[.......]
ثم أجاب السيدان الرئيسان على الأسئلة التي وجهت إليهما وكان السؤال الأول موجهاً إلى الرئيس مبارك بشأن الموضوعات التي تناولتها محادثاته مع السيد الرئيس حافظ الأسد وما هي نتائجها فقال:
أحب أن أقول أننا تناولنا موضوعات وقضايا كثيرة منها قضية السلام وتبادلنا الآراء فيها. أما النتائج فلا أستطيع أن أقول ما هي وإنما قد أجيب على سؤال يتعلق بقضية معينة.
وسئل الرئيس مبارك عن تقويمه لمحادثات عملية السلام في ضوء تعنت إسرائيل فقال عندما نتكلم عن قضية السلام وعن التشدد أو التعنت الإسرائيلي في قضية السلام أريد أن أقول أننا يجب أن نستمر في المباحثات إلى أن يظهر بوضوح وجلاء أن إسرائيل لا تريد فعلاً السلام لأنهم في إسرائيل يقولون نحن نريد السلام ونحن نريد أن نضعهم في الموقف الذي يؤكد أنهم يريدون السلام أو لا يريدون السلام وبالتالي فإن المفاوضات في مثل هذه القضايا تكون صعبة وعميقة وقد تكون معقدة في بادىء الأمر ولكن يجب ألا نيأس وأن نستمر حتى نهاية المطاف.
وسأل أحد الصحفيين الأجانب السيد الرئيس حافظ الأسد والرئيس محمد حسني مبارك عن احتمال استخدام القوة العسكرية ضد العراق لكي ينفذ قرارات مجلس الأمن وقد أجاب السيد الرئيس حافظ الأسد عن هذا السؤال فقال:
نحن كنا متفقين في المنطقة على أن تنسحب القوات العراقية من الكويت أما في أي شأن آخر فلسنا على استعداد لدعم عمل عسكري ضد العراق في ضوء المعطيات الحالية.
وكما قلت كان تحرير الكويت أو انسحاب القوات العراقية ضرورة ربما فرضت استخدام القوة العسكرية أما المواضيع الأخرى فليست بحاجة لاستخدام القوات العسكرية وبخاصة أن العراق يؤكد أنه ملتزم بقرارات مجلس الأمن وإنْ كنا بصراحة نشعر بشيء من المرارة لأن مثل هذا الأمر لا يطبق على إسرائيل فنحن نريد من الجميع أن يطبقوا قرارات مجلس الأمن الجميع العرب وإسرائيل وكل دول العالم يجب أن يطبقوا قرارات مجلس الأمن.
وأجاب الرئيس مبارك عن السؤال نفسه قال بصراحة أن طارق عزيز قال أمام مجلس الأمن أن الحكومة العراقية قررت أن تطبق قرارات الأمم المتحدة وأظن أنه ما دامت الحكومة العراقية قد قررت تطبيق قرارات مجلس الأمن فنحن ضد أي استخدام للقوة.
وسئل السيد الرئيس حافظ الأسد عن ادعاء إسرائيل أن ما سمته محور طهران دمشق يقف وراء الانفجار الذي حدث في سفارة إسرائيل في بوينس أيرس وعن موعد انسحاب القوات السورية من لبنان فقال:
فيما يتعلق بالشق الأول من السؤال إن إسرائيل تستطيع أن تقول ما تشاء وقال السيد الرئيس متهكماً على كل حال هذه أول مرة يمتد فيها محور دمشق ـ طهران ليصل إلى أقصى أميركا الجنوبية.
ثم تابع يقول لقد سمعت اليوم فقط بهذا الخبر ولا أستطيع أن أعلق عليه أو أن أفسره بما يفيد لكن لا بد أن هناك من هو غاضب من أعمال إسرائيل وتصرفاتها وبكل تأكيد أنا لا أعرفه لا أعرف هويته ولا قوميته ولا دينه وأقصد الذي قام بهذا العمل إن سوريا لم تخطط سابقاً ولن تخطط لاحقاً لمثل هذه الأعمال وإسرائيل تستطيع أن تقول ما تشاء لكن ما تقوله إسرائيل شيء والواقع في أكثر الأحيان يكون شيئاً آخر.
وهنا قال الرئيس محمد حسني مبارك:
أريد أن أقول تعليقاً على ذلك إن إذاعة إسرائيل قالت أمس عندما تحدثت الأخبار عن بيع إسرائيل صواريخ باتريوت إلى جهة ثالثة.. إن الجنود المصريين في الخليج جمعوا قطع الحديد المتناثرة من صواريخ باتريوت وأخذوها وأرسلوها إلى الصين ما معنى ذلك. إن الصحراء كانت ملأى بقطع الحديد.
ثم تابع السيد الرئيس حافظ الأسد كلامه تعقيباً على كلام الرئيس مبارك فقال تصوروا هذا الكلام الإسرائيلي عن أن الجنود المصريين نقلوا التكنولوجيا الأميركية عبر شظايا صاروخ وأخذوها إلى الصين.
ثم أضاف السيد الرئيس قائلاً.. أما عن الشق الآخر من السؤال المتعلق بلبنان فأقول: نحن ملتزمون بما ورد في اتفاق الطائف وبما ترغبه حكومة لبنان لقد أردنا أكثر من مرة أن ننسحب من بيروت في وقت سابق وأحياناً انسحبنا واضطررنا تحت ضرورة حاجة اللبنانيين إلى المساعدة أن نعود إلى بيروت.
فاتفاق الطائف من جهة وحاجة لبنان من جهة أخرى هما اللذان يقرران متى ننسحب ومن أين ننسحب وإلى أين ننسحب.
وسئل الرئيس محمد حسني مبارك عن رأيه في محاولة فرض حصار على تسليح الدول العربية بينما إسرائيل تواصل تسلحها بكل الأشكال فأجاب قائلاً.. المفروض أن النظام الدولي الجديد يهدف إلى السلام والاستقرار وإذا كان هذا هو الهدف فلا بد للدول العربية أن تساعد دول منطقة الشرق الأوسط للوصول إلى سلام عادل حتى يمكن بعد ذلك وضع حدود للأسلحة والتسليح في المنطقة بأكملها بما في ذلك إسرائيل.
ووجه أحد الصحفيين الأجانب سؤالاً إلى السيدين الرئيسين عن اتجاه النية إلى اتخاذ قرار في مجلس الأمن يطلب من جميع خطوط الطيران في العالم مقاطعة ليبيا.
وقد أجاب الرئيس مبارك عن هذا السؤال فقال:
إن شعبنا في هذا البلد لن يكون سعيداً باتخاذ مثل هذه العقوبة أو هذه الإجراءات ضد ليبيا وبخاصة أن البلدان المجاورة لليبيا ستتأثر بأي حظر يفرض على ليبيا ولذلك فإن هذا أمر هام وبخاصة إذا صدر قرار عن مجلس الأمن ويجب الانتباه إلى العواقب التي ستلحق بالبلدان المجاورة إن هذا هام جداً.
ثانياً يجب أن تجرى محاكمة عادلة ويجب تقديم براهين واضحة جداً بحيث يقتنع الناس هنا في مصر وفي البلدان العربية الأخرى بأن ليبيين اقترفوا مثل هذه الجريمة، يجب أن تتكون قناعة أن جريمة خطيرة ارتكبت وتستوجب مثل هذه العقوبة.
ثم أجاب السيد الرئيس حافظ الأسد عن السؤال نفسه فقال:
من الضروري أن تراعي جهات معينة في مجلس الأمن مشاعر الأمة العربية، لا أتصور أن أحداً ممن يعرف هذه المنطقة التي يعيش فيها العرب يتصور أن يكون خبر فرض حصار على بلد عربي كما هو منوى بشأن ليبيا سيكون بشرى سارة للمواطنين العرب في أي مكان.
وفي كل الحالات نحن نطالب دائماً بالشرعية الدولية وبقرارات الأمم المتحدة أي المكافحة بالأساليب المعقولة لكل الأعمال التي لا نريدها نحن العرب مسؤولين أو مواطنين عاديين ولا تريدها شعوب العالم.
لكن ما يؤلمنا هو أن هناك بعض التعامل الذي أصبح مميزاً ومركزاً خاصة على المنطقة العربية والبلدان العربية، وهذا أمر لا يمكن تجاهله نحن نتمنى أن ينتقل الوضع في منطقتنا إلى استقرار أفضل وإلى تطور أفضل.
نحن نبحث عن السلام ونناضل من أجل أن يتحقق السلام ولا نتمنى أن تكون هناك إجراءات جديدة من شأنها أن تفقد كل ما ننوي أن نتقدم نحوه وهذا ليس في مصلحتنا فقط بل هو في مصلحة العالم أيضاً.
وأريد أن أؤكد مرة أخرى أن على دول العالم الأخرى أن تأخذ في الاعتبار أننا نحن العرب أمة واحدة، شعب واحد، يؤثر كل منا بالآخر ويتأثر به، لذلك يجب تقدير هذا الواقع وتقدير عواطفنا التي قد تكون سلبية أو إيجابية حسب نوع العمل والإجراء بالنسبة لبلد عربي شقيق.
[.......]
المصدر: "البعث" (دمشق)، 19/3/1992. وقد زار الرئيس الأسد القاهرة يومي 17 و 18 آذار/ مارس 1992.