تتناول الدراسة المأزق الذي تواجهه القوى السياسية التي تقود الانتفاضة في عامها الثالث والمتمثل في تحول مظاهر التمرد اليومي الى الرتابة، وهو ما يحول دون تصعيدها إلى حملة عصيان مدني شامل، وبالتالي إلى انفكاك تام عن الحكم الإسرائيلي، أو إلى مبادرة سياسية تحمل العدو على حل تفاوضي مقبول من الفلسطينيين. وتستعرض مراحل تطور العصيان المدني الذي أدى إلى انتفاضة 1987، ثم القاعدة الاجتماعية للانتفاضة ومشاركة الطبقات والشرائح الاجتماعية فيها والأدوار التي أدتها، والآثار التي ترتبت على ذلك. وتستنتج الدراسة أن الانتفاضة حادث تاريخي فريد يشكل انقطاعاً عن نزعة الاتكال على الأمجاد والنكبات الماضية بدلاً من العمل، وإن من شأن الرتابة في وتيرة الانتفاضة أن تهدد هذا الانقطاع بمخاطر لا تعرف عواقبها، وقد تلزم قيادة م.ت.ف بإعادة النظر كلياً في توجه الانتفاضة لا من حيث هي حركة مقاومة بل من حيث هي استراتيجية لتطوير وسائل القدرة السياسية والاقتصادية البديلة. وتدعو الدراسة إلى اتساق أساطير الانتفاضة مع وقائع إمكانات الشعب.
تواجه الانتفاضة الفلسطينية، إذ تدخل شهرها الثلاثين، أزمة توجُّه. فأهم منجزاتها تبدو أنَّها قد باتت خلفها: قدرتها الباهرة على تعبئة قطاعات كاملة من السكان المدنيين ضد واحدة من أعتى الآلات العسكرية في العالم؛ تحدياتها لقدرة إسرائيل على الاستمرار في حكم الأراضي المحتلة؛ إرساء أنماط مؤسساتية للعصيان المدني تتبدّى في الإضرابات التجارية والصناعية المتمادية، وشبكة من المقاومة المدنية السرية، وشبكة من المشاريع المحلية للاعتماد على الذات، وأخيرًا لا آخرًا، نمط من صراع الشوارع اليومي الذي أنزل ضربة معنوية، إنْ لم تكن لوجستية، بجبروت الجيش الإسرائيلي. وقد أحلّت الانتفاضة – فوق ذلك كله – مستقبل الأراضي المحتلَّة، من حيث هو قضية سيادة، في رأس جدول أعمال الأحزاب الإسرائيلية.
غير أنَّ العام الثالث من الانتفاضة ينطوي أيضًا على مأزق يواجه القوى السياسية التي تقودها. ويمكن وصف هذا المأزق بأنَّه أزمةً يكمن لبُّها في تحوُّل مظاهر التمرّد اليومية إلى الرتابة (من حيث تمركزها حول الإضراب التجاري والمواجهات مع الجيش في الشوارع)، بحيث لا يمكن تصعيدها إلى حملة عصيان مدني شاملة – وبالتالي إلى انفكاك تام عن الحكم الإسرائيلي، أو إلى مبادرة سياسية تحمل العدو على حل تفاوضي مقبول من الفلسطينيين. فالخيار الأول يعوِّقه قصور الإمكان التنظيمي للحركة التي تبدو، في هذه المرحلة، أنَّها قد بلغت أقصى قدرتها على تعبئة الجماهير (وانكفأت بالتالي إلى الاعتماد الشديد على تكتيكات "العمل المباشر" التي تنفذها "قوات ضاربة" حزبية). أمَّا الخيار الثاني فيتجاوز الإمكانات السياسية لقوى المقاومة الداخلية، أخذًا بعين الاعتبار ميزان القوى القائم بين المتنازعين.
وقد تحولت أزمة الرتابة هذه، التي تأخذ عادة شكل مأزق لا مخرج منه، إلى حرب استنزاف بين الإسرائيليين والفلسطينيين: من يستطيع استنفاد قوى الطرق الآخر قبل أنْ يؤدِّيَ التدخل السياسي إلى حل جديد للنزاع. فمن الجانب الفلسطيني غالبًا ما تعرض هذه الأزمة، خطأً فيما أظن، على أنَّها أزمة ناتجة من فقد الحميَّة الثورية لدى قيادة تونس. وفي منحى اتهاميّ، يرى من هذا المنظور أنَّ ثمة تواطؤًا بين قيادة تونس و"النخبة البورجوازية التجارية في الأراضي المحتلَّة" اللتين تسعيان الآن وراء صفقة وهمية مع الإسرائيليين بعد أنْ خانتا غاية الانتفاضة الأصلية.(1) إنَّ موطن الضعف في هذا الموقف ليس انعدام نزعة "تَسْوَوِيَّة" كهذه داخل قيادة الانتفاضة، بل هو التضارب الزائف الذي تفترضه بين الانتفاضة من حيث هي حركة ثورية وبين الحل السياسي للنزاع العربي–الإسرائيلي من حيث هو غاية مشروعة لهذه الحركة.(2) فعلى المستوى الرسمي، أقرّت أحزاب القيادة الموحدة كافة (أي الجماعات كلها باستثناء الإخوان المسلمين)، مبدئيًا، أهداف التسوية الإقليمية المنصوص عليها صراحة في إعلان استقلال فلسطين (جلسة المجلس الوطني الفلسطيني، تشرين الثاني / نوفمبر ١٩٨٨). لكنَّ تطوّر الأحداث في السنوات الثلاث الأخيرة، ومثله تغيُّر التركيب الاجتماعي للانتفاضة، قد أعادا عمليًا تحديد اندفاعتها الأولى. وجملة القول إنَّ المأزق الذي تواجهه الانتفاضة – ومن ورائها تطور استراتيجية منظمة التحرير الفلسطينية – هو كيف يصان زخم الحركة الثورية وبنيتها التنظيمية الحزبية على نحو يمكِّن من تحقيق اختراق سياسي داخل الدولة الإسرائيلية، على الرغم من قلة الفُرص المتاحة له.
تطوُّر العصيان المدني
يمكن لانتفاضة سنة ١٩٨٧أنْ تعتبر، في سياق تاريخي، ذروة انتفاضات مدنية عدة على الحكم الإسرائيلي. وقد أورد محمد الأزهري، في مراجعة تاريخية حديثة، سبع فورات كبرى كان لها دور في التمهيد للانتفاض: أيلول/ سبتمبر ١٩٦٧ [انخرط الطلاب فيها]؛ تشرين الثاني/ نوفمبر ١٩٧٤ [شعبية مدينية بعد خطاب عرفات في الأمم المتحدة]؛ آذار/ مارس ١٩٧٦ [يوم الأرض وما عقبه من تظاهرات معادية للاستيطان]؛ آذار/ مارس ١٩٨٢ [ضد روابط القرى والإدارة المدنية الحديثة الإنشاء]؛ أيلول/ سبتمبر ١٩٨٥ [في مخيمات اللاجئين، ضد قصف مقر منظمة التحرير الفلسطينية في تونس]؛ كانون الأول/ ديسمبر ١٩٨٦ [بعد قتل طلاب من جامعة بير زيت]؛ كانون الثاني/ يناير ١٩٨٧ [في خان يونس وغزة، وانتشارها إلى مخيمات اللاجئين كافة، ضد إبعاد المناضلين].(3)
لكنَّنا نشهد في حوادث كانون الأول/ ديسمبر ١٩٨٧ طفرة نوعية، إنْ في توسيع القاعدة التنظيمية للحركة الجماهيرية أو في مستوى الوعي الجديد الذي أحدثته الحركة. أما الظواهر الحاسمة التي استجدّت على صعيد الوعي فيمكن اختصارها في: (١) بروز جيل جديد من المناضلين الفتيان – داخل الجماعات الحزبية وخارجها – غير العابئين بمعايير السلوك التي أقامتها الأحزاب السياسية القائمة، اليمينية منها واليسارية – ومن ذلك انخراطهم في قيادة اللجان الشعبية و"القوات الضاربة"؛ (٢) ظهور أشكال جديدة من التنظيم المحلي، سواء في الضواحي أو في القرى؛ (٣) بروز الأصولية الدينية حركةً شعبية ذات جاذبية جماهيرية في النواحي الشمالية من قطاع غزة. والسلك المشترك الذي ينتظم هذه التطورات الثلاثة هو انتصار النزعة الشعبية وتحوُّلها إلى الشكل السائد من أشكال السياسة والثقافة.
وإذا أردنا تقويم أبعاد هذه التغيرات وتوجُّهاتها لا بد من أنْ نستقرىء أدوار تطور الحركة الجماهيرية نفسها. وأقترح في هذا المجال تقسيمها إلى ست مراحل طرأت في الأشهر الثلاثين الأخيرة: (١) الفورة المدنية التلقائية التي وسمت التظاهرات الشعبية في المدن ومخيمات اللاجئين خلال الأسابيع الثلاثة الأولى من الانتفاضة، والتي جرت من دون أنْ تتوقعها أجهزة الأمن الإسرائيلية والحركة الوطنية السرية؛ (٢) تحوُّل الانتفاضة إلى مؤسسة تقودها القيادة الوطنية الموحدة للانتفاضة من خلال إنشاء اللجان الشعبية والمحلية، وما عقب ذلك من انتشار الانتفاضة وامتدادها إلى المناطق الريفية النائية العاصية – كانون الثاني/ يناير إلى آذار/ مارس ١٩٨٨؛ (٣) الاندفاع إلى تفكيك الإدارة المدنية الإسرائيلية من خلال الدعوة (الناجحة) إلى الاستقالة من الشرطة ومن جباية الضرائب ومقاطعة الضرائب والسلع الإسرائيلية – شباط/ فبراير إلى حزيران/ يونيو ١٩٨٨؛ (٤) اندماج شبكتي الحركة "الداخلية" و"الخارجية" الذي بلغ ذروته في المجلس الوطني الفلسطيني في الجزائر وإعلان استقلال دولة فلسطين و"حملة السلام" التي شنّتها منظمة التحرير الفلسطينية – تشرين الثاني/ نوفمبر ١٩٨٨؛ (٥) الهجوم الإسرائيلي المضاد والمتزامن مع رتابة الإضرابات التجارية: حظر اللجان الشعبية وإعادة بناء الشبكة السرية للمتعاونين مع الاحتلال بعد انهيارها في أوائل الانتفاضة – النصف الأول من سنة ١٩٨٩؛ (٦) "الحملة على المتعاونين" التي شنّتها قوات الصدم التابعة للانتفاضة (الفهود السود، والنسور الحمر، إلخ) – حزيران/ يونيو ١٩٨٩ إلى ربيع سنة ١٩٩٠.
وهذا التقسيم التخطيطي إلى مراحل يتأول تغيرات بيِّنة التعقيد والتداخل. وقد كان القيادة الموحَّدة للانتفاضة أنْ توازن، في كل مرحلة من هذه المراحل، بين التصورات الاستراتيجية المتباينة (والمتعارضة أحيانًا) لأحزابها وبين التوجيهات التي تتلقاها من منظمة التحرير الفلسطينية. وإنَّ أعظم إنجازات القيادة الوطنية الموحَّدة في العام الأول من الانتفاضة هو أنَّها قد فرضت مبادراتها وتصوراتها الخاصة للحركة الجماهيرية على قيادة منظمة التحرير الخارجية. وهذا مما يتضارب والنزعة التاريخية للقيادة الخارجية إلى إملاء سياستها والتي كان من نتائجها إرساء نمط من التبعية في الأعوام العشرين الأولى من الاحتلال. وقد حقّقت هذه العلاقة، منذ انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني في الجزائر (تشرين الثاني/ نوفمبر ١٩٨٨)، تكافؤًا ما لبث أنْ بدأ يميل ثانية إلى ترجيح كفة المبادرات الآتية من تونس. ويذهب رأي شائع جدًّا في الأراضي المحتلَّة إلى حد الزعم أنَّ مبادرات المجلس الوطني الفلسطيني قد وُقِّتت على نحوٍ يتدارك هيمنة القيادة الوطنية الموحدة على أنَّها القوة الرائدة داخل منظمة التحرير، ويرجِّح كفة القيادة الخارجية.(4)
ومثلما هي الحال في الحركات الشعبية كلها، لم تكن تعبئة الجماهير لتَخْلُو من الشوائب. فمن ذلك ما نشهده من ظهور أشكال رجعية من العلاقات الاجتماعية (إرباك السلوك الاجتماعي على نحو ديني، والتمييز الجنسي بين الرجال والنساء، والشطط في معاملة العملاء أو من يشتبه في أنَّهم عملاء)؛ غير أنَّنا نلمح في الجانب الإيجابي تجديدات كبرى في المجتمع المدني – كظهور أشكال من العمل الاجتماعي الطوعي أدخلت مزيدًا من الديمقراطية على المجتمع وعلى صنع القرار، على المستويين المحلي والوطني.
قاعدة أم قواعد اجتماعية؟
بات من الشائع تقويم الانتفاضة الفلسطينية باعتبارها ثورة شعبية تنتظم قطاعات السكان كلها. ويشار تحديدًا إلى انخراط السكان الريفيين، والعمال المتنقلين يوميًا للعمل في إسرائيل، والطبقات المدينية الوسطى التي ظلت حتى وقت قريب تقف موقف المتفرِّج المستكين من مقاومة الحكم الإسرائيلي.(5) ومع أنَّ هذه الملاحظات صحيحة بالمعنى العام الذي يصف عصيانًا شعبيًا، فلا بُدَّ من تحديد القاعدة الاجتماعية للانتفاضة على نحو أدقّ.
هنا تنطرحُ مسألتان: الأولى تتعلق بالتوزيع على مراحل، والثانية النزعة المحلية. وفي مراحل العصيان التي بيَّناها أعلاه يمكننا أنْ نيمز أربعة تجمُّعات قامت بدور حاسم في الانتفاضة، هي: لاجئو المدن، وأصحاب المتاجر الصغرى في المدن، وشبان القرى، والطلاب. ففي الاضطرابات العفوية الأولى، في كانون الأول/ ديسمبر ١٩٨٧ – كانون الثاني/ يناير ١٩٨٨، كانت مخيمات اللاجئين في غزة (ولا سيما جباليا)، واللاجئون في بيت لحم (الدهيشة)، ونابلس (بلاطة وعسكر)، ورام الله (الجلزون والأمعري)، أبرز المشاركين وأشدهم تفجُّرًا. وبقدر ما يمكن اعتبار المخيمات مقر القوى العاملة الفلسطينية المدينية نستطيع أنْ نشير إلى تلك الاضطرابات باعتبارها المرحلة البروليتارية للانتفاضة، وإنْ كنت أعتقد أنَّ من الأدق تقويمها باعتبارها إرهاصًا أوّليًا لانتفاضة فقراء المدن المتعاونين على درء الحيف الطبقي والوطني النازل بهم. أمَّا أنَّ الطبقة العاملة لم تُبدِ حضورًا يُؤْبه له في الانتفاضة (إلَّا بالمعنى الجنيني الذي لمّحت إليه) من خلال النقابات أو أي عمل اتحادي منظم، فهذا مما قد تمَّت البرهنة عليه.(6)
ولقد كان لتجار المدن، ولا سيما أصحاب المتاجر الصغيرة، دور حاسم في تعزيز الإضراب التجاري، وقيادة التمرّد على الضرائب، ومقاطعة الإدارة المدنية الإسرائيلية التي سجَّلت ذروة جديدة للانتفاضة في ربيع سنة ١٩٨٨. وقد بيَّنتُ في موضع آخر أنَّ هذه الجماعة (التي قد تعرَّف بصورة فضفاضة بأنَّها بورجوازية مدينية صغيرة) قد عبَّرت عن العمل الطبقي التضامني الوحيد على مدى الانتفاضة.(7) وقد كان انخراطها المنسَّق مع القيادة الوطنية الموحَّدة حاسمًا في تحديد الوتيرة اليوميَّة المطَّردة للعصيان، وفي تحدي قدرة الجيش الإسرائيلي على فرض رؤيته الخاصة لـ"الحياة الطبيعية" في شتَّى المناطق. ومع تذبذب مواجهات الشوارع على نحو دوري خلال ١٩٨٩ – ١٩٩٠، ومع تناقص تأثير اللجان المحلية في الضواحي، ظلَّت الإضرابات التجارية من أجلى معالم العصيان ظهورًا.
بلغت مشاركة جماهير القرى في الانتفاضة ذروتها في صيف سنة ١٩٨٨. وقد كانت المشاركة أشدَّ ظهورًا لأنَّ الحكم العسكري الإسرائيلي كان يستهدف أهل الأرياف – منذ أوائل الثمانينات – باعتبارهم عناصر طيِّعة من السكان الفلسطينيين تُحرِّكهم الحركة الوطنية المقيمة في المدن. ومع أنَّ محاولات السلطة الإسرائيلية لتشكيل روابط القرى حركةً عميلةً، على غرار جيش لبنان الجنوبي، قد أخفقت في أواسط الثمانينات، فإنَّ قرى الضفة والقطاع بقيت على درجةٍ من المناعة النسبية من الانخراط الواسع في الحركة الوطنية. لكنَّ هذا الانقياد الظاهر كان يخفي انحطاطًا مطَّردًا لهيمنة مشايخ القرى التقليديين وبروز جيل جديد من الشبان المسيَّسين الموالين لفصائل المقاومة الفلسطينية قبل أي ولاء آخر. وقد تعزَّزت عملية التحوّل هذه من جرّاء تآكل الاقتصاد السياسي للزراعة القروية وانخراط الشبيبة الريفية انخراط طبقة دنيا من العمال المتنقلين بين الريف والمدن في الصناعات الإسرائيلية. فقد أدّت أوامر حظر التجول المتكررة والمتطاولة التي فُرِضَت في نيسان/ إبريل وأيار/ مايو وحزيران/ يونيو ١٩٨٨، على عشرات القرى في إبَّان مواسم الجنى، إلى إتلاف محاصيل السنة من الخضروات والفاكهة التي يعتاش منها ما يقارب ربع المليون من المزارعين.(8) كما أدَّت إجراءات مشابهة طُبِّقت، في خريف سنة ١٩٨٨، في جبل الخليل وناحية نابلس، إلى خسائر فادحة نجمت عن عجز أهل القرى عن تسويق محاصيلهم من العنب والزيتون – أهم محاصيل الشتاء في الضفة الغربية.
كانت مشاركة المناضلين الطلاب في الانتفاضة العنصر الوحيد الذي يربطها بالنشاط النضالي في مرحلة ما قبل الانتفاضة. لكنْ، بينما كان محور "تمرد الشباب" في الثمانينات يتركز في الجامعات والكليات المهنية، فقد امتد نزولًا ليجتاح عمليًا كل مدرسة ثانوية أو ابتدائية في البلد. وإنَّ كون فئة "الشباب" العُمْرية (و"الصِبْيَة" لاحقًا) قد عُدَّت القوة الأساسية المحرِّكة للانتفاضة منذ ربيع سنة ١٩٨٨، ليؤكّد السمة الطبقية غير المحدَّدة للحركة نفسها (وإنْ لم يصح ذلك على قيادتها). وهذه الملاحظة لا تصح بالنسبة إلى طريقة تركيب القوى المنخرطة في مواجهات الشوارع مع الجيش وحرس الحدود فحسب، بل إنَّها تصح أيضًا بالنسبة إلى أعمار المناضلين المشاركين في اللجان الشعبية وكوادر المقاومة كما يستدل من تشكيل المعتقلين في السجون الإسرائيلية.(9)
ملاحظة عن المثقفين. على الرغم من التشهير بأهل الجامعات باعتبارهم المنظرين الأيديولوجيين لحركة المقاومة – والذي كان شائعًا في أدبيات ما قبل الانتفاضة – فإنَّ الصورة التي ينجلي عنها تفحص أوضاع المعتقلين في السجون الإسرائيلية تختلف عما كان شائعًا. وقد دلّت دراسة إسرائيلية حديثة قائمة (في جزء منها) على محاضر استجواب هؤلاء لدى قوات الأمن، على أنَّ طلاب الجامعات وأساتذتها قد قاموا بدور حاسم في صوغ أهداف القيادة السرية ووسائل إدامتها، كما ساهموا (إلى حدٍّ بعيد) في مدِّها بقادتها السريين.(10) وربما كان ثمة منطق ملتو، في نهاية المطاف، لإغلاق الجامعات.
إنَّ تصنيف القاعدة الاجتماعية للانتفاضة أقل إثارة للمشكلات من تأويل سمتها المحلية. فقد أدّى استتباع إسرائيل الضفة والقطاع اقتصاديًا لحاجاتها البنائية، في العقدين الماضيين، إلى تقويض طابع النخبات المحلية وضعضعة كبرى في التميُّز المحلي للقرى، ولا سيما في الأرياف. كما كان من شأن استدراج القوى العاملة من الأرياف والمخيمات إلى أسواق العمل الإسرائيلية أنْ يترك أثره في الوعي السياسي لهؤلاء الفلاحين العمال، وأنْ يزيد في تضاؤل معنى هويتهم المحلية.وتكثَّفت في إبَّان الانتفاضة هجرة الطبقات الوسطى من المدن، وذلك بعد أنْ بدأت منذ سنة ١٩٦٧. وقد تضافرت هذه العوامل على إضعاف الفوارق المحلية التي لم تزل تميز المرتفعات الفلسطينية منذ الحكم العثماني. إلَّا أنَّ من التسرع والخطأ أنْ نفترض أنَّ الطبقات الاجتماعية الوطنية قد برزت على مستوى المناطق كلها في الفترة نفسها، لأنَّ النخبات المحلية قد ظلَّت تمارس هيمنة لا يستهان بها، كل واحدة في ناحيتها، من دون أنْ تتمكَّن من بسط هذه الهيمنة على الأراضي المحتلَّة كلها. فلمّا تعرضت هذه النخبات نفسها (التي يمارس الكثير منها اليوم سلطته من خلال عضويته في المجالس البلدية وغرف التجارة والنقابات المهنية) للتحديات التي واجهتها بها القيادة الجديدة، المؤلفة من المناضلين الشبان والحزبيين المتفانين في طاعة رؤسائهم – وهذا ما حدث قبيل الانتفاضة وفي إبَّانها – حدثت هذه التحديات في نطاق المجال المحلي عينه ولم تكن لتتعداه إلى مجال البلد في جملته. ولا يصح هذا التقويم، في نظري، على البنى الاجتماعية المختلفة في غزة والضفة الغربية فحسب، بل يصح أيضًا على الجماعات الاجتماعية داخل كل منطقة على حدة. وجملة القول إنَّ الحكم الإسرائيلي، وإنْ أدّى عن غير قصد منه إلى تجانس القاعدة الاجتماعية للجماعات الفلسطينية المحلية، فهو قد أخفق في القضاء على تراتبها الاجتماعي أو حتى على تعديله تعديلًا جذريًا. وفي هذا الإطار يجب أنْ يُفهم إصرار "قوى الداخل" على الرجوع إلى منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها "القيادة الشرعية الوحيدة"، لا من حيث هو بند من بنود التزام أيديولوجي بل من حيث هو اعتراف واضح بالدور البارز الذي تضطلع به قيادة الشتات الفلسطيني باعتبارها قوة الدمج السياسي لمجتمع مقطَّع إلى جماعات.
إنَّ لهذه الظاهرة تضمينات واضحة بالنسبة إلى فهم طبيعة القيادة (أو بالأحرى القيادات) السياسية التي تقود الانتفاضة في الأراضي المحتلَّة. فالقيادة الوطنية الوحَّدة تعبِّر، على أحد الصعد، عن التوزيع الحزبي للقوى في هذه المنطقة، وتنسِّق من حيث هي كذلك بين المشاريع المشتركة المتوافق عليها بين الجماعات الحزبية المذكورة. لكنَّ وزن كلٍّ من هذه الجماعات النسبي في المنطقة يحدِّد عمليًا كيفية "ترجمة" هذه المشاريع المشتركة على الأرض. وعلى القيادة الموحَّدة، على صعيد آخر أعمق من الأول، أنْ تتجاوب مع تحسُّسها الخاص لآراء الجماهير في منطقتها الخاصة. فمن ذلك إنَّ ما قد يقبله تجار بيت لحم ربما لا يُقبل به في نابلس. ومن ذلك إنَّ المساعي التي بذلها أحد الفصائل من أجل تمديد أيام الإضراب في الوسط (منطقة رام الله – القدس) تصعيدًا لحملة العصيان المدني في صيف سنة ١٩٨٩، قد تعرَّضت لمقاومة شديدة في الشمال وباءت لذلك بالإخفاق.
وقد اندلعت معركة أشد أهمية وأعمق آثارًا اجتماعية في شأن فرض بعض سمات اللباس الإسلامي على النساء. ففي قطاع غزة، توصّلت القوى الإسلامية (حماس وحلفاؤها) إلى ربط الحجاب لا بمعايير الحشمة المتوقعة فحسب، بل بالقضية الوطنية أيضًا. وقد جاءت جاءت مقاومة القوى الوطنية واليسارية العلمانية حتى في المناطق التي تمثل أكثرية القوى السياسية) لهذه الفروض مترددة وفاترة، ولا سيما أنَّ اللباس الإسلامي كان مما تختاره الإناث من أعضاء هذه القوى طوعًا. وقد ظلّت القوى العلمانية، وفيها اليسار، تتراجع أمام التحجيب كي تتحاشى التفاف القوى الإسلامية عليها، باعتبارها "حماة التراث"، إلى أنْ بدأت المناضلات يتعرضن للإزعاج الجسدي العنيف بسبب عدم تغطية رؤوسهن. عندئذ تدخلت القيادة الوطنية الموحدة من خلال منشور، وُزِّع في صيف سنة ١٩٨٩، دانت فيه فرض الحجاب وأكَّدت حرية النساء في عدم التزام لبس الحجاب.(11) لكنَّ المعركة كانت حينها قد حُسِمَت في غزة. وعلى الرغم من أنَّ الإزعاج الجسدي للنساء غير المحجبات قد توقَّف، فقد ساد التعريف الرجعي للحشمة كما وضعته القوى الإسلامية في قطاع غزة. ومع ذلك، فقد كان لهذا التدخل السياسي أهمية عميقة بالنسبة إلى نضال النساء في الضفة الغربية، حيث كانت النزعة العلمانية أكثر تقدمًا في المجتمع المدني، وحيث كانت قوة حماس وحلفائها أضيق حدودًا في فرض مطاليبها على النساء. لكنْ حتى هناك كانت الفوارق المحلية ظاهرة للعيان. فقد عَقَدَتْ النزعة المحافظة التي تتسم بها القاعدة الاجتماعية للانتفاضة حلفًا ثقافيًا ضمنيًا بين القوى الوطنية والقوى الإسلامية في الخليل وفي نواحي الشمال الصغرى (جنين وطولكرم وقلقيلية).
وخلاصة القول إنَّ قيادة الانتفاضة، وفيها حماس، قد اضطرت إلى تقديم بعض التنازلات المهمة وإدخال بعض التعديلات على برنامجها، وذلك استجابة لمطاليب القوى المحلية المختلفة التي تمثلها أو تسعى لتمثيلها. وكثيرًا ما جاءت هذه التعديلات تجاوبًا مع بعض الاعتبارات الحزبية، ومنها التراجع عن مواقف لم ينعقد الإجماع عليها، لأنَّ قرارات القيادة الموحَّدة ملزمة بالتوافق المتبادل على برنامج يشكل الحد الأدنى. وقد جاءت هذه التعديلات، في أغلب الأحيان، استجابة لضغوط نابعة من اعتبارات محلية لم يكن من الممكن بسطها على البلد بجملته. وأهم القرارات الحاسمة التي تقع في هذه الفئة، هي تلك المتعلقة بتصعيد وتيرة المواجهات مع الإدارة المدنية بشأن الإضرابات ومقاطعة الضرائب والخلاف في شأن لبس الحجاب، مما سبقت مناقشته. وقد كان على القيادة، في الحالين، أنْ تعدِّل مواقفها على نحوٍ وَصَفَهُ البعض بالبراغماتية، وعدَّه البعض الآخر تراجعًا عن النزعة النضالية. وفي الحال الأولى، أدَّت الضغوط والمطاليب التي تقدَّم رجال الأعمال بها إلى بعض التساهل في دفع بعض الضرائب عن الصناعات المحلية (لتشجيع الإنتاج المحلي) في ربيع سنة ١٩٨٨، وإلى تمديد فترات فتح المتاجر في آذار/ مارس ١٩٩٠. وفي الحال الثانية، قامت القيادة الوطنية الموحًّدة بتدخل (متأخر) لمصلحة القوى العلمانية في نزاع لا يبدو حلُّه قريب المنال.
المداخلات في المجتمع المدني
إنَّ إنجاز الانتفاضة التاريخي يكمن، في نهاية المطاف، في قدرتها على توليد تغيرات عميقة الجذور في المجتمع المدني وقادرة على البقاء بعد التراجع الملحوظ في المواجهات الجماهيرية مع الجيش الإسرائيلي. وقد ذهب مصطفى الحسيني، في مسعى من المساعي الأصيلة القليلة "لتنظير" الانتفاضة، إلى أنَّ الانتفاضة تحملنا على إعادة النظر السائدة حتى الآن والتي تعتبر القضية الفلسطينية "ثورة شعب مقتلع ومنفي."(12) بل إنَّ الانتفاضة، فيما يري، قد أعادت توجيه تصوُّرنا للهوية الفلسطينية في اتجاه حراكيات الأرض والطبقات في مجتمع راسخ الجذور. بيد أنَّ هذا التحوُّل الذي حدث فعلًا لا يمكن أنْ يُعدَّ من ثمار الانتفاضة. ذلك بأنَّه كان قد حدث في أواسط السبعينات، إذ بدأ اليسار يُعِدُّ منظمات جماهيرية لتعبئة الشعب بحسب الافتراض (الصحيح) أنَّ الفلسطينيين يواجهون احتلالًا متماديًا. وبعد أنْ انسحبت منظمة التحرير الفلسطينية من بيروت سنة ١٩٨٢، تبنَّت الحركة الوطنية كلَّها هذا المنظور. وصار بناء المؤسسات المحلية والوطنية الكفيلة بضمان مقومات إدامة المجتمع المحلي هو المهمة الأولى في نظر حركة المقاومة. والتطور الحاسم الذي جاءت الانتفاضة به هو النقلة في إدراك هذه المؤسسات من أدواتٍ لتأمين البقاء إلى أدواتٍ لبناء قواعد قوة قادرة على شلِّ قدرة الاستعمار الإسرائيلي على التحكم في الأراضي المحتلَّة يومًا بعد يوم.
وقد نشأ عن هذا الإدراك استراتيجية ذات شعبتين: الانفكاك عن إسرائيل (مقاطعة الإدارة المدنية، ومقاطعة الضرائب، ومقاطعة السلع)، وإنشاء مؤسسات فلسطينية بديلة – اقتصادية وسياسية – تتجلَّى، على التوالي، في "الصناعات المحلية" للانتفاضة، وفي شبكة اللجان الشعبية. وقد كانت هذه الاستراتيجية المزدوجة أقرب إلى أنْ تكون كامنة في مكونات برنامج القيادة الموحدة منها إلى أنْ تكون بادية فيها، وقد تطورت على مراحل مع سيطرة القيادة الوطنية الموحدة على طابع الانتفاضة العفوي.(13)
وفي وسع المرء أنْ يقوِّم على هدي مقاييس هذه الاستراتيجية، منجزات الانتفاضة وحدودها من حيث هي حركة شعبية، مع اعتبار المكاسب ظاهرة على مستوى التعبئة والانفكاك والحدود، كامنة في مجال بناء المؤسسات. فبالنسبة إلى الأوائل، تمكنت اللجان الشعبية من أنْ تحقق سنة ١٩٨٨ انفصالًا ناجحًا عن الإدارة المدنية الإسرائيلية، وذلك من خلال استقالة رجال الشرطة وجباة الضرائب، ومن خلال مقاطعة البضائع الإسرائيلية. وقد توصل الإسرائيليون إلى قلب هذه المكاسب جزئيًا من خلال حملة قمعية واسعة، وجباية الضرائب بالقوة. ومع ذلك فقد تبقى انفكاك دائم على مستوى الوعي، بحيث أنَّ استعادة علاقات التبعية لإسرائيل التي كانت سائدة قبل سنة ١٩٨٧ لم تعد واردة الآن على الإطلاق. وقد كان بلوغ هذا المستوى من أبرز منجزات اللجان الشعبية والمنظمات الجماهيرية التي أنشأت بنى جديدة للخدمات الشعبية في مجالي الصحة والزراعة، ووحدات الخدمة المجتمعية الذاتية. وهنا، بالذات، يتوقع أنْ تُخَلِّفَ مداخلات الروابط التطوعية في المجتمع المدني أبلغ الآثار وأبقاها.
بيد أنَّ هذه الإنجازات في التعبئة الشعبية تواجه اليوم محنة شديدة من زاوية قدرتها على تنفيذ هدفها الثاني المتمثل في بناء المؤسسات. فقد أدّت، من جرّاء طابعها الحزبي، إلى ازدواجية الخدمات واستنزفت بذلك الموارد المحدودة. ولمّا كانت غايتها الأولى التعبئة المحلية فقد أنشأت، في معظم الأحيان، بنى متوازية في النقابات والوحدات الصحية والمراكز الاجتماعية إلخ، كان لها دور تقسيمي للتضامن الوطني. وكثيرًا ما كان يستعان بالمسوغات الأيديولوجية لتسويغ هذه الانقسامات حيثما لم يكن هناك أيُّ مسوِّغٍ آخر.(14) فقد كانت المشاريع المتولِّدة من هذه المنظمات تفتقر، قبل أيِّ شيءٍ، إلى الكفاءات المهنية والشعور بالمسؤولية الاقتصادية أمام مرجع غير ذاتها. فالضغوط التي تعمل عادة على ضبط سلوك المؤسسات التي تتوخى الربح كانت معدومة هنا، لأنَّ التمويل الخارجي غالبًا ما كان مضمونًا لهذه المشاريع، وقد انحطّ العديد منها – وإنْ لم تنحطّ كلها – إلى درك العمل الاستعراضي لرعاتها الخارجيين على اختلافهم. وقد حمل انعدام الخبرة المهنية والمسؤولية الداخلية بعض مؤسسات الإنتاج والخدمات هذه، في بعض الأحوال، على أن يتخذ بالضبط صورة المؤسسات "البورجوازية" التي سعت المنظمات الجماهيرية للحلول محلها.
لكن من خطل الرأي، مع ذلك، أنْ ينسب هذا الانحراف في بناء المؤسسات إلى أزمة التوجيه في الانتفاضة فحسب. فالعوامل التي نوقشت أعلاه: الانقسامات الحزبيَّة، والتمويل الخارجي، والمؤسسات المتوازية، وانعدام المسؤوليَّة أمام مرجع خارجي أو داخلي – هي كلها مشكلات سبقت الأزمة، وهي مرشَّحة لأنْ تواجه استراتيجية التنمية الفلسطينيَّة، وإنْ قُيِّضَ لأي فتح سياسي أنْ يطرأ فجأة. غير أنَّ لأزمة التوجيه مدخلًا مهمًا في هذا الباب؛ فمن شأنها أنْ تعرقل المساعي الجديَّة المبذولة من أجل تقويم العوج في الاستراتيجية الاقتصادية للانتفاضة، وذلك بتوجيه جلِّ طاقات الحركة نحو ضمان بقائها السياسي في وجه القمع الإسرائيلي وفي وجه الانقسامات الحزبية الداخلية أيضًا.
لم يزل الفلسطينيون، كغيرهم من مواطنيهم العرب، ينزعون إلى الاتكال على أمجادهم (ونكباتهم) الماضية بديلًا من العمل. والانتفاضة حادث تاريخي فريد يشكِّل انقطاعًا حادًّا عن هذه النزعة. ومن شأن الرتابة في وتيرة الانتفاضة، ضمن سياق المأزق السياسي الحالي، أنْ تهدِّدَ هذا الانقطاع بمخاطر لا تعرف عواقبها. وهي تُلزِم القيادة الوطنيَّة الموحَّدة، ومن ورائها منظمة التحرير الفلسطينية، بإعادة النظر الكلية في توجُّه الانتفاضة، لا من حيث هي حركة مقاومة بل من حيث هي استراتيجية لتطوير وسائل للقدرة السياسية والاقتصادية البديلة. ولها من ورائها الإنجازات التنظيمية العظيمة التي تحققت في العامَيْن الماضيَيْن: العزم الثابت الجديد على الانعتاق من النير الإسرائيلي؛ التكتيكات المبتكرة للعصيان المدني الجماهيري؛ إبداع صور جديدة من السلطة الجماعية. غير أنَّ هذه الصور ما زالت تفتقر إلى أشكالٍ واضحةٍ، وتحتاج إلى التجسُّد في مؤسسات عاملة ناجحة قابلة للبقاء. ولا بُدَّ، بعبارة أخرى، من أنْ تتسق أساطير الانتفاضة مع وقائع إمكانات الشعب، وإلَّا يُصْبِحُ التراجع أمرًا لا مفر منه.
(1) أنظر: "القيادة التقليدية للانتفاضة" في "قضايا تربوية" (القدس)، كانون الثاني 1990، ص 34 – 36. هذا هو الموقف المعتاد للجبهة الشعبية وموقف حماس وإنْ صاغته بعبارات مختلفة.
(2) وتذهب صيغة أكثر تطورًا لهذا الموقف إلى أنَّ التسوية السياسية مقبولة مبدئيًا، لكنَّ توظيف الانتفاضة في سبيل نزعة دبلوماسية كهذه، قبل تحقيق الانفكاك التام عن إسرائيل، سيؤدي إلى تقسيم الفلسطينيين وإضعافهم.
(3) محمد الأزهري، "ثورة ١٩٣٦ وانتفاضة ١٩٨٧: رؤية مقارنة"، "شؤون فلسطينية" [نيقوسيا قبرص]، العدد ١٩٩، تشرين الأول ١٩٨٩، ص ٤ – ٦.
(4) وقد تقدم بهذا الرأي، فيمن تقدم، علي الجرباوي في كتابه "الانتفاضة والقيادات السياسية في الضفة الغربية وقطاع غزة" (بيروت: دار الطليعة، ١٩٨٩)، ص ٦٧ – ٩٤.
(5) عن القرى أنظر: مساهمة برغوتي عن العمال، ومساهمة ج. هيلترمان عن التجار وأصحاب المناجر، ومساهمة سليم تماري، وكلها في:
Nassar and Heacock, Intifada: Palestine at the Crossroads (New York: Praeger, 1990).
(6) أنظر مساهمة جوست هيلترمان في المصدر نفسه.
(7) Nassar and Heacock, op.cit.
(8) JMCC, Bitter Harvest: Israeli Sanctions Against Palestinian Agriculture During the Uprising (Jerusalem, 1989).
(9) Ihud Ya’ari and Ze’ev Schiff, Intifada (Jerusalem, 1990), and JMCC, The Intifada: An Overview-The First Two Years (Jerusalem, 1990).
(10) Ya’ari and Schiff, op.cit.
(11) يمكنك أن تجد تحليلًا ثاقبًا لهذه الظاهرة في مقالة
Rima Hamami, “Women, the Hijab, and the Intifada,” MERIP 164 (May-June 1990) [?].
(12) مصطفى الحسيني، "على ضوء الانتفاضة: مطلوب (إطار نظري) للقضية الفلسطينية"، "الفكر الديمقراطي" (نيقوسيا)، العدد ٣، صيف ١٩٨٨.
(13) قارن حازم الشنَّار، "الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في ظل الانتفاضة" (القدس: الجمعية الفلسطينية الأكاديمية للشؤون الدولية، ١٩٨٨)، ص ٣٨ – ٥٠؛ ربعي المدهون؛ "الانتفاضة الفلسطينية: الهيكل التنظيمي وأساليب العمل" (نيقوسيا، ١٩٨٨)، ص ٢٩ – ٤٣.
(14) من أجل مناقشة لهذا الانحراف، أنظر:
Sameer Hleileh, Mass Organization and Development Strategies in the Occupied Territories, unpublished working paper, Arab Thought Forum, Jerusalem, January 1990.