يخطط رئيس بلدية القدس، إيهود أولمرت، لـ "سباق هدم" يصار فيه إلى هدم عشرات المساكن المبنية بصورة غير قانونية في القدس الشرقية. وبسبب الفرصة المحدودة جداً للحصول على رخصة بناء ، يختار السكان الفلسطينيون في القدس الشرقية اللجوء إلى البناء من دون ترخيص على نطاق أضيق من الأبنية المشيدة من دون ترخيص في القدس الغربية، ولكنهم يعاقبون بصورة أشد قسوة.
في الثالث من آب/أغسطس، هُدمت في القدس الشرقية ثلاثة مساكن مبنية بصورة غير قانونية. وبعد عشرة أيام، أُضيفت إلى اللائحة خمسة مساكن أُخرى. إن عمليات الهدم هذه هي جزء من برنامج شامل. وفي أوائل تشرين الأول/أكتوبر، يخطط رئيس بلدية القدس، إيهود أولمرت، لـ "سباق هدم" يصار فيه إلى هدم عشرات المساكن المبنية بصورة غير قانونية في القدس الشرقية. أمّا في الوقت الراهن، فهو يقوم بحملة علاقات عامة مصقولة مع المسؤولين الحكوميين ومع وسائل الإعلام.
وفي إطار حملة العلاقات العامة هذه، مثل أولمرت أمام لجنة الدستور والقانون والقضاء في الكنيست، وقدم الشروح إلى الأعضاء، وعرض عليهم أرقاماً في محاولة لإقناعهم بإلحاحية تنفيذ برنامج هدم عام وواسع - وهو برنامج يمكن أن يؤدي إلى اصطدام عنيف آخر مع الفلسطينيين. وحيال هذه الحقيقة، من الحيوي هنا أن نفحص بدقة تلك المعطيات التي قدمها أولمرت إلى اللجنة.
في الخامس عشر من تموز/يوليو، صرح أولمرت أمام أعضاء اللجنة قائلاً: "على العموم، هنالك مخططات رئيسية بالنسبة إلى جميع أجزاء هذه المنطقة (القدس الشرقية)."
الحقيقة: فرضت إسرائيل، في حزيران/يونيو 1967، سيادتها على الـ 70 كلم2، أي ما يشار إليه عادة بالقدس الشرقية. وتم مصادرة 25 كلم2 من هذه المنطقة، لبناء أحياء يهودية. ولا توجد مخططات بناء رئيسية فيما يتعلق بـ 28 كلم2 من مجموع الـ 45 كلم2الباقية، وأي بناء فيها يتطلب إذناً خاصاً لا يعطى إلا في حالات استثنائية. وبالنسبة إلى الـ 17 كلم2التي لها مخططات رئيسية، هناك 5 كلم2فقط مخصصة لإنشاء المباني السكنية. وهكذا، بعد كل قيل ونُفذ، خُصص نحو 8% فقط من مساحة القدس الشرقية كلها لحاجات السكان الفلسطينيين السكنية. ثم حُددت إمكانات أعمال البناء، حتى في هذه المنطقة الصغيرة. ففي الإمكان بناء وحدات من طبقة واحدة أو طبقتين فقط. وكانت قطع الأراضي المخصصة للمباني السكنية تقع، بصورة رئيسية، في مناطق تم تطويرها بحيث أصبح المجال لإقامة إنشاءات جديدة مسدوداً.
أولمرت: "إن المخططات الرئيسية الموجودة تسمح بإنشاء 12,250 وحدة سكنية للسكان العرب... هناك مخططات بناء رئيسية يمكن استعمالها إذا رغب مالك الأرض العربي في ذلك."
الحقيقة: يوجد مجال في القدس الشرقية لإنشاء 3000 وحدة سكنية، على أبعد حد - أي أقل من خُمس ما يدعيه أولمرت. إن أرقامه مبنية على وثيقة أصدرتها دائرة التخطيط في البلدية، تتناول قدرة استيعاب أرض القدس الشرقية كلها؛ وهذه الأرقام لا تعكس عدد رخص البناء المحتملة التي يمكن الحصول عليها؛ وهو عدد أقل من ذلك كثيراً. فالأرقام التي يذكرها أولمرت تشمل، من ناحية، آلاف الوحدات السكنية التي لا يمكن الحصول لها على رخص بناء، كما تشمل، من ناحية أُخرى، مئات الوحدات التي تم إنشاؤها فعلاً.
أولمرت: "بناء على تقديرات الخبراء في البلدية، فإن الاكتظاظ بين السكان غير اليهود في القدس الشرقية أقل حدة مما هو عليه بين السكان اليهود في المدينة."
الحقيقة: في كتاب الإحصاء السنوي للقدس لسنة 1996، الذي صدر بالتعاون الوثيق مع البلدية، أُشير إلى أن 2,4% من المقيمين اليهود بالمدينة يسكنون وحدات سكنية بمعدل 3 أشخاص أو أكثر في الغرفة، بينما النسبة بين الفلسطينيين هي 27,8%. كما أن 13,5% فقط من المساكن اليهوديةتضم أكثر من شخصين قياساً بـ 61,5% من مساكن الفلسطينيين.
أولمرت يزعم أن الحكومة لا تفضّل اليهود على العرب في مشاريعها للبناء.
الحقيقة: منذ سنة 1967، صادرت الحكومة أكثر من 35% من أراضي القدس الشرقية، أقيم عليها مشاريع لبناء المساكن العامة التي أمنت 40,000 وحدة سكنية لليهود فقط. أما بالنسبة إلى الفلسطينيين الذين يعيشون في القدس الشرقية، فلم تبن لهم وحدة سكنية واحدة.
وفي الوقت الحاضر، يُخطط لبناء 6500 وحدة سكنية، أو هي في طور البناء، لليهود في هار حوما. وهنالك أيضاً 2100 وحدة سكنية يُخطط لها، أو هي في طور البناء - أيضاً لليهود فقط - في ضاحية ريخس شعفاط، قياساً بـ 400 وحدة فقط للعرب في صور باهر.
بالنسبة إلى أولمرت، هنالك 2600 [؟] منزل في القدس الشرقية كلها مبنية من دون رخص قانونية: 500 في العيسوية؛ 500 في سلوان؛ 500 في كفر عقب؛ 350 في بيت حنينا وشعفاط؛ 200 في أم طوبى وصور باهر؛ 50 في الطور؛ 200 في المدينة القديمة وفي القسم الأوسط من القدس الشرقية.
الحقيقة: بين أول حزيران/يونيو 1995 وأول تشرين الأول/أكتوبر 1996، حدّد مفتشو الإسكان في البلدية 571 حالة فقط من البناء غير المرخص في القدس الشرقية، بينما حددوا 2376 حالة من البناء غير المرخص في القدس الشرقية في فترة عامين (ليس 1300 حالة كما أعلن ناطق باسم البلدية في 23 تموز/يوليو).
ختاماً: في مواجهة مأزق العيش في حالات اكتظاظ خانقة أو مغادرة المدينة، يختار السكان الفلسطينيون في القدس الشرقية، بسبب الفرصة المحدودة جداً للحصول على رخصة بناء، اللجوء إلى البناء من دون ترخيص على نطاق أضيق من الأبنية المشيدة من دون ترخيص في القدس الغربية - ولكنهم يعاقبون بصورة أشد قسوة.