تذكروا الثمن
كلمات مفتاحية: 
معاهدة السلام الأردنية ـ الإسرائيلية 1994
إسرائيل
الأردن
شرق الأردن
اللاجئون الفلسطينيون
الحرم الشريف
نبذة مختصرة: 

يطرح أريئيل شارون الأسباب التي حملته على عدم التصويت لمصلحة اتفاق السلام مع الأردن، على الرغم من رغبته الشديدة في ذلك، منها عدم ذكر الصلة التاريخية بشرق الأردن، عدم رسم الحدود، قضية اللاجئين الفلسطينيين، وغيرها. لكن ما لا يستطيع قبوله بأية حال من الأحوال هو منح الأردن مكانة ودوراً على "جبل الهيكل" [الحرم الشريف] في اتفاق سياسي.

النص الكامل: 

لم أصوت لمصلحة اتفاق السلام مع الأردن، على الرغم من رغبتي الشديدة في ذلك. ولم أسافر للمشاركة في الاحتفال في وادي عربه، على الرغم من توقي إلى ذلك. لم يكن الأمر مخططاً من جانبي، أو موضع تفكير مسبق، بل نتاج عاصفة نفسية أخذت تتعاظم [في أعماقي] كلما مر الوقت واقتربت ساعة التصويت. لقد تملكني إحساس بأنني غير قادر على رفع يدي تأييداً لهذا الاتفاق.

إنني مع عقد اتفاقات سلام مع الدول العربية كلها، ومع الأردن بصورة خاصة؛ فالأردن هو الدولة الفلسطينية القائمة حالياً، ولا يجوز إقامة دولة فلسطينية أُخرى إلى جانبه. ولذا، فمع الأردن - ومعه فقط - كنت لأبحث في الموضوع الفلسطيني.

ليس لدى شكوى ضد الملك حسين؛ فقد أدار المفاوضات على نحو جاد، كصاحب البيت، ومع جميع قواعد التشريفات الملكية. لكن إزاءه [على طاولة المفاوضات] جلس جباة البلدة، وفي قلوبهم المصابة بالهلع رغبة واحدة فقط: الانتهاء سريعاً.

في هذا الاتفاق، غاب عدد من البنود، وعدد آخر كان يجب ألاّ يكون. مثلاً:

  • ليس فيه ذكر، ولو بكلمة واحدة لصلتنا التاريخية بشرق الأردن، وبجبال غلعاد وبأرض الباشان*؛ أرض الأسباط رؤوفين، وغاد ونصف سبط منشيه. تلك المنطقة التي حصلنا عليها، بوصفها جزءاً من "الوطن القومي اليهودي"، من عصبة الأمم عقب إعلان بلفور، والتي سلبها البريطانيون منا بعد بضعة أعوام، سنة 1922. صحيح أن حقائق سياسية نشأت منذ ذلك الوقت، لكن هل يجوز عدم الإشارة إلى ذلك ولو بكلمة واحدة؟
  • ليس هناك رسم للحدود بيننا وبين الأردن، على امتداد المقطع القائم بين البحر الميت وغور بيسان. ولإسرائيل مصلحة حقيقية وحيوية في رسم الحدود لتمكينها من الجلوس [أي التمركز الأمني] على نهر الأردن.
  • قضية اللاجئين الفلسطينيين، وضرورة توطينهم وتأهيلهم في البلاد التي يقيمون فيها حالياً، غير ملحوظتين في الاتفاق. ولذلك، فإن الضغوط على إسرائيل للقبول بعودتهم ستشتد في المستقبل.
  • بموجب الاتفاق، علينا أن نتقاسم تلك الكمية القليلة من المياه التي في حيازتنا. وعلى الرغم من ضائقتنا المائية الشديدة، علينا نقل جزء منها إلى الأردن، "ليس بكمية كبيرة"، على حد قول "خبراء البلاط"؛ فقط ما يتراوح بين 50 مليون و 100 مليون متر مكتب من المياه (وهذه هي الكمية اللازمة للحفاظ على 50 مستوطنة زراعية في إسرائيل).
  • لا يتضمن الاتفاق بنداً بشأن اعتبار منظمات الإرهاب منظمات خارجة على القانون، حتى بالنسبة إلى حركة "حماس"، التي لها مراكز قيادة في الأردن. وحكومة إسرائيل لم تطالب حتى بذلك.

 

هذه الأمور كلها أخطاء، وأخطاء خطرة، لكن لعل في الإمكان تجاوزها. لكن ما لا أستطيع قبوله بأية حال من الأحوال هو منح المملكة الأردنية مكانة ودوراً على جبل الهيكل [الحرم الشريف في القدس] في اتفاق سياسي. هذا المكان الأكثر قدسية بالنسبة إلى الشعب اليهودي.

إن أي شعب في العالم ما كان ليفعل ذلك، وأية حكومة لم تفقد صوابها ما كانت تجرؤ على اتخاذ خطوة كهذه. فقط من ليس عنده قدسية لأي شيء يمكنه التصرف هكذا. ومن دون التمسك بما هو مقدس لنا، فإننا لن نبقى هنا. وفي المناسبة، وبعيداً عن المقارنة: هل كان في إمكاننا أن نحصل من الأردن على اعتراف ومكانة خاصة في غلعاد وجبل نابو؟ هل حاولت الحكومة أن تطلب ذلك؟

لقد أحسست بأن هذا لا يحق ولا يجوز لجيلنا، الذي اؤتمن على المكان الأكثر قدسية للشعب اليهودي. وحياة الجيل أقصر من أن تحدد للأجيال المقبلة مصير هذا المكان المقدس، من خلال التنازل عنه. فالتنازل عن السيطرة على جبل الهيكل هو بداية التنازل عن السيطرة على القدس.

لكن هذه الحكومة لم تتردد، ويدها لم ترتعد [عندما فعلت ذلك].

[.......]

هذه الأناشيد، من الصعب استيعابها؛ فكل شيء يتحول، وهم يحاولون تحويل العدو إلى صديق. هذا أمر مهم، لكن لا يجوز أيضاً أن ننسى؛ [فما كان] لم يكن قصة غرامية سرية. لقد كانت حروباً ضارية على امتداد أعوام طويلة. الحاشية تتوجه إلى العقبة، وأنا أصلي: قبل أن تقدموا تنازلاً آخر، تذكروا الثمن. 

 

المصدر: "يديعوت أحرونوت"، 28/10/1994.

* أرض الباشان تسمية توراتية لمنطقة واقعة شمالي نهر اليرموك وشرقي نهر الأردن والحولة وطبريا. (المحرر)