[.......]
لقد برهنت صلابة الموقف الدولي خلال أزمة الخليج قدرة الشرعية الدولية على فرض إرادتها وضمان تنفيذ قراراتها، وعززت بوادر النظام الدولي الجديد التي تؤكد تكريس إرادة السلام وتعزيز الاستقرار العالمي الأمل في أن تؤكد الشرعية الدولية من جديد إرادتها في تنفيذ قراراتها المتعلقة بالقضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي، كما سبق وأن أكدتها إبان أحداث تحرير دولة الكويت.
ومن هذا المنطلق، وجرياً على نهج التعاون والتضامن، فقد بذلنا معاً جهوداً مخلصة لدفع مسيرة السلام في منطقتنا سعياً نحو إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي وإيجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية يؤمن ممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه المشروعة واستعادة الأراضي العربية المحتلة وفي مقدمتها القدس الشريف على أساس قراري مجلس الأمن (242 و338) وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.
ولقد أثبت المفاوضون العرب المشاركون في المفاوضات الثنائية الرغبة الصادقة والاستعداد الحقيقي للدخول في مفاوضات جدية وهادفة لتكريس إرادة السلام، غير أن هذا الموقف للأسف الشديد قوبل باستمرار التعنت الإسرائيلي ومحاولات إسرائيل المتعددة لإجهاض عملية السلام، ويحدونا الأمل من جديد في أن تحقق المفاوضات الثنائية في جولتها القادمة تقدماً ملحوظاً نحو الوصول إلى الأهداف المنشودة.
ولا يفوتني بهذه المناسبة أن أشيد بالمواقف العربية الجادة والهادفة التي تجلت من خلال مشاركة الوفود العربية في المحادثات المتعددة الأطراف التي انطلقت من موسكو في شهر يناير [كانون الثاني] الماضي. لقد ساهمت المشاركة العربية في إبراز قناعة دولية أكيدة بأن المحادثات المتعددة الأطراف ليست بديلاً للمفاوضات الثنائية وإنما هي مكملة لها، هدفها الأول هو دعم مسيرة السلام وتكريس إرادة السلام، وأكدت هذه المشاركة في الوقت نفسه أنه من غير المعقول النظر في أي تعاون في المنطقة ما دامت الأراضي العربية رازحة تحت نير الاحتلال الإسرائيلي الغاشم وما دام الشعب الفلسطيني محروماً من ممارسة حقه المشروع في تقرير مصيره بنفسه، وما دامت إسرائيل ماضية في سياستها الاستيطانية في الأراضي العربية المحتلة وفي ممارساتها القمعية للشعب الفلسطيني الذي لا يزال يتعرض للقهر والسجن والإبعاد، وبالتالي فإنه لن يكون بالإمكان تحقيق هذه المحادثات المتعددة الأطراف لأي تقدم ما لم تحقق المفاوضات الثنائية تقدماً جوهرياً ملموساً وتتوقف إسرائيل عن بناء المستوطنات في الأراضي العربية المحتلة، وتحترم نصاً وروحاً اتفاقية جنيف الرابعة.
[.......]
المصدر: "الرياض"، 13/2/1992. وقد ألقى الأمير الفيصل هذه الكلمة في افتتاح أعمال الدورة الرابعة للجنة السعودية ـ المصرية المشتركة.
* الأمير سعود الفيصل: وزير الخارجية السعودي.