وثائق إسرائيلية خطاب يتسحاق شمير أمام اجتماع اللجنة المركزية لليكود ، 12 شباط/فبراير 1990
النص الكامل: 

 12 شباط/فبراير 1990*

[مقتطفات]

 ...........

حضرات أعضاء اللجنة المركزية، في ضوء التغيرات الثورية في دول أوروبا الشرقية بدأت معجزة الحلم – الذي بقينا سنوات وسنوات نحنّ إليه في قلوبنا – تتحقق أمام أعيننا. فقد فتحت بوابات الاتحاد السوفياتي، وبدأ الكثيرون من إخواننا وأخواتنا اليهود يتوافدون إلى صهيون والقدس، بعد أن ظلوا منقطعين عنا أجيالاً. ان هذه لأيام عظيمة حقاً، تذكر برؤيا أنبياء إسرائيل الذين وعدونا منذ آلاف السنين: «كأيام خروجك من أرض مصر أريهم** عجائب (ميخا، 15:7).» كثيرون سوف تشتد عزائمهم في ضوء تجدد عملية اجتماع الشمل التاريخية المسيحانية للمنفيين، وعمارة هذه الأرض.

ما من قوة في العالم تستطيع وفق العمليات التي أطلقها التاريخ. ونحن أبناء هذا الجيل، قد أسعدنا الحظ كثيراً لنرى بأمّ العين التاريخ في طور الصنع، وتحقق الوعد السماوي المقطوع لأسلافنا. من الصعب أن يقع المرء على الألفاظ الكفيلة بالتعبير عن عظمة هذه الساعة ووصفها. ففي هذه اللحظات، تبقى كلمات الحمد التقليدية القديمة هي الأجمل والأوفى بالغرض: «مبارك أنت أيها الأبدي، يا إلهنا، مليك العالم الذي أجرى المعجزات لآبائنا في هذا الموسم، فيما غبر من الأزمان» (تصفيق).

أيها الأصدقاء الأعزاء، في هذه الأيام عينها تشن في العالم العربي حملة بشعة ضد العودة إلى إسرائيل. إنها ليست ضد الهجرة إلى موضع معين في أرض إسرائيل، بل معارضة للهجرة إلى أي موضع في أرض إسرائيل كلها. فهذه العودة توصف كأنها (مقطع غير واضح) لاستيعاب المهاجرين ولإدماج المهاجرين الجدد بسرعة في مجتمع بلدنا واقتصاده. وتقبل الحكومة الإسرائيلية على وتيرة عالية للنهوض إلى مستوى التحديات والمشكلات العظمى التي تستلزم حلاً.

لقد خصّصت المبالغ الأولى لتمويل أول مراحل عملية استيعاب المهاجرين، كما بدأ بناء الآلاف من الشقق. وأخذت المجالس المحلية في مدن عدة زمام المبادرة، فبدأت تستوعب المهاجرين لدى وصولهم، وقد نجحت في ذلك. وثمة حال من الابتهاج العظيم تعمّ الجاليات اليهودية في كل أنحاء العالم لهذه الثورة التاريخية في هجرة اليهود من الاتحاد السوفياتي.

من الواضح لدينا أن نجاح هذا المشروع العظيم يتوقف على عوامل عدة: أولاً، نحن نقدّر قرار الحكومة السوفياتية بفتح الأبواب لهجرة اليهود. ونأمل بأن تظل هذه الأبواب مفتوحة لكل الذين يرغبون في العودة، وبأن تزال جميع العقبات والصعوبات التقنية والبيروقراطية التي تعرقل الوصول السريع لكل الراغبين في الهجرة. ثانياً، ان الحكومة، وإن عملت بمنتهى الفعالية (فقرة غير واضحة).

كل ما يتعلق بعملية السلام بيننا وبين جيراننا يجري على أساس قرار الحكومة الإسرائيلية الصادر في 14 أيار/مايو 1989. ان مبادرتنا في شأن السلام مبنية على اتفاق كامب ديفيد، والكل يعلم أننا قد تجشمنا مخاطر عدة في تقدمنا بهذه المبادرة. هناك عناصر خارجية تحاول أن تفرض أفكارها الخاصة على ظهر مبادرتنا، لتحرفها عن مسارها، وتضعها على سكة جديدة تتعارض مع مقاصدها.

علينا في مواجهة هذه الأخطار أن نوضح ما يلي علناً وبشكل لا لبس فيه: لقد وظّف مجهود فكري ضخم في مبادرتنا التي ترمي إلى وضع حد للتنازع بين إسرائيل والعالم العربي، وإلى الحفاظ في الوقت نفسه على مصالح إسرائيل. لم يكن المقصود منها أن تشكل قاعدة للتصادم الخلافي، ولا قصد منها أن تتآكل. لم تترك مجالاً لمزيد من التنازل. فالمبادرة تشكل متابعة لاتفاق كامب ديفيد، وهي مثله تمثل غاية ما تستطيع إسرائيل أن تقدمه من تنازلات لتحقيق السلام. (تصفيق)

والمبادرة، من مشتقات الاتفاق بين الليكود والمعراخ، مبنية على شتى آراء الحكومة. ولذلك، واستناداً إلى مضمونها، لا صلاحية ولا تفويض، ولا مجال لأية تبديلات أو تنازلات يتقدم بها أي ممثل لأي من الفريقين. وكل من يقدم على ذلك، من دون صلاحية لأن يفعل، يتصرف من تلقاء ذاته، كما أن ملاحظاته وآراءه لا تلزم الحكومة على الإطلاق.

أما محاولات التحادث مع الطرف الآخر في المفاوضات السياسية من وراء ظهر الحكومة فلن تثمر أية نتيجة، ويجب أن يؤسف لها وتدان بشدة. فهذه الطريقة لن تنجح ولن تبلغ أي هدف غير التسبّب بالضرر للدولة ولمصالحها.

لقد قصد من المبادرة إنهاء الصراع العربي – الإسرائيلي ككل، لا إتاحة الامكان لإجراء انتخابات أو منح الحكم الذاتي للسكان العرب في يهودا والسامرة وغزة، فحسب. وسوف نصرّ على أن يتم التقدم في كل المجالات التي تعالجها المبادرة في الوقت نفسه. لن نقبل بتنفيذ خطة الانتخابات، أو أن تستمر العملية بحسب مبادرتنا ما دامت أعمال العنف قائمة ضد دولة إسرائيل وسكانها.

نحن لا نقبل القول ان العنف والإرهاب هما من أعمال قوم يسمّون متطرفين. فالتعبيرات والأفعال التي نراها تشير بوضوح إلى أن الأمر ليس كذلك. إن مبادرة السلام الحكومية تقول ان الانتخابات التي ستمنح ليهودا والسامرة وغزة لن تتم إلا في جو خال من العنف والتهديد والإرهاب. يجب أن تتوقف هذه كلها.

ان الانطلاق الحقيقي للمفاوضات السياسية وبناء الحكم الذاتي لا يمكن تصورهما ما دامت الهجمات وأعمال العنف مستمرة. ان حربنا على الإرهاب يجب أن تستأصل هذه الظواهر التي تحول دون أي تقدم في اتجاه السلام. ولا يخامرنا أدنى شك في أن من الواجب أن يجتث العنف والإرهاب والانتفاضة من الجذور. (تصفيق)

إنما المقصود من مبادرتنا السياسية أن ننظم نسيج العلاقات بيننا وبين السكان العرب في يهودا والسامرة وقطاع غزة. وليس المقصود منها أولئك الذين يقيمون في تونس أو دمشق أو صيدا، والذين تزعم المنظمات الإرهابية تمثيلهم أيضاً. والحوار الذي نقترحه في مبادرتنا لن يتم، لذلك، إلا مع سكان يهودا والسامرة وغزة. ولن تكون هناك ثغرات أو شقوق تستطيع م. ت. ف. أن تتسلل منها وتحصل على موطئ قدم في العملية السياسية أو في مناطق أرض إسرائيل.

وأضيف أنني لا أرى ضرورة لأن أفصّل مرة أخرى قرار الليكود وموقفه الواضحين بالنسبة إلى القدس الموحّدة التي ستظل إلى الأبد عاصمة إسرائيل الخالدة (تصفيق). هذا الموقف لم يتغير ولا يمكن أن يتغير أبداً.

لا نستطيع القبول بأي تحرك من شأنه أن يضع علامة استفهام على وضع القدس – بأجزائها كافة. لن يتاح لسكان القدس من العرب أن يشاركوا في العملية السياسية التي تتعلق بوضع سكان يهودا والسامرة وغزّة، ومستقبلهم. وهذا يتّسق وخط القرار الملزم الذي اتخذته حكومة إسرائيل برئاسة مناحم بيغن في 5 أيلول/سبتمبر 1982.

وسوف نرفض بحزم الشعارات المتعلقة بحق العودة وكل ما يرمز أو يساعد في تطبيق هذه النظرية البغيضة. فمبادرتنا لا تعالج عرب الشتات. والذين يتبنّون هذه الأفكار إنما يخططون لإزالة إسرائيل بإغراقها بملايين اللاجئين. من العبث أن تطالب إسرائيل بمد يدها إلى هذه النية السيئة. سوف نتخذ الإجراءات لتقوية المستعمرات اليهودية في يهودا والسامرة وغزة والجولان (تصفيق)، وفق برنامج الليكود السياسي. يجب أن يقيم اليهود في أي جزء من أرض الوطن، في أرض إسرائيل، وهذا حق لهم. ونبعث برسالة تشجيع – عسى أن تزدادوا قوة وحزماً – إلى ألوف المستوطنين الذين أقاموا منازلهم في يهودا والسامرة وقطاع غزة. (تصفيق)

ختاماً للقسم السياسي: أود مرة أخرى أن أخاطب قادة مصر والحكومات العربية، وكذلك عناصر المجتمع الدولي التي تريد إحلال السلام في منطقتنا: لقد قدّمت إسرائيل خطة موزونة، معقولة ومنصفة، لحل النزاع.

لا مصلحة لنا في استمرار الحال غير المرضية. ولا مصلحة لنا في مشاهدة الآلام المتواصلة التي يعانيها سكان يهودا والسامرة وغزة. ان مبادرتنا السياسية لم تصدر عن ضعف. إذا كان خير الشعوب العربية هو رائدهم، وإذا كانوا يريدون مخلصين ان يساهموا في إنهاء الصراع والقضاء على الإرهاب وبلوغ السلام، فعليهم أن يستعملوا نفوذهم لحمل العرب في أرض إسرائيل على قطع صلتهم المدمّرة والميئوس منها بـ م. ت. ف. ويساعدوا الطرفين في دخول عملية الحوار لتطبيق مبادرة الحكومة الإسرائيلية السياسية.

ان الحوار مع م. ت. ف. يعني القبول بإنشاء دولة فلسطينية. لن تتحاور إسرائيل مع م. ت. ف. ولن تقبل بدولة فلسطينية (تصفيق). وهذا الأمر منصوص عليه بوضوح في الخطوط الأساسية لحكومة الوحدة الوطنية. وعلى أولئك الذين يودون نقض هذه المبادئ أن يتقدموا بذلك صراحة إلى الحكومة والكنيست.

يجب أن يوضح للجميع اليوم أن من يقترح تقديم تنازلات إقليمية إنما يقترح، في الواقع، إقامة دولة فلسطينية في يهودا والسامرة وقطاع غزة، وربما أيضاً في القدس بقيادة م. ت. ف.

أيها الأصدقاء الأعزاء، على المرء، أيا تكن المخاطر والعقبات، ألاّ يفقد الرجاء. فرياح الحرية والديمقراطية تهب في أنحاء عدة من العالم. ولا بد من أن تبلغ الشرق الأوسط يوماً. ان رغبتنا في السلام وفي استئصال العنف والحرب أصيلة وثابتة، وإن كانت الديمقراطية لم توفق في الوصول إلى المجتمع المحيط بنا.

لكننا نأمل، ولن نكف عن الأمل بأن تنتصر القوى التي تعارض الاستبداد والظلم، وبأن تسود الحرية والتطلع إلى السلام حتى في هذا الجزء من العالم.

نحن نشهد تغيّرات هائلة. وما من سبب في العالم يمنعنا من الاعتقاد أن روح السلام والديمقراطية لن تكون لها اليد العليا يوماً في منطقتنا أيضاً. لكن، إذا كان ثمة من فرصة لأن تكون للسلام الحقيقي اليد الطولى في المفاوضات الصعبة المعقدة في منطقتنا، فمن الواجب علينا وعلى شركائنا في الحكومة أن نعلن أن مبادرتنا في شأن السلام عادلة وواقعية. علينا أن نقف متحدين بحزم وثبات وراء مبادئها ومطالبها.

لم يبد الجانب العربي حتى الآن أي تفهم أو استعداد للاقتراب منا. ومواقفه متطرفة وغير مقبولة. ولئن كرس شركاؤنا في الحكومة جل جهودهم للقبول تدريجاً بمطاليب العرب، فلسوف تجرّد مبادرتنا من كل مضامينها ومزاياها. ان هذه السيمفونية من التهديدات بحل الحكومة وتأليف حكومة بديلة ضيقة القاعدة إذا رفض الليكود التنازل عن مبادئ السياسة المتأصلة في الخطوط الأساسية لحكومة الوحدة الوطنية – ان هذه السيمفونية النشاز سوف تضعف فرص تحقيق أي تقدم في عملية السلام.

ان هذه التصريحات التي يطلقها قادة المعراخ تضعف موقفنا في كل مفاوضة، وتشجع المتطرفين في العالم العربي. لا شيء غير الوحدة، داخل الحكومة وفي المفاوضات السياسية، يمكن أن يثمر ثماراً إيجابية وواقعية من أجل التقدم نحو السلام. ان محاولة تقويض الوحدة الوطنية، والدعوة المكشوفة أو المستترة إلى التنازلات الخطرة، تدفعان بالسلام بعيداً. وعلى الذين يودون السلام حقاً أن يؤيدوا حكومة الوحدة الوطنية، ويعضدوها.

أرجو أن تصيب الأحزاب الدينية في تقدير وزن الوحدة الوطنية وأهميتها في الحملة من أجل السلام مع الأمن، وأن تستمر في تقدير ذلك تقديراً صائباً. فالليكود يؤمن بالسلام وبالوحدة الوطنية في الوقت نفسه. وان هذين المبدأين المتضافرين والملتصق أحدهما بالآخر، يهدفان بصورة أساسية إلى صون أرض إسرائيل والاقتراب من السلام أكثر فأكثر. ولن يفلح أي سبيل آخر.

...........

 

* FBIS-NES-90-030, 13 February 1990.

أنظر أيضاً: «هآرتس»، 13/2/1990.

** هكذا في الأصل، والصحيح: أريه. (المترجم)