رسالة الرئيس جورج بوش إلى الرئيس العراقي يدعوه فيها إلى الاختيار بين الحرب والسلم، 13/1/1991
النص الكامل: 

عزيزي السيد الرئيس،

نقف اليوم على شفير حرب بين العراق والعالم. هذه حرب بدأت باحتلالكم الكويت؛ وهذه حرب لن تنتهي إلا بالتزام العراق قرار مجلس الأمن رقم 678 التزاماً كاملاً وغير مشروط.

أكتب لك مباشرة لأن مدار الأمر يستلزم ألا يُفَرَّط بأية فرصة لتجنُّب ما سوف يكون كارثة محققة على شعب العراق. وأكتب لك أيضاً لأن ثمة من يقول إنك لا تدرك مدى عزلة العراق، ولا ما يواجه العراق من جرّاء ذلك. لست في موضع يمكنني من معرفة هل هذا الانطباع صحيح أم لا؟ إلا ان ما أستطيع فعله هو ان أحاول، في هذا الكتاب، تأكيد ما قاله وزير الخارجية بيكر لوزير خارجيتكم، وذلك دفعاً لأي شك أو غموض قد يساور فكركم في شأن موقفنا وما نحن على استعداد لفعله.

ان المجتمع الدولي مجمع على دعوة العراق إلى مغادرة الكويت كلياً، بلا شروط ولا تأخير. وليس هذا مجرد سياسة الولايات المتحدة؛ انه موقف المجتمع الدولي المعبَّر عنه في ما لا يقل عن 12 قراراً من مجلس الأمن.

نحن نفضل حلاً سلمياً. إلا اننا لا نقبل بأي شيء غير التزام قرار مجلس الأمن رقم 678 وما سبقه التزاماً كاملاً. لن يكون ثمة من ثواب على العدوان. ولا مجال لأية مفاوضات. ولا مساومة في المبادئ. ومع ذلك ففي وسع العراق، إذا ما التزم القرارات التزاماً كاملاً، أن يكسب فرصة العودة إلى المجتمع الدولي. ثم ان المؤسسة العسكرية العراقية ستنجو، في المدى القريب، من الدمار. لكنكم، إذا لم تنسحبوا من الكويت انسحاباً كاملاً غير مشروط، ستخسرون أكثر من الكويت. مدار الكلام هنا ليس مستقبل الكويت ـ فسوف تحرر، وتعود حكومتها إليها ـ بل مستقبل العراق. والخيار لكم ان تختاروا.

لن تفترق الولايات المتحدة عن شركائها في التحالف. إثنا عشر قراراً لمجلس الأمن، 28 بلداً تقدم وحدات عسكرية لتنفيذ هذه القرارات، وما يزيد على 100 حكومة تلتزم العقوبات ـ هذا كله يبيِّن أن المواجهة ليست بين العراق والولايات المتحدة، بل بين العراق والعالم. وينبغي لاصطفاف معظم الدول العربية والإسلامية ضدكم أن يعزِّز ما أقول. لا يقدر العراق، ولن يقدر على التمسك بالكويت أو انتزاع ثمن مغادرته.

وربما أغراكم ما تجدونه من تنوع الآراء في الديمقراطية الأميركية بشيء من الرجاء. أولى بكم أن تتمالكوا عن هذا الإغراء. فيجب ألا تخلطوا بين التنوع والانقسام. كما ينبغي لكم ألا تستهينوا، كما فعل غيركم من قبل، بإرادة أميركا.

لقد بدأ العراق يعاني آثار العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة. ولئن وقعت الحرب فلسوف تكون مأساة أعظم لكم ولبلدكم. ودعني أصرِّح أيضاً ان الولايات المتحدة لن تتساهل في شأن استعمال الأسلحة الكيماوية أو البيولوجية، ولا في دعم أي نوع من الأعمال الإرهابية، ولا في تدمير حقول النفط الكويتية أو منشآته. فالشعب الأميركي سيطالب بأشد أنواع الرد. وستدفعون أنتم وبلدكم ثمناً رهيباً إذا ما أمرتم بأعمال متهورة من هذا القبيل.

أكتب لكم هذا لا متوعِّداً، بل منبِّئاً. ولا يخالجني أي شعور بالرضى من جرَّاء ما أكتب، لأن ليس بين شعب الولايات المتحدة والشعب العراقي أية خصومة. سيادة الرئيس، لقد أتاح قرار مجلس الأمن رقم 678 فترة ما قبل 15 كانون الثاني/ يناير من هذه السنة "مهلة لحسن النية"، بحيث تنتهي هذه الأزمة من دون مزيد عنف. فأما استعمال هذه المهلة لما هو مرجو منها، أو تحوُّلها إلى مقدمة لمزيد من العنف، فمنوط أمره بيدكم لا غير. آمل بأن تفكروا فيما تقرِّرون ملياً، وأن تختاروا القرار الحكيم لأن الكثير الكثير يتعلق به.

 

*  International Herald Tribune (Paris), January 14, 1991.