سيغال. "خلق الدولة الفلسطينية: استراتيجية للسلام" (بالإنكليزية)
الكتاب المراجع
النص الكامل: 

خلق الدولة الفلسطينية: استراتيجية للسلام

Creating the Palestinian State: A Strategy for Peace

By Jerome Segal.

Chicago: Lawrence Hill Books, 1989.

 

كتاب جيروم سيغال عن خلق الدولة الفلسطينية هو دعوة للعقل، والعدل، والكرامة الإنسانية، والواقعية. إنه دعوة إلى العمل – الجريء والفوري والواقعي – يوجهها إلى الشعب الفلسطيني وقيادته، والشعب الإسرائيلي وقيادته، والشعب الأميركي وحكومته، والجالية الأميركية اليهودية. وهذه المجموعة الأخيرة بالذات أمامها دور مميز تقوم به؛ ففي إطار هذه المجموعة وعى مؤلف الكتاب يهوديته، وبالتالي الكرامة الإنسانية المتبادلة التي تربط إسرائيل والشعب اليهودي من جهة، وفلسطين والشعب الفلسطيني من جهة أخرى. لكن ذلك لا يعني أن الكتاب بحث فلسفي مثالي في شأن الطبيعة الإنسانية.

إذ ينطلق برنامج عمل المؤلف واستراتيجيته للفلسطينيين من "الوقائع على الأرض". وتشمل هذه الوقائع ببساطة: (1) وجود شعبين مرتبطين بصورة وثيقة جغرافياً، ومادياً، واقتصادياً، وسياسياً، وحتى ثقافياً؛ (2) التطلعات الوطنية لكلا الشعبين من أجل الحصول على كيان يحققان فيه إمكاناتهما البشرية بحرية واستقلال وكرامة؛ (3) إن  إسرائيل وجدت لتبقى كدولة على جزء من فلسطين التاريخية؛ (4) إن منظمة التحرير الفلسطينية، التي تمثل الشعب الفلسطيني، قد أجرت تعديلاً حقيقياً في موقفها من إسرائيل. وانطلاقاً من هذه  الوقائع، استطاع المؤلف أن قيم عدداً من الافتراضات المهمة: إن أية مفاوضات حقيقية لا يمكن أن تتطور بين إسرائيل والفلسطينيين إلا إذا أُنشئت دولة فلسطينية؛ إن مثل هذه الدولة لن يكون نهاية بحد ذاته، بل بداية لعملية سلام شاقة تستلزم العديد من التنازلات؛ إن عملية السلام يجب أن تضم ممثلين عدة – عرباً وإسرائيليين وآخرين؛ إن على المشاركين في هذه العملية أن يعلنوا مواقفهم بوضوح، من دون لبس ومن دون الفوارق البلاغية الدقيقة والكلمات الطنانة والالتباسات المفاهيمية؛ وأنه بينما السلام أمر مفيد للأحاسيس الخلقية للمعنيين، فإن لاستمرار الصراع آثاراً ضارة على المصالح الملموسة للمجموعة الدولية، بدءاً بأسعار النفط وانتهاء بالعلائق الأميركية – السوفياتية.

والكتاب، أساساً، محاولة لإبراز الفِكَر التي سبق أن عرضها الكاتب في مقالاته الصحافية خلال سنة 1988. وبينما يسخر المؤلف من وصف الصحافة له بـ"هيرتسل الدولة الفلسطينية"، فإنه كأكاديمي يهودي أميركي ذهب في رحلة تاريخية فكرية بلغت أوجها في دعوته إلى واحد من أكثر المقولات أساسية: إن الإسرائيليين والفلسطينيين هم وجهان لعملة واحدة – والوجهان الوحيدان لهذه العملة. ويؤدي المؤلف، بقيامه بهذه الرحلة، خدمة جلى لعملية دفع قضية السلام بين العرب واليهود في الأرض الموعودة.

ويشتمل هذا الكتاب، الصغير الحجم والمؤثر، على مقدمة فكرية تتناول طبيعة الصراع العربي – الإسرائيلي، بالإضافة إلى أربعة فصول تغطي موضوعات عدة، منها: تطور منظمة التحرير الفلسطينية، والحاجة إلى استراتيجية جديدة، وعناصر مشروع صفة/حالة الدولة، وأخيراً الأسئلة المطروحة في شأن استراتيجية الدولة.

والنقطة الرئيسية التي يثيرها المؤلف في مناقشته تطور م. ت. ف.، هي أن موقف المنظمة حيال إسرائيل تغير جدياً، من الرفض الكلي إلى التوافق الحقيقي والقبول بالعيش السلمي بجانب الدولة اليهودية. وبالنسبة إلى المؤلف، فإن الانتفاضة، وعلاقة المنظمة بالقيادة الفلسطينية الرازحة تحت نير الاحتلال، بالإضافة إلى اعتدال القيادة الفلسطينية بزعامة ياسر عرفات، جعلت من الضروري أن تضع منظمة التحرير استراتيجي جديدة لها. وهذه الاستراتيجية التي يحدد الفصل الثاني من الكتاب "شروطها العامة"، تتضمن العناصر التالية:

1- "إعلان فلسطيني من جانب واحد للاستقلال وقيام الدولة، يرافقه تأليف حكومة موقتة تحل مجل م. ت. ف.؛

2- إعلان مبادرة السلام؛

3- القيام بخطوات لبناء عصب قوة الدولة الجديدة؛

4- إنجاز حملة لإتمام انسحاب القوات الإسرائيلية" (ص ix-x).

وعلى الرغم من أن المرء قد يعترض على بعض العناصر المحددة في خطة سيغال، فإن كتاب"خلق الدولة الفلسطينية" هو محاولة عقلانية جيدة، لا تخلو من عنصري التعاطف والواقعية. إنه مطالعة ضرورية لكل مهتم بتعزيز السلام الإسرائيلي – الفلسطيني.