تقرير عن الإغلاق الإسرائيلي المتشدد المفروض منذ 30/7/1997، والذي يشمل الحظر العام على حركة الأفراد والبضائع. ويتضمن التقرير: إغلاق الحدود مع مصر عند رفح؛ إغلاق المعبر مع الأردن ومنع الوصول إلى مطار بن ـ غوريون؛ حظر التنقل بين الضفة والقطاع؛ حظر التنقل لأعضاء المجلس التشريعي؛ إغلاق معبري إيرز وكرني؛ إغلاق بحر غزة؛ الإغلاق كعقوبة جماعية... إلخ.
تواصل السلطات الإسرائيلية تشديد إغلاق الأراضي المحتلة، بما في ذلك المناطق التي تقع تحت السلطة الوطنية الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة. وما زال هذا الإغلاق المتشدد قائماً منذ بعد ظهر 30 تموز/يوليو، عقب العمليتين الانتحاريتين اللتين لم يعلن أحد مسؤوليته عنهما في القدس الغربية. وبموجب إجراءات الإغلاق الجديدة، فرضت السلطات الإسرائيلية حصاراً محكماً تاماً على الضفة الغربية وقطاع غزة، فيما فُرض كذلك حظر عام شامل على حركة البضائع والأفراد بين المناطق الفلسطينية عبر إسرائيل، كما فُرض إغلاق داخلي في الضفة الغربية جعل المناطق التي تقع تحت السيطرة الفلسطينية، وهي المصنفة منطقة (أ)، مغلقة ومعزولة عن ضواحيها الريفية المصنفة منطقة (ب). وقد قام المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان بتتبع تدهور الوضع في الأراضي الفلسطينية بصورة عامة وفي قطاع غزة بصورة خاصة. ومن شأن هذا التقرير أن يراقب وأن يوثّق تأثيرات الإغلاق الإسرائيلي في وضع حقوق الإنسان في غزة، وتأثيراته المدمرة في جميع نواحي الحياة في قطاع غزة.
يتضمن هذا التقرير البنود التالية:
- إغلاق الحدود مع مصر عند رفح.
- إغلاق المعبر الحدودي مع الأردن ومنع الوصول إلى مطار بن - غوريون.
- حظر حرية التنقل بين الضفة الغربية وقطاع غزة.
- حظر حرية التنقل لأعضاء المجلس التشريعي.
- إغلاق معبري كرني وإيرز على الحدود بين غزة وإسرائيل في وجه التبادل الاقتصادي.
- إغلاق بحر غزة.
- منع العمال من الوصول إلى مواقع عملهم في إسرائيل.
- تدهور الأحوال الصحية في قطاع غزة.
- الإغلاق كعقوبة جماعية في حق الشعب الفلسطيني.
إغلاق الحدود مع مصر عند رفح
أقفلت السلطات الإسرائيلية معبر رفح بين غزة ومصر عصر الأربعاء، 30 تموز/يوليو، بحيث لا يمكن لأي فلسطيني أن يتنقل بين قطاع غزة ومصر.
ووفقاً لإدارة الحدود الفلسطينية، فقد أُغلق المعبر أيضاً في وجه أي تبادل تجاري مع مصر. وصرحت المصادر نفسها أن 207 مواطنين فلسطينيين ظلوا محجوزين بين الحدود المصرية والإسرائيلية طوال يومين. وكان هؤلاء قد اجتازوا الحدود المصرية وانتقلوا في اتجاه الجانب الإسرائيلي يوم الأربعاء، 30 تموز/يوليو، بانتظار دخول غزة. مع ذلك، لم تسمح لهم السلطات الإسرائيلية بدخول غزة حتى مساء الجمعة، 1 آب/أغسطس، بعد مفاوضات بين إسرائيل والسلطة الوطنية الفلسطينية.
بالإضافة إلى ذلك، احتُجز أكثر من 700 فلسطيني في العريش، في مصر، بانتظار سماح إسرائيل لهم بالعودة إلى غزة. وكان هؤلاء قد وصلوا عبر رحلتين جويتين قادمتين من الإمارات العربية المتحدة يوم الخميس، 31 تموز/يوليو. وهنالك المئات من فلسطينيي الشتات الذين كانوا قد قدموا إلى غزة لزيارة أقرباء لهم، لا يستطيعون العودة إلى أماكن إقامتهم، ولا سيما إلى بلدان الخليج العربي. ويبين الجدول أدناه عدد الداخلين والخارجين عبر حدود رفح على أساس أسبوعي منذ كانون الثاني/يناير 1997. قبل هذا التشدد الأخير في الإغلاق، كان نحو 4000 يسافرون بين قطاع غزة والعالم الخارجي عبر معبر رفح.
ابتداء من صباح الأربعاء، 6 آب/أغسطس، فُتح المعبر جزئياً. وسُمح لبعض الذين كانوا يزورون غزة بمغادرتها، بينما سمح لبعض الغزّيين ممن احتجزوا في مصر بأن يدخلوها.
إغلاق المعبر الحدودي مع الأردن ومنع الوصول إلى مطار بن - غوريون
أُغلى المعبر الأردني بعد ظهر الأربعاء، 30 تموز/يوليو، كما مُنع الوصول إلى مطار بن - غوريون. خلال الأشهر القليلة الأخيرة، كانت السلطات الإسرائيلية قد بدأت تسمح، بالتدريج، لعدد قليل من الأشخاص بأن يمرّوا عبر المناطق الإسرائيلية بقصد الانتقال إلى الأردن، وعبر مطار بن - غوريون. لقد كانت الرحلات إلى الأردن محصورة بتواريخ محددة، وكان الركاب ينتقلون في قوافل الباصات تحت حراسة إسرائيلية. لكن، على الرغم من ذلك فقد كان الانتقال ممكناً. ويظهر الجدول التالي عدد الأشخاص الذين انتقلوا من قطاع غزة إلى الأردن، وعبر مطار بن - غوريون، في الأشهر الثلاثة التي سبقت الإغلاق.
بلّغت وزارة الداخلية الفلسطينية المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان أن السلطات الإسرائيليةألغت سمات الخروج لأكثر من 700 فلسطيني من قطاع غزة، ممن كان يُفترض أن يغادروا إلى الأردن الأربعاء في 30 تموز/يوليو، والخميس في 31 تموز/يوليو، والأحد في 3 آب/أغسطس. وكان ذلك يشمل خمسة باصات تنقل ما مجموعه نحو 250 راكباً من قطاع غزة، وصلوا إلى المعبر الحدودي بعد ظهر 30 تموز/يوليو، أي يوم العملية الانتحارية. وكان كثيرون منهم قد أنجزوا معاملات الخروج ودفعوا رسوم السفر، لكنهم منعوا جميعاً من الوصول إلى الجانب الأردني من الحدود، وأُرغموا على العودة إلى غزة تحت الحراسة العسكرية الإسرائيلية. ولا تزال الحدود الأردنية مغلقة في وجه من يريد الدخول او الخروج. ونتيجة ذلك، فإن المئات من الفلسطينيين الذين استطاعوا الذهاب إلى الأردن لا يستطيعون العودة إلى الضفة الغربية وقطاع غزة، كما أن المئات الذين يزورون المناطق المحتلة لا يستطيعون مغادرتها.
حظر حرية التنقل بين قطاع غزة والضفة الغربية
منع كلياً انتقال الفلسطينيين بين الضفة الغربية وقطاع غزة. وكان السماح بالانتقال بين المنطقتين في أدنى مستوى له قبل تدابير الإغلاق الأخيرة. ووفقاً لوزارة الداخلية، هنالك نحو 110 فلسطينيين مقيمين بالضفة الغربية انتقلوا إلى قطاع غزة قبل الإغلاق، لا يستطيعون، الآن، مغادرة غزة. فالسلطات الإسرائيليةلا تسمح لهم بالعودة إلى مساكنهم في الضفة الغربية.
ثم إن إجراءات الإغلاق الجديدة لا تغيّر من سياسة إسرائيلالمتشددة مع الطلبة. فمنذ 25 شباط/فبراير 1996، مُنع الطلاب الغزّيون الذين يدرسون في جامعات الضفة الغربية من الوصول إلى جامعاتهم. كما أن التدابير التي تبنتها إسرائيلفي الأشهر القليلة الماضية، للتخفيف من بعض نواحي الإغلاق، لم تشمل السماح لهؤلاء الطلبة بالعودة إلى دراساتهم.[1]
حظر حرية التنقل لأعضاء المجلس التشريعي
بعد انتهاء جلسة المجلس التشريعي الفلسطيني المنعقدة في رام الله، يوم الخميس، 31 تموز/يوليو، توجه 18 عضواً من غزة إلى مساكنهم نحو الثالثة ب. ظ.، لكن الجنود الإسرائيليين عند الحاجز العسكري بين رام الله والقدس منعوهم من المرور، مع أنهم يحملون بطاقات VIP (شخص مهم جداً) التي تمكنهم من التنقل بين الضفة الغربية وقطاع غزة.
تم احتجاز هؤلاء الأشخاص عند الحاجز سبع ساعات، كما صودرت بطاقاتهم، وظلوا محتجزين حتى العاشرة ليلاً. وأخيراً أعاد الجنود إليهم بطاقاتهم وسمحوا لهم بالعودة إلى رام الله. حاول الأعضاء الانتقال إلى غزة عبر طريق بديلة، ومرة أُخرى أُوقفوا عند حاجز بين رام الله واللطرون. ورفض الجنود السماح لهم بالمرور، وذكروا أن لديهم تعليمات من قادتهم بمنع أعضاء المجلس من دخول الأراضي الإسرائيلية. ونحو منتصف الليل، عاد أعضاء المجلس إلى رام الله.
لم يتمكن أعضاء المجلس الغزّيون من المغادرة قبل اليوم التالي. واستغرقت رحلتهم آنذاك نحو ست ساعات (بدلاً من ساعة وربع ساعة عادة) بسبب الحواجز الإسرائيلية. ونتيجة هذا الإغلاق وحظر انتقال أعضاء المجلس، لم تُعقد اجتماعات لجان المجلس كما هي مقررة لهذا الأسبوع في غزة. وليس من الواضح هل ستنعقد جلسة المجلس المقررة في رام الله في الأسبوع المقبل، أم لا؟
إن أعضاء المجلس التشريعي يحملون بطاقات VIP، من الفئة الثانية، والتي تمكنهم من التنقل بين الضفة الغربية وقطاع غزة. وكانت هذه البطاقات أُصدرت نتيجة مفاوضات بين المسؤولين الفلسطينيين والإسرائيليين بعد الإغلاق الشامل في شباط/فبراير 1996، والذي أسفر بالإضافة إلى أمور أُخرى عن حظر انتقال أعضاء المجلس وعدم تمكنهم بالتالي من حضور الاجتماعات في قطاع غزة. ولقد أُلغيت اجتماعات المجلس في قطاع غزة أو أُجلت في مناسبات كثيرة نتيجة العقبات الإسرائيلية. وبناء على الاتفاقات المعقودة، فإن بطاقات VIP، من الفئة الثانية، تخول حاملها دخول إسرائيل أو المناطق التي تقع تحت الولاية القضائية الإسرائيلية من دون التأخيرات والتفتيشات الدقيقة التي يخضع لها معظم الفلسطينيين. ويسمح لحاملي هذه البطاقات بأن ينتقلوا بسياراتهم الخاصة برفقة سائق، والزوجة، والأبناء، والوالدين. لكن على الرغم من هذه البطاقات فقد تعرض أعضاء المجلس، خلال الأشهر القليلة الأخيرة، للمضايقات في تنقلهم بين الضفة الغربية وقطاع غزة، وهو ما أدى إلى عرقلة عمل المجلس.
إغلاق معبري كرنيوإيرز على الحدود بين غزة وإسرائيل في وجه التبادل الاقتصادي
وكالحدود مع مصر والأردن، أُغلقت الحدود عند كرنيوإيرز بين غزة وإسرائيل في 30 تموز/يوليو 1997. ويوم الخميس، 31 تموز/يوليو، طلبت إسرائيل من المسؤولين الفلسطينيين عند معبر كرني السماح باستيراد السلع من إسرائيل إلى غزة، بينما بقيت الصادرات الغزّية محظورة. ورفض الجانب الفلسطيني هذا التدبير، مصراً على فتح الحدود للصادرات والواردات معاً. ورفض الإسرائيليون ذلك، وظلت الحدود مغلقة أمام الواردات والصادرات؛ حتى الصحف الفلسطينية التي تصدر في الضفة الغربية، بما فيها "القدس"، لم يسمح لها بدخول غزة.
بتاريخ 3 آب/أغسطس فتحت الحدود عند إيرز لاستيراد الحاجات الأساسية، كالسكر والدقيق، لكنها ظلت مغلقة أمام الصادرات. ثم إن المركز بُلِّغ أيضاً أن معبر كرني فتح منذ الثلاثاء صباحاً، 5 آب/أغسطس، لاستيراد الحاجات الضرورية. أدى النقص في المواد الضرورية إلى سماح الفلسطينيين بفتح الحدود للاستيراد المحدود، مع أن الصادرات ظلت محظورة. ووفقاً لوزير الزراعة الفلسطيني، كان يصدر يومياً، في الحالات العادية، ما بين 150 طناً و200 طن من الخضروات عبر معبر كرني إلى إسرائيل وأسواق الضفة الغربية. ونتيجة حظر التصدير، أصبح هنالك فائض في المنتوجات في غزة، واختفضت الأسعار إلى 50% من الأسعار العادية، الأمر الذي أدى إلى خسائر هائلة للمزارعين. وتقدر وزارة الزراعة الخسائر الزراعية في قطاع غزة بـ 322 ألف دولار يومياً.
إغلاق بحر غزة
مساء 30تموز/يوليو، أوقفت السفن الإسرائيليةالعسكرية أعمال زوارق الصيد الفلسطينيةفي بحر غزة. وطُلب من صيادي الأسماك الغزّيين أن يغادروا البحر وأن يعودوا إلى الشاطئ خلال خمس دقائق. وفي الحال، عادت الزوارق الفلسطينيةإلى غزة تاركة شباكها ومعداتها في البحر، وأكثرها لن يُستعاد. ويُقدّر مجموع الخسائر التي نزلت بهذا القطاع، بما في ذلك الخسائر اليومية العائدة إلى حظر الصيد، بنحو 30 ألف دولار يومياً.[2]
هنا يجب أن نسجل أن القوارب الفلسطينية، وعددها 816 قارباً، مرخصة كلها وفقاً للاتفاقات الفلسطينية - الإسرائيلية. ويعمل نحو 4000 شخص في هذه الصناعة، منهم 2500 صياد. ويقدر إنتاج هذا القطاع بـ 3 ملايين دولار سنوياً تقريباً.
منع العمال من الوصول إلى مواقع عملهم في إسرائيل
تواصل السلطات الإسرائيلية، بصورة مستمرة، حظر وصول العمال إلى عملهم في إسرائيل منذ الأربعاء، 30 تموز/يوليو. ونتيجة ذلك أصبح آلاف العمال الفلسطينيين عاطلين عن العمل. وخلال أعوام الاحتلال، حاولت السلطات الإسرائيلية تدمير البنية الاقتصادية التحتية في قطاع غزة، باستغلالها كسوق مفتوحة للمنتوجات الإسرائيلية وكمصدر لليد العاملة الرخيصة. وقد تطور دخل العمال المشتغلين في إسرائيل حتى أصبح جزءاً أساسياً في اقتصاد غزة. غير أنه نتيجة الإغلاقات المتكررة لقطاع غزة، تناقص عدد العمال الغزّيين في إسرائيل بالتدريج إلى نحو 25,000 عامل منذ 30 تموز/يوليو 1997، وهو ما جعل نسبة البطالة في قطاع غزة 57%. كما جعلت تدابير الإغلاق الجديدة نسبة البطالة تقفز إلى 68% بسبب حرمان العمال من دخول إسرائيل، وحظر تصدير المنتوجات الصناعية والزراعية، وإغلاق البحر، والركود الاقتصادي في قطاع غزة.
تدهور الأحوال الصحية في قطاع غزة
حُرم كثيرون من المرضى الغزّيين، نتيجة تدابير الإغلاق الجديدة، الحصول على العلاج الطبي في إسرائيل والضفة الغربية. وسُمح لأربعين مريضاً فقط، مصنفين حالات خطرة، بعبور المناطق الإسرائيلية إلى مستشفيات إسرائيل أو الضفة الغربية بين 31 تموز/يوليو و5 آب/أغسطس. أمّا قبل 30 تموز/يوليو، فكان عدد المرضى الذين يسمح لهم بالمرور يومياً يتراوح بين 25 مريضاً و30 مريضاً. وقد ذكرت مصادر وزارة الصحة الفلسطينية أن هنالك أكثر من 100 حالة مُنعت من الوصول إلى مستشفيات الضفة الغربية وإسرائيل، لأن الإسرائيليين لم يصنفوها حالات خطرة.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن المرضى الغزّيين محرومون من حق العلاج الطبي في بلدان أُخرى مجاورة بسبب الحدود المغلقة. فقد كانت وزارة الصحة الفلسطينية تنقل عادة خمسة وعشرين مريضاً غزّياً إلى مصر يومياً، بينما كان هنالك أربعون مريضاً آخر يسافرون إلى مصر أسبوعياً من تلقاء أنفسهم. ويذهب نحو 25 حالة إضافية، عادة، إلى المستشفيات الأردنية مروراً بالأراضي الإسرائيلية. لكنهم الآن محرومون من ذلك. وبسبب إغلاق الحدود، لا يسمح لأحد من الذين تلقوا العلاج مؤخراً في بلاد أُخرى بالعودة إلى غزة. وبناء على معلومات من وزارة الصحة هنالك تسعة مرضى من هؤلاء الذين تلقوا العلاج في مصر لا يستطيعون العودة إلى موطنهم غزة بسبب الحدود المغلقة.
ويكفي أن نذكر هنا مثلين للمشكلات الناجمة عن الإغلاق الإسرائيلي: منى عادل بلوشة البالغة من العمر خمسة أعوام، عولجت في مستشفى الناصر في غزة عقب إصابتها بنزيف في الدماغ وكانت بحاجة إلى علاج طبي سريع؛ عليا رزق جراده، المولودة في أول كانون الثاني/يناير 1949، عولجت عقب تعرضها لنوبة قلبية في مستشفى الشفاء في غزة، لكن حالتها غير مستقرة وهي بحاجة إلى جراحة سريعة في القلب. أمرت وزارة الصحة الفلسطينية بنقل المريضتين إلى مصر للعلاج الطبي، غير أن السلطات الإسرائيلية رفضت، في 3 آب/أغسطس، الطلب الفلسطيني بنقل المريضتين إلى مصر في سيارة إسعاف. وبلّغ الإسرائيليون زملاءهم الفلسطينيين أن مثل هذه الحالات الخطرة لا يمكن، بسبب إجراءات الإغلاق الجديدة، أن يُعالَج إلاّ في إسرائيل. في الحال، قام الجانب الفلسطيني بالترتيبات لنقل المريضتين إلى إسرائيل، غير أن المسؤولين الفلسطينيين لم يتلقوا رداً بشأن سمة الخروج إلا يوم الثلاثاء، 5 آب/أغسطس، حين بلّغهم الإسرائيليون نحو التاسعة والنصف ليلاً أنهم لن يسمحوا بدخول المريضتين إلى إسرائيل، ولكنهم يسمحون لهما الآن بالانتقال إلى مصر عبر معبر رفح. وصباح الأربعاء، نُقلت المريضتان إلى مصر في سيارة إسعاف فلسطينية، لكن احتمالات الشفاء كانت قد أصبحت أقل مما لو تلقت المريضتان العلاج فوراً.
الإغلاق كعقوبة جماعية في حق الشعب الفلسطيني
إن فرض الإغلاق الشامل على الأراضي الفلسطينيةيزيد، إلى درجة كبيرة جداً، في حدة الوضع المتدهور في المنطقة. إن إغلاق الأراضي المحتلة كعقوبة جماعية في حق الشعب الفلسطيني، ممنوع بموجب الاتفاقات والمواثيق الدولية، بما في ذلك اتفاقية جنيف الرابعة لسنة 1949.
يكرر المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان موقفه الرافض لفرض الحكومة الإسرائيلية عقوبة جماعية ضد الشعب الفلسطيني، كما يكرر اعتقاده أن التبرير الأمني للإغلاق، كما تدعيه الحكومة الإسرائيلية، لا أساس له في الواقع. كما يتخذ المركز موقفاً مفاده أن هذا النوع من العقوبة الجماعية لم يساهم، ولن يساهم أبداً، في تحقيق أمن دولة إسرائيل للسببين التاليين:
أولاً، إن العمليات الانتحارية ضد الإسرائيليين نُفذت على الرغم من الإغلاقات التي فرضتها إسرائيل على الضفة الغربية وقطاع غزة. ومن الواضح أن القائمين بالتفجير الأخير لم يحصلوا على سمات دخول إسرائيل، بل تمكنوا من دخولها على الرغم من ذلك.
ثانياً، تعتقل القوات الإسرائيلية مئات المواطنين الفلسطينيين شهرياً لتسللهم إلى الأراضي الإسرائيلية من دون أذونات، بقصد العمل. وإذا كان هؤلاء المواطنون العاديون قد استطاعوا تجنب الحواجز والتسلل عبر الحدود الإسرائيلية للوصول إلى أمكنة عملهم، فإن من السذاجة الاعتقاد أن الشخص الذي قرر تنفيذ عملية انتحارية ستردعه الحواجز والقيود المفروضة على حرية التنقل.
مرة أُخرى، يكرر المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان اعتقاده أن على الحكومة الإسرائيلية أن تعيد النظر في سياسة الإغلاق، وأن تعالج الأسباب الحقيقية الكامنة وراء تدهور الوضع الأمني في المنطقة. إن هذه الأسباب تشمل سياسة إسرائيل الاستيطانية والتوسعية في الأراضي المحتلة، وهي العامل الرئيسي في تأزم المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
كما يدعو المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان المجتمع الدولي إلى شجب سياسة الإغلاق الإسرائيلية والعقوبة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني. إن حقوق الإنسان الأساسية، مثل حق العلاج الطبي، وحرية التنقل، وحرية اجتماع المرء إلى أفراد عائلته، وحرية السعي للعمل المنتج، يجب أن تؤمَّن للسكان المدنيين. إننا نحث هيئات حقوق الإنسان على العمل فوراً بالاشؤتصالبالمسؤولين الوارد ذكرهم أدناه [3] للمطالبة برفع إجراءات الإغلاق.
[1] للمزيد من التفصيلات بشأن القيود التي يواجهها الطلبة الغزّيون، أنظر الأعداد السابقة من تقارير الإغلاق.
[2] هذا الرقم متضمِّن في الرقم السابق أعلاه بشن الخسائر الزراعية اليومية.
[3] تضمّن التقرير أسماء كل من بنيامين نتنياهو وأفيغدوركهلانيويستحاقمردخاق، مع عناوينهم التفصيلية.