عقدت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية اجتماعا استثنائيا يوم 28/1/1991 لدراسة التطورات الناشئة عن استمرار العدوان الأميركي الصهيوني الأطلسي على العراق الشقيق، والمهمات الوطنية والقومية والدولية التي تقع على عاتق المنظمة وشعبنا الفلسطيني في التصدي لهذا العدوان، وإحباط أهدافه..
وتوصل الاجتماع إلى عدد من النتائج أبرزها ما يلي:
- ان تواصل العدوان الأميركي ـ الصهيوني ـ الأطلسي على العراق الشقيق، والاعتداءات الوحشية الاجرامية على البنية التحتية للمرافق في العراق، بما فيها المؤسسات الاقتصادية والانسانية والمدنية، إنما يكشف ان هدف العدوان هو ضرب قدرات العراق، وإضعاف صمود الأمة العربية بأسرها، تمهيدا لفرض الهيمنة الأميركية ـ الاسرائيلية على المنطقة، وإخضاع أمتنا العربية، والسيطرة على ثرواتها، ومحاولة تصفية القضية الفلسطينية. ويؤكد استمرار العدوان الاجرامي إلى حد قصف الأماكن الدينية والعتبات المقدسة في النجف الأشرف، وكربلاء، والكوفة، والكاظمية، والأعظمية، على المدى الذي وصلت اليه جرائم المعتدين الغزاة في الاستهتار بقيم أمتنا وتراثها، مما يتطلب تكاتف جميع القوى والبلدان في العالمين العربي والاسلامي، مع جميع الأحرار والشرفاء في العالم ضد هذا الغزو الهمجي، الذي يستبيح كل المقدسات، ويستهين بالحقوق القومية، ويتنكر لكل المعايير الانسانية والحضارية.
ان التحالف الأميركي ـ الصهيوني ـ الأطلسي سيتحمل وحده المسؤوليات الكبيرة إزاء ما سينتج عن هذا العدوان من تصادم حضاري، وصراعات قومية ودينية وسياسية على المدى الطويل.. بل حتى على المدى المتوسط. وهذه خطيئة مدبرة ترتكبها الادارة الأميركية تاريخيا، وحضاريا، ودينيا، في هذه المنطقة الحساسة والاستراتيجية جغرافيا وسياسيا.
ان عدوان الولايات المتحدة وحلفائها هو عدوان على كل الأمة العربية وعلى شعبنا الفلسطيني بالذات، كما انه عدوان على استقلال وكرامة كل بلد في العالم الثالث، وعلى حقوقه في السيادة الوطنية. ويكشف هذا العدوان الاجرامي، واستمراره، انه يتجاوز كل الحدود، بما في ذلك قرارات مجلس الأمن الدولي، التي استندت اليها الولايات المتحدة مغالطة لتبرير بدء العدوان على العراق الصامد والمرابط.
ان جميع القوى العربية والعالمية الحريصة على صيانة مستقبل شعوبها، وعلى وضع حد للتسلط والطغيان الأميركي ـ الصهيوني، والساعية لصون السلم والأمن الدولي، مدعوة إلى التكاتف والعمل المشترك لمواجهة العدوان الأميركي الغادر والاجرامي على شعب العراق، وأرضه، ومقدساته الروحية، وثرواته الوطنية، وإنجازاته وحضارته العريقة عبر التاريخ، والتي تشكل منارة ساطعة للحضارة الانسانية والاسلامية والعربية..
اننا ندعو، اليوم، إلى الوقوف الحازم لجميع القوى المخلصة في عالمنا العربي والاسلامي، وجميع القوى الحرة والشريفة في العالم إلى جانب العراق الصامد المكافح في مواجهة العدوان الأميركي ـ الصهيوني ـ الأطلسي، والى وضع كل الامكانيات مع شعب العراق، وبدون حدود، ومن أجل وقف هذا العدوان الاجرامي الهمجي، ولتحقيق حل سياسي عادل لجميع قضايا المنطقة وأزماتها، وفق قواعد الشرعية الدولية وبالمعيار الواحد لها.
ان وقف العدوان، وإحياء مساعي الحل العربي، والعمل على الحل الشامل لقضايا المنطقة في الاطار الدولي، وسحب قوات الغزو بكل جنسياتها من الأراضي العربية، هي الأهداف التي تلتف حولها اوسع الجماهير العربية والاسلامية، والتي تعمل في سبيلها جميع القوى المخلصة لأهداف السلام والعدل في العالم بأسره.
ومن هذا الموقع النضالي في الوقوف مع العراق المناضل وجيشه الباسل، وشعبه الصامد، وقيادته المجاهدة، نؤكد، اليوم، ان منظمة التحرير الفلسطينية، وباسم شعبنا الفلسطيني داخل وخارج الوطن، تقف وقفة الالتزام المبدئي والقومي في هذه المعركة لمواجهة العدوان، وإحباط أهدافه الاجرامية، دفاعا عن العراق الشقيق وشعبه المجاهد، دفاعا عن أمتنا العربية ومستقبلها وحريتها وأمنها القومي.
- ان شعبنا الفلسطيني داخل الوطن المحتل يعبّر، اليوم، بانتفاضته الجبارة ووقفته البطولية عن مشاركته الشاملة في هذه المعركة إلى جانب العراق الشقيق، ودفاعا عن الأهداف الوطنية والقومية. وتؤكد تضحيات شعبنا، كل يوم، إيمانه الراسخ بوحدة الكفاح والأهداف مع شعب العراق الصامد في مواجهة العدوان والغزو الأميركي ـ الصهيوني ـ الأطلسي.
ان شعبنا في الوطن المحتل يتعرض، مع استمرار انتفاضته المباركة ومنذ بداية هذا العدوان الاجرامي، لتصعيد إجرامي وشرس للقمع الاسرائيلي، والارهاب الاسرائيلي، حيث تقوم قوات قوات وحشود اسرائيلية عسكرية، وعلى نطاق لم يسبق له مثيل، بفرض منع التجول الشامل والمتواصل طوال هذه المدة، وذلك بغرض تجويع الشعب الفلسطيني بأسره، وشل كل مقومات الحياة، وممارسة الارهاب بأعنف أشكاله وأساليبه، وبهدف كسر إرادة شعبنا في الصمود والمقاومة، ويجري كل ذلك تحت سمع وبصر التحالف الأميركي ـ الصهيوني ـ الأطلسي، ويتم التعتيم الكامل على هذه الجرائم حفاظا على بقاء هذا التحالف الأميركي العدواني، ومنهجه وغاياته وأهدافه ضد أمتنا العربية كلها، باعتبارها جزءا من الحرب الشاملة التي يشنها الغزاة والمعتدون الأميركيون وأداتهم إسرائيل ضد العراق وفلسطين وكل شعوب أمتنا العربية.
ان ذلك يؤكد ويبيّن من جديد حجم مشاركة إسرائيل كحليف استراتيجي لأميركا في هذه الحرب العدوانية، والدور السري والعلني الذي تقوم به في هذه المعركة الشرسة وعلى كافة المستويات المعلوماتية واللوجستيكية والعسكرية بجانب المشاركة المباشرة على أكثر من صعيد..
ان منظمة التحرير الفلسطينية تتابع بقلق كبير ما يتعرض له شعبنا الفلسطيني المقيم في الكويت من جراء هذا العدوان الأميركي ـ الصهيوني ـ الأطلسي، الذي ألحق خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات، وكجزء من أعمال القصف والتدمير ضد المدنيين والتجمعات السكانية ونفس العدوان يتزايد ضد جماهير شعبنا الفلسطيني واللبناني في لبنان وجنوبه الصامد المرابط من جيش الاحتلال الاسرائيلي وبطشه وجرائمه...
ان شعبنا الفلسطيني، ورغم كل ألوان الارهاب والتنكيل، يتابع اليوم وبكل طاقاته وفي جميع ميادين الكفاح، مواجهة آلة الحرب الاسرائيلية التي تشكل جزءا من قوى العدوان الأميركي وحلفائه، وسوف يتواصل هذا الكفاح بتصميم لا يلين ضد الاحتلال الاسرائيلي والغزو الأميركي، دفاعا عن العراق وفلسطين وعن مستقبل الأمة العربية بأسرها.
- ان م.ت.ف. تدعو كل شعوب أمتنا وقواها الحية للمشاركة والمساهمة في معركة مواجهة العدوان والغزو الأميركي وتحالفاته، ومن أجل وقفه ومنعه من تحقيق أهدافه وسحب الغطاء العربي عنه سياسيا وعسكريا. ان نهوض القوى العربية الوطنية لدعم العراق، وإعلاء صوت شعوبنا ضد الغزاة الأميركيين، وحماية مستقبل أمتنا وتراثها وحضارتها وثروتها، وصيانة حقوق شعبنا الفلسطيني، يعتبر واجبا أساسيا ملحا في هذه المرحلة الحاسمة من تاريخنا..
ان كل وطني، عربي، مسلم، حر وشريف مدعو اليوم للقيام بواجبه التاريخي والقومي والوطني والديني، ونحن نرى اعز وأغلى عواصم العرب، بغداد الرشيد، تتعرض لقصف وتدمير أميركي ـ صهيوني ـ أطلسي مبرمج، وذلك في نطاق عدوان مجرم لا مثيل له في تاريخ منطقتنا والعالم بأسره، ولن يرحم التاريخ أي تردد او تهاون في الاسهام بكل الامكانات في معركة الدفاع عن المصير والحقوق والمقدسات التي يخوضها شعب العراق المجاهد.
- ان م.ت.ف. تتابع عملها وجهودها على النطاق الدولي وهي تدعو جميع القوى والبلدان والأحزاب والمنظمات والمؤسسات الدولية إلى المشاركة الفاعلة في حملة إدانة هذه الحرب العدوانية الظالمة، والدعوة إلى وقفها الفوري، ومعالجة جميع قضايا وأزمات المنطقة في نطاق الحل السياسي، ومن خلال المؤتمر الدولي للسلام في الخليج وفلسطين، ولفرض الأمن والسلام في هذه المنطقة وفي العالم أجمع، بعيداً عن الهيمنة الأميركية العسكرية والاقتصادية على منطقتنا..
ومن هنا نؤكد الدعوة إلى دول الحل العربي والبلدان الأوروبية، ودول عدم الانحياز، والاتحاد السوفياتي والصين الشعبية من أجل القيام بدور فاعل ومؤثر لوقف الحرب والعدوان، وإعطاء الفرصة الجدية لمساعي الحل السياسي.. فقد أكدت الحرب ذاتها على عمق وترابط مشكلات وقضايا المنطقة وعلى حاجة شعوبنا والعالم بأسره إلى حلول شاملة وعادلة لها، ولاستتباب السلام العادل والشامل.
ان منظمة التحرير الفلسطينية تتوجه بتحية الأخوة الكفاحية وبالعهد على النضال المشترك والثابت إلى شعب العراق الصامد، وقائده المناضل الرئيس صدام حسين، والى جيش العراق المقدام الذي يدافع اليوم عن شرف الأرض العربية وحقوق العرب القومية ضد الغزاة المعتدين، وعن تراث أمتنا ومقدساتها التي يحاول العدوان الأميركي ان يمتهنها. وتؤكد المنظمة، باسم شعبنا الفلسطيني المكافح داخل الوطن وخارجه، ان هذه المعركة مهما كانت كلفتها وتضحياتها، لا بد ان تكلل بالنصر المؤزر ضد العدوان وضد أهدافه الاجرامية.
ان شعب فلسطين يقف اليوم بحزم مع مقاتلي العراق الأشاوس وشعبه العظيم، وستنتصر الراية التي تحمل اسم "الله أكبر" وستبقى عالية وخفاقة. "ولينصر الله من ينصره". صدق الله العظيم.
اللجنة التنفيذية
لمنظمة التحرير الفلسطينية
تونس 28/1/1991
المصدر:
"فلسطين الثورة" (نيقوسيا)، العدد 830، 3/2/1991، ص 8 ـ 9