الديمقراطية الإسرائيلية: الحكم في دولة إسرائيل (بالعبربة)
بقلم د. زئيف سيغل. وزارة الدفاع، 1988.
في 14 أيار/ مايو 1948 أعلن بن – غوريون، أمام أعضاء مجلس الشعب وممثلين عن الييشوف والحركة الصهيونية، قيام دولة إسرائيل. وشكل هذا الإعلان وثيقة تاريخية عرفت باسم "إعلان الاستقلال"، وأصبحت فيما بعد المصدر والأساس لكل القوانين والأنظمة التي نظمت أساليب الحكم في إسرائيل. وحتى اليوم، وبعد مضي أكثر من أربعين عاماً على هذه الوثيقة، ما زالت دولة إسرائيل من دون دستور مكتوب، وما زال "إعلان الاستقلال" المصدر الوحيد للتشريع.
يدرس د. سيغل المسار الذي قطعته إسرائيل منذ هذا الإعلان حتى أيامنا هذه. ويعرض الأسس القانونية والحقوقية لنظام الحكم وسلطاته في إسرائيل، مشدداً على الطابع الديمقراطي للأنظمة والقوانين.
وكتاب "الديمقراطية الإسرائيلية" دراسة أكاديمية لا تخلو من النقد لنظام الحكم الإسرائيلي ومؤسساته. وهو يتألف من إثني عشر فصلاً مرفقة بملاحق.
يعرض المؤلف في الفصل الأول "إعلان الاستقلال" وقانون تأسيس الدولة. ثم يعرض في الفصل الثاني الصادر التي يعتمد القضاء الإسرائيلي عليها، ويتحدث عن الفصل بين السلطات في إسرائيل ويقارنه بما لدى الدول الأخرى، مثل إنكلترا والولايات المتحدة.
ويتوقف المؤلف أمام سلطة القانون، فيشدد على أنها ضرورية لا للفرد فحسب، وإنما هي ملزمة للحكم أيضاً. فـ "كل عناصر الدولة يجب أن تحترم القانون" (ص 67)، وسلطة القانون هي سلطة المحاكم. ويعطي المؤلف مثلاً لأوامر غير قانونية يعاقب عليها القانون، الأمر الذي صدر في مجزرة كفر قاسم. ويعرض المحاكمة التي جرت في هذه القضية.
يخصص د. سيغل الفصل الخامس من كتابه لدراسة الكنيست الإسرائيلي، فيتحدث بالتفصيل عن الانتخابات وأسلوبها، وعن عملية الترشيح والانتخاب. ثم يعرض صلاحيات الكنيست ودوره التشريعي. كما يتحدث عن مسؤوليته في مراقبة أعمال الدولة، ليعرض في النهاية صلاحيات أعضاء الكنيست وحقوقهم.
أما الفصل السادس فيخصصه الكاتب للحكومة الإسرائيلية؛ تأليفها واستقالتها، مسؤولياتها وصلاحياتها، وصلاحيات الوزراء. ثم ينتقل المؤلف، في الفصل السابع، إلى الحديث عن المستشار القضائي للحكومة، و"لجان التحقيق الرسمية". أما الفصل الثامن لهو لرئيس الدولة: كيفية انتخابه، وما هي الصلاحيات التي يتمتع بها.
وتعرض الفصول التاسع والعاشر والحادي عشر موضوع المحاكم وسلطتها وأجهزتها. وأما الفصل الأخير فعنوانه: "حقوق الفرد وديمقراطية ذاتية". يقول المؤلف في هذا الفصل، الذي هو بمثابة تلخيص لمسألة الديمقراطية في بلد لا يعتمد قانوناً مكتوباً له: "إن الدفاع عن حقوق الفرد في مهمة المحاكم العليا، حتى في غياب قانون مكتوب... والمحكمة تقوم بذلك إذ تتوجه إلى إعلان الاستقلال، الذي يشكل المصدر القضائي الأساسي الذي يحدد واجبات الدولة في الدفاع عن حقوق الفرد الأساسية" (ص 261). إن هذه الدولة، على الرغ من كل التطورات التي مرت بها والأشكال التنظيمية لمؤسسات الحكم والسلطة والقضاء فيها، تعتمد على الوثيقة الأولى لإعلان الاستقلال في كل قوانينها وذلك في غياب قانون مكتوب حتى اليوم.
ويختم المؤلف كتابه بمقطع مأخوذ من كلام رئيس المحكمة العليا، كاتب مقدمة الكتاب مئير شمغر. وهذا المقطع من الأهمية بحيث يجدر التوقف عنده إذ يقول: "إن التعبير عن الديمقراطية ليس في سيطرة الأكثرية فقط، وإنما أيضاً في كبح قوة الأكثرية من أجل الدفاع عن حقوق الأقلية... فكما بدأنا طريقنا السياسي المستقبل بإعلان صريح وعلني عن حقوقنا وتراثنا ومعتقداتنا السياسية، يجب الآن إضافة مدماك جديد وتقوية وإغناء الطابع الديمقراطي لمجتمعنا، وذلك باستكمال مهمة إنجاز القانون الذي ما زال ينتظر الانتهاء من إنجازه منذ فترة طويلة جداً."
وتجدر الإشارة إلى أن الكتاب شمل نحو 14 ملحقاً، مثل إعلان قيام دولة إسرائيل، وقوانين أساسية مثل قانون الحكومة ورئيس الدولة والقدس عاصمة لإسرائيل، وغير ذلك.
يتناول د. سيغل مسألة الديمقراطية على الصعيد النظري المؤسساتي، ولا يتطرق إلى كيفية تطبيق هذه الديمقراطية على الصعيد الحياتي العملي. فهو لا يشير مثلاً إلى الوضع الحقوقي والقانون للأقلية العربية داخل إسرائيل، وهي التي ما زالت تعاني الحرمان واللامساواة والتمييز، على الرغم من كونها تخضع لسلطة القانون والدولة.
والمفارقة أنْ يصدر كتاب عن الديمقراطية الإسرائيلية عن وزارة الدفاع بالذات؛ وهي المؤسسة التي أُوكل إليها منذ عامين قمع الانتفاضة الشعبية في المناطق المحتلة، ضاربة عرض الحائط بأبسط حقوق الإنسان وبمفاهيم الديمقراطية في آن.