فلسطينيو 1948 وأزمة الخليج
ملف خاص: 
كلمات مفتاحية: 
أزمة الخليج
الاحتلال العراقي للكويت
الفلسطينيون في إسرائيل
الأحزاب السياسية
الأسلحة الكيمائية
نبذة مختصرة: 

يتناول المقال موقف فلسطينيي 1948 من أزمة الخليج، ويشير، استناداً إلى استطلاعات الرأي، إلى أن الغالبية العظمى من الفلسطينيين تؤيد العراق من دون تحفظ، على الرغم من مخاطر اندلاع مواجهة وبروز شبح الخطر الكيميائي الذي يتهددهم في ضوء دعوة القيادات الإسرائيلية إلى عدم تزويدهم بأقنعة الغاز. ويستعرض المقال مواقف الفعاليات السياسية من الأزمة، حيث أيد الحزب العربي الديموقراطي وحركة أبناء البلد العراق، في حين هاجم الحزب الشيوعي النظام العراقي، ولكنه أعلن معارضته لأي تدخل أجنبي، كما دعا أحد قادة الحركة الإسلامية إلى انسحاب العراق من الكويت.

النص الكامل: 

يؤيد 66٪ من فلسطينيي 1948 العراق من دون تحفظ. هذا ما خلص اليه استطلاع مبكر للرأي اجرته اسبوعية "بانورما" الصادرة في مدينة الطيبة في المثلث، بتاريخ 17/8/1990. ومنذ ذلك الحين حتى نهاية أيلول / سبتمبر، ارتفعت نسبة المؤيدين للعراق من دون تحفظ الى ما يزيد على 90٪ بحسب أغلبية المراقبين. وكان بحث أجراه في بداية أيلول / سبتمبر باحثان يهوديان من معهد الدراسات العربية في كيبوتس غفعات حبيبا (شرقي الخضيرة) قد أكد ان الأغلبية العظمى من فلسطينيي الداخل تؤيد العراق ولا ترى اي عيب في تصرفاته.

وأثارت نتائج الاستطلاعات أيضا الى ان 77٪ من الفلسطينيين في الداخل يؤكدون تدخل اسرائيل عسكريا في حال اندلاع مواجهة عسكرية، واعتبر قرابة 60٪ منهم ان ازمة الخليج لن تؤثر سلبا في القضية الفلسطينية لا بل انها ستعزز مكانتها.

في هذا السياق بقي ان نشير الى ان أبناء الداخل يؤيدون العراق على الرغم من ان مخاطر اندلاع مواجهة وبروز شبح الخطر الكيمياوي تتهددهم في ضوء دعوة القيادات الاسرائيلية الى عدم تزويدهم بالأقنعة الواقية من الغازات السامة.

لقد أثار موقفهم هذا الشارع اليهودي من اقصى يساره حتى اقصى يمينه، اذ اعتبرهم متآمرين يتبنون موقفا معاديا للدولة العبرية. وذهب بعض القادة الاسرائيليين الى وصفهم بالسرطان والطابور الخامس وما هو غير ذلك من نعوت.

ولم يقتصر التأييد على ما يخلج في الصدور، وانما نُظمت التظاهرات المؤيدة للعراق والداعلية الى وحدة العرب والمسلمين لنصرته. كما عقدت الندوات التي شارك فيها ممثلو التيارات السياسية العربية كافة، والتقت مواقف الجميع عند إدانة الغزو الأميركي والدعوة الى تطهير بلاد العرب. لقد اتحد الجميع في موقف واحد لا يقبل التأويل، وإنْ كان متفاوت الحماسة. لقد نسوا أعراسهم، ويريدون عرسا لكل العرب أينما كانوا، ولا يحتملون الحلول الوسط، إما ان تكون مع العراق، ويكون مرضيا عنك، وإما انك من أعداء العراق والمسلمين. لقد باتوا يفضلون الأغاني العراقية على غيرها.

عاطفة جياشة، يستذكرون عبد الناصر، ويرون صدام حسين خليفة لصلاح الدين. والكثيرون يجدون فيه ما لم يجدوه في عبد الناصر من قوة وحزم.

لقد كان هناك ظواهر في بداية الانتفاضة، لكن ليس بمثل هذا الزخم. ان موقفهم واضح، فهم:

            - لا يقبلون اي كلمة باطل بحق العراق، جيشا وشعبا وحكومة ورئيسا.

            - يفاخرون بمنظمة التحرير الفلسطينية وموقف قيادتها الأصيل الذي تجلى في هذه الأزمة.        

            - حتى الملك حسين نال جانبا من الحب، او مثلما قال احد الرجال في احدى الجلسات، سنغفر له ما تقدم من ذنب وما تأخر إذا بقي على موقفه.

            - العراق هو حامي العرب، ولا يريدون تصور وقوع مكروه له.

            - من يقف مع العراق فهو قومي وشريف ويخدم العرب والاسلام. ومن يعاديه متآمر وعميل لاسرائيل وأميركا.

            - على العراق والرئيس صدام حسين تحرير العرب والمسلمين من نير النفوذ الأميركي حتى لو كلفهما ذلك التضحية بثلاثة أرباع العرب والمسلمين.

            - نحن بحاجة الى بسمارك، وصدام حسين هو بسمارك العرب.

وهم يرون الوضع على المستوى العالمي على النحو التالي:

            1 . ان عظمة الغرب وأميركا تعتمد على خيرات العرب.

            2 . سقوط شعبية الاتحاد السوفياتي وتدني مكانته.

            3 . أميركا تحكم العالم بأسره باستثناء العراق ومن معه.

            4. هناك مؤامرة يشارك فيها الغرب والشرق ضد العرب هدفها الابقاء على العرب مفتتين.

الفعاليات السياسية تدعو الى نصرة العراق

ان الفعاليات السياسية لا تقف بعيدة عن مواقف الشارع الفلسطيني في الداخل، وتأتي مواقفها متطابقة مع ما يقوله  الى حد كبير. وابرز هذه المواقف موقف الحزب العربي الديمقراطي الذي اعتبر الوحدة بين العراق والكويت.. خطوة ايجابية على طريق الوحدة العربية الشاملة، وقد جرّ عليه هذا الموقف حملة تحريض من جانب الأحزاب الصهيونية، لكن ذلك لم يثنه عن موقفه، الذي دعا فيه الى ايجاد حل سلمي للصراع في منطقة الخليج وداخل الأسرة العربية.

وتبنّت حركة أبناء البلد من جانبها موقفا مؤيدا للعراق، ودعته في بيان اصدرته بهذا الخصوص الى عدم الرضوخ للامبريالية. وقد حشدت أعضاءها في تظاهرة في بلدة كفر كنا في الجليل، حيث هتف المشاركون بحياة العراق واحرقوا الأعلام الاميركية.

ومن جانبها، نددت الحركة التقدمية للسلام بالغزو الاستعماري الأميركي، وأكدت وجود محاولة لفرض ترتيب جديد على الشرق الأوسط. ودعت الى بناء امة عربية حضارية ودول عصرية تتعامل مع الأحداث باستراتيجية واضحة.

أما الحزب الشيوعي الاسرائيلي فقد رأى في دخول العراق الكويت عملا غير مشروع. وهاجم العراق، إلا انه ما لبث ان أعلن معارضته الشديدة لأي تدخل أجنبي، ودعا الى درء الأخطار الناجمة عن التدخل الامبريالي.

وتلته الحركة الاسلامية التي رأى احد قادتها ضرورة انسحاب العراق من الكويت، بينما دعا آخر الى مقاطعة المنتوجات الأميركية والملابس الأوروبية.

 جاء موقف الفعاليات السياسية لفلسطينيي الداخل انعكاسا لموقف الجماهير العريضة. فالناس هنا لا يرون للعرب مستقبلا إلا من خلال وحدة حقيقية تزيل آثار الاستعمار المتمثلة في تقسيم العرب الى دويلات عدة. وترى ان العراق قوة عربية متقدمة ودولة متطورة تكنولوجيا وعسكريا ترفض الاستغلال وهدر قدرات العرب. وهذا الموقف ينسحب على الانسان البسيط ورجل الشارع والسياسي والطبقات والفئات كافة.

وترى الجماهير ان أميركا وبريطانيا عدوان أساسيان للشعب الفلسطيني. ويدرك الانسان العادي ان ليس لمثل هذه الدول مبادئ وأخلاق، وأن ما يحركها في الأساس هو مصالحها حتى لو اقتضى ذلك القضاء على امم وشعوب اخرى.

ولهذا يأتي موقف الفعاليات السياسية انعكاسا، إنْ لم يكن امتدادا، لموقف الشارع الفلسطيني في الداخل. وربما تكون هذه المرة الأولى التي تلتقي فيها مواقف جميع الفئات السياسية، مثل الحزب الشيوعي والحركة الاسلامية اللذين يختلفان عن الفعاليات الثلاث المتبقية (أبناء البلد والحزب العربي والحركة التقدمية) بأنهما لا يعتمدان النهج العربي في فكرهما.