الجديد والقديم في التصور الإسرائيلي للحكم الذاتي
كلمات مفتاحية: 
مفاوضات السلام
الحكم الذاتي
الضفة الغربية
قطاع غزة
نبذة مختصرة: 

يعرض هذا المقال التصور الإسرائيلي للحكم الذاتي وذلك بالاعتماد على المذكرة الإسرائيلية التي سلمها الوفد الإسرائيلي إلى الوفد الفلسطيني في محادثات واشنطن والتي بتحمل عنوان: "أفكار للتعايش السلمي في الأراضي خلال الفترة الانتقالية"، ويعتمد أيضاً على نتائج المفاوضات المصرية – الإسرائيلية بشأن الحكم الذاتي قبل أكثر من عشرة أعوام، وعلى تصريحات المسؤولين الإسرائيليين الحديثة العهد وكتابات المعلقين السياسيين. ويجيب المقال بعد ذلك عن السؤال المحوري: ما هي فرص نجاح مفاوضات الحكم الذاتي، وهل هناك إمكان أن تتزحزح إسرائيل عنه أو عن بنود أساسية فيه؟

النص الكامل: 

بعد كثير من التهرب والمماطلة، كشفت إسرائيل في أواخر شباط/ فبراير الماضي عن تصورها العام للحكم الذاتي في الضفة الغربية وقطاع غزة، وذلك في "مذكرة" سلمها إلياكيم روبنشتاين، رئيس الوفد الإسرائيلي في المفاوضات الثنائية بين الفلسطينيين وإسرائيل، إلى رئيس الوفد الفلسطيني حيدر عبد الشافي. وقد حملت المذكرة عنوان: "أفكار للتعايش السلمي في الأراضي خلال الفترة الانتقالية". وأصر روبنشتاين، في البداية، على الادعاء أن محتوياتها هي أفكار شخصية لا مشروع رسمي.[1]   وكانت تكمن خلف هذا الادعاء، على الأرجح، اعتبارات داخلية لا مجال هنا للبحث فيها، لكنها تتعلق في الأساس بالصراع داخل الليكود بين معسكري شمير/آرنس وشارون، وبالتنافس بين الليكود وأحزاب اقصى اليمين في كسب القطاع المتطرف من جمهور الناخبين في المعركة الانتخابية الجارية حالياً. لكن روبنشتاين عاد، في وقت لاحق، فصرّح أن المذكرة تمثل موقف الحكومة الإسرائيلية.

في أية حال، مهما تكن صفة المذكرة فإن محتوياتها لا تنطوي على أية مفاجآت، وتبدو منسجمة تماماً مع التصور الإسرائيلي للحكم الذاتي كما أشار إليه المسؤولون الإسرائيليون في أكثر من مناسبة، وكما توقعه المراقبون تماماً. وهو تصور قائم، بحسب تصريح المدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية، يوسف هداس، على مبادىء كامب ديفيد و"التفاهمات" الإسرائيلية – المصرية التي تم التوصل إليها في المباحثات التي جرت بين إسرائيل ومصر بمشاركة الولايات المتحدة قبل أكثر من عشرة أعوام، مع تعديلات معينة أُدخلت عليها "لملاءمتها مع الأوضاع التي تغيرت في هذه الأثناء."[2]

وسنعرض فيما يلي التصور الإسرائيلي للحكم الذاتي، بالاستناد إلى: (1) المذكرة الإسرائيلية الأخيرة التي سلمها الوفد الإسرائيلي في محادثات واشنطن؛ (2) نتائج المفاوضات المصرية – الإسرائيلية بشأن الحكم الذاتي قبل أكثر من عشرة أعوام؛ (3) تصريحات المسؤولين الإسرائيليين الحديثة العهد وكتابات المعلقين السياسيين. ومن ثم نحاول الإجابة عن السؤال المحوري: في ظل هذا التصور، ما هي فرص نجاح مفاوضات الحكم الذاتي، وهل هناك احتمال بأن تتزحزح إسرائيل عنه أو عن بنود أساسية فيه؟ وقبل ذلك، لا بد من تسجيل ملاحظتين ضروريتين لفهم أسس المشروع الإسرائيلي وخلفياته وأبعاده:

الملاحظة الأولى: من المتفق عليه بين جميع الأطراف أن الحكم الذاتي مرحلة موقتة مدتها خمسة أعوام، تبدأ بعد حلول العام الثالث منها، المفاوضات بشأن الحل الدائم. وريثما يتم الاتفاق على الحل الدائم، تبقى مسألة السيادة والمصير السياسي النهائي للضفة الغربية وقطاع غزة مفتوحة. وخلافاً لمفاوضات الحكم الذاتي المصرية – الإسرائيلية، التي جرت بمشاركة الأميركيين الكاملة على فترات متقطعة ما بين سنة 1979 وسنة 1982، والتي كانت تستند إلى اتفاق كامب ديفيد المتعلق بالفلسطينيين، فإن الأساس الوحيد الملزم لجميع الأطراف، في المفاوضات الحالية بين الفلسطينيين والإسرائيليين (بمشاركة أردنية جزئية مختلف في شأن وظيفتها ومغزاها)، هو مجرد نصّ رسالة الدعوة إلى مؤتمر السلام. وهو أساس عام جداً، وخال تقريباً من أي مضمون أو نقاط ارتكاز، وكل ما فيه بخصوص الحكم الذاتي هو تعريفه بأنه موقت، ومدته خمسة أعوام، وأن الاتفاق بشأنه يجب أن يتم خلال عام من بدء المفاوضات. وما يلي هو النص الحرفي لكل ما ورد في رسالة الدعوة بشأن الموضوع: "بالنسبة للمفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين الذين هم جزء من الوفد الأردني – الفلسطيني المشترك، فستدور المفاوضات على مراحل، تبدأ بمحادثات حول ترتيبات الحكم الذاتي المؤقت. وستدور هذه المفاوضات بهدف التوصل إلى اتفاق في موعد أقصاه سنة واحدة. وبمجرد الاتفاق، ستدوم ترتيبات الحكم الذاتي المؤقت مدة خمسة أعوام. وبدءاً من العام الثالث من فترة ترتيبات الحكم الذاتي المؤقت، ستجري المفاوضات بشأن الوضع الدائم. وسوف تدور هذه المفاوضات الخاصة بالوضع الدائم (...) على أساس القرارين 242 و 228."[3]   وهذا يعني، فيما يعنيه، أن مفاوضات الحل الدائم فقط، لا الحكم الذاتي، هي التي ستدور على أساس القرارين رقم 242 ورقم 338، وهو ما يتيح استبعاد البحث في موضوع انسحاب القوات الإسرائيلية المنصوص عليه في القرار رقم 242.

              ومع أن هذا الأساس يُفترض به، من حيث المبدأ، أن يحرر الفلسطينيين من اتفاق كامب ديفيد، وأن يتيح لهم البدء من نقطة الصفر، وأن يصبّ في المحصلة في مصلحتهم، فإن الجانب الإسرائيلي في المفاوضات استخدمه للتنصل من التزامات معينة نصّ اتفاق كامب ديفيد عليها. وتدل "المذكرة" الإسرائيلية الحالية في شأن الحكم الذاتي، إضافة إلى تصريحات مسؤولين إسرائيليين، على أن إسرائيل عقدت العزم على التراجع عن تلك الالتزامات. وسنتطرق إلى كل هذا أدناه.

الملاحظة الثانية: على الرغم من أن من المتفق عليه أن المصير السياسي للضفة الغربية وقطاع غزة أمر ستحسمه المفاوضات بشأن الحل الدائم، فإن ذلك لا يعني أن الحكومة الإسرائيلية تعتبره كذلك حقاً، لا قولاً ولا فعلاً. فمن ناحية القول لا يفوت المسؤولون الإسرائيليون، من رئيس الحكومة إلى أدنى مسؤول حكومي، فرصة أو مناسبة من دون التأكيد أن الأراضي المحتلة جزء لا يتجزأ من "أرض إسرائيل"، وأن إسرائيل لا تنوي التخلي عنها أبداً، وستعمد إلى ضمها في الوقت الملائم. ومن ناحية الفعل، فإن الضم "الزاحف"، الجاري حقيقة على قدم وساق منذ بدايات الاحتلال، مع وثبات وطفرات بين الفينة والأخرى، يشهد الآن، ومنذ أن بدأ التحرك الأميركي الحالي لحل النزاع العربي / الفلسطيني – الإسرائيلي في آذار/مارس الماضي، طفرة استيطانية كبرى من المتوقع – إنْ فشلت محاولات اعتراضها – أن تزيد عدد المستوطنين اليهود في الضفة الغربية (من دون القدس الموسعة) إلى نحو 175,000 مستوطن في غضون السنتين المقبلتين،[4]  وأن تجعل إمكان فصل الضفة الغربية أمراً في غاية الصعوبة. وهذا الموقف من مستقبل الأراضي المحتلة، وتطبيقاته العملية، عميق الجذور في تفكير اليمين القومي الإسرائيلي وبرامجه، ومن الحمق الشديد توهم إمكان حمله على العدول عنهما. وأية قراءة للمقترحات الإسرائيلية بخصوص الحكم الذاتي يجب أن تتم انطلاقاً من هذه الحقيقة، وفي إطارها.

              إن فكرة الحكم الذاتي للفلسطينيين، وهي في الأصل بدعة من ابتكار حزب العمل لا الليكود، لم يكن المقصود بها من الناحية الإسرائيلية، في أي وقت من الأوقات، حل المشكلة الفلسطينية، أو وضعها على طريق الحل، بل قطع الطريق على أي حل سياسي ينطوي على تخلي إسرائيل عن المناطق الفلسطينية المحتلة – كلها بالنسبة إلى الليكود، والأجزاء الحيوية منها بالنسبة إلى حزب العمل. وقد فرَّخت حكومات حزب العمل، المتتالية منذ الاحتلال حتى خسارته الحكم سنة 1977، عدة مشاريع ضبابية لأنواع من الحكم الذاتي (دايان، آلون، بيرس) آلت جميعها إلى الفشل، لأن الشخصيات الفلسطينية في الضفة والقطاع، التي جرى البحث معها في هذه المشاريع، رفضت قبولها أو التعامل معها من حيث المبدأ؛ ذلك بأن كل ما كانت تعد هذه المشاريع به هو، في حقيقة الأمر، "إدارة ذاتية" للشؤون المعيشية من دون أي تطرق إلى الأمور المصيرية، مثل: السيادة والمستوطنات، وانسحاب القوات المحتلة، والأرض، ومصادر المياه، وما شابه ذلك.

              ولم تكتسب فكرة الحكم الذاتي صدقية، وتضرب بجذورها في الواقع السياسي، إلا عندما بلور رئيس الحكومة الإسرائيلية آنذاك مناحم بيغن، في سنة 1977، مشروعاً تفصيلياً لـ"حكم ذاتي كامل للسكان"، ونجح في إقناع الأميركيين والمصريين عشية مفاوضات كامب ديفيد بالتعامل معه، بعد إصراره على أنه المدخل الوحيد المتاح للتوصل إلى حل المشكلة الفلسطينية – الإسرائيلية.[5]  وأعجب ما في هذا المشروع هو الفرضية الأساسية القائم عليها، والتي شقت طريقها إلى نص اتفاق كامب ديفيد،[6]  وهو أن الحكم الذاتي هو "السكان" فقط، ولا يشمل الأرض. وهذا تصور لا نموذج ولا سابقة له على الإطلاق، لا في الدول المعاصرة التي تمنح أقليات قومية أو عرقية من مواطنيها المتمتعين بحقوق المواطنة الكاملة "حكماً ذاتياً" (autonomy) لأغراض معينة، ولا في التاريخ الاستعماري الحديث الذي منحت فيه الدول الاستعمارية، في حالات كثيرة، "حكماً ذاتياً" (self-rule self government) للشعوب المستعمرة تمهيداً للاستقلال، أو على الأقل استجابة لحق هذه الشعوب في حكم نفسها. وإذا كان هذا التصور قد أثار في حينه كثيراً من الاستغراب، بل السخرية، فإن ذلك لم يمنع بيغن من الإصرار عليه، كما لم يمنع شمير من تبنّيه.

              وهكذا تنص "المذكرة" الإسرائيلية الحالية بشأن الحكم الذاتي على أن "الترتيبات الانتقالية (...) يجب أن تتعامل مع الناس، لا مع وضع الأراضي."[7]

ولا نعتقد أن هناك ضرورة لشرح دوافع هذا الإصرار؛ فهي معروفة جيداً ومعلنة، وتبدو إسرائيل معنية بإبرازها أكثر مما هي معنية بإخفائها. إنها تريد الأرض والسيادة عليها، وتعمل جاهدة لتغيير الواقع السكاني القائم فيها على نحو يجعل من المستحيل فصلها عن إسرائيل (ببلوغ التغيير نقطة حاسمة معينة)، وعندئذ تصبح مسألة ضمها رسمياً مسألة وقت وأوضاع ملائمة. وتدرك إسرائيل جيداً أن منح الحكم الذاتي حقوقاً أو صلاحيات تتعلق بالأراضي والمياه، قد يؤدي إلى إيقاف عملية التغيير الجارية أو عرقلتها.

وقد وجدنا من الملائم التذكير بهذه المسألة، لأنها تشكل مفتاح فهم مواقف ومقترحات إسرائيل في شأن الحكم الذاتي، سواء في المفاوضات المصرية – الإسرائيلية السابقة، أو في المفاوضات الفلسطينية (والأردنية) – الإسرائيلية الحالية.

 التصور الإسرائيلي

للحكم الذاتي

              هناك بضعة أمور جوهرية تحدد، في نهاية المطاف، ما إذا كان الحكم الذاتي سيشكل خطوة نحو الاستقلال الفلسطيني (أو الكونفدرالية الأردنية – الفلسطينية)، أو أنه مجرد محصلة تخدير الفلسطينيين وتخفيف الضغوط الدولية على إسرائيل، من دون أن تشكل عائقاً أمام عملية الضم الزاحف أو عكساً لمسارها. وقد كانت هذه الأمور محاور الخلاف الرئيسية في المفاوضات المصرية – الإسرائيلية قبل أكثر من عشرة أعوام، ومن المتوقع أن تكون كذلك في المفاوضات الفلسطينية (والأردنية) – الإسرائيلية الحالية. وهذه الأمور هي: طابع الحكم الذاتي وشموليته، أو بعبارة أخرى: مصدر وطبيعة السلطة؛ المؤسسات ومدى الصلاحيات؛ الأرض والمياه؛ المستوطنات والاستيطان اليهودي؛ الأمن؛ القدس العربية. وسنعرض، فيما يلي، المواقف الإسرائيلية من هذه المسائل في الماضي والحاضر، بقدر ما تسعف المعلومات المتاحة، مع مقارنتها بالمواقف الفلسطينية، وتوجهات التفكير الأميركي في شأنها.

طابع الحكم الذاتي وشموليته

              لقد كان مصدر السلطة في الحكم الذاتي واحداً من أهم موضوعات الخلاف في المحادثات المصرية – الإسرائيلية، المشار إليها أعلاه. وفي ضوئه، يمكن تحديد ما إذا كان الحكم الذاتي سيتيح للفلسطينيين، بحسب رسالة التطمينات الأميركية إليهم، "السيطرة على قراراتهم السياسية والاقتصادية وغيرها من القرارات التي تمس حياتهم ومصيرهم"، و"ممارسة السلطة في الضفة الغربية وقطاع غزة"،[8]   أم أنه لن يتيح ذلك. وقد كان الموقف الإسرائيلي، في الماضي، أن مصدر السلطة هو الحكم العسكري الإسرائيلي، ويبقى كذلك أيضاً بعد انسحابه من المناطق وتسليمه الصلاحيات والمسؤوليات التي سيتفق عليها إلى سلطة الحكم الذاتي.[9]   وهذا يعني، ببساطة، أن سلطة الحكم الذاتي ستظل مجرد سلطة إدارية (تنفيذية)، حتى لو مُنحت صلاحيات تشريعية في مجالات معينة؛ إذ لن يكون من الصعب على الحكم العسكري، ما دام مصدر السلطة، إلغاء أية صلاحيات أو خطوات تشريعية لا تروق له. وقد رفضت إسرائيل في المحادثات المصرية – الإسرائيلية، بشدة، التزحزح عن هذا الموقف، وما زالت متشبثة به حتى الآن. وقد نصت "المذكرة" الإسرائيلية الحالية في شأن الحكم الذاتي بوضوح على ذلك: "الصلاحيات والمسؤوليات التي لا تفوض إلى أجهزة ترتيبات الحكم الذاتي الانتقالي تحتفظ بها إسرائيل، كونها مصدر السلطة" [التشديد مُضاف أ. خ.]. لكن هناك احتمالاً بأن يكون لدى إسرائيل استعداد للتزحزح قليلاً عن هذا الموقف؛ فقد أشار إلياكيم روبنشتاين، في محاضرة ألقاها في حيفا بتاريخ 20 كانون الثاني/يناير 1992، إلى مصدر السلطة في سياق فهم المراقبون منه أن إسرائيل قد تقبل بترك مصدر السلطة من دون تحديد، والاستعاضة من ذلك بـ"ترتيبات انتقالية" لم يشرح طبيعتها، لكنه شدد على أن للأردن دوراً مهماً فيها.[10]

              وفيما يتعلق بطبيعة السلطة وصلاحياتها، تنص "المذكرة" الإسرائيلية على أن "أجهزة ترتيبات الحكم الذاتي الانتقالي هي ذات طبيعة إدارية – وظيفية"، وأن صلاحياتها تشمل الأمور التالية فقط: إدارة العدل؛ مسائل الموظفين الإداريين؛ الزراعة؛ التعليم والثقافة؛ الميزانية والضرائب؛ الصحة؛ الصناعة والتجارة والسياحة؛ العمل والرعاية الاجتماعية؛ الشرطة المحلية (للشؤون الجنائية)؛ النقل والاتصالات المحلية؛ الشؤون البلدية؛ الشؤون الدينية. أما بقية الأمور، فتبقى خاضعة للسلطات الإسرائيلية.

              ولا تحدد "المذكرة" الإسرائيلية نمط مؤسسات الحكم الذاتي، وتكتفي بالقول إن "التشكيلات البنيوية والوظيفية الأساسية لترتيبات الحكم الذاتي الانتقالي تقرر خلال المفاوضات." وهنا قد يكون من المفيد العودة إلى المحادثات المصرية – الإسرائيلية لتفحص التوجه الإسرائيلي في هذا الخصوص. فقد اقترحت إسرائيل، في بداية المفاوضات المصرية – الإسرائيلية، أن تتكون سلطة الحكم الذاتي من "مجلس إداري" مؤلف من أحد عشر عضواً يتم اختيارهم عن طريق انتخابات حرة تجرى في الضفة الغربية وقطاع غزة لهذا الغرض. وتُنشأ دوائر يتفق على عددها، ويمارس أعضاء المجلس صلاحياتهم ومسؤولياتهم من خلالها. وقد وافقت إسرائيل في سياق المفاوضات، وبعد ضغوط أميركية شديدة، على القبول بزيادة عدد أعضاء "المجلس الإداري" إلى 25 عضواً.[11]  والأرجح، في مثل هذا الإطار، أن يستمر الموقف الإسرائيلي في الدوران. أما تشكيل سلطة الحكم الذاتي، الذي نصّ اتفاق كامب ديفيد والمقترحات الإسرائيلية في الماضي على أنه يجب أن يتم من خلال "انتخابات حرة" تجرى في المناطق المحتلة، فقد طرأ تحول جذري على الموقف الإسرائيلي منه. إذ تنص "المذكرة" الإسرائيلية الحالية على أن "أجهزة ترتيبات الحكم الذاتي الانتقالي، التي  ستتفق الأطراف المعنية عليها، تشكَّل بطريقة متفق عليها." وقد كتب عكيفا إلدار، المحرر السياسي في صحيفة "هآرتس"، أن زعماء الليكود، وضمنهم رئيس الحكومة ومستشاروه، أصبحوا يعتقدون الآن أن الانتخابات ليست فكرة حسنة لأنها "في أحسن الاحتمالات ستكون بمثابة إضفاء طابع رسمي على سيطرة فتح، وفي أسوئها ستؤدي إلى نشوء وضع المناطق مشابه للوضع الجزائري [أي سيطرة حماس]." وأضاف أن إسرائيل ستقترح تشكيل سلطة الحكم الذاتي من أعضاء الوفد الفلسطيني في مفاوضات السلام، ومن رؤساء بلديات.[12]

              في مقابل التصور الإسرائيلي أعلاه، يطرح الفلسطينيون تصوراً مختلفاً ومتناقضاً معه تناقضاً جذرياً. وقد أوضحوا تصورهم في وثيقة سُلِّمت إلى الوفد الإسرائيلي في الجولة الثانية من محادثات واشنطن.[13]  وتعرّف الوثيقة سلطة الحكم الذاتي، ومصدرها، وصلاحياتها، وهيكليتها، على النحو التالي:

              - "هذه 'السلطة' كيان تنبثق سلطاته عن كونها منتخبة من قبل الشعب الفلسطيني. ولا تستمد سلطتها من مصدر خارجي."

              - "يجب أن تتولى [سلطة الحكم الذاتي] جميع الصلاحيات والمسؤوليات والسلطات القانونية التي تمارسها أية هيئة عسكرية أو أية سلطة مدنية عسكرية أو أية وكالة تعمل للحكومة الإسرائيلية أو بالنيابة عنها."

              - "تشمل السلطات القانونية لسلطة الحكم الذاتي المؤقت المناطق [الفلسطينية كلها المحتلة منذ حزيران/يونيو 1967] والأراضي التابعة لها ومواردها الطبيعية ومياهها. كما تشمل تلك السلطات السكان الفلسطينيين جميعاً في هذه المناطق."

              - "ستكون سلطة الحكم الذاتي الفلسطيني المؤقت الأجهزة الثلاثة التالية:

  • مجلس تشريعي مؤلف من 180 ممثلاً مُنتخبين بحرية من الأراضي الفلسطينية المحتلة
  • مجلس تنفيذي مؤقت مؤلف من 20 عضواً يعينهم رئيس المجلس التنفيذي ويصادق عليه المجلس التشريعي. ويكون الرئيس منتخباً من المجلس التشريعي
  • يتألف الجهاز القضائي من محاكم القضاء التي ستتمتع بضمان كامل للاستقلال."

ويشبه هذا التصور إلى حد كبير، مع اختلاف مهم في بعض التفصيلات، التصور الذي طرحه المصريون في حينه خلال مفاوضاتهم مع الإسرائيليين في شأن الحكم الذاتي.[14]   ولا تتوفر معلومات كثيرة عن الموقف الأميركي من التصورين الفلسطيني والإسرائيلي عامة، لكن الانطباع العام هو أنه في مكان ما في المسافة الفاصلة بينهما؛ فهو لا يؤيد التصور الإسرائيلي الذي يحول الحكم الذاتي إلى مجرد "إدارة ذاتية"، ولا التصور الفلسطيني الذي يجعله أشبه بدولة دون التسمية والاستقلال. وهذا ما توحي به رسالة التطمينات الأميركية إلى الفلسطينيين عشية مؤتمر مدريد، عندما تقول: "هدف المفاوضات حول الإجراءات الانتقالية هو تحقيق الانتقال المنظم والسلمي للسلطة من إسرائيل للفلسطينيين. ويحتاج الفلسطينيون إلى تحقيق السيطرة السريعة على القرارات السياسية والاقتصادية وغيرها التي تمس حياتهم والتكيف مع وضع جديد يمارس فيه الفلسطينيون السلطة في الضفة الغربية وقطاع غزة."

ومع أن الأوضاع تغيرت في العقد الأخير، وأصبح المصريون خارج الصورة وحل محلهم الفلسطينيون (والأردنيون) في التفاوض مع الإسرائيليين بشأن الحكم الذاتي، فإن التوجه الأميركي في المفاوضات السابقة قد يشكل مؤشراً ذا مغزى بالنسبة إلى الحاضر أيضاً. وقد كان التوجه الأميركي في المفاوضات المصرية – الإسرائيلية بالنسبة إلى مصدر السلطة هو أن تتكون "السلطة العليا" من عنصرين: (1) اللجنة التي نص اتفاق كامب ديفيد على تأليفها من ممثلي مصر والأردن وإسرائيل، والمفروض أن "تعقد جلساتها باستمرار"؛ (2) الوثيقة النهائية للحكم الذاتي بعد الاتفاق عليها.[15]   والمهمة الأصلية للجنة، بحسب اتفاق كامب ديفيد، هي معالجة "الاضطراب واختلال النظام العام (possible disruption and disorder) وتقرير "أنماط (modalities) السماح بعودة الأشخاص الذين اضطروا للرحيل عن الضفة الغربية وغزة في عام 1967." وبالنسبة إلى مؤسسات الحكم الذاتي، توجه الجهد الأميركي في الأساس، كما ذكرنا أعلاه، إلى إقناع إسرائيل بالموافقة على زيادة عدد أعضاء الهيئة التي ستتولى السلطة في الحكم الذاتي بعد انتخابها، من 11 عضواً (بحسب الاقتراح الإسرائيلي) إلى 25 عضواً.

الأرض والمياه

              ينص مشروع بيغن المعدَّل للحكم الذاتي، الذي أقرته الحكومة الإسرائيلية في جلستها التي عُقدت بتاريخ 21 أيار/مايو 1979، عشية المفاوضات المصرية – الإسرائيلي بشأن الحكم الذاتي، في البند (8) على أن "أراضي الدولة والأراضي الصخرية ستكون تحت سيطرة إسرائيل"، وفي البند (7) على أن "دولة إسرائيل ستكون مسؤولة عن تنظيم الموارد المائية، وذلك 'بالتشاور' مع المجلس الإداري."[16]   وقد ظل هذا هو موقف الوفد الإسرائيلي في المفاوضات المصرية – الإسرائيلية حتى أواخر سنة 1980، عندما أعلن المبعوث الأميركي الخاص سول لينوفيتس، في 18 تشرين الأول/أكتوبر 1980، أنه تم "اختراق" عقبة رئيسية، كانت تحول دون تقدم المفاوضات، وذلك بموافقة إسرائيل على مشاركة سلطة الحكم الذاتي في اتخاذ القرارات المتعلقة بمشاريع تطوير الأراضي والمياه "في المستقبل" من دون التعرض للوضع الذي كان قائماً آنذاك.[17]

              ولا تتطرق "المذكرة" الإسرائيلية الحالية، بالتحديد، إلى موضوعي الأرض والمياه، وإنْ كانت تذكر أن جميع المجالات غير المدرجة في بند "صلاحيات ومسؤوليات" الحكم الذاتي ستبقى خاضعة للسلطات الإسرائيلية. وفي الحقيقة، من الصعب معرفة ما إذا كان "الاختراق" المشار إليه أعلاه لا يزال ساري المفعول، أم أنه قد عفا عليه الزمن. وكل ما يتوفر من معلومات في هذا الصدد، هو تلميحات نادرة لمسؤولين إسرائيليين توحي بأن إسرائيل ما زالت مستعدة لإشراك سلطة الحكم الذاتي في القرارات المتعلقة بتطوير مصادر المياه، من دون توضيح لطبيعة المشاركة وحجمها. وفي أية حال، من المشكوك فيه جداً أن يكون لهذا الاستعداد، إذا كان ما زال موجوداً حقاً، ترجمة عملية ذات قيمة في ضوء وضع المياه في الضفة الغربية والاستنزاف الجاري لمواردها المائية من جانب إسرائيل والمستوطنات اليهودية.

إن الموقف الفلسطيني من موضوعي الأرض والمياه سبق ذكره، وهو "أن المناطق برمتها والأراضي ومواردها الطبيعية والمائية ومياهها" يجب أن تكون خاضعة لسلطة الحكم الذاتي.

وبالنسبة إلى التوجه الأميركي، فليس هناك ما يشير إلى حدوث تغيير فيه، وخلاصته: السعي لـ"ترتيبات" تضمن مشاركة سلطة الحكم الذاتي في اتخاذ القرارات، من دون التعرض للوضع الراهن، مع المراهنة في المدى الأبعد على المفاوضات المتعددة الأطراف لزيادة كمية المياه المتاحة وحل الإشكالات.

 المستوطنات اليهودية

              هذه المسألة هي، بإجماع الآراء، أهم موضوعات المفاوضات وأخطرها على الإطلاق. والأرجح أن الاتفاق بشأنها، أو عدمه، سيشكل الخط الفاصل بين إمكان استمرار المفاوضات أو توقفها. ومن الواضح جيداً للأطراف جميعاً، وللأميركيين، أن الاستيطان اليهودي هو ما يمكن أن يحسم، في نهاية المطاف، المصير النهائي للمناطق المحتلة، وأنه جذر الخلاف بشأن الأراضي والمياه، كما أن تأثيراته تمتد إلى مختلف القضايا المطروحة للتفاوض. ويفاقم حدة المشكلة ويكسبها طابعاً شديد الإلحاح، البرنامج الاستيطاني المكثف الجاري تنفيذه حالياً، والذي يهدف لا إلى زيادة عدد المستوطنين اليهود في الضفة الغربية فحسب، بل أيضاً إلى استكمال خلخلة تماسك وتواصل التجمعات السكانية الفلسطينية وإحكام شدّ العرى التي تربط المستوطنات القائمة حالياً بالتجمعات السكانية اليهودية في إسرائيل، بإكسابها ترابطاً جغرافياً في محاور مفصلية على خط حدود 1967.[18]

              ولا يقتصر الخلاف في المفاوضات الحالية بشأن الحكم الذاتي على حاضر المستوطنات ومستقبلها فحسب، بل إنه يتعدى ذلك إلى مسألة ما إذا كان يجب إدراج الموضوع في جدول الأعمال أصلاً، أم لا. فإسرائيل تدعي أن مسألة المستوطنات جزء من "المسألة الإقليمية" التي اتفق على تأجيل البحث فيها إلى حين المفاوضات في شأن الحل الدائم؛ والفلسطينيون يصرون على أن النشاط الاستيطاني اليهودي هو أخطر الموضوعات ويؤثر فيها جميعاً، ويجب أن يكون الموضوع الأول في جدول الأعمال، فضلاً عن أن من حقهم، بناء على رسالة التطمينات الأميركية إليهم، إثارة أي موضوع يؤثر في حياتهم ومستقبلهم على بساط البحث.

إن الموقف الإسرائيلي هنا، ماضياً وحاضراً، هو أن "حقّ" اليهود في الاستيطان في جميع أنحاء الأراضي المحتلة "حق مقدس" غير قابل للنقض أو التفاوض بشأنه، وأن المستوطنات اليهودية والمستوطنين هما خارج نطاق أية ترتيبات للحكم الذاتي، وسيكونان في أي وضع يتفق عليه، باختصار وعلى حدّ تعبير شمير، "جزءاً من إسرائيل."[19]

              وانطلاقاً من هذا الموقف رفضت إسرائيل، في المحادثات التمهيدية التي سبقت إطلاق عملية المفاوضات، تجميد برامجها الاستيطانية الراهنة، وما زالت حتى اختتام الجولة الرابعة من المفاوضات في واشنطن مصرة على ذلك. كما تنص "المذكرة" الإسرائيلية الحالية بخصوص الحكم الذاتي على أن "الإسرائيليين سيواصلون، كحق لهم، العيش والاستيطان في المناطق"، وعلى أن "صلاحيات ومسؤوليات أجهزة ترتيبات الحكم الذاتي الانتقالي لا تنطبق على قوات الدفاع الإسرائيلية أو على المدنيين الإسرائيليين في يهودا والسامرة ومنطقة غزة."

              إن الموقف الفلسطيني من وضع المستوطنات والمستوطنين في الحل الدائم غير واضح، أو لم يجر الكشف عنه. ولا تتطرق الوثيقة الفلسطينية التي سلمت إلى الوفد الإسرائيلي، والمشتملة على التصور الفلسطيني للحكم الذاتي، إلى وضع المستوطنات والمستوطنين أيضاً في المرحلة الانتقالية، لكنها تطالب بـ"الوقف التام لنشاط بناء المستوطنات." ويؤكد المسؤولون الفلسطينيون، في مختلف المستويات، أن تجميد الاستيطان فوراً هو شرط لا بد منه لاستمرارهم في التفاوض، وأنه إذا لم تُرغم إسرائيل على تجميد الاستيطان فإن لا أمل بإحراز تقدم في المفاوضات. وربما يجدر هنا، بالمناسبة، أن نشير إلى أن موقف مصر في المفاوضات المصرية – الإسرائيلية كان التالي: "المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية وقطاع غزة هي غير قانونية ويجب في إطار الحل النهائي إزالتها، كما يلزم وضع حد لبناء أية مستوطنات جديدة أو توسيع المستوطنات القائمة خلال الفترة الانتقالية. وعندما تقوم سلطة الحكم الذاتي فإن جميع المستوطنات والمستوطنين في الضفة الغربية وقطاع غزة سيكونون تحت سلطاتها."[20]   ويبدو أن تغير الأوضاع، وتغير حجم الاستيطان اليهودي في العقد الأخير، يحولان دون تبني الفلسطينيين موقفاً مشابهاً لموقف مصر من موضوع المستوطنات في الحل الدائم، ومن موضوع المستوطنين في الفترة الانتقالية.

هذا وأن التوجه الأميركي إزاء وضع المستوطنات في الحل الدائم هو أيضاً غير واضح. والانطباع العام هو أن الولايات المتحدة لا تؤيد إزالتها (ربما باستثناء المستوطنات الصغيرة)، وتدفع الطرفين نحو البحث عن صيغ تتيح بقاءها وتتيح تعايشاً مقبولاً بين الفلسطينيين والإسرائيليين. كما يبدو أنها لا تؤيد إدخال المستوطنات في نطاق صلاحيات الحكم الذاتي. لكن موقف الإدارة الأميركية من تجميد الاستيطان واضح، ومنسجم مع موقف الإدارات الأميركية السابقة من موضوع الاستيطان عامة. وقد صاغت رسالة التطمينات الأميركية إلى الفلسطينيين هذا الموقف على النحو التالي: "عارضت الولايات المتحدة وستواصل معارضتها للنشاط الاستيطاني في الأراضي المحتلة في عام 1967 والذي يظل يمثل عقبة أمام السلام." وتشمل المعارضة أيضاً القدس: "لا نعترف بضم إسرائيل القدس الشرقية أو توسيع حدودها البلدية. ونشجع كل الأطراف على تجنب الإجراءات من جانب واحد والتي قد تزيد من حدة التوتر المحلي أو تصعب من المفاوضات أو تستبق تقرير نتائجها النهائية."

وتمارس الولايات المتحدة، في الوقت الراهن، ضغوطاً قوية على إسرائيل لإيقاف عملية البناء وتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية (بما في ذلك القدس)، وتقرن منحها ضمانات القروض التي تسعى إسرائيل للحصول عليها من أجل استيعاب المهاجرين اليهود السوفيات (10 مليارات من الدولارات موزعة على خمس سنوات) بموافقتها على تجميد الاستيطان في المناطق المحتلة. وقد بلغت هذه الضغوط ذروة عالية بإعلان وزير الخارجية الأميركي جيمس بيكر، في شهادة أدلى بها أمام لجنة الاعتمادات في الكونغرس بتاريخ 24 شباط/فبراير 1992، بصورة جازمة، ولأول مرة علناً، أن الولايات المتحدة لن تمنح إسرائيل ضمانات القروض إلا إذا وافقت على تجميد الاستيطان*. وعلى الرغم من أن وزير المال، يتسحاق موداعي، صرح أن "عدم الحصول على القروض سيكون أمراً مخيفاً، بل كارثة"، فإن ردة فعل شمير على إعلان بيكر كانت أن "أية حكومة إسرائيلية لن توقف أبداً المستوطنات اليهودية" في المناطق المحتلة.[21]

انسحاب القوات والأمن

              ينص اتفاق كامب ديفيد على مبادىء عامة تتعلق بانسحاب القوات المسلحة الإسرائيلية، وبالأمن الخارجي والداخلي، بعد تشكيل سلطة الحكم الذاتي. وبحسب هذه المبادىء من المفروض أن: "يتم انسحاب لقوات مسلّحة إسرائيلية، وإعادة انتشار للقوات التي ستبقى في مواقع أمن محددة"؛ "يتم تشكيل قوة شرطة محلية قوية قد تضم مواطنين أردنيين. وبالإضافة إلى ذلك ستشترك القوات الإسرائيلية والأردنية في دوريات مشتركة وفي تقديم الأفراد لتشكيل مراكز مراقبة لضمان أمن الحدود"؛ "تقوم سلطة الحكم الذاتي بتشكيل قوة قوية من الشرطة المحلية (...) من سكان الضفة الغربية وغزة"، وذلك "للمساعدة في توفير الأمن لإسرائيل وجيرانها خلال الفترة الانتقالية وبعدها."

              هذه الالتزامات تراجعت إسرائيل عنها كلها في تصورها الحالي للحكم الذاتي. وتتجاهل "المذكرة" الإسرائيلية الحالية، المتعلقة بالحكم الذاتي، موضوع الانسحاب كلياً. وتنص بخصوص الأمن على أن "المسؤولية الوحيدة عن الأمن الخارجي والداخلي، وكذلك النظام العام ستكون مسؤولية إسرائيل." ويشير المراقبون إلى أن السبب الأساسي في ذلك هو اختلاف الخريطة الاستيطانية الحالية وأعداد المستوطنين في المناطق المحتلة، اختلافاً جذرياً، عما كانت عليه في فترة كامب ديفيد والمفاوضات المصرية – الإسرائيلية بشأن الحكم الذاتي. ففي تلك الفترة، كانت التجمعات السكانية الاستيطانية قائمة إجمالاً خارج مناطق الكثافة البشرية الفلسطينية، وعدد المستوطنين 10 آلاف مستوطن. أما الآن، فالمستوطنات متناثرة في جميع أنحاء الضفة الغربية ووسط التجمعات السكانية العربية. وعدد المستوطنين أكثر من 125 ألف مستوطن. ومن هنا، فإن من شبه المستحيل أن ينسحب الجيش الإسرائيلي من أية منطقة تقريباً في الضفة الغربية، من دون أن تتعرض المستوطنات (والمستوطنون) والطرق المؤدية إليها للخطر، وخصوصاً في ظل الانتفاضة الفلسطينية. كما أن الحكومة الإسرائيلية أصبحت غير معنية بتشكيل قوة شرطة "قوية" للمساعدة في المحافظة على الأمن، وتريد أن تبقى المسؤولية الكاملة عن الأمن الداخلي والخارجي معاً في يدها ويد الجيش الإسرائيلي، على الأقل إلى أن تشهد المناطق المحتلة فترة هدوء طويلة يصبح في الإمكان معها التفكير في ترتيبات إضافية.[22]

              إن الموقف الفلسطيني من هذا الموضوع تلخصه الوثيقة الفلسطينية المقدمة إلى الوفد الإسرائيلي، بإيجاز ووضوح على النحو التالي: "على القوات الإسرائيلية المسلحة الانسحاب فوراً من جميع المناطق المأهولة قبل بدء عملية انتخاب سلطة الحكم الذاتي وعليها أن تتم انسحابها في مراحل متفق عليها بين الطرفين إلى مواقع انتشار على طول حدود الأراضي الفلسطينية المحتلة قبل مباشرة سلطة الحكم الذاتي الفلسطيني المؤقت تولي مسؤولياتها"؛ "ينبغي أن تنفذ الترتيبات الآيلة لحفظ الأمن والنظام العام الداخليين والخارجيين خلال الفترة الانتقالية بمساعدة قوات حفظ الأمن التابعة للأمم المتحدة؛ كما يجب أن تقام قوة فلسطينية محلية مقتدرة لفرض النظام تعمل بإمرة سلطة الحكم الذاتي المؤقت وذلك لحفظ الأمن والنظام العام."

              أما التوجه الأميركي في هذا الصدد، فيحيط به مقدار كبير من الغموض. ويبدو أنه ينطلق من التقدير أن المشكلة الحقيقية في هذا المجال ليست الأمن الخارجي، إذ إن ما تحتاج إليه هنا هو محطات إنذار مبكر في أماكن مرتفعة نائية، ونشر قوات على الحدود مع الأردن. ويمكن أن يتم ذلك من دون بروز زائد عن اللزوم، حيث أن غور الأردن خال تقريباً من السكان الفلسطينيين. والمشكلة الحقيقية في نظر الولايات المتحدة، كما يبدو، هي الأمن الداخلي؛ إذ إن إسرائيل ترغب في الاحتفاظ بشبكة استخبارية وسط السكان وقدرة عسكرية تتيحان كشف وإحباط أية أعمال عدائية قبل وقوعها، أو قمعها إنْ وقعت. وبالتالي، تلوح من ثنايا خطة ريغان (سنة 1982) مقاربة للمشكلة تقوم على إيجاد تعاون متزايد بصورة متدرجة بين سلطة الحكم الذاتي وإسرائيل، من شأنه أن يسهل بالتدريج حل المشكلة. ويعتقد هارفي زيشرمان، المساعد السابق لثلاثة وزراء خارجية أميركيين بينهم جيمس بيكر، أن الولايات المتحدة قد تضطر إلى القيام بدور نشيط في بناء الثقة بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، بتحديد خطوط حمر متبادلة، وإلى تزويد إسرائيل بمعلومات تجمعها الأقمار الصناعية عن التحركات في الضفة الغربية.[23]

القدس

              إن موقف إسرائيل من موضوع القدس لا يحتاج إلى كثير من الإيضاح. فهي، باختصار، تعتبرها "عاصمة إسرائيل الموحدة إلى الأبد، تحت السيادة الإسرائيلية." وانطلاقاً من هذا الموقف تصر على استبعادها من حيث المبدأ، وجملة وتفصيلاً، لا عن المفاوضات بشأن الحكم الذاتي فحسب بل أيضاً عن المفاوضات في شأن الحل الدائم. وانطلاقاً من هذا الموقف، أيضاً، رفضت مشاركة ممثلين عن سكان القدس العربية في الوفد الفلسطيني، في إطار الوفد الأردني – الفلسطيني إلى المفاوضات، وترفض مشاركة مقدسيين عرب في أية ترتيبات للحكم الذاتي. وتنص "المذكرة" الإسرائيلية الحالية المتعلقة بالحكم الذاتي، فيما عنى القدس، على أن "صلاحيات الحكم الذاتي الانتقالي (...) لا تنطبق على العرب الفلسطينيين الذين يسكنون في القدس، عاصمة إسرائيل، التي هي ليست جزءاً من المناطق."

أما الموقف الفلسطيني، في المقابل، فهو أن القدس جزء من الضفة الغربية ويسري عليها وعلى سكانها ما يسري على أي جزء من الأراضي المحتلة. وتنص الوثيقة المشتملة على التصور الفلسطيني للحكم الذاتي بالتحديد، في البند (3-1)، على حق سكان القدس في المشاركة الكاملة في انتخابات سلطة الحكم الذاتي. لكنْ يبدو أن هناك موافقة ضمنية من الجانب الفلسطيني على بقاء القدس، من نواح متعددة أخرى (ليس بينها تجميد الاستيطان والمشاركة في انتخابات سلطة الحكم الذاتي)، خارج نطاق الترتيبات الانتقالية.

وفيما يتعلق بالموقف الأميركي لم تبد الولايات المتحدة رأياً محدداً في وضع القدس النهائي، لكنها أوضحت أنها وإنْ تكن تعارض إعادة تقسيمها، إلا إنها تعتبرها جزءاً من الأراضي المحتلة، وبالتالي موضوعاً للتفاوض. وقد أوضحت في رسالة التطمينات الأميركية إلى الفلسطينيين الأمور التالية: "لا شيء مما سيقوم به الفلسطينيون لاختيار أعضاء وفدهم في هذه المرحلة من العملية سيؤثر على مطالبتهم بالقدس الشرقية أو يشكل حكماً مسبقاً أو سابقة لما سينتج عن المفاوضات"؛ "يبقى الموقف الثابت للولايات المتحدة متمثلاً في أنه لا يجب أن تعود مدينة القدس مقسمة مرة أخرى وأن وضعها النهائي يجب أن يتم تحديده بالمفاوضات"؛ "لا نعترف [الولايات المتحدة] بضم إسرائيل القدس الشرقية أو توسيع حدودها البلدية"؛ "نشجع كل الأطراف على تجنب الإجراءات من جانب واحد والتي قد تزيد من حدة التوتر المحلي أو تصعب من المفاوضات أو تستبق تقرير نتائجها النهائية" [والمقصود بذلك الاستيطان وإجراءات الضم الإسرائيلية]. كما أن موقف الولايات المتحدة يتمثل في أن في إمكان أي فلسطيني من القدس الشرقية المشاركة في التصويت في انتخابات سلطة حكم ذاتي انتقالية. "تعتقد الولايات المتحدة أيضاً أنه يجب أن يكون بإمكان فلسطينيي القدس الشرقية (...) المشاركة في المفاوضات حول الوضع النهائي"؛ "تساند الولايات المتحدة حق الفلسطينيين في طرح أية مسألة، بما في ذلك مسألة القدس الشرقية، على الطاولة."

 علم الغيب

بعد هذا العرض للتصور الإسرائيلي للحكم الذاتي، ومقارنته بالمواقف الفلسطينية والتوجهات الأميركية، ننتقل إلى السؤال: في ظل مثل هذا التصور، ما هي فرص نجاح مفاوضات الحكم الذاتي، وهل هناك احتمال بأن تتزحزح إسرائيل عنه أو عن بنود أساسية فيه؟

من الواضح جداً أن التصور الإسرائيلي الحالي للحكم الذاتي لا ينطوي على أي أمل للفلسطينيين بالتخلص من الاحتلال، أو بتطوير أوضاعهم الاقتصادية، أو بممارسة حد أدنى مقبول من حقوقهم السياسية، ناهيك بحماية أراضيهم من المصادرة ومياههم من السرقة، وخصوصاً في ظل برنامج استيطاني مكثف من نمط البرنامج الاستيطان الجاري تنفيذه في الضفة الغربية. وما تعرضه إسرائيل على الفلسطينيين في المفاوضات الحالية لا يختلف كثيراً، في جوهره، عما عرضه الحكم العسكري عليهم في عهود جميع وزراء الدفاع الذين شغلوا المنصب منذ الاحتلال سنة 1967 – "إدارة ذاتية" مع تحسينات لا تسمن ولا تغني عن جوع. وما رفضه الفلسطينيون في الماضي، على الرغم من كل ما تعرضوا له طوال أعوام الاحتلال الطويل، لن يكونوا بالتأكيد مستعدين لقبوله الآن. وإذا كانوا قبلوا التفاوض مع إسرائيل في شأن الحكم الذاتي، فعلى أمل بأن ينجح الضغط الأميركي في تغيير مواقفها من المسائل الجوهرية التي تطرقنا إليها أعلاه.

الاستيطان، الأراضي، المياه، مصدر السلطة في الحكم الذاتي، صلاحيات الحكم الذاتي، مؤسسات الحكم الذاتي، القوات الإسرائيلية في مناطق الحكم الذاتي، القدس العربية – هل يمكن تخيّل أن تغادر حكومة يرئسها شمير، تحت أي ضغط مهما يكن، مواقفها من هذه المسائل في اتجاه المواقف الفلسطينية، أو أن تقطع مسافة ذات شأن نحوها؟ هل يمكن تخيل أن تقبل تجميد الاستيطان؟ أن تقبل بوضع الأراضي والمياه تحت سلطة الحكم الذاتي، أو أن تتقاسم السلطة بشأنهما معه؟ أن تقبل بأن يكون مصدر سلطة الحكم الذاتي الشعب الفلسطيني، أو أية هيئة خارجة عن الإرادة أو الفيتو الإسرائيلي؟ أن تقبل بتمتع سلطة الحكم الذاتي بصلاحيات تشريعية في الأمور الأساسية؟ أن تقبل بمؤسسة تشريعية في الأمور الأساسية؟ أن تقبل بسحب القوات الإسرائيلية من مناطق الحكم الذاتي؟ أن يكون سكان القدس العرب جزءاً من ترتيبات الحكم الذاتي؟ أو، فلنعكس المعادلة ونتساءل: هل يمكن تخيل قيادة فلسطينية من الداخل أو من الخارج، أو منهما معاً، يمكن أن تقبل بالمواقف الإسرائيلية؟ إذا أمكن تخيّل ذلك كله، فلن يكون من الصعب تخيل نجاح مفاوضات الحكم الذاتي. لكنْ، ما قد يكون صعباً حقاً هو العثور على شخص عاقل في وسعه تخيل ذلك كله.

هل يعني ذلك أنه لا يوجد احتمال بأن تتزحزح إسرائيل عن تصورها الحالي للحكم الذاتي، أو عن بنود أساسية فيه؟ هنا قد يكون في الإمكان المغامرة والقول: فلننتظر الانتخابات الإسرائيلية!

حكومة جديدة بزعامة الليكود، مع وزن أكبر لأحزاب أقصى اليمين، معناها مواقف إسرائيلية أكثر تطرفاً وانهيار العملية السلمية.

حكومة بزعامة الليكود على غرار الحكومة الحالية، مع أغلبية برلمانية تستند إليها، معناها استمرار المواقف الإسرائيلية الحالية وإعادة نظر أميركية في العملية السلمية بأسرها.

حكومة وحدة وطنية بزعامة الليكود أو العمل، تفرضها توازنات برلمانية قاهرة، معناها مواقف إسرائيلية أكثر ميوعة وغموضاً، ومفاوضات مرصوفة بأزمات داخلية، وانتخابات عامة أخرى قبل أوانها.

حكومة بزعامة حزب العمل معناها مواقف إسرائيلية أكثر مرونة، واستمرار المفاوضات الحالية مع فرص معينة في النجاح، ومصدر هذا التوقع هو أن حزب العمل سيكون لديه استعداد للتخلي عن مناطق في الضفة الغربية، وفي هذه المناطق على الأقل قد يمكن التوصل إلى "حكم ذاتي" أقرب إلى التصور الفلسطيني منه إلى التصور الإسرائيلي الحالي – هذا إنْ قبل الفلسطينيون بذلك. وهنا ندخل في "علم الغيب!"

شباط/فبراير 1992

[1]  نبيل شعث في حديث إلى صحيفة "الحياة"، 29/2/1992.

[2]   عكيفا إلدار، "الاقتراح الإسرائيلي للحكم الذاتي: الجيش سيستمر في حماية المستوطنين"، "هآرتس"، 15/1/1991.

[3]   راجع النص الحرفي (بالعربية) لرسالة الدعوة إلى مؤتمر السلام في صحيفة "الحياة" 21/10/1991.

[4]    تختلف المصادر الإسرائيلية والأميركية في تقدير عدد المستوطنين الذين يقطنون في الضفة الغربية حالياً، وفي تقدير عدد المساكن التي بدىء بإنشائها في السنة الماضية. ولكن أغلبية المصادر تؤكد وجود ما لا يقل عن 125 ألفاً – 135 ألف مستوطن حالياً. وهي ترجح، مع استكمال عمليات البناء، أن يصل عددهم إلى 175 الف مستوطن خلال عامين.

[5]   عرض مناحم بيغن مشروعه لـ"الحكم الذاتي الإداري" على الكنيست في 28/12/1977، وأدخلت الحكومة الإسرائيلية تعديلات عليه وأقرته في جلستها التي عقدت بتاريخ 21/5/1979، بصفة وثيقة موجهة إلى الوفد الإسرائيلي في المفاوضات المصرية – الإسرائيلية بشأن الحكم الذاتي، المنبثقة من اتفاق كامب ديفيد. راجع نص المشروع الأصلي في: وليد الجعفري (إعداد)، "المشروع الإسرائيلي للإدارة الذاتية: جذوره، تطوره، أخطاره" (بيروت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 1979)، ص 24 – 27. وراجع نص الصيغة المعدلة للمشروع في: المصدر نفسه، ص 43 – 44.

[6]    ورد في نص اتفاق كامب ديفيد المتعلق بالفلسطينيين أن هدف الترتيبات الانتقالية هو "توفير حكم ذاتي كامل للسكان" (Full autonomy to the inhabitants). وكانت مصر اقترحت أن يكون نص العبارة على النحو التالي: "حكم ذاتي كامل في الضفة الغربية وقطاع غزة"، لكن إسرائيل رفضت الاقتراح وأصرت على العبارة السابقة، وكان لها ما أرادت. أنظر: الجعفري، مصدر سبق ذكره، ص 66. ونشير إلى أن جميع الاقتباسات من اتفاق كامب ديفيد الواردة لاحقاً مأخوذة من نص الاتفاق المنشور في هذا المصدر، ص 29 – 31.

[7]   راجع نص "المذكرة" الإسرائيلية التي قدمها الوفد الإسرائيلي إلى الوفد الفلسطيني في المحادثات الثنائية بينه وبين الفلسطينيين (والأردنيين) في واشنطن في: "الحياة"، 29/2/1992. وجميع الاقتباسات الواردة لاحقاً من هذه الوثيقة مأخوذة من المصدر المذكور.

[8]   راجع نص رسالة التطمينات الأميركية إلى الفلسطينيين في: "مجلة الدراسات الفلسطينية"، العدد 8، خريف 1991، ص 284 – 287. وجميع الاقتباسات الواردة لاحقاً من هذه الوثيقة مأخوذة من المصدر المذكور.

[9]  David Makovsky, “Gaps in the Autonomy Issues,” MidEast Mirror, January 3, 1992.

[10]  Allan Shapiro, “Wither Autonomy?, Jerusalem Post, International Edition, February 8, 1992.                                                                                                                             

[11]  Makovsky,  op.cit.

[12]  إلدار، مصدر سبق ذكره.

[13]  راجع نص الوثيقة التي حملت عنوان "الحكم الذاتي المؤقت: المنظور الفلسطيني" في "الحياة"، 20/1/1992. وجميع الاقتباسات الواردة لاحقاً من هذه الوثيقة مأخوذة من المصدر المذكور.

[14]  بخصوص موقف مصر مفاوضات الحكم الذاتي، راجع الوثيقة المنشورة في "الحياة" 23/12/1991، تحت عنوان: "وثائق الحكم الذاتي في الضفة الغربية وقطاع غزة: موقف مصر من مفاوضات الحكم الذاتي في كمب ديفيد."

[15]  Makovsky, op.cit.

[16]  الجعفري، مصدر سبق ذكره، ص 43.

[17]  Makovsky, op.cit.

[18]  بخصوص أهداف البرنامج الاستيطاني الجاري تنفيذه، راجع: إليشع افرات، "نحو الشرق – تقدم"، "هآرتس"، 18/10/1991؛ أيضاً: ميرون بنفنستي، "كواكب شارون"، "مجلة الدراسات الفلسطينية"، العدد 6، ربيع 1991، ص 115 – 117.

[19]  فيما يتعلق بموقف شمير من هذا الموضوع، راجع: يوئيل ماركوس، "حديث مع شمير"، "هآرتس"، 15/11/1991.

[20]  "وثائق الحكم الذاتي..."، مصدر سبق ذكره.

*    بلّغ بيكر اللجنة أن موقف الإدارة الأميركية هو أنه من أجل أن تحصل إسرائيل على ضمانات القروض يجب أن توقف الاستيطان في الأراضي المحتلة، إما كلياً وفوراً، وبذلك تحصل على الضمانات كاملة، وإما بعد استكمال المساكن التي بدىء بإنشائها فعلاً قبل حلول سنة 1992، وبذلك تحصل على الضمانات محسوماً منها المبالغ اللازمة لاستكمال البناء. لكنْ في هذه الحالة أيضاً، يجب أن تتعهد إسرائيل بالامتناع من القيام بأية نشاطات استيطانية جديدة طوال فترة الحكم الذاتي.

[21] Patrick Cockborn, “U.S. Attitude is ‘catastrophe for Israel’, The Independent, February 25, 1992.                                                                                                                           

[22]  إلدار، مصدر سبق ذكره. أيضاً: عوزي بنزيمان، "منسّق لحكم ذاتي وهمي"، "هآرتس"، 8/11/1991.

[23]  Makovsky, op.cit.