يتناول الملف بعض مظاهر الانقسام الاجتماعي في إسرائيل، ولا سيما في موضوع المهاجرين، وأوضاع هذا المجتمع الذي يتميز بكونه فسيفساء من المجموعات البشرية التي تفصل بعضها عن بعض خيوط عرقية وثقافية وغيرها. ويشير الملف إلى أنه بعد مرور 50 عاماً على تأسيس إسرائيل ما تزال نظرية "بوتقة الصهر" الإسرائيلية موضوعة على المحك. ويضيف أن من أبرز إشكالات التمايزات الاجتماعية في إسرائيل الانقسام إلى يهود غربيين"أشكناز" ويهود شرقيين "مزراحيم" أو "سفارديم"، حيث تبرز بين فترة وأخرى مظاهر هذا الانقسام ومظاهر التمييز ضد المزراحيم كما جرى في حوادث وادي الصليب في حيفا سنة 1959، أو في التظاهرات العنيفة لحركة "الفهود السود" في مطلع سبعينيات القرن الماضي، أو في التصريحات التي أدلى بها النائب عن حزب العمل أوري أور والتي اعتبرت مسيئة لليهود من أصل مغربي. ويشير الملف إلى أن تلك المظاهر تتجسد في "الفجوة الطائفية" المسماة "إثنية" أحياناً والتي تفصل الطرفين على مستوى الحياة والتعليم والعمالة والثقافة والتمثيل في قمة الهرم السياسي والعسكري، كما تتمثل في نمط الاقتراع للكنيست ولرئيس الحكومة، حيث تحصد الأحزاب اليمينية معظم أصوات المزراحيم، فيما تصوت أغلبية الأشكيناز لمرشحي الأحزاب اليسارية. ويشير التقرير إلى بروز المفارقة التالية: إن المزراحيم "ضحية" للصهيونية، لكنهم في الوقت نفسه "جلاد" للفلسطينيين.
يتميز الكيان الصهيوني، بما هو تجمّع مهاجرين ـمستوطنين، بكونه فسيفساء من المجموعات البشرية التي تفصل بعضها عن بعض خيوطٌ عرقية وثقافية وغيرها. واليوم، بعد خمسين عاماً من قيام الكيان، لا تزال نظرية "بوتقة الصهر" الصهيونية موضوعة على المحك، في أبعد تقدير، كما كانت على الدوام. ومن أبرز أشكال التمايزات الاجتماعية في "إسرائيل" الانقسام إلى يهود غربيين ("أشكنازيم") ويهود شرقيين ("مزراحيم"، أو من يُطلق عليهم أحياناً على نحو تعوزه الدقة اسم: "سفاراديم"). وبين حين وآخر، تطفو على سطح الحياة السياسية مظاهر هذا الانقسام، ومظاهر التمييز ضد المزراحيم، كما جرى مثلاً في حوادث وادي الصليب في حيفا سنة 1959، أو في التظاهرات العنيفة لحركة "الفهود السود" في مطلع السبعينات، أو في الضجة التي أثيرت، مؤخراً، بسبب تصريحات عضو الكنيست عن حزب العمل أوري أور، التي اعتبرت مسيئة إلى اليهود من أصل مغربي. وتتجسد تلك المظاهر في "الفجوة الطائفية"، المسماة "إثنية" أحياناً، التي تفصل بين الطرفين في مجالات مستوى الحياة والتعليم والعمالة والثقافة والتمثيل على مستوى قمة الهرم الرسمي، السياسي والعسكري، كما تتجسد في نمط الاقتراع للكنيست ولرئيس الحكومة، حيث تحصد الأحزاب "اليمينية" معظم أصوات المزراحيم، في حين تعطي أغلبية الأشكنازيم مرشحي الأحزاب "اليسارية" أصواتها.
هنا، في اعتقادنا، تبرز المفارقة التالية: المزراحيم "ضحية" للصهيونية، لكنهم، في الوقت نفسه، "جلاد" للفلسطينيين. وفي هذا الملف ثلاثة نصوص تلقي الضوء، من زوايا مختلفة، على هذه المفارقة بتشعباتها المتعددة.
إيلا شوحط، "اليهودية العربية" من أصل عراقي (كما تعرّف نفسها)، التي غادرت فلسطين نهائياً واستقرت بنيويورك لتدرّس في إحدى جامعاتها، تحاول أن توسع دائرة النقاش بشأن واقع الصراع العربي ـ الصهيوني ومستقبله بأن تجعل المزراحيم "حلقة متوسطة" بين الفلسطينيين والأشكنازيم. فهم، أيضاً، ضحايا للصهيونية الأشكنازية ومضطهّدون في "الدولة الأشكنازية"، وإن يكن الفلسطينيون ـكما تشير شوحط ـهم الضحية الرئيسية والمضطهدون الأساسيون. كما أن المزراحيم يمكن أن يكونوا "جسر السلام" إلى العرب والفلسطينيين ـبحسب رأي شوحط.
أمّا أفيشاي مرغليت فيحاول تعقب الجذور القديمة للكراهية التي يكنها اليهود الشرقيون لحركة العمل الأشكنازية، الأمر الذي يفسر إقبالهم على الاقتراع لمصلحة أحزاب "اليمين"، عقاباً منهم لتلك الحركة. وهو إذ ينطلق من نتائج تصويتهم في بعض "مدن التطوير" وترجيحهم كفة بنيامين نتنياهو على حساب شمعون بيرس في الانتخابات الأخيرة، يتناول العناصر المؤثرة في هذا التصويت (عملية التسوية، والبطالة... إلخ)، ويقارن بين حظوظ زعيمي الليكود وحزب العمل في الفوز برئاسة الحكومة في الانتخابات المقبلة.
من المقابلة الطويلة والشاملة التي أجراها الصحافي آري شفيط مع شلومو بن ـعامي، اليهودي ذي المنشأ المغربي، والقيادي في حزب العمل، اقتطفنا المقاطع ذات الصلة بموضوع الملف. ويمكن اعتبار هذه المقاطع، في الجزء الأغلب منها، شهادة من واقع تجربة بن ـ عامي الشخصية في أكثر من مجال. فهو يتحدث عن "الفردوس المفقود" في المغرب ممثلاً بالروح التضامنية والحياة المفعمة بالأمان. وعن مدينة طنجة التي هاجر منها فتى عمره 12 عاماً، يقول: "إنني مجنون بهذه المدينة"، ويسرد سيرة حياة عائلته فيها. كما يتحدث عن "جرح الخمسينات" الذي لا يزال مفتوحاً، عندما وصل وعائلته سنة 1955 إلى فلسطين ضمن موجة هجرة جماعية لليهود الشرقيين، فرشّوهم بمادة الـ د. د. ت.، ثم نقلوهم إلى "المعبراه" حيث "المشهد المأساوي" "الذي يمزق القلوب": مكان هو لا مكان ـعلى حد تعبيره. وتشمل شهادته أيضاً تجربته في معسكر حركة العمل: "نحن في الداخل ولسنا في الداخل"، مضيفاً أن ابن الطوائف الشرقية لا يزال يجد صعوبة في الحصول على الشرعية الكاملة لوجوده داخل هذا المعسكر. ويذهب بن ـعامي إلى القول إن هذه الطوائف توجه احتجاجها وسخطها نحو حركة العمل، لا نحو الليكود، لأن هذه الحركة هي التي قادت عملية التحديث طوال 30 عاماً من دون أن تصل باليهود الشرقيين إلى الطمأنينة والمساواة.