الرد الفلسطيني على الدعوة الأميركية - السوفياتية إلى مؤتمر السلام، وعلى رسالة التطمينات الأميركية، القدس، 24/10/1991
النص الكامل: 

السيد جيمس بيكر الثالث، وزير خارجية الولايات المتحدة

السيد بوريس بانكين وزير خارجية الاتحاد السوفياتي.

الموضوع: الرد الفلسطيني على الدعوة لمؤتمر السلام، ورسالة التطمينات.

 استجابة لدعوة رئيس الولايات المتحدة، ورئيس الاتحاد السوفياتي، إلى مؤتمر السلام، الذي سيعقد في مدريد في 30 أكتوبر [تشرين الأول] 1991، يسرني أن أبلغكما أن الرد الفلسطيني إيجابي.

وعلى الرغم من موقفكم ـ كما عبرتم عنه في الدعوة، وفي رسالة الضمانات، وكل الاتفاقات التي تشكل قواعد مشاركة مختلف الأطراف ـ نود أن نؤكد: أننا نحتفظ بموقفنا السياسي الكامل وبمبادئنا، إن موافقتنا تنبع من البرنامج والأطر السياسية الفلسطينية، ولا تؤثر أو تنفي التزامنا بها.

إن مشاركة الشعب الفلسطيني ستكون على شكل وفد تفاوضي، مكون من 14 فرداً، ولجنة توجيه سينضمان إلى وفد الأردن ليشكلا وفداً أردنياً ـ فلسطينياً مشتركاً، متكافئاً مع بقية الوفود للمؤتمر وللمفاوضات.

إن عمل الوفد المشترك ـ بما في ذلك الرئاسة، وتوزيع المسؤوليات، وشكل المشاركة ـ هو مسؤولية داخلية مستقلة للجانبين الفلسطيني والأردني.

وخلال المؤتمر والمفاوضات، فإن الفلسطينيين يملكون الحق في إثارة أية قضية يرونها مهمة، وأن يقدموا عرضاً لقضيتهم. ولا يمكن عقد أي محادثات ثنائية أو متعددة، حول اللاجئين، أو أي قضايا أخرى تتعلق بالشعب الفلسطيني، دون المشاركة الكاملة للفلسطينيين. وإضافة، فإن الجانب الفلسطيني سوف يشارك في كل المحادثات المتعددة الأطراف.

إن القبول الفلسطيني بمنهج المراحل يقوم على الاعتقاد بأن المراحل يجب أن تكون مترابطة بشكل متتابع، وفي سياق إطار زمني محدد. وإضافة إلى ذلك، فإن طريق المسار المزدوج للمفاوضات يجب أن يكون مرتبطاً بصورة عضوية، وأن يكون لكل منهما اعتماد متبادل على الآخر، ونحن نلاحظ محبذين نواياكم لضمان تقدم سريع على كل جبهات التفاوض، ولمنع أي تطويل أو تجميد من قبل أي طرف.

والجانب الفلسطيني يود أن يُبرز: أن سياسية الاستيطان، والنشاطات الاستيطانية الإسرائيلية، ليست فقط غير شرعية، ولكن تمثل خرقاً مباشراً لمرتكزات العملية كلها، بما فيها قرارا مجلس الأمن 242 و338، ومبدأ الأرض مقابل السلام. ومن هنا فمن الجوهري أن تتوقف، وعلى الفور، ومع افتتاح المؤتمر، كل النشاطات الاستيطانية، إذا أريد لمصداقية العملية أن يحافظ عليها ولحقوق الفلسطينيين أن تصان؛ وإلا فإن الهدف بمجمله وأساس العملية بأكملها سيُقضى عليهما.

وإنه لأمر ملح خلال المرحلة الأولى من المفاوضات، أن تتخذ إسرائيل إجراءات لبناء الثقة في الأراضي المحتلة، كإثبات لنواياها، ولخلق مناخ يشجع السلام. ومن المفهوم أن المفاوضين الفلسطينيين سيجرون محادثات مع سلطة محتلة تقوم، يومياً، بخلق حقائق تجعل المفاوضات بلا معنى.

وفي نفس الوقت، فإن الظلم، وعدم التكافؤ، في ظروف تفاوض المحتلين مع من يحتلهم، يجب أن تتغير بخلق مناخ أقل تعسفاً وتقييداً. ونحن نعتقد، بحزم، أن الحماية الدولية للفلسطينيين تحت الاحتلال، خلال المفاوضات والمرحلة الانتقالية، أمر أساسي للإخلال بعدم التكافؤ المشار إليه، ولضمان ألا يكون الوفد الفلسطيني يقوم بدوره تحت ضغوط، إن التطبيق العملي والفوري لمعاهدة جنيف الرابعة عام 49، أو تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 681، يشكل خطوة في الاتجاه الصحيح بالنسبة لهذا المجال.

ونلاحظ، بارتياح، موقفكم حول المرحلة الانتقالية، بتشجيع الانتقال السريع والمنظم للسلطة من الاحتلال الإسرائيلي للشعب الفلسطيني، بحيث يتمكن الفلسطينيون من السيطرة على قراراتهم السياسية والاقتصادية، وقرارات أخرى تؤثر على حياتهم ومصيرهم. ومن المفهوم أن المياه والأراضي والسكان والمواطنة، إلى الأذرع التشريعية والقضائية هي من ضمن هذه التصنيفات.

إن أي ترتيبات يتم التوصل إليها، خلال المرحلة الانتقالية، فيما يتعلق بإعادة الأشخاص الذين طُردوا من بيوتهم (النازحين)، لا تنفي، أو تؤثر، بأي صورة من الصور، على حق العودة للفلسطينيين الذين شردوا عام 1948، كما نص على ذلك قرار 194.

وإضافة إلى ذلك، فإن قبولنا يقوم على أساس التزامنا الصارم بحقنا في تقرير المصير، ووحدتنا الوطنية، وحقوق الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال وفي الخارج. ونحن نفهم أن موقفكم هو أن الكونفدرالية ليست مستبعدة كنتيجة محتملة للمفاوضات في هذا السياق؛ ونحن لن نتخلى عن حقنا في الدولة المستقلة.

إنه، أيضاً، موقفنا الحازم: إن القدس الشرقية هي أرض فلسطينية محتلة وإن أي ترتيبات انتقالية تنطبق عليها. ونحن نفهم أن عدم اعترافكم بضم إسرائيل القدس، أو توسيع حدودها البلدية، يعني أنها خطوات غير شرعية من طرف واحد يجب التراجع عنها.

ونؤكد، أيضاً: إن مبدأ المناطق مقابل السلام، الذي يعني الانسحاب الإسرائيلي من جميع الأراضي المحتلة بما فيها القدس الشرقية، هو متطلب أساسي لاستقرار وسلام حقيقيين في المنطقة؛ وبالتالي: لا يمكن أن يكون هناك تقدم في المحادثات المتعددة الأطراف، التي تعالج القضايا الإقليمية، إذا لم تحل مسألة الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية، والتي هي السبب الرئيسي للنزاع.

إن حقيقة أن منظمة التحرير الفلسطينية وافقت ألا تكون مشاركة، بشكل مباشر وبارز، في العملية، في الوقت الحاضر، لا تمس بأي صورة من الصور، صفتها كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني في جميع أماكن تواجده، [وبكونها] الجسم الوحيد المخول والقادر على التفاوض، أو عقد الاتفاقيات باسم الشعب الفلسطيني. ونحن، بالتالي، نتوقع مشاركتها الكاملة في العملية في مرحلة لاحقة، واستئنافاً كاملاً للحوار بين الولايات المتحدة ومنظمة التحرير وبأقرب وقت مستطاع.

إن الاستجابة الفلسطينية، والجهود الإيجابية خلال المراحل التحضيرية، تقوم على أساس مبادرة السلام الفلسطينية، كما صاغتها الدورة 19 للمجلس الوطني الفلسطيني في الجزائر عام 1988. ولقد جرى تأكيد هذه القرارات بقرارات الدورة العشرين للمجلس الوطني الفلسطيني في الجزائر في سبتمبر [أيلول] 1991، التي وضعت أساس والأهداف للموقف الفلسطيني إزاء هذه العملية بالتحديد.

إن قبولنا بالمشاركة في مؤتمر أكتوبر [تشرين الأول]، والمفاوضات اللاحقة، هو تنفيذ للقرار الإيجابي الصادر عن المجلس المركزي في 17 أكتوبر [تشرين الأول] 1991. وبالتالي فإن الهيئة الديمقراطية، وهيئات صنع القرار للشعب الفلسطيني، تشكل الإطار لمشاركتنا وشرعيتنا.

ونود أن نضيف، موضحين: إن قبولنا للقيود، غير العادلة وغير المبررة، لشكل مشاركتنا، والذي يعود لتكيف راعيي المؤتمر مع الشروط الإسرائيلية المسبقة، لا يشكل بأي حالة من الأحوال، سابقة، أو قبولاً بجوهر الموقف الإسرائيلي التفاوضي.

إن قبولنا لدعوتكم ينطلق من احترامنا واتباعنا الحاسم للشرعية الدولية، ومن اعتقادنا الراسخ وثقتنا بعدالة قضيتنا. ولسوء الحظ فإن مشاركتنا تبدو مقيدة بسبب الظروف التعسفية للاحتلال، وبالقيود المفروضة على العملية، حيث جرى تمييزنا بهذه التقييدات السلبية.

ونأمل أن يفهم قبولنا ضمن هذا السياق. لقد كان القرار صعباً ومؤلماً، ولكن نضالنا من أجل السلام العادل يستحق الجهد.

 

المصدر: "فلسطين الثورة" (نيقوسيا)، العدد 866، 3/11/1991، ص 14 - 15. وقد تسلم الرد القنصل الأميركي مولي وليامسون، والقنصل السوفياتي سيرغي أساكوف، من رئيس فريق المستشارين الفلسطينيين، السيد فيصل الحسيني، خلال لقائهما به في منزله في القدس الشرقية. ووزعت "وفا" الرد يوم 25/10/1991.