سكّين كبيرة تعمل في القدس تشريحاً
كلمات مفتاحية: 
القدس
1967 War
الاستيطان الإسرائيلي في القدس
البناء في المستوطنات
القدس الكبرى
القدس الشرقية
شعفاط
إنشاء الطرق
نبذة مختصرة: 

تصف سارة هيلم، مراسلة صحيفة The Independent البريطانية، الجرافات الإسرائيلية وهي تقضم أراضي قرية شعفاط. وتذكر أن آخر عمليات البناء يركز "على سد الثغرات بين المستوطنات الحالية، وذلك من خلال تطوير حلقة جديدة خارج الحدود البلدية لإقامة "القدس الكبرى" ولإقامة شبكة جديدة من الطرق الممتدة شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً.

النص الكامل: 

على تلة كانت في الماضي آمنة هادئة تقع إلى الشمال من القدس الشرقية العربية، يتصاعد الغبار في الهواء بينما تمضي الجرافات الإسرائيلية قدماً في معركتها من أجل القدس.

ففي شعفاط، يقف أهالي القرية العرب ويراقبون الجرافات وهي تقضم أرضاً صودرت منهم لـ"أسباب عامة". وهي الآن موقع مستوطنة جديدة تضم 2043 منزلاً لليهود الأُرثوذكس. وقد بدأ المستوطنون يتوافدون إلى الموقع. وفي الأسبوع الماضي قال أحد تلامذة التوراة من اليهود: "سيكون مكاناً جميلاً جداً للسكن ورخيصاً جداً أيضاً."

وتتقدم الجرافات أيضاً نحو أراض عربية إلى الجنوب والشرق كانت إسرائيل قد صادرتها بعد حرب 1967. والعمل متواصل على طريق دائرية تربط الحزام المتعاظم من المستوطنات اليهودية حول المدينة. وسيتم حفر نفق طوله 600 متر تحت جبل الزيتون في القدس الشرقية العربية، وذلك في غضون الأشهر القليلة المقبلة. وفي بلدة بيت جالا ترتج المنازل الفلسطينية كلما انفجرت عبوات الديناميت لحفر نفقين يربطان مستوطنات القدس بمستوطنات جنوب الضفة الغربية.

إن الزعم الإسرائيلي أن القدس لم يحظ بالاعتراف الدولي قط. وما زالت الدول في معظمها تعتبر أن القدس الشرقية "محتلة". ومع أن الاستيطان في أراض محتلة غير قانوني بموجب القانون الدولي، فإن أغلبية الإسرائيليين ترى أن المدينة بكاملها يجب أن تبقى تحت السيادة الإسرائيلية.

وفي تلك الأثناء يريد رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات أن تكون القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطينية. فالصراع على القدس المشحون بالتنافر الديني والتاريخي هو الديناميت الذي قد يفجر عملية السلام.

جاء في الجدول الزمني في اتفاق أوسلو أن الحكم الذاتي في غزة وأريحا هو المرحلة الأولى للحكم الذاتي الفلسطيني، وأن وضع القدس مستقبلاً لن يُبحث فيه إلا سنة 1996. وجاء في الاتفاق أيضاً أنه لا يحق لأي من الجانبين أن يقوم بعمل من شأنه التأثير في وضع المدينة النهائي، استباقاً للمفاوضات، من أجل خلق "حقائق على الأرض".

وكلا الجانبين يتهم الآخر بخلق "حقائق على الأرض في القدس". ومع أن الولايات المتحدة امتنعت من تقديم ضمانات قروض، وذلك لمعاقبة إسرائيل على ما قامت به من عمليات استيطانية على أراضي الضفة الغربية، فإنها لم تفرض أية عقوبات على البناء في القدس. وفي الأسبوع الماضي، قال يوري لوبوليانسكي، وهو نائب رئيس البلدية ورئيس التخطيط، إن هدف إسرائيل هو زيادة عدد اليهود القاطنين في القدس بما يوازي 70,000 نسمة في العامين المقبلين. وهذا يعني أغلبية يهودية نسبتها 80% في المدينة مع حلول موعد المفاوضات. وهو يتنبأ بأن الكثير من السكان الجدد سيأتي من مستوطنات الضفة الغربية، من الذين يرون أن مستقبلهم مهدد من جانب الحكم الذاتي الفلسطيني.

قال لوبوليانسكي، وهو يهودي أرثوذكسي: "إذا بقيت إسرائيل قوية، سيسلّم العرب ببقاء القدس تحت السيادة الإسرائيلية. إن القدس ليست مقدسة بالنسبة إلى العرب قداستها بالنسبة إلى اليهود."

ويركز آخر عمليات البناء على سد الثغرات بين المستوطنات الحالية، وذلك من خلال تطوير حلقة جديدة خارج الحدود البلدية لإقامة "القدس الكبرى"، ولإقامة شبكة جديدة من الطرق الممتدة شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً التي من شأنها أن تخفي الحدود بين المجمعات السكنية العربية واليهودية. وتشمل مشاريع البناء الإسرائيلية ما يلي:

  • بناء ما لا يقل عن ثلاث مستوطنات داخل الحدود البلدية وعلى أراض مصادرة من العرب لـ"أسباب عامة".
  • توسيع المستوطنات الحالية والقائمة داخل الحدود البلدية.
  • إنشاء كتلة من المستوطنات على أراضٍ تابعة للضفة الغربية، إلى الشرق من حدود القدس البلدية والمسماة القدس الكبرى. وسيسكنها 70,000 مستوطن جديد. وسيتم كذلك توسيع غفعات زئيف في القدس الكبرى، وسيتم بناء مستوطنة جديدة باسم نِفي حاييم (600 وحدة) تربط هذه الكتلة بالقدس.
  • إنشاء ثلاثة أنفاق لشبكة جديدة من ثلاث طرق تشكل طريقاً دائرية. وستربط المستوطنات الجديدة طريقان جديدتان.
  • يتم داخل الأحياء العربية في المدينة التخطيط لبناء مستوطنتين جديدتين على الأقل، تشتملان على 500 وحدة سكنية.

إن اندفاع إسرائيل للوصول إلى السيادة في القدس كان منذ بدايته ديموغرافياً في جوهره. فبعد سنة 1956، وحين ضُمت القدس الشرقية وتم توسيع الحدود البلدية ثلاثة أضعاف، كان الهدف تحقيق أغلبية يهودية في المدينة تصل نسبتها إلى 95%. ولم يكن في القدس الشرقية العربية سنة 1967 أي مواطن يهودي. واليوم يبلغ عدد اليهود فيها 160,000 نسمة، بينما يبلغ عدد العرب 150,000 نسمة. وفي المدينة ككل، وعدد سكانها 600,000 نسمة، تبلغ نسبة الأغلبية اليهودية نحو 75%.

وتقول ساره كامِنْكر، وهي تعمل في مجال تخطيط المدن وتعارض المستوطنات: "إن الإنجاز الذي حققته إسرائيل في القدس هو من أعظم التغييرات الديموغرافية في تاريخ العالم."

كما أن المخططين الإسرائيليين ماضون في سياستههم للحد من مشاريع  البناء العربية في القدس الشرقية المضمومة وداخل الضفة الغربية. ومن مجموع 18,000 آكر*  من الأراضي العربية التي صادرتها إسرائيل سنة 1967، لا يتاح الآن منها سوى نسبة 12% للفلسطينيين لأغراض التنمية، وذلك بسبب القوانين الإسرائيلية المختصة بتصنيف الأراضي.

وعلى سبيل المثال، وفي شعفاط حيث موقع المستوطنة الدينية الجديدة، كان الأهالي العرب يملكون ما مجموعه 1303 من الآكرات، وكان 300 آكر منها تستخدم في الماضي للرعي فصادرتها إسرائيل سنة 1970، وجعلت منها "منطقة خضراء" لمنع العرب من البناء عليها، ومن ثم أُعيد تصنيفها للبناء اليهودي قبل أربعة أشهر. وقد قدمت بلدية القدس للأهالي العرب خطة للبناء في ما بقي من أراضيهم. ومن هذه الأراضي تم تصنيف ما نسبته 40% بأنها "خضراء". ويقول خليل توفقجي، وهو عالم جغرافي وعضو [مستشار] في الوفد الفلسطيني المفاوض: "عندما يحين الوقت للبدء في المفاوضات، لن يبقى ثمة أية أرض تقريباً يمكن التفاوض في شأنها." والكثيرون من الإسرائيليين يوافقونه الرأي هذا. فقد قال هذا الأسبوع أﭬراهام كاهيلا، وهو المخطط الإسرائيلي الرئيسي الذي أشرف على بداية مشروع البناء عندما كان تيدي كوليك رئيساً للبلدية، "سيستحيل على السيد ياسر عرفات أن يزعم أن القدس الشرقية عاصمته. قد ينجح في القيام بعمل رمزي، غير أن عمليات البناء التي قمنا بها ستجعل تقسيم المدينة من جديد أمراً مستحيلاً."

 

المصدر: The Independent, June 5, 1994.

 

*   الآكر الواحد = 4047 متراً مربعاً.

السيرة الشخصية: 

ساره هيلم: مراسلة The Independent في إسرائيل.