع الأرض وبناء المستوطنات، مما يهدد عملية السلام برمتها، ويدفعها إلى الطريق المسدود، بل ويدفع منطقة الشرق الأوسط إلى الانفجار الشامل، لأنه لا يجوز، ولم يعد مقبولاً، التعامل بمكيالين، بالنسبة للشرعية الدولية وتنفيذ قرارات الأمم المتحدة، إذا كان الأمر متعلقاً بإسرائيل، وجرائمها العنصرية واللاإنسانية، واحتلالها، وتكديسها للأسلحة الكيماوية والنووية.

            رابعاً ـ إن وقف الاستيطان، واقتلاع المستوطنات غير الشرعية وغير القانونية، هو الخطوة الهامة لاستمرار عملية المفاوضات، لأن استمرار جريمة مصادرة الأراضي وبناء المستوطنات لإسكان المهاجرين اليهود الجدد، إنما الهدف منه نسف عملية السلام من الأساس؛ لذا يجب أن يكون معروفاً للجميع، وخاصة لراعيي مؤتمر السلام، أن موقفنا من الاستيطان هو موقف تمليه مصالح شعبنا وأمتنا، ولا يسمح باستمراره لأنه يقوض عملية السلام بشأنه.

            خامساً ـ إن إعطاء أية ضمانات قروض، أو مساعدات اقتصادية من أي دولة في العالم إلى العدو الإسرائيلي لبناء المستوطنات، إنما يدمّر عملية السلام، ويؤدي إلى نسف الاستقرار في عموم الشرق الأوسط. وإن الإدارة الأميركية، التي ربطت إعطاء ضمانات القروض بوقف الاستيطان في أرضنا المحتلة، مدعوة، من أجل إنجاح جهودها في تحقيق السلام بالشرق الأوسط، إلى ممارسة مزيد من الضغوط الحقيقية على إسرائيل للانسحاب من أرضنا المحتلة، تنفيذاً لقرارات الشرعية الدولية، وإلى الاعتراف بحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني فوق أرضه، وبعودة الحوار بين الإدارة الأميركية ومنظمة التحرير الفلسطينية.

            سادساً ـ القدس عاصمة دولتنا الفلسطينية المستقلة؛ وهي قلب وطننا؛ وهي أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، مسرى النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ومهد المسيح عليه السلام، وهي المحور التاريخي، والوطني، والديني والإنساني لأمتنا ولشعبنا، ولا مجال، أمام الجميع، إلا الاعتراف بهذه الحقيقة. فلا سلام بدون عروبة القدس، والتي ينطبق عليها، طبقاً للقرارات والشرعية الدولية، ما ينطبق على جميع الأراضي العربية والفلسطينية التي احتلها العدو الإسرائيلي في عدوانه عام 1967.

            سابعاً ـ إن المجلس الثوري لحركة "فتح" يعتبر أن المرحلة الانتقالية، بحكم طبيعتها وفهمنا لها، هي نقل للسلطة من الجانب الإسرائيلي المحتل إلى الجانب الفلسطيني تحت الإشراف الدولي، لخلق الشروط الموضوعية لتمكين شعبنا من ممارسة حقه في تقرير المصير بالطرق الديمقراطية، بعيداً عن الاحتلال والقمع والاستيطان والعدوان؛ ولهذا فالفترة الانتقالية هي مجرد خطوة تمهيدية في الطريق لممارسة شعبنا لحقه في العودة وحقه في تقرير المصير على أرض وطنه، وقيام دولتنا الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.

            ثامناً ـ يعبّر المجلس الثوري عن اعتزازه بالعلاقات الخاصة المميزة التي تربط الشعبين الشقيقين الأردني والفلسطيني، وفي هذا المجال يؤكد المجلس الثوري تمسكه التام بقرارات مجالسنا الوطنية المتعاقبة، والتي تؤكد على هذه العلاقات، الخاصة والمميزة، والتي تقوم، مستقبلاً، على أساس كونفدرالي بين دولتي الأردن وفلسطين، وبالاختيار الطوعي والحر للشعبين الشقيقين.

            تاسعاً ـ يؤكد المجلس الثوري على أهمية التنسيق العربي، وخاصة بين دول الطوق: مصر، وسوريا، ولبنان، والأردن، ومنظمة التحرير الفلسطينية، ومع الدول العربية الشقيقة الأخرى، وذلك من أجل تعزيز الموقف العربي الموحد، ومواجهة التعنت الإسرائيلي، ومن أجل تطوير العلاقات الأخوية، وتعزيز التنسيق العربي الشامل في إطار التضامن العربي، وإن هذا التنسيق يكتسب ضرورة قصوى في هذه المرحلة، لمنع العدو الإسرائيلي من الاستفراد بكل طرف عربي على حدة، ومن أجل إجبار العدو على الانسحاب من جميع الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة، وتحقيق الحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني، ولحماية الأمن العربي القومي، ومستقبل الأجيال العربية.

            عاشراً ـ إن المجلس الثوري يحيي شعبنا الفلسطيني وقواه المناضلة التي تقف جنباً إلى جنب مع حركتنا "فتح" لتحرير فلسطين، ولدحر الاحتلال الصهيوني، وصولاً إلى إقامة دولتنا المستقلة. إن وحدتنا الوطنية هي الأساس الصلب والمتين لانتصار إرادة شعبنا، ولتحرير أرضنا. ومن هنا يدعو المجلس الثوري إلى رصّ الصفوف، وتوحيد الطاقات والقوى تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية، وراية الثورة، ورايات الانتفاضة، وشعبنا، اليوم، يخوض معركة مصيره ومعركة استقلاله في كل الساحات. وإن المجلس الثوري، وانطلاقاً من ثوابتنا الوطنية ومقررات مجالسنا الوطنية، يدعو جميع الفصائل والقوى إلى الالتفاف حول منظمة التحرير الفلسطينية، ووحدانية التمثيل الفلسطيني، ودعم الانتفاضة لإنجاز هدفنا الوطني الكبير في الحرية والاستقلال.

والمجلس الثوري يقف، بقوة، مع الشعب العراقي الشقيق، ويرفض أي محاولة جديدة للعدوان على العراق وشعبها الصامد، ويطالب بفك الحصار عنه وعن أطفاله، كما وأن المجلس الثوري يقف، بقوة، مع ليبيا وشعبها الشقيق ضد أي محاولات للنيل منها، أو التضييق عليها، أو أي محاولات لحصارها ومسّ سيادتها.

[.......]

 

المصدر: "فلسطين الثورة" (نيقوسيا)، العدد 886، 5/4/1992، ص 8 ـ 9.

في المصدر.