السادة رؤساء الوفود
أود أن أنتهز هذه المناسبة وأبدأ بشكر رؤساء الوفود المشاركة على عقد جلسة افتتاح المؤتمر هذه التي يجتمع فيها كل الأطراف حول مائدة واحدة؛ فهذا في أية حال حدث تاريخي. وفي اعتقادي أنه ليس إلا بداية، وبداية مهمة. وبعد أن استمعت إلى كلمات المتحدثين أدركت تماماً ضخامة العملية التي يجب القيام بها خطوة فخطوة، إلى جانب القيام منذ البداية بالإجراءات اللازمة لبناء الثقة.
إن أعظم عقبة يجب التغلب عليها في المرحلة الأولى من عملية المفاوضات ـ كما أراها ـ هي التغلب على عدم الثقة وخلق مزيد من الأسس الصلبة لمفاوضات مثمرة في جو من حسن النية. لقد طُرحت اليوم أمور أساسية كثيرة، وقامت وفود مختلفة بالتعبير عن نيات في غاية الأهمية. وجرى اتهام غيرها بالتصلب والمغالاة في النظر إلى الماضي. ونعتقد أن في الإمكان مدّ الجسور، وأن لا بدّ من مدّ غيرها. إن للمجموعة الأوروبية روابط تقليدية وقديمة بالشرق الأوسط وبجميع الأطراف فيه، على السواء. إن المجموعة الأوروبية والدول الأعضاء فيها لا تتحيز إلى وجهة نظر من دون أخرى؛ فهي تأخذ جانب الناحية القانونية. نحن من أنصار السلام الذي يوفر الأمن والعدل للجميع من دون استثناء. وسنستمر في أن نكون دائماً على استعداد لتأييد أي طرف يسعى لهذا ويطلب مساعدتنا. وسنظل على اتصال وثيق ومشاورات مستمرة مع راعيي المؤتمر، وذلك للتأكد من أننا ندفع العملية بالعمل المحكم والمنطقي.
أيها الرؤساء المشاركون، إن السلام الذي يحققه الشرق الأوسط لنفسه قد يكون نعمة لا لشعوبه فقط، بل أيضاً لبيئته وللعالم ككل. إن في استطاعته تقديم الكثير، ويمكنه أن يكسب الكثير. ونحن مصممون كل التصميم على تمكين الشرق الأوسط من تحقيق هذا الهدف. وكما أشرت في خطابي الأوّلي قبل يومين، فإن المجموعة الأوروبية مستعدة كل الاستعداد لا للمشاركة البناءة فحسب، بل للمشاركة الملموسة أيضاً. ونشعر بأنه لا بد، في الوقت الملائم، من إجراء مفاوضات متعددة الأطراف إلى جانب المفاوضات الثنائية، لكن على حساب العملية السياسية بل على نحو مُواز لها، ومع التشديد على أن الأطراف كافة هي صاحبة الكلمة في اتخاذ القرارات، ويمكنها أن تقرر متى تقوم بتطبيق النتائج التي يجري التوصل إليها عن طريق المفاوضات المتعددة الأطراف. وعندما يتحقق السلام، لن يصعب عليها التعرف على الفرص الرائعة التي يعود بها عليها. ونعتقد أن من الممكن رؤية إمكانات التعاون في المنطقة وما يمكن أن تساهم به الجماعة الأوروبية بصورة ملموسة في هذه المرحلة المتقدمة، الأمر الذي يولّد لدى جميع الأطراف حافزاً إضافياً على التوصل إلى حل سياسي يؤدي لا إلى السلام فحسب بل أيضاً إلى التنمية الاقتصادية والرخاء الشامل. وأتعهد، باسم المجموعة الأوروبية والدول الإثنتي عشرة الأعضاء، بتقديم كل مساعدة لجميع الأطراف المشاركة التي تطلبها خلال المفاوضات.
وشكراً جزيلاً لكم.
المصدر: من وثائق المؤتمر.