حديث صحافي لرئيس حكومة لوكسمبورغ، جاك سانتير، يؤكد فيه ضرورة مشاركة أوروبا في مؤتمر السلام الخاص بالشرق الأوسط
النص الكامل: 

ما هو تقويمك لتجاوب دول المنطقة مع "الطرح الأوروبي الشامل" للسلام والتنمية؟

بعد سلسلة الاتصالات التي أجرتها الترويكا الأوروبية مع أطراف النزاع العربي ـ الإسرائيلي ومجلس التعاون الخليجي واتحاد المغرب العربي والولايات المتحدة، نستطيع الإشارة إلى تفهم كبير للموقف الأوروبي. فالمحادثات التي أجريتها مع الرئيس جورج بوش في واشنطن أكدت أن أوروبا والولايات المتحدة تشتركان في تفسير مقتضيات الشرعية الدولية وفي النظرة التحليلية وضرورة عدم التفريط بالفرصة المتاحة حتى لا تهدر الرغبات السلبية المتوافرة.

وتطابقت وجهات النظر خلال اجتماعاتنا مع دول مجلس التعاون الخليجي ومع الرئيس حسني مبارك. فهناك حرص مشترك على ضرورة استعجال العنصر الزمني لبدء مفاوضات السلام في إطار مؤتمر يرتكز إلى قراري مجلس الأمن الرقم 242 و338، وإلى مبدأ مبادلة الأرض بالسلام، ونحاول في اجتماعاتنا تقريب وجهات النظر بين الأطراف المتنازعة وحضها على المبادرة باتخاذ إجراءات تساهم في خلق مناخ ثقة في المنطقة. وطلبنا إلى دول مجلس التعاون الخليجي رفع المقاطعة عن المؤسسات الأوروبية التي تتعامل مع إسرائيل، وفي المقابل، طالبنا إسرائيل بوقف سياسة الاستيطان وفتح المؤسسات الجامعية وتوسيع حرية تنقل الفلسطينيين في الأراضي المحتلة [....]

والمشاركة الأوروبية؟

أذكر أنني وجدت، بصفتي الرئيس الحالي للمجلس الأوروبي، تجاوباً لدى الرئيس جورج بوش ووزير الخارجية جيمس بيكر، وأبلغت رغبتنا في المشاركة إلى يتسحاق شمير رئيس حكومة إسرائيل وأعتبر أن ردود الفعل الحالية، من جانبه، غير مرضية.

وأود توضيح الهدف من طلبنا المشاركة بشكل فعال في مؤتمر السلام: أوروبا ليست قوة عسكرية وليس لها مطامع هيمنة وإذا أكدنا على ضرورة إشراكنا فلاعتقادنا أن المجموعة قادرة على المساهمة بدور مفيد في إزاحة العراقيل التي تعترض جهود السلام من جهة، وفي المساعدة على إقامة نظام تعاون إقليمي من جهة أخرى. ونستحضر دائماً الروابط الوثيقة القائمة منذ القدم بين أوروبا والمنطقة العربية وبين أوروبا وإسرائيل.

هل رفضت إسرائيل في اتصالكم معها مشاركتكم بصفة مراقب في المؤتمر؟

نحن نرغب في مشاركة فعلية ولا نرى مبرراً لاستثناء أوروبا التي تشترك مع الولايات المتحدة في تفسير قرارات الأمم المتحدة ومبدأ الأرض مقابل السلام الذي تضمنه خطاب الرئيس جورج بوش. وبصراحة، لا أفهم الأسباب الموضوعية لتغييب أوروبا المعنية بقضايا الأمن والسلام في المنطقة المجاورة مثل اهتمامها بالتعاون الاقتصادي معها.

كيف تنظرون إلى رفض إسرائيل مشاركة الأمم المتحدة؟

نحن مع إشراك الأمم المتحدة لأن وجودها في المؤتمر يعد بمثابة عنصر ثقة، وهي معنية بضمان الاتفاقات والأمن خصوصاً بعد الفاعلية التي أظهرها مجلس الأمن في حل أزمة الخليج.

إسرائيل مستمرة في نهج الاستيطان وترفض دوراً أوروبياً ودولياً في مؤتمر السلام، والمجموعة الأوروبية تعرض عليها، في المقابل، وعوداً بامتيازات اقتصادية بعد 1992 واقتراحات بتمكينها من الامتيازات المطبقة على دول "الرابطة الأوروبية للتجارة الحرة" ووعداً بالعمل على رفع المقاطعة العربية، فإلى متى تستمر دبلوماسية "ثنائية المعايير" لفائدة المحتل وعلى حساب الضحية؟

نعرض التنازلات الاقتصادية لإسرائيل لاعتقادنا أن المواجهة معها غير مجدية. ونأمل بأن تفهم مغزى الموقف الأوروبي وترد عليه بتقديم تنازلات سلمية.

أين وصلت العلاقات مع القيادة الفلسطينية في تونس؟

أصيبت العلاقات الفلسطينية ـ الأوروبية ببرودة خلال حرب الخليج لكن الاتصالات مستمرة بانتظام عبر القنوات الدبلوماسية، ويعود قرار إعادتها على أعلى مستوى إلى تقويم مجلس وزراء الخارجية. لكنني ألاحظ أن القيادة الفلسطينية في تونس التزمت، منذ بداية مبادرة وزير الخارجية الأميركي جيمس بيكر، مواقف براغماتية واقعية ومعتدلة.

الجانب العربي يشبّه قرار مجلس الأمن الرقم 425 الداعي إلى انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان من دون قيد أو شرط بالقرار 660 الذي صدر في شأن الاحتلال العراقي للكويت؟

تحمّل لبنان أكثر مما يطيق ونأمل أن تؤدي مسيرة اتفاق الطائف إلى نتائج ملموسة. وللمجموعة الأوروبية ثوابت، منها التشديد على انسحاب كل القوات الأجنبية من أرض لبنان ونأمل أن يمكن مؤتمر السلام لبنان من استعادة سيادته على أرضه.

لكن القرار واضح ولا يستدعي مؤتمراً للبحث في تنفيذه؟

يجب عدم استبعاد لبنان من كل أعمال المؤتمر المتوقع.

[......]

 

المصدر:

"الحياة" (لندن)، 19/5/1991.