رسالة الرئيس حافظ الأسد إلى الرئيس العراقي يناشده فيها الانسحاب من الكويت، دمشق، 12/1/1991
النص الكامل: 

          لقد عزمت أن أتوجه إليكم بهذه الرسالة على رغم ما بيننا منذ سنوات عدة من خلافات في وجهات النظر وعلاقات غير ودية.... فأي أذى يصيب العراق هو في نهاية الأمر أذى يصيب بشكل من الأشكال سوريا والأمة العربية.

          وعندما نرى أن العراق يواجه خطراً جدياً كما هي الحال الآن، فإن الخلافات بين قطرين شقيقين تضمحل وتزول، لأن ما يجمع بيننا أكبر وأهم كثيراً من أية خلافات ومكاسب آنية قد تتراءى لنا، هذا إذا صح أن نقول اننا أمام أية مكاسب.

          وإذا كنت أشدد على الخطر الجدي الذي تواجهه الأمة عامة والعراق خاصة، وأدعو إلى تفويت الفرصة على الأعداء، فلست في صدد مناقشة وجه الحق ووجه الباطل في اجتياح العراق للكويت، فهذه مسألة أخرى ليس هذا مكان ولا أوان مناقشتها، وإنما المهم في الظرف الراهن هو ما نواجهه من وضع خطر وخطير يهدد العراق.

          إن حرصنا على العراق بأرضه وشعبه وجيشه كحرصنا على أنفسنا لأن العراق جزء عزيز غال من أرض العرب وأمة العرب.

          إن المستفيد من الوضع في هذه اللحظات هو إسرائيل التي تحتل أراضي عربية وتخطط وتعمل للتوسع المستمر في أرض العرب وتستفيد من الوضع الدولي الحالي والتناقض العربي، في حين أن العرب، مجتمعين ومنفردين، وفي مقدمتهم العراق هم الخاسرون. ولا أرى أن لأحد من العرب مصلحة فيما يحدث الآن، ولا أرى أن للعراق مصلحة فيه.

          إن المصلحة الأساسية للأمة العربية، وخاصة في هذه المرحلة التاريخية، هي في التماسك والتضامن الحقيقي، وأن يوفر كل بلد عربي الطمأنينة للبلد العربي الآخر، حتى ولو كانت بينهما خلافات في موضوع أو أكثر من الموضوعات العربية.

          لا أريد أن أصدق أن الشعور عند العرب بوحدة المصير قد زال، أو أن التضامن بين العرب صار في حيز المستحيل، بل أريد أن أؤكد أن فداحة الخطر كفيلة بأن تعزز الشعور بوحدة المصير وكفيلة بأن تدفع إلى التضامن العربي، وإلى حل الخلافات العربية بالحوار لا بالقسر.

          إن صعوبة الواقع الراهنة في الوطن العربي وتعقيده وما يحمله من أخطار، ناجمة عن دخول العراق إلى الكويت وضمها بالقوة وإلغاء وجود الكويت كدولة مستقلة عضو في جامعة الدول العربية وفي منظمة الأمم المتحدة، وهذا ما لا نعتقد أنه تصرف مشروع، ولا يحق للعراق أن يقدم عليه، ولو من وجهة نظر وحدوية، لأن أسلوب القوة والعنف ليس بالأسلوب الصالح والملائم لتحقيق الوحدة، بل هو سبب لعرقلة أي عمل وحدوي والنفور منه.

          فليكن إذن انسحاب العراق من الكويت المقدمة لجو جديد تتلاشى فيه الأخطار الجدية ونقف فيه صفاً واحداً وقوة واحدة في وجه كل من يهدد أرضنا ومصالحنا وكرامتنا ومصيرنا.

          وقد يقول قائل ان العراق سيكون مستهدفاً بهجوم حتى لو خرج من الكويت.

          إنني أريد أن أؤكد في هذا الشأن عهداً أخوياً لا شك فيه: انه لو حدث ذلك بعد الخروج من الكويت، فإن سوريا ستقف بكل إمكاناتها، المادية والمعنوية، إلى جانب العراق في خندق واحد، تقاتل معه بكل شدة وبأس إلى أن يتحقق النصر.

 

المصدر:

"البعث" (دمشق)، 23/12/1991.