الانتفاضة: مقدمات، وقائع، تفاعلات وآفاق
بقلم أسعد عبد الرحمن ونواف الزرو.
بيروت: مؤسسة الأبحاث العربية، 1989.
عمل آخر يعرض للانتفاضة الفلسطينية المستمرة في المناطق المحتلة منذ سنة 1967، بعد مرور عام واحد تقريباً على نشوبها، فيضعها في سياقها التاريخي، ويتناول مقدماتها والأسباب الموضوعية والذاتية التي حدت الجماهير الفلسطينية على أخذ زمام المبادرة في أيديها. ثم يعرض للوسائل والأساليب التنظيمية والقتالية التي لجأت إليها لمقاومة الاحتلال، بما فيها من ابتكارات وإبداعات وتجاوز لإخفاقات الانتفاضات الفلسطينية السابقة، وخصوصاً تجربة "الإضراب الكبير" سنة 1976 (يوم الأرض)، مع تسجيل لأبرز وقائع ردة الفعل القمعية الإسرائيلية.
يحدد الكتاب السمات الرئيسية المميزة للانتفاضة وتأثيراتها، وما حققته من إنجازات ومكاسب على الصعيد الفلسطيني والعربي والإسرائيلي والدولي، ويخصص فصلاً كاملاً لتأثيرها في عرب 1948، على صعيد ما حصلت عليه من دعم ومساعدة وعلى صعيد ما أثارته في وسطهم من نشاط تضامني من شأنه أن يُغني التجربة الوطنية النضالية لهذه الأقلية الفلسطينية الواقعة في الأسر، إنْ في إذكار الوعي السياسي أو في بلورة نشاطات وطنية منظمة.
ويتصدى الكتاب المقولات ومغالطات مشكوك في دوافعها وغاياتها، مثل التركيز على "عفوية" الانتفاضة و "تلقائية" قدرتها على الصمود والاستمرار، وكأنما لا تخطيط ولا تنظيم ولا استثمار موارد كان موجباً لإشعالها والمثابرة على تغذية هذه الشعلة؛ ومثل التركيز على أهلم الداخل في مقابل الأغيار في الخارج، باعتباره محاولة لدق اسفين بين الجناحين واستدراج قيادات بديلة من م. ت. ف. في المناطق المحتلة، على أمل أن يرضى هذا البديل بـ "إنجازات مطلبية سريعة" قبل فوات الأوان واستباق نجاح الجيش الإسرائيلي في قمع الانتفاضة وإخمادها.
ويحاول الكتاب استشراف آفاق الانتفاضة باعتبارها ليست مجرد عمل من أعمال اليأس والإحباط الناجمة عن تجاهل دولي وعربي مزمن. فيعرض لنجاحها في إسقاط فرص الخيارات الأميركية والإسرائيلية التي تُطرح وتنطوي على حلول تصفوية، لا على استجابة لتطلعات الفلسطيني إلى التحرر وتقرير مصيره بنفسه، ليصل في النهاية إلى القول بحاجة الزخم الذاتي للانتفاضة إلى الدعم العربي ومشاركته، ثم يلتزم فجأة الصمت العميق.