حديث صحافي للملك حسين في شأن المشاركة في المفاوضات المتعددة الأطراف، وقضايا أخرى، عمان
النص الكامل: 

أين وصلت عملية السلام منذ مؤتمر مدريد، ولماذا يركز الأردن على المفاوضات المتعددة الأطراف ويصر على المشاركة فيها على رغم التحفظات السورية الواضحة؟

في ما يتعلق بالمراحل التي قطعتها المفاوضات حتى الآن، هي كما توقعنا بداية الطريق الصعب الشاق الذي سيأخذ وقتاً طويلاً، وكنا توقعنا هذا. ونحن ننتظر ونراقب ونتابع ما يجري في واشنطن، ولا نستطيع أن نتكهن بنتائج هذه المرحلة، ولكن ربما يكون فيها شيء من التقدم، وسنرى النتائج في وقت قريب.

أما في ما يتعلق بالمؤتمر الأكبر، فهو في نظرنا وتقديرنا أقرب ما يكون وربما أكبر من المؤتمر الدولي الذي كنا ننادي بعقده لسنوات خلت، ونعتقد بأنه يمكن أن يعالج القضية بأبعادها الكاملة والحقيقية. 

أي أبعاد تحديداً؟

المؤتمر أكبر من الذي كنا نطالب به كأمة عربية... بحضور ومشاركة الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، إضافة إلى مشاركة أوروبا وكندا واليابان والدول الشقيقة في المنطقة. وهنا أعتقد، قد تكون الفرصة لطرح قضايا وأمور لا يمكن طرحها أو معالجتها في المجال الثنائي الذي يجري الآن. والمجال مفتوح لمعالجة ما يتعلق بالإخوان الفلسطينيين بالكامل... ليس بفلسطينيي الداخل فقط، بل بأصحاب القضية وأصحاب الحق بالصورة الواسعة، وقد يكون هناك مجال لمعالجة قضية القدس، وربما كان هذا بحد ذاته سبباً من الأسباب التي تجعلنا نطرح هذا التصور... نحن ننظر إلى القدس على أنها التي احتلت عام 1967. العالم الخارجي عندما يذكر القدس، يتخيل أن القدس هي وضع الأماكن المقدسة والمدينة المقدسة. عندما تتحدث إسرائيل عن القدس، فهي تتحدث عملياً عن خُمس الضفة الغربية المحتلة. ورغم أن العالم لم يوافقها ولم يقبل إجراءاتها في ذلك الجزء من الأرض المحتلة عام 1967، إلا إنها غيرت عملياً الوضع على الأرض في ذلك الجزء من الأراضي المحتلة. ولذلك قد يكون هناك مجال لطرح هذه القضية في المؤتمر الذي نتحدث عنه، إضافة إلى طرح كل الأبعاد الأخرى المهمة بالنسبة إلى الجميع في هذه المنطقة.

[.......]

ما سبب غياب التنسيق الأردني ـ السوري على مستويات رفيعة بينما هناك تنسيق سوري ـ فلسطيني عالي المستوى وكذلك تنسيق أردني ـ فلسطيني؟

نحن كنا دائماً من دعاة التنسيق والتعاون. والتنسيق في نظري لا يعني اتخاذ مواقف والإصرار عليها، ولكن يعني فتح الباب أمام حوار يؤدي إلى النتائج المطلوبة والاتفاق على الخطوط العريضة التي يجب أن نسير عليها. ونحن بدأنا، ولا يستطيع أحد أن ينكر، بأننا طالبنا بالتنسيق منذ اللحظات الأولى. علاقتنا بسوريا علاقة وثيقة وقوية وطبيعية، وكانت كذلك في كل الظروف والأحوال، وعلاقتنا على صعيد القيادة أيضاً استمرت ولم تنقطع في أي يوم من الأيام. لكن التنسيق يجب أن لا يكون سورياً ـ أردنياً فقط وإنما تنسيقاً عربياً أيضاً وهذا ما لم نقم به حتى الآن مع الأسف الشديد.

[.......]

ما هو موقفكم من نقل المفاوضات الثنائية إلى المنطقة، وماذا عن احتمال نقلها إلى تركيا كما يتردد؟

أعتقد أنه لا يجوز أن نستبق الأحداث. نحن الآن نتحدث عن واشنطن وعن الولايات المتحدة. قد يكون هناك اتجاه لتغيير الموقع. لكن رأينا حتى الآن هو أن نركز على المواضيع التي يجب أن تبحث وأن نقطع أشواطاً ومراحل قبل أن نفكر بأي تغيير. هذا كان اتجاهنا، وما زال في تصورنا الأسلوب الأمثل لمعالجة القضايا. أما أن ننتقل من مكان إلى آخر باستمرار، فهذا في الحقيقة عملية صعبة وشاقة. وعلى أية حال، رأينا هو ضمن الآراء التي لا بد أن تتبلور في موقف معين تجاه الموقع الذي تجري فيه المفاوضات.

نعتقد أن التكنولوجيا الحديثة توفر إمكانات الاتصال. ونعتقد أن نقل المحادثات إلى المنطقة غير معقول بمعنى نقلها إلى أطراف النزاع في هذه المرحلة، فلا يعقل أن تجري مفاوضات فلسطينية ـ إسرائيلية في ظل الاحتلال القائم. وتركيا هي من البلدان التي قد يتحدث البعض عنها من بين بلدان أخرى.

[.......]

هناك من يؤكد أن الحكومة الإسرائيلية الحالية تبذل كل جهدها لإحباط عملية السلام من خلال تصعيد إجراءاتها ضد الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، واستمرارها في بناء المستوطنات وخرق القانون الدولي. هل توافق على أن الحكومة الحالية لن توافق على تطبيق الشرعية الدولية وأن على الأطراف العربية الانتظار إلى ما بعد الانتخابات الإسرائيلية المقبلة لقدوم حكومة إسرائيلية جديدة؟

هذا وضع داخلي يتعلق بإسرائيل ولا أستطيع أن أعلق عليه. لكنني أستطيع أن أقول إن الصورة تغيرت على النحو التالي: كانت إسرائيل في ما مضى تعتقد بأنها الطليعة والموقع المتقدم لحماية مصالح معسكر من معسكرين في هذا العالم... المعسكر الآخر زال وتغيرت معالم الصورة، وأعتقد أن إسرائيل الآن لا تستطيع أن تسوّق موقعها ووضعها على النحو نفسه الذي كان في السابق. وهناك توجه في هذا العالم لحل كل القضايا التي تهدد الاستقرار والسلام. ونحن طلاب حق، والقضية قضية قوية وعادلة. والآن تسلط عليها الأنظار بشكل لم يسبق له مثيل، ونأمل في النتيجة، رغم أننا ما زلنا في بداية الطريق الصعب الشاق، بأن يحقق هناك سلام عادل ومشرف تقبل به الأجيال من بعدنا وتستطيع التعايش معه. كيف سيتم هذا؟ لا أستطيع الخوض في التفاصيل. نحن طرف من الأطراف في هذه المحادثات.

[.......]

 

المصدر: "الحياة" (لندن)، 15/1/1992.