حديث صحافي لوزير الخارجية الروسي في شأن المفاوضات المتعددة الأطراف، موسكو، 27/1/1992
النص الكامل: 

تبدأ في موسكو الثلثاء (اليوم) المفاوضات المتعددة الأطراف في إطار عملية السلام في الشرق الأوسط وروسيا هي الدولة الراعية إلى جانب الولايات المتحدة، فما توقعاتكم وماذا تنتظرون من هذا المؤتمر؟

ما يجري في موسكو هو لقاء تنظيمي لتحضير المفاوضات المتعددة الأطراف في شأن القضايا الإقليمية. وبالتالي فإن أحداً لا ينتظر من الراعيين أو من الأطراف المشاركة حلولاً جاهزة أو وصفات لها فعل المعجزة. ومهمتنا أكثر تواضعاً إذ تنحصر في الاتفاق على تشكيل فرق عمل تناقش قضايا ملموسة، وفي تحديد عدد هذه الفرق وتركيبتها ومكان المباشرة في أعمالها وزمنها. وعلى رغم مصاعبنا التي يتفهمها الجميع وقصر الفترة الزمنية، سنتمكن من بذل قصارى الجهود كي يتكلل اللقاء بالنجاح.

كانت فكرة عقد المؤتمر برعاية الدولتين العظميين ظهرت في عهد المجابهة بينهما، وبعد تغير الظروف وانتهاء الصراع ماذا سيكون دور روسيا؟

نعم الفكرة ظهرت إبان سنوات المجابهة وتحديداً عام 1973 عندما كان الصراع التناحري الذي تغذيه المذاهب الأيديولوجية العامل المحرك لكل نشاطات الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة. ومن دون مراعاة هذا الواقع وإبداء الاستعداد للبحث عن اتفاق وحل وسط سيكون الأمل في تسوية في الشرق الأوسط متعذراً. لكن القول بأن ظهور مؤسسة الراعيين ينحصر في السبب المذكور إنما يعني معاينة نصف القضية. فمنذ ذلك الحين كان معنى ظهور هذه المؤسسة الإقرار بأهمية مصالح الدولتين في المنطقة وقدرتهما على ممارسة تأثير إيجابي في عملية التسوية. لذا فإن الرعاية المشتركة من جانب الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي (روسيا حالياً) لمؤتمر السلام هي فكرة سليمة ومثمرة. والقيادة الروسية التي كانت بذلت جهوداً واسعة لإزالة الصراع التناحري مع الولايات المتحدة سعيدة لوجود جو جديد في العلاقات بين البلدين ونعتقد بأن التفاعل في صيغة الرئاسة المشتركة للمؤتمر هو الضمانة الرئيسية لاستمرار عملية التفاوض وتعمقها.

يرى المحللون أن انتهاء الاتحاد السوفياتي وقيام أسرة الدول المستقلة يغيران الميزان الجيوسياسي في الشرق الأوسط. فهل يتغير موقف روسيا من النزاع في هذه المنطقة، وهل يتأثر بمواقف الجمهوريات الإسلامية سابقاً؟

إن قيام 15 دولة مستقلة وانخراط 11 منها في أسرة (الدول المستقلة) لا يمكن ألا يكون لهما تأثير على التصعيد العالمي. وبما أن الأسرة تضم "دولاً مستقلة"، قد تظهر اختلافات معينة في معالجاتها للشؤون الدولية.

وروسيا كدولة "تواصل" الاتحاد السوفياتي وترث أيضاً دوره النشط في شؤون الشرق الأوسط ستعالج النزاع العربي ـ الإسرائيلي وقد نزعت العصبة الأيديولوجية عن عينها. فنحن ندعو إلى سلام عادل ووطيد في هذه المنطقة على أساس مراعاة المصالح والهموم المشروعة لجميع الأطراف المعنية مباشرة. هذا السلام يتجاوب مع المصالح الوطنية لروسيا، ولذلك سنجعل خطنا السياسي متماشياً بالكامل مع أعراف القانون الدولي التي لا تؤثر أحداً على أحد ولا يمكن أن تطبق في شكل انتقائي.

[.......]

 

المصدر: "الحياة" (لندن)، 28/1/1992. وقد أجرى الحديث فلاديمير كوليستيكوف.